مشروع قانون العقوبات الجديد
المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
بعد منتصف عام 2021 أنجزت اللجنة التي شكلت بقرار من رئيس الجمهورية السابق الدكتور برهم صالح صياغة مشروع قانون عقوبات جديد بدلا من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 وتعديلاته. هذه اللجنة الموسعة ضمت أساتذة من ذوي الاختصاص الضالعين في مجال صياغة الدساتير والقوانين وخبراء وفقهاء وعددا من الأكاديميين وأساتذة جامعيين.
تم إرسال المشروع إلى مجلس النواب ومنذ ذلك الحين رقد في سبات طويل في أروقة اللجنة القانونية للمجلس بانتظار عرضه للقراءة الأولى ويبدو أنه ترك إلى حين. مع العرض أن المشروع روج له في وسائل الأعلام ومنصات التواصل في حينه وكانت التعليقات ايجابية.
سوف ألقي نظرة موجزة وسريعة لهذا المشروع وما تضمنه من مبادئ وأفكار ورؤى تساير المتغيرات في المجتمع العراقي والدولي. والحقيقة فأن هذا المشروع تبناه مجلس القضاء الأعلى وأستمع إلى الكثير من المقترحات والآراء الملائمة للوضع الجديد وطنيا وقوميا وللمجتمع الدولي المعاصر. وأن من أهم سمات وملامح المشروع:
- صياغة نصوصا عقابية شديدة ورادعة وبديلة للقضاء على الفساد المالي والإداري.
- ألزام المحكوم عليه برد الأموال المختلسة والمسروقة قبل أطلاق سراحه.
- إلغاء كافة قرارات مجلس قيادة الثورة والأوامر الصادرة من سلطة الإتلاف المؤقتة.
- تشديد العقوبات على الجرائم التي ترتكب ضد الاقتصاد الوطني.
- تضمن القانون اهتماما كبيرا بحماية الأسرة وتشديد العقوبات على الجرائم المرتكبة بحقه.
- أخذ المشروع بعين الاعتبار مراعاة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والإقليمية المتعلقة بالجريمة والحريات الشخصية والمصادق عليها من قبل العراق.
- مواكبة المتغيرات التي فرضتها تطورات العصر.
- تحقيق الانسجام والتكامل مع نصوص الدستور والقوانين النافذة.
- كما أخذ القانون بنظام العقوبات البديلة في المخالفات والجنح البسيطة.
- التقليل من عقوبة الإعدام واقتصارها على الجرائم ذات الخطورة الكبيرة التي تمس أمن الدولة الداخلي والخارجي.
- الأخذ بمشورة الأمم المتحدة ومنظمات الصليب الأحمر وحقوق الإنسان وغيرها من المنظمات الإنسانية.
وقبل تمرير هذا المشروع في مجلس النواب نقترح الاتي:
أولاـ منح الأولوية لمشروع القانون وعرضه على مجلس النواب خلال الجلسات القادمة لهذه الدورة على أن تتبنى اللجنة القانونية للمجلس ذلك.
ثانيا ـ أقامة ندوات للسادة القضاة العاملين في المحاكم الجزائية كافة. يتبناها مجلس القضاء الأعلى لشرح مضامين القانون شكلا ومضمونا. واعتماد الصيغ المرنة عند تطبيقه في المخالفات والجنح البسيطة والحكم بالغرامة بدلا من الحبس.
ثالثا ـ تطبيق المادة (130 / الفقرة ب) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 فأن هذه الفقرة تلزم قاضي التحقيق بالإفراج عن المتهم في حالة عدم توفر الأدلة أو عدم كفايتها.
رابعا ـ تضمين نصوص المشروع بعقوبات بحديها الأعلى والأدنى للجرم الواحد كي تتاح للقاضي الاجتهاد في فرض العقوبة الملائمة.
خامسا ـ حسنا فعل المشرع الأخذ بالصياغة المرنة التي تسهل على القاضي الاجتهاد الواسع عند التطبيق والذي ينسجم مع النظرة الصائبة والعصرية للمتغيرات والأحداث المتسارعة في عالم اليوم.
سادسا ـ مراعاة أسبقية الأخذ بمبدأ الظروف المخففة كلما دعت الضرورة لذلك وبالذات في الجرائم التي تقبل الصلح والتراضي.
سابعا ـ يلاحظ أن صياغة مشروع القانون سيخفف على القاضي عبء البحث في التعديلات الكثيرة التي أجريت على القانون الحالي ويسهل في تسريع حسم الدعاوى الجزائية ضمن سقوفها الزمنية المحددة .