لجنة الشباب و الرياضة

أنعكاسات مرحلة ما بعد الاحتلال الامريكي 2003 على مستقبل الرياضة في العراق

  أ.د وداد المفتي   ، عضو لجنة الشباب والرياضة ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

   أ.د بسمان عبد الوهاب عبد الجبار ،عضو لجنة الشباب والرياضة ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

لايخفى على الجميع ما للرياضة من حضور قوي وتأثير في المجتمع ومن النواحي كافة سواء أكانت أجتماعية سلوكية وصحية وتنظيمية من هنا كان للنهوض بمستوى الرياضة على الصعيد الوطنى وجعلها ثقافة مقبولة في المجتمع، حيث تعد الرياضة  ذات أهمية بالغة لما فيها من دور  فعال في أحداث التطور المرغوب في المجتمع وأعداد الفرد لتجعله قادراً على أن يحيا حياة ناجحة عن طريق ابراز مواهبه وقدراته في الحياة، فقد أجمعت كل المصادر والمختصين على أن الرياضة تهذب شخصية الفرد وترتقي بها فضلاعن تقوية القيم الاجتماعية والسلوكية.

تعد السياسة الرياضية والاولمبية في احيان كثيرة جزء مـن الـسياسة العامـة يـتم تطبيقها على مختلف الاصعدة القطرية والاقليمية في ميـدان التربيـة والرياضـة لتحقـيق اغراض وطنيـة وقومية وتعكـس الخط السياسي لهـذه الدولـة او تلـك .

تهدف هذه الورقة الى تحديد نظرة لأهم الانعكاسات المستقبلية لمرحلة ما بعد الاحتلال الامريكي للعراق وما رافقها من سلبيات وأمور متعددة وتأثيراتها في مستقبل الرياضة العراقية سواء على المستوى الاولمبي أو المستوى العربي والمحلي.

في البداية يجب ان نكون منصفين في الطرح حيث لايمكن المقارنة بين عهدين بظروف مختلفة ونظام سياسي مختلف وظروف اقتصادية وبنية اجتماعية واخلاقية مختلفة، ان تسود الوسط الرياضي روح الطرح الايجابي البناء وبنوايا طيبة والتي تنشد الاصلاح والتقويم والتطور دون المس بالاخرين، وبالمقابل يجب ان يتقبل ويستجيب الجميع دون حساسية لان العملية التقويمية تستهدف تقويم التخطيط والاداء وليس القدح والانتقاص من المسؤولين، انها ليست شخصنة  المشكلة بل هي تحديد الاسباب بعلمية وموضوعية واقتراح الحلول البديلة الناجحة لها.

بعد الغزو الأمريكي للعراق كان العراق بحاجة إلى بناة أكثر من حاجته لساسة وقيادات أتت من خارج الحدود، لقد كانت أخطاء المحتل كثيرة وجلبت الويلات للشعب العراقي ، والرياضة العراقية هي جزء من المجتمع والبلد الذي عاني ولازال يعاني من الكثير من فساد مالي وأداري وطائفيه بغيضة و تعدد مصادر القرار أن كان هناك قرار، فضلاً عن حكومة ضعيفة غير قادرة على أدارة البلاد.

تأثرت الرياضة العراقية على مستوى اللجنة الاولمبية والاتحادات الرياضية بالكثير مما ذكر سابقاً ويمكن ان نحدد ذلك من خلال النقاط الآتية:-

1- الادارة الرياضية ومصدر القرار:-

معظمنا عمل في الاتحادات الرياضية واللجنة الاولمبية  وضمن صفات متعددة في الفترة التي سبقت الاحتلال الامريكي للعراق في 2003 والبعض لايزال، لقد كان من يعمل في الاتحادات والاندية الرياضية يكون همه الوحيد هو التفكير بالطرائق والاساليب التي ترتفع بمستوى الانجاز الرياضي وهذا متعلق بالحس الوطنى الموجود لدى الجميع مهما صغر موقعهم او كبر، ولم تكن المنافع الشخصية هي الاساس في العمل وكانت المصلحة العامة هي الاساس فضلاً عن ذلك فأن معظم العاملين هم أبناء اللعبة او الفعالية الرياضية وكانوا يعرفون متطلباتها اللوجستية من اموال او تجهيزات او اعدادت للنهوض بها، ولقد كانت هناك خطط وبرامج تنظيمية ولمديات محددة تتعلق بالبطولات السنوية او الاولمبية وعلى جميع الاصعدة التي سيشارك بها الاتحاد المعني ولم تكن هناك عشوائية في العمل.

كل ذلك أدى الى ارتفاع مستويات الانجاز الرياضية فقد كان العراق متفوقاً  في العديد من الالعاب مثل كرة القدم كان سيد العرب ومنطقة الخليج وحتى آسيا وترشح لاكثر من من مرة الى تصفيات كأس العالم وكذلك في فعاليات المصارعة والملاكمة ورفع الاثقال والجمناستك …الخ.

اليوم تعاني الادارة الرياضية من صنفين الاول هم الدخلاء من خارج الوسط الرياضي والذين يحملون هماً واحدا هو البروز والشهرة الى جانب تحقيق المنافع الشخصية والمالية والثاني هم من الذين كانوا عاملين سابقا في المجال الاداري ولكن لبسوا قناعاً فئوياً وماديا ونفعياً وفق متطلبات المرحلة الحالية، ولانريد هنا أن نطرح اسماء أو شخصيات اصبحت الان تدير دفة الرياضة في العراق ولكن نحاول ان ننتبه الى أن السير هو للهاوية بالرياضة بسبب الرؤوس التي تديرها.

2- الجوانب المالية والادارية:-

البداية المباشرة لهذا المحور هو المقارنة بين حجم التخصيصات للاتحادات الرياضية في مرحلة ما قبل الاحتلال الامريكي  والمرحلة من عام 2003 ولحد الان، والملاحظ أن التخصيصات في المراحل السابقة وبالرغم من قلتها ولكن كانت هناك انجازات رياضية كبيرة للفرق العراقية وفي الفعاليات المختلفة والان وعلى الرغم من كبر التخصيصات في الوقت الحاضر الا ان الانجاز الرياضي في تراجع، ولاينكر أن حجم التخصيصات ترافق مع مقدار التضخم الاقتصادي في العراق سواء في فترة الحصار الاقتصادي وما بعدها وأدى الى زيادة التخصيص المالي للاتحادات الرياضية، ولكن اليس من المفروض ان يزداد مستوى الانجاز بالمقارنة مع التخصيص، ولكن حجم الفساد المالي والاداري الموجود على الساحة الرياضية وعلى مستوى المنشآت او التجهيزات أو المبالغ المصروفه لغرض أعداد المنتخبات الوطنية والتي هي جزء من منظومة الفساد في العراق كبير بحيث أنه اصبح مرضاً عضالا يستوجب استئصاله في جسد الرياضة العراقية، لقد سمحت بعض التشريعات القانونية بأمتداد الفساد في جسد الرياضة فضلا عن النظرة الفردية وتغليب المصالح الشخصية وعدم الاكتراث بالمصلحة الوطنية في هذا الجانب ودخول الطارئين في مفاصل العملية الادارية الرياضية، ومن الامثلة الواضحة (المدينة الرياضية في البصرة …. ؟، بناية اللجنة الاولمبية..؟ وغيرها من مشاريع البنى التحتية الوهمية)، وفي الحقيقة وبدون الاشارة الى الاسماء فأن هناك العديد ممن أغتنوا من المال السحت والحرام ممن هم مسؤولين في مفاصل مهمة في الرياضة العراقية.

كما لايخفى أن السماح بالاحتراف الرياضي والاعتماد على الخبرات الاجنبية ومن خلال العقود التي كانت تبرم في هذين المجالين ذلك كله سمح بمنافذ للفساد المالي ..؟ وكرأي شخصي نرى أن الساحة العراقية لاتخلوا من امكانيات ومهارات رياضية وخبرات تدريبية تغني العراق عن الاستعانه بالخبرات الاجنبية وهذا ما نلاحظه من الاستعانه بالخبرات العراقية في العمل ضمن المفاصل الرياضية في الكثير من البلدان الخليجية والعربية وحتى الاجنبية منها.

3- القوانين والتشريعات:-

لاينكر أن المرحلة الحالية شهدت تشريع قانون الرياضيين الرواد والذي كان مكسباً كبيراً لكل الرياضيين الذين خدموا ورفعوا اسم العراق عاليا وواقع الحال إن ذلك يسجل كنقطة ايجابية في تاريخ الرياضة العراقية على الرغم من الكثير من الاشكالات والسلبيات التي رافقت هذا القانون.

أما الجانب الثاني فأن قانون الانتخابات في اللجنة الاولمبية والاندية والاتحادات الرياضية وما تضمنه من فجوات سيما في تشكيل الهيئات العامه التي تحدد من الذي يقود اللعبة او الفعالية وهذا شكل عبئاً على الاتحادات الرياضية من خلال صعود اسماء اعتمدت المحسوبية والعلاقات الشخصية للوصول الى المناصب القيادية في اللجنة الاولمبية فقد اعتمد تشكيل الهيئات العامة على هوى ورغبات الجهات المسؤولة في الاتحادات للحفاظ على مناصبها ومكاسبها وكذلك ابعاد العناصر الكفوءة، هذا من جانب أما من الجانب الثاني نلاحظ إن الذين تعاقبوا على قيادة المفاصل الحكومية المسؤولة عن الحركة الرياضية في العراق هم غير متخصصين فقد خضعت هذه المناصب بدورها الى المحاصصة الحزبية والطائفية والتي يسير عليها العراق بشكل عام.

4-  غياب وهجرة الاكاديمين والكفاءات عن الساحة الرياضية:-

أن العراق هو بلد العلم والعلماء وفي المجالات كافة، وأن الجامعات العراقية فيها من الكفاءات الاكاديمية  الكثير ممن كانوا ابطالاً على المستوى الدولي والعربي والمحلي، من الملاحظ أن معظم الاكاديمين في مجالات علوم الرياضة غائبين عن الساحة الرياضية العراقية وهذا متأتي من سببين الاول هو ابتعادهم عن الساحة لادارة الرياضة لاسباب كثيرة والسبب الثاني هو عدم فسح المجال بل ومحاربتهم ومنعهم من الوصول الى المفاصل المهمة في الادارة الرياضية، ويعد غياب الامن والتهديدات التي تواجه المجتمع العراقي عامة والكفاءات بشكل خاص سواء أكانوا أكاديمين أو خبرات رياضية متفوقة أحد الاسباب المهمة لهجرة هؤلاء الى خارج الوطن ومنح كفاءاتهم وخبراتهم لبلدان أخرى، فضلاًعن ذلك نلاحظ ومن خلال الكثير من الحوادث التي طالت العديد من الشخصيات الرياضية التي استلمت قيادة الرياضة في العراق سببا مهما في ذلك، وما حادثة خطف أعضاء اللجنة الاولمبية في تموز 2006 ببعيدة عن واقع البلاد.

5- ثقافة المجتمع الرياضية والعوامل المرتبطة بها:-

أن الثقافة الرياضية للمجتمع تعد من العوامل المهمة في تطور الحركة الرياضية من خلال تفهم الافراد وبجميع اختلافاتهم لاهمية الرياضة للصحة والتطور فضلا عن التقدم في مجالات الرياضة التنافسية، وهذا ينبع من خلال تطور الرياضة المدرسية في الجانب الاول الى جانب توجيه وسائل الاعلام لغرض اشاعة الثقافة الرياضية بين الناس وتفعيل دور مراكز الشباب في الجانب الرياضي، ومن خلال نظرة سريعة لكل ما ذكر نلاحظ أن كل هذه الجوانب غير متوفرة او موجودة في مجتمعنا العراقي فالهم الاول للمواطن العراقي هو الحصول على لقمة العيش والحصول على الخدمات (الكهرباء، الماء، الصحة…الخ) وهذه ترتبط بالاساس في تقدم مستوى الحركة الرياضية في القطر.

 

التوصيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات:-

1- ضرورة أعطاء المجال والفرصة للكفاءات والرياضيين أبناء اللعبه لغرض أدارة دفة الرياضة في العراق مع التأكيد على أختيار العناصر النزيهة والكفوءة.

2- بناءً على النقطة الاولى فأن تغيير آلية قانون الانتخابات هو ضرورة، حيث أنه بوضعه الحالي غير متوازن وبه الكثير من الفجوات التي تسمح لصعود العناصر الانتهازية والفاسدة.

3- الابتعاد عن الفئوية والطائفية والحزبية عن الوسط الرياضي سيما في اختيار الاشخاص لقيادة الاتحادات الرياضية.

4- زيادة الوعي الرياضي والتأكيد على أعتماد الاسس العلمية في الاعداد والتهيئه للمنتخبات الرياضية والسعي لبناء قاعدة رياضية واسعه في الالعاب كافة.

5- ضرورة التأكيد على بناء وتهيئه البنية التحتية الرياضية ومن الجوانب كافة.

6- التأكيد على الجانب الامني وهذا ينطلق اولاً من زيادة الوعي الامني بين الناس وان نكون يداً واحدة في مواجهة الارهاب .

 

الملخص

انعكاسات مرحلة ما بعد الاحتلال الامريكي 2003 على مستقبل الرياضة   في العراق

 

هدفت الدراسة الى بيان مستوى الرياضة العراقيه في الفترة ما قبل الاحتلال الامريكي وما هي انعكاسات سلبيات مرحلة ما بعد الاحتلال على مستقبل الرياضة العراقية من خلال تحديد أهم النقاط التي تشكل أهمية في تحديد تطور الحركة الرياضية من عدمها في اي بلد.

اوصت ورقة العمل المقدمة بمجموعة من التوصيات التي من شأنها ان تسهم في أعادة الروح للرياضة العراقي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى