صفحات من تأريخ الألعاب الأولمبية
الحلقة الخامسة والعشرون
الدورة السابعة والعشرون … سيدني … 2000
أ. د إسماعيل خليل إبراهيم
نائب رئيس لجنة الشباب والرياضة
نالت مدينة سيدني الأسترالية حق تنظيم النسخة ( الـ27 ) من الألعاب الأولمبية الصيفية بعد أن تفوقت على مدن ( برلين و اسطنبول و مانشستر و بكين ) في التصويت الذي جرى في اجتماع اللجنة الأولمبية الدولية ، لتكون المدينة الاسترالية الثانية التي تستضيف الأولمبياد بعد مدينة ملبورن عام 1956 .
أقيمت الدورة من ( 15 أيلول لغاية 1 تشرين الأول من عام 2000 ) وشارك فيها ( 10651 ) رياضي من بينهم ( 4069 ) امرأة من ( 199 ) دولة وهو رقم قياسي جديد . سار وفد ( تيمور الشرقية ) خلف العلم الاولمبي ، وسار مشاركو الكوريتين معا في حفل الافتتاح . اشتمل منهاج الدورة على ( 29 ) لعبة هي : ألعاب القوى و التجذيف و كرة السلة و البادمنتون و البيسبول و الملاكمة و الكانوي – كاياك و الدراجات و الفروسية و المبارزة و كرة القدم و الجمباز و رفع الأثقال و كرة اليد و الهوكي على العشب و الجودو و المصارعة و السباحة و الخماسي الحديث و السوفت بول و كرة المضرب و كرة الطاولة و الكرة الطائرة بما فيها الكرة الطائرة الشاطئية و التايكواندو و الرماية و القوس والسهم و الترياتلون و الألواح الشراعية . ودخلت رسميا البرنامج المثقل والمزدحم لعبات الترياتلون وتتكون من ثلاث فعاليات هي ( السباحة لمسافة 1500 م ، وركوب الدراجات لمسافة 40 كم ، والجري لمسافة 10 كم ) و التايكوندو و الخماسي الحديث ويتكون من خمس مسابقات هي ( الرماية بالمسدس والمبارزة و السباحة و الفروسية و اختراق الضاحية ) ورفع الأثقال للسيدات . نظم حفال الافتتاح في أكبر استاد أولمبي في العالم بلغت سعته 110 آلاف متفرج ، وعَبَر عن تأريخ استراليا . أوقدت الشعلة الأولمبية العداءة ( كاتي فريمان ) من السكان الاصليين في استراليا ، وتلت قسم المتبارين لاعبة الهوكي على العشب ( ريستيل هواكس ) .
أبرز نجوم الدورة : نجحت بطلة الدراجات الهولندية ( ليونتان زيلارد ) في الفوز بثلاث ذهبيات في سباقات الفردي وضد الساعة على الطريق ، وسباق 3 كلم على المضمار مع رقم قياسي عالمي ، فضلاً عن فضية سباق النقاط على المضمار .
وفرض الامريكي ( موريس غرين ) بطل العالم وحامل الرقم القياسي في 100 م نفسه أسرع عداء في العالم وانتزع ذهبية السباق وأضاف إليها أخرى في سباق التتابع ( 4 × 100 م ) . ودخل أميركي آخر على خط النجومية هو ( مايكل جونسون ) الذي بات أول عداء يحتفظ بلقبه في سباق ( 400م ) ، ثم أكمل مجموعته الأولمبية بذهبية التتابع ( 4 × 400م ) ، رافعاً رصيده إلى خمس ذهبيات منذ دورة برشلونة 1992. واحرزت السباحة الهولندية ( إينغي دي بروين ) ذهبيات سباقات ( 50 و100م حرة و100م فراشة ) وكللت انتصاراتها بثلاثة أرقام قياسية أيضاً .
وحصلت الأميركية ( جيني تومسون ) على ميداليتها الأولمبية التاسعة حين أسهمت في فوز بلادها بذهبية التتابع ( 4 × 100م سباحة منوّعة . وفاز البريطاني ( ستيف ريدغريف 38 عاماً ) بميداليته الذهبية الخامسة على التوالي في التجديف ليحطم الرقم القياسي في عدد الألقاب المتتالية الذي كان يحمله الأميركي ( آل أورتر ) بطل رمي القرص في أربع دورات متتالية من (1956 إلى 1968) .
وسجل الكوبي ( فيليكس سافون 33 عاماً ) اسمه في السجلات الأولمبية بعد أن أصبح ثالث ملاكم يحرز لقب الوزن الثقيل ( فوق 91 كلغ ) ثلاث مرات ، وسبقه إلى هذا الإنجاز المجري لاسلو باب (1948 إلى 1956) والكوبي تيوفيلو ستيفنسون (1972 إلى 1980) ، وكان بإمكان ( سافون ) أن ينفرد بالرقم القياسي لو لم تقاطع بلاده دورة سيؤل 1988 . وأصبح السباح الهولندي ( فان دن هوغنباند ) أول من يكسر حاجز ( 48 ثانية ) في سباحة ( 100م حرة ) ، وحصد الذهبية إضافة إلى برونزيتين في التتابع وذهبية ( 50م ) . وباتت الاميركية ( ستايسي دراغيلا ) أول امرأة تحصد ذهبية القفز بالزانة . واحتفظ التشيكي ( يان زيليزي ) للمرة الثالثة بلقب رمي الرمح .
أما نتائج بقية المسابقات فكانت : في السباحة تفوق الأميركيون على الأستراليين إذ حصدوا ( 33 ميدالية منها 14 ذهبية ) . واحرزت أستراليا مجدداً لقب المسابقة الكاملة في الفروسية إحدى أجمل المسابقات الأولمبية والمتضمنة الترويض وسباق العمق والقفز على الحواجز، وتوّجت للمرة الرابعة والثالثة على التوالي بعد أعوام 1960 و1992 و1996.
واحرزت أمريكا بطولة كرة السلة للرجال والسيدات، فيما أحرزت الكاميرون ذهبية كرة القدم للرجال و النرويج ذهبية السيدات، وفي الكرة الطائرة احرزت يوغسلافيا ذهبية الرجال و كوبا ذهبية السيدات، واحرزت روسيا ذهبية كرة اليد للرجال و الدانمارك ذهبية السيدات .
نوادر وغرائب: كشفت عدد الفحوصات التي أجريت على ( 2000 ) لاعب تسع حالات لتناول المنشطات من قبل الرياضيين وكان ابرزهم بطل العالم في رمي الثقل الأمريكي ( سي جاي هانتر ) ولاعبة الجمباز الرومانية ( اندريا رادوكان ) ، وإذا كان هانتر لم يشارك في المسابقة فإن ( رادوكان ) جردت من ذهبيتها في مسابقة الفردي العام ومنحت لمواطنتها ( سيمونا امانار ) . وبعد أن نالت الأمريكية ( مارين جونز ) ثلاث ذهبيات في سباقات ( 100 و200م والتتابع 4 × 400م وبرونزيتين في التتابع 4 × 100م والوثب الطويل ) جُردت من ميدالياتها عام 2007 بعد اعترافها بتناول مواد منشطة .
ويبدو أن الخوف من الغش اثنى الكثيرين عن اللجوء إلى المنشطات، وأدى بالتالي إلى التزام الحيطة والحذر لذا لم يكسر أي رقم قياسي عالمي في ألعاب القوى، بينما كثرت حالات تناول المنشطات في رفع الأثقال التي شهدت تحطيم 16 رقما قياسيا أسهمت فيها السيدات اللاتي تبارين للمرة الأولى أولمبيا، وكانت الصينيات أبرزهن وأقواهن ، وأول المتوجات كانت البلغارية ايزابيلا دراغنيفا بوزن (48 كلغ) .
بلغت أعداد المتطوعين للعمل في هذا الأولمبياد ( 47 ألف ) متطوع ، وساهم في تغطية أخباره ( 16 ) ألف صحافي وإعلامي ، وتابعه نحو ( 3،7 ) مليارات نسمة في مختلف انحاء العالم .
اختتمت الألعاب الأولمبية بحفل ضخم راقص بدأ بموسيقى يونانية وكأنها تمهيد للألعاب الأولمبية المقبلة التي ستقام في أثينا عام 2004، ثم عُزفت موسيقى الألفية الجديدة حول المنصة الرئيسية ووُزعت آخر الميداليات للماراثون لثلاثة أفارقة يتقدّمهم الإثيوبي الفائز ( جيزاغني أبيرا ) .
ووجد كل متفرّج على مقعده مغلفاً يحوي تذكارات عدة لتبرير ارتفاع ثمن البطاقات التي بلغ سعر أغلاها نحو ( 800 دولار ) ، في حين عَرَضَت أربع شاشات عملاقة أفضل لحظات الأولمبياد ، ليعلن بعدها رئيس اللجنة الأولمبية الدولية ( خوان أنطونيو سامارانش ) اختتام دورة سيدني في الأول من ( تشرين الأول عام 2000 ) بعبارته الشهيرة : ( أعلن نهاية الألعاب الأولمبية في سيدني ، الأفضل في التاريخ ) .
تصدرت أمريكا جدول الميداليات بحصولها على ( 91 ) ميدالية منها ( 36 ذهبية و 24 فضية و 31 برونزية ) وحلت روسيا ثانية بـ ( 88 ) ميدالية منها ( 32 ذهبية و 28 فضية و 28 برونزية ) وجاءت الصين ثالثة بـ ( 59 ) ميدالية منها ( 28 ذهبية و 16 فضية و 15 برونزية ) واحتلت استراليا المركز الرابع بحصولها على ( 58 ) ميدالية منها ( 16 ذهبية و 25 فضية و 17 برونزية ) .