لجنة العلوم السياسية

العراق تحت الضوء

بقلم أ.د هاني الياس خضر الحديثي

استاذ السياسة الخارجية والعلاقات الدولية

عضو المنتدى العراقي للنخب والكفاءات – لجنة العلم السياسية

 

بعد ان دمرت غزة وتم تحجيم حركة حماس  الموضوعة في لائحة الارهاب في عدد من بلدان الغرب و الولايات المتحدة أثر قرار رموزها العسكريين  في السابع من اكتوبر تحت عنوان طوفان الاقصى ، ثم تدمير الجزء الاكبر من قدرات حزب الله جنوب لبنان والموضوع ايضا في لائحة الارهاب الدولي المتزامن فعله مع حركة حماس خارج نطاق الدولة وبدعم إيراني ،انفتحت شهية الكيان الاسرائيلي نحو اختبار مواقف النظام السوري عبر استباحة العديد من مواقع فصائل حزب الله والمليشيات الموالية لإيران على امتداد دمشق والجولان ومناطق اخرى ،وهي المنظمة التي لعبت دورها في ارتكاب عمليات حربية ضد الشعب السوري فضلا عن دورها في العراق ولبنان ،

منذ البداية اعلنت فصائل مسلحة موالية لإيران في العراق كما في اليمن دعمها ومشاركتها للحرب في غزة وجنوب لبنان تحت شعار (وحدة الساحات ) وبتنسيق وتوجيهات من القيادة الايرانية ، وكان من نتيجة ذلك حتى الان خلق بؤرة قلقة ومهددة بمشاركتها للدمار الهائل الذي شهدته غزة وجنوب لبنان على يد الكيان الاسرائيلي وبصيغة الارض المحروقة  رغم كل التحذيرات الدولية والإدانات القضائية واحتجاجات الرأي العام الدولي  لجرائم الابادة التي ارتكبت في غزة فضلا عن الاحتجاجات الغاضبة التي شهدتها الساحات الغربية والامريكية ضد تلك الجرائم.

ان مجمل ما حدث حتى الان تم توظيفه لصالح مشاريع اساسية في عموم العالم العربي والشرق اوسطي:

– المشروع الاسرائيلي بالامتداد نحو ساحات عربية بعد ما تحقق أو كاد يتحقق لها من إجهاض لحل الدولتين لصالح ضم الضفة الغربية وغزة وكامل الاراضي الفلسطينية ضمن سيادة الكيان الاسرائيلي وفق القرارات الدولية في فلسطين سعيا نحو انجاز مخطط الشرق الاوسط الجديد.

– المشروع الايراني بفرض وتكريس النفوذ الايراني في مجمل المشرق العربي ،عزز من ذلك المظاهر العسكرية في القصف المتبادل بين اسرائيل وايران (ضمن سياسات الردع المتبادل) في تحد فاضح لأجواء وسيادة الدول العازلة بينهما.

–  المشروع الامريكي في تطويق مساعي الصين وروسيا للتواجد في المناطق الاستراتيجية في الشرق الاوسط ضمن استراتيجية طريق الحرير ، وتحديدا العراق وسوريا لموقعهما الجيواستراتيجي الفاصل بين اسيا والغرب والمكمل لدور مصر المهم حيث قناة السويس.

في ضوء ما تقدم تبدو اهمية الالتفات الى العراق حيث تقدمت اسرائيل مؤخرا بشكوى الى مجلس الامن كخطوة قانونية لفتح صفحة او جبهة اخرى تحت حجة مشاركة الفصائل المسلحة في العراق اطلاق صواريخ (مزعجة)  للأمن الاسرائيلي،  واصرار تلك الفصائل على تأكيداتها بانها ليست معنية بتوجيهات الحكومة العراقية ولا تخضع لسياساتها  التي تنأى اعلاميا على الاقل بنفسها عن الصراعات الاقليمية ، إنما هي تلتزم بتوجيهات المرشد الاعلى للثورة الايرانية  والذي بدوره يستخدمها  لتعزيز سياسة بلاده القومية الداعية لإيجاد حل معقول لبرنامجها النووي واستمرار النظام الاسلامي القائم تحت منهج ولاية الفقيه  بغض النظر عن حجم الخسائر الذي يصيب البلدان التي تتموضع فيها فصائل (المقاومة) ، وهو الامر الذي تؤكده جميع الاحداث والمعطيات على ارض الواقع.

في ظل ما تقدم فان الساحة العراقية تبدو مقبلة على احداث كبيرة تبدأ بتوسيع اسرائيل عملياتها العسكرية لتشمل مراكز المليشيات والفصائل التي تستخدم الدعم الايراني لتجعل من العراق الواهن اصلا في قدراته العسكرية وغير المستقر سياسيا واقتصاديا و اجتماعيا، موضعا للهجمات على الكيان الاسرائيلي الذي سوف يستخدم لغة (حق) اسرائيل في الدفاع عن امنها القومي والمنطلق من اساس تقديمها الشكوى لمجلس الامن ضد الاعتداءات عليها.

هنا ستجد الادارة الامريكية نفسها في حل من اعتراض القرار الاسرائيلي طالما هو موجه في وسائله ضد الفصائل (المعتدية) والمرتبطة بإيران كجزء من وحدة الساحات المعادية لإسرائيل.

تأسيسا على ما تقدم ،فان العراق يقترب من صفحة ادخاله قسرا في حرب ليست حربه ولا ناقة له فيها ولا جمل ،وحينها تصبح جميع الخيارات مفتوحة داخليا وخارجيا  وذلك  ضمن خارطة سياسية اوسع يبدو انها ستشهد تطبيقها على الساحة العربية داخل فلسطين الضفة الغربية و المحيطة بفلسطين وضمن دائرة الشرق الاوسط تبدأ عمليا او يتم تطبيعها مع بداية عودة ترامب وادارته المحافظة للرئاسة الامريكية ، حيث من المتوقع ان تشهد فعلا امريكيا -اسرائيليا يتم اعلام القيادة الايرانية به عبر اللقاءات التي تمت حتى الان مع شخصيات ايرانية مرموقة لتطبيع الموقف امريكيا واسرائيليا وايرانيا كم تم تسريب معلومات عنه مؤخرا

 

والسؤال: هل ينتبه ذوي الصلة لهذا السيناريو الجاري تطبيقه تدريجيا ليتخذوا الحيطة والحذر ، أم انهم سيبقون يدورون تحت مظلات خارجية تستخدمهم دون ان تعنى بمصيرهم ؟؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى