الكهرباء في العراق من مشكلة الى أزمة الى كارثة
المهندس الاستشاري / احسان العبيدي
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
لجنة الصناعة والطاقة
أستمرت الكهرباء في العراق بالتدهور بعد 2003 بحيث وصلت الان في 2024 الى الكارثة التي يصعب او يستحيل حلها أذا استمر أستخدام نفس الوسائل و الحلول الترقيعية و الفوضوية و استخدام الكذب و التضليل و التدليس و انعدام الشفافية في البوح عن اصل المشكلة .
الغريب كنا نسامح عند عدم التمكن من تلبية الطلب في فصل الصيف ولكننا الان نشهد تراجعا كبيرا و أزمة حتى في فصل الشتاء . طبعا رمي الكرة على ايران بقطع تجهيز الغاز هو ليس السبب الرئيسي أذ حتى عندما كانوا يجهزونا بكامل الكمية فأن النقص واضح جليا في عدم تلبية الطلب .
ان من المعيب التحجج بان سبب الاخفاق في انتاج الكهرباء على ايران اذ انتم من تعاقدتم و انتم من قبلتم شروط التجهيز للغاز الايراني الذي ينص على قطع الغاز عند حاجة ايران له أو عند عدم تسديد اجوره التي تزيد عن السعر العالمي بثلاثة اضعاف وانتم تعلمون صعوبة تسديد دفوعات مالية الى ايران نتيجة للعقوبات المفروضة عليهم . العقد كان ينص ان تجهز ايران 50 متر مكعب صيفا و 25 متر مكعب شتاءا وهذه الكمية لا تشغل اكثلر من 3000 ميكا واط و لا كما تدعون انكم خسرتم 7000 ميكا واط .
انا اتعجب من ادعاء وزارة الكهرباء ان وزارة النفط لم تفي بالتزاماتها كأن وزارة النفط في دولة اخرى , وأخر يقول ان وزير النفط والطاقة قد خدعه واستورد مكائن لا تعمل الا بالغاز و هو يعلم بأننا لا نملك الغاز . هل نتوقع من هكذا حكومات حل مشكلة الكهرباء ؟
فيما يخص الوقود . العراق لا يملك السيادة الكاملة على انتاجه والتصرف بأستخدامه داخليا و من ثم انتاج مشتقاته الاخرى داخل البلد . ان انتاج النفط في العراق تحدده منظمة الاوبك وكذلك يعتمد على الشركات الاستثمارية التي تعمل بشروط اهمها مبدأ خذ او ادفع , يعني من حق الشركة المطالبة بفرق انتاج مثلا 6 مليون برميل بينما يوميا وهي تنتج 4 مليون برميل بسبب تحديد اوبك او عدم امكانيتنا خزن او تسويق الغاز ,
من العجيب ان العراق يملك خامس اكبر احتياطي بالعالم من النفط ( 145 – 175 ) مليار برميل و العاشر من احتياطي الغاز ( 132 ترليون قدم مكعب ) , و مع هذا العراق يستورد الغاز و المشتقات النفطية من دول الجوار ! والغريب ان العراق وقع عقد تجهيز الكويت بالغاز وكذلك تجهيز اوربا بالغاز !! (شيء ميشبه شيء ) .
أسباب كارثة الكهرباء هي من صنع هذا النظام
1 – عقود جولات التراخيص النفطية و فيه تسليم سياسة انتاج النفط للشركات الاجنبية بعقود مذلة لا تفيد غير الشركات التي تعاقدت على انتاج 12 مليون برميل يوميا و هي تعرف و متأكدة ان العراق غير قادر على خزن و تسويق هذه الكمية بل لا يستطيع ان يسوق نصف هذه الكمية , وبهذا اضطروا لتخفيض هذه الكمية الى 9 مليون برميل و حتى هذه الكمية لا تقبل أوبك انتاجنا لها , و صرنا ندفع للشركات مبالغ لكميات غير منتجة و بكلف تقدرها الشركة صاحبة الفضل علينا .
2 – عقود الاستثمار في المحطات الكهربائية , و هي لا تقل ضررا عن عقود النفط أذ من شروطها هي أيضا مبدأ خذ أو ادفع و عقودها طويلة الامد 35 سنة , في هذا العقد يلزم العراق بتجهيز الوقود المناسب ذو المواصفات الفاخرة وخلافه تقوم الشركة بالمطالبة بتسديد قيمة انتاج قدره 90 % من من مجمل انتاج المحطة . على سبيل المثال عند قطع الغاز الايراني يجب ان ندفع لأحدى الشركات ما يزيد عن 3 مليون $ يوميا من دون استلام كيلو واط واحد !! ومع هذا هم مستمرون بالاحالة للشركات بهذه الصيغة , و صار اي مقاول جديد لا يقبل بغير هذه الشروط .
3 – من مأسي عقود النفط و الكهرباء أنها تعتبر عقود سيادية أي يحق للشركات حجز اموال العراق في الخارج عند عدم تسديد مستحقات الشركة و فرض فوائد التأخير عند عدم التسديد في الاوقات المحددة في العقد . لا يوجد حل لهذه العقود الا بعد انتهاء المدد المقررة التي تصل الى 35 سنة . وبهذا العراق يكون قد فقد ضمان أمن الطاقة لأجيال قادمة .
4 – و هناك مشكلة متعلقة بالوقود و هي تهريب النفط من قبل متنفذين بالدولة , أضافة للفساد في قطاع الطاقة .
5 – عدم امكانية الدول السيطرة على السرقات و التجاوزات على المنظومة الكهربائية و التوقف عن تجهيز المناطق العشوائية و المصانع والمولات التي شيدت بدون التخطيط للمدن . وبلغت الضياعات في الكهرباء اكثر من 50% اي اذا كنا ننتج 20,000 ميكا واط لا يصل للمستهلكين أكثر من 10,000 ميكا واط . لا توجد منظومة كهربائية في أي دولة بالعالم مهما بلغ تخلفها لديها هذه النسبة من ضياعات وفقدان للطاقة و الاموال .
6 – الطلب على الكهرباء لا يقاس بالانتاج و انما يقاس بمعدل الاستهلاك اليومي والشهري و السنوي للمجموع المستهلكين بانواعهم ( السكني , الصناعي , الحكومي , التجاري و الزراعي ) . ان أغلب الاستهلاك لدينا هو للقطاع السكني والحكومي أذ يتجاوز ال 80 % و هناك الكثير من المستهلكين لا يسددون اجور الكهرباء و منهم الوزارات الحكومية و حتى الاوقاف الدينية بأنواعها لا يسددون اجور الكهرباء أما مقرات الاحزاب فهي عصية و تحاسب من يطالبها بالتسديد .
7 – لا يمكن حل مشكلة الكهرباء بدون تحديد نسعيرة تحقق كلف الانتاج و وجود نظام جباية فعال . وان العراق يدعم الكهرباء بواقع 95 % أو اكثر , تكلفة الكهرباء العراقية بحدود 200 الى 300 $ لكل ميكا واط ويبعه بأقل من 10 $ للميكا واط .
8 – من الملاحط هناك عدم التوزيع العادل للكهرباء في جميع مناطق العراق ومن غير الممكن ان يحتاج كل الاقليم في كردستان 2832 ميكا واط بينما توجد في البصرة 5000 ميكا واط .. في البصرة والناصرية والعمارة التجهيز عام 2023 كان 23 ساعة بينما في بعض المحافظات لا يتجاوز التجهيز اكثر من 12 ساعة , انه تصرف يوحي بوجود تميز مناطقي واضح .
9 – التلويح بأن الحل بالاعتماد على دول الجوار بتجهيز الكهرباء و يسمون هذا بالربط الكهربائي ظلما أذ في حالة الربط يكون لأغراض تبادل الكهرباء بين الدول أثناء اختلاف حمل الذروة وهو لا يتوفر في هذا الربط الذي يقتصر على شراء الكهرباء من الاخرين كما نشتري ( الطماطمة والبصل ) و السلع الاخرى , الان نحن نستورد الكهرباء من ايران والاردن و تركيا و الاقليم و في المستقبل التجهيز من السعودية و الكويت الذي يطلقون عليه الربط الخليجي . هذا النوع من الربط مضر و يبقي العراق معتمدا على الاخرين بتأمين امن الطاقة و أكبر مثال على ذلك ما تتخذه ايران من قطع التجهيز في اشد ايام احتياجنا للكهرباء .
10 – الذهاب للأعتماد على العاز المصاحب هو كذبة سنبقى نسمعها و لا تنفذ لأسباب سياسية منذ سنين ونحن نسمع توقيع عقود مع شركة توتال بمعالجة 600 مليون قدم مكعب ولم يباشروا لحد الان , انها ابر مورفين ليس الا . و نفس الشيء نسمعه على الطاقة الشمسية والرياح والاستفادة من النفايات كلها لغرض التسويف و لفت الانظار و التمويه عن الحل .
الخلاصة .
المشكلة ليست فنية بل هي مشكلة نظام فاشل ليس بيده الامور و لا يعرف انه لا يعرف و يتوهم ان من جاء به لا يعرفه. لو كان الحل فني لأستطعنا ابداء الكثير من الحلول ولكن العيب في الادارة و من بيده السلطة و النفوذ . و خلاصة الخلاصة اننا سنبقى نعيش في عدم وجود كهرباء ما دام هذا النظام باقي .