اللجنة القانونية

رأي في جريمة الرشوة الانتخابية

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 تعتبر الرشوة الانتخابية من الجرائم التي تهدف إلى التأثير على النتائج الانتخابية والتصدي للأطر والصيغ الديمقراطية والمساس بعدالة التصويت والتلاعب بإرادة الناخب وبأساليب مختلفة ومنها على سبيل المثال الحصول على مال، أو منفعة، أو منحه، أو مكاسب لمنعه من التصويت وفق أرادته مخالفا بذلك الأنظمة والتعليمات الواردة في قانون الانتخابات وقانون المفوضية.

 وتعرف الرشوة الانتخابية بأنها جريمة تهدف إلى التأثير على سلامة الانتخابات وحرية الناخب وبالوسائل التي ذكرناها في أعلاه. أما صورها فهي جريمة عادية وجريمة سياسية وأما معايرها فهي المعيار الشخصي والموضوعي والمختلط. والرشوة الانتخابية لم تكن مشاعة أو لها سوابق اجتماعية أو نصوص تشريعية يعمل بها إلا أنها الإلية الوحيدة لتقاسم السلطة والحكم الديمقراطي. لذلك كان مبدأ الاقتراح العام حق لكل فرد ممارسة هذا الحق أو الامتناع عن استخدامه أو إهماله ولا عقوبة لمن لا يشارك في الانتخابات فليس هناك نصا قانونيا أو نظاما يفرض على الناخب المشاركة.

ولم تكن الرشوة الانتخابية معروفة تشريعيا أو اجتماعيا لذلك نجد أن هناك خلافا حول طبيعة الانتخابات.  منهم من يرى أن لكل مواطن له الحق في المشاركة بصوته أو يمتنع في استخدامه. وهذه الجريمة هي حلقة الوصل بين المرشح والناخب ويؤدي الوسيط دورا فاعلا ومهما في التأثير في أرشاد الناخبين وإقناعهم في انتخاب المرشح الذي يروج له وبوسائله المختلفة وبمقابل المال المادي أو المعنوي. وعلى الرغم من تباين وجهات النظر والاجتهادات بشأن الرشوة فان المشرع العراقي قد جرم الرشوة الانتخابية وأعتبرها أحدى الوسائل التي تؤثر على قناعة الناخبين فنص عليها في قانون الانتخابات العراقي رقم ( 16 لسنة 2005) وكذلك في نظام المخالفات ذات العلاقة بالاستفتاءات وأشار إليها في نص المادة (25) التي منعت المرشح تقديم هدايا  معنوية أو مادية أو تبرعات بقصد التأثير على سير العملية الانتخابية  ( التصويت ) وفرض عقوبة على كل من يخالف الحضر تطبيقا للمادة ( 10 ـ 12 ) من نظام المخالفات والاستفتاء والانتخابات . كما وردت جريمة الرشوة الانتخابية في قانون انتخابات مجلس النواب رقم (9 لسنة 2020) وتضمن القسم الخامس نصوصا خاصة بالرشوة الانتخابية وجميعها نصت على تحريم الرشوة والتأثير على أرادة وحرية الناخبين وكذلك تجريم أي موظف من موظفي المفوضية العليا المتاجرة في أعمال وظيفته عن طريق الرشوة نتيجة قيامه بأي عمل يدخل ضمن اختصاصه الوظيفي . وتجريم كل من يتدخل بالوساطة بين الراشي وأي موظف من موظفي المفوضية ( المادة 25 من قانون الانتخابات لسنة 2005 ) وفي نظام الجرائم والعقوبات والاستفتاءات رقم (14 لسنة 2008 ) في القسم الخامس من النظام وفي المادة 1 وردت عقوبة الرشوة الانتخابية حيث نصت ( يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة أي شخص أرتكب أي فعل من الأفعال التي وردت في الفقرات   ( أ و ب وج ود وه ) التي تمثل الرشوة الانتخابية والتي أعتبرها المشرع (جناية بدلا من الجنحة) وأعتبرها من الجرائم المخلة بالشرف على وفق المادة ( 21/ 6) من قانون العقوبات . وتضمين قرار الحكم وصف المدان بالمجرم في نص قرار الحكم.

 ويلاحظ أن الأساس في تجريم الرشوة الانتخابية يعتمد على المواد الدستورية والقوانين العادية الخاصة بقانون الانتخابات والأنظمة والتعليمات الصادرة عن المفوضية. والتأكيد على تطبيق قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية رقم (12 لسنة 2018) وبالذات المادة (37 ) التي تنص على عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة كل من أعطى أو عرض أو وعد بأن يعطي ناخبا فائدة لنفسه أو لغيره ليحمله على التصويت على وجه معين أو الامتناع عن التصويت وفي الفصل السابع وتحت عنوان الجرائم الانتخابية من المادة 36 ولغاية المادة 43 تم فرض عقوبات مالية وسالبة للحرية مختلفة تتناسب مع الأفعال الجريمة التي وردت في المواد المذكورة (بإمكان القارئ الكريم الرجوع إليها) ونحن نرى بشأن الرشوة الانتخابية الأتي ـ :

ـ تشريع قانون خاص بجريمة الرشوة الانتخابية قبل أجراء الانتخابات القادمة مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المجتمع العراقي وطبيعة أخلاقه وعاداته.

ـ لا نجد أي مبرر لمنح المزايا والعطاءات للناخبين بسبب الظروف المعيشية الصعبة للبعض منهم ومن أية جهة كانت حكومية أو غير حكومية لتشجيعهم للمشاركة في الانتخابات كما تم العمل به في الانتخابات الماضية وبتوجيه حكومي.

ـ لا بد من استحداث سلطات تحقيقه مؤقتة مختصة لمتابعة جريمة الرشوة الانتخابية يبدأ عملها قبل الانتخابات وتنتهي بانتهائها.

ـ يلاحظ أن جريمة الرشوة الانتخابية تتمتع بالمرونة العالية وتتخذ أشكالا وصورا يصعب كشفها الأمر الذي يجب متابعتها بدقة وسرية عالية بغية القضاء عليها.

ـ لابد من تشديد عقوبة الرشوة الانتخابية بقصد مساواتها مع الرشوة المنصوص عليها في المادة (310) من قانون العقوبات رقم (111 لسنة 1969 ) وتعديلاته .

ـ ضرورة التعمق في أجرأءات التحقيق في جريمة الرشوة الانتخابية للوصول إلى معرفة الوسيط الذي له الدور الأساسي لكشف بقية المشاركين من الناخبين أو المرشحين.

ـ ضرورة تفعيل دور شيوخ العشائر الايجابي والمنتج في أنجاح تطبيق قانون الانتخابات والتعاون البناء مع الجهات المسئولة عن تطبيق العملية الانتخابية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى