الربط الكهربائي وأمن الطاقة

المهندس الاستشاري/ احسان العبيدي
عضو لجنة الصناعة والطاقة
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
الربط الكهربائي في العراق هو بالحقيقة شراء الكهرباء من دول الجوار أو استيراد الكهرباء من الاخرين كما نستورد اي سلعة اخرى كالطماطم والقمح وغيرها ولكن لتجميل الأمر يسمى ربط مع دول الجوار أذ الربط الكهربائي هو لأغراض تبادل الكهرباء (شراء وبيع الكهرباء بين الدول المتجاورة في فترات معينة و غالباً ما يكون أو يقارب التبادل الصفري)، هو نظام تستخدمه الكثير من الدول المتطورة والتي تمتلك شبكات كهربائية موثوقة ومرنة ومحققة لكل المتطلبات الفنية من حيث التردد والموثوقية والجاهزية اذ اختلاف وتباين درجات الحرارة بين الدول يساعدها في عملية تبادل الطاقة الكهربائية عند اختلاف حمل الذروة بين دولة وأخرى.
من فوائد الربط الكهربائي بين الدول انها تتبادل الطاقة وعندها تستغني عن انشاء محطات جديدة تستخدمها لفترات قصيرة في حمل الذروة او عند التوقف الفجائي لأحد محطاتها وبهذا تستغني الدول عن الاستثمار الذي لا يساوي الفائدة منه.
وأحسن مثال للربط الكهربائي الناجح هو الربط الخليجي واجزاء من الربط الاوربي. تعول الحكومة العراقية على استيراد الكهرباء من جميع دول الجوار ودول اخرى. نستورد من تركيا 500 ميكا واط قابل للزيادة ونستورد من الاردن 150 ميكا واط قابل للزيادة ونستورد من إيران 1500 ميكا واط قابل للزيادة (عبر 4 خطوط واحد للبصرة واخرى للعمارة وخطان الى ديالى) وكذلك نستورد من اقليم كردستان (للموصل وكركوك) بحدود 800 ميكا واط قابل للزيادة. وهناك اتفاقات لاستيراد الكهرباء من السعودية والكويت بقدرة أكثر من 2000 ميكا واط وهذا يعني اننا نستورد من الشبكة الخليجية لا عن طريق الربط الشبكي (ربط شبكتين) وانما الربط المناطقي وذلك لكون الشبكة العراقية غير مؤهلة للربط مع الشبكات الاخرى.
ومن هنا نستنتج ان الدولة تسير باعتمادها على شراء الكهرباء من الاخرين والتخلي عن نصب محطات تعود لها وهذا يعني الابتعاد عن الاكتفاء الذاتي من الطاقة الكهربائية اي فقدان مبدأ أمن الطاقة الذي هو ضروري جدا للدول التي تسعى للسيادة التامة على اهم مبدأ من مبادئ السيادة وتأمين أمن البلد وأجياله القادمة من الطاقة وهي العجلة التي تبني البلد.
من المتوقع ان يصل استيراد الكهرباء من الاخرين الى 5000 ميكا واط في الزمن القريب ولنتصور كيف سنكون في أزمة عندما تختلف السياسات كما يحدث الان مع تجهيز الكهرباء من إيران ومشاكل ايقاف التجهيز للكهرباء والغاز.
الاعتماد على الاخرين بتوفير الطاقة سيقزم البلد ويكون تحت رحمة المجهزين بيع الكهرباء للأخرين تجارة مربحة جداً وتتنافس الدول لزيادة بيع الفائض من كهربائها لكون هذا التجارة ذات مردودات جيدة مثلاً المانيا تحقق بحدود 8 مليار دولار سنوياً وحتى دولة مثل إيران فهي تبادل شراء وبيع الكهرباء بينها وجيرانها أذ تستورد الكهرباء من الشمال (أرمينا ,أذربيجان وتركمانستان) وتبيع الكهرباء (للعراق , أفغانستان وباكستان) وتتبادل الكهرباء مع تركيا (توازن صفري). ومن الأمور المبهمة ان الحكومة العراقية لا تعلن عن تكاليف واسعار شراء الكهرباء من الخارج وهي حتماً اسعار تجارية مرتفعة وفيها التزامات مالية مكلفة لا نستطيع مستقبلاً تسديد تكاليفها وحتما ستحول الى ديون وفوائد ديون سوف تتحملها الاجيال القادمة أضافة الى فقداننا مبدأ مهم من أمن السيادة وهو مبدأ أمن الطاقة.