لجنة الشباب و الرياضة

أحداث من ذاكرة الرياضة العراقية (الحلقة الثامنة عشرة)

أحداث من ذاكرة الرياضة العراقية 

(الحلقة الثامنة عشرة)

أ . د إسماعيل خليل إبراهيم

عضو لجنة الرياضة والشباب

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 

 

    منتصف سبعينات القرن الماضي خطرت لي فكرة القيام بتوثيق الأحداث الرياضية العراقية التي لم تنل اهتمام الكثيرين ، وعلى الرغم من صدور أكثر من كتاب تناول تأريخ الرياضة العراقية في العصر الحديث من أندية ومهرجانات واتحادات ولجنة أولمبية ، ومشاركات منتخباتنا الوطنية في البطولات العربية والقارية والأولمبية ، لكن ما سواها من أحداث ظل حبيس أوراق الصحف التي نشرتها على الرغم من أن فيها الكثير من المتعة والإثارة والغرابة فضلاً عن معانيها ومدلولاتها التي تشيع في النفس البهجة والسرور ، وتسبب الألم عند مقارنتها بمثيلاتها في أيامنا هذه . 

   توكلت على الله وبدأت هذه المهمة الشاقة منذ اليوم الأول للعطلة الصيفية عام ( 1978 ) إذ توجهت إلى المكتبة الوطنية لأبحث في ثنايا الصحف التي تَحَول لون أوراقها إلى الأصفر وأقَلِبها بحذر خشية تمزقها إذ مضى عليها أكثر من ستين سنة حينها . 

   كان عليَ أن أبحث في جميع الصحف التي كانت تصدر في محافظات العراق ، وهنا لا بد لي من التوجه بالشكر والتقدير إلى الإخوة في المكتبة الوطنية الذين لولا تعاونهم لما تمكنا من إنجاز شيء ، لم تكن في صحف تلك الأيام صفحات خاصة بالأخبار الرياضية بل كانت تُنشر في أي من الصفحات وهو ما حتم عليَ البحث في جميع صفحات كل جريدة عسى أن أجد فيها خبراً . انتهت أيام العطلة بحصيلة رائعة غطت الأحداث الرياضية ما بين عامي 1900 و 1933 على أمل أن استكمل ما بدأته في العطلة الصيفية القادمة لكن وللأسف حالت مشاغل الحياة  دون ذلك . 

   هذه المقدمة هي البداية لتعريفكم بما سيقدم لاحقاً وسيكون لنا موعد كل يوم ثلاثاء إن شاء الله ونتوقع أن يكون ما ستطلعون عليه مفاجأة نترك لكم التعليق عليها . 

 

الحلقة الثامنة عشرة

   ( ستكون هذه الحلقة أطول من سابقاتها لأننا حرصنا على تقديم محتواها كاملاً دون تجزءة قد تفقد القارئ الكريم متعة التواصل مع فقراتها ، معذرة ونرجوا أن تستمتعوا بموضوع الحلقة ) .  

  • جريدة نداء الشعب ( 13 / 1 / 1931 ) : 

   شروط كأس كاجوال لسنة 1931 : 

   1 – ترسل طلبات الدخول في المباراة على أن لا يتأخر وصولها عن 15 / 1 / 1931 إلى المستر بروكس في محلة الطوب ببغداد ويكون الطلب مصحوباً برسم الدخول وقدره عشر ربيات ، ويذكر في الطلب ألوان ملابس اللعب وتعيين المحل . ( نرى أن الغاية من التحديد المسبق لألوان ملابس الفرق هو لحسم موضوع تشابهها إن حدث قبل بدء المباراة . أما تعيين المحل فالمقصود منه تحديد مكان تواجد الفريق أو ما يسمى مقر الفريق وأغلب الظن أن ذلك لأجل توجيه المخاطبات الخاصة بالبطولة إلى ذلك المكان ، وكلا الأمرين يدخل في نطاق التنظيم الجيد ) .   

   2 – لا يجوز للاعب أن يلعب مع أكثر من فرقة واحدة في هذه المباراة . ( المقصود بالمباراة هنا ليس المباراة الواحدة كما قد يتبادر للذهن بل مباريات البطولة ، فهناك فرق ستغادر البطولة تباعاً بسبب خسارة مبارياتها لذلك لا يجوز للاعبيها اللعب مع فريق أخر ما زال مستمراً في البطولة ، والحقيقة أن هذا دليل على فكر متقدم يحقق العدالة وتكافؤ الفرص بين الفرق ) . 

   3 – إن مدة اللعب في كل مباراة عدا المباراة الأخيرة ستكون 35 دقيقة في نصف كل وقت . 

   4 – إن مدة اللعب في المباراة الأخيرة تكون 45 دقيقة في كل شوط . 

   5 – يجب أن تنتهي اللعبة الأولى في 31 / 1 / 1931 . ( والمقصود هنا أن تنتهي مباريات الدور الأول أو الجولة الأولى في هذا التأريخ وهو دليل على الإلتزام والدقة و جودة التنظيم ) . 

   6 – يجب أن تنتهي اللعبة الثانية في 14 / 2 / 1931 . ( المقصود هنا مباريات الدور الثاني ) . 

   7 – للحكم الحق في أن يأمر بترك أي لعبة يرى في تركها ضرورة . ( هذه المادة تمنح الحكم الحق في إنهاء أية مباراة قد يؤدي استمرارها إلى حوادث أو مخاطر تلحق باللاعبين أو المتفرجين وهو عرف يعمل به إلى الأن ، ويحسب لمنظمي كأس كاجوال وضعه ضمن الشروط ) .  

   8 – في حالة ترك لعبة من اللعبات يجب أن تخبر هيئة اللعب بذلك بواسطة المستر بروكس وللهيئة أن تقرر عما إذا كان من الواجب إعادة اللعبة أو إكمال مدة اللعب التي لم تكتمل . ( يبدوا أن المقصود بترك لعبة من اللعبات هو أن تنتهي المباراة لسبب أو لأخر دون استكمال وقتها القانوني ويترك اتخاذ القرار بشأنها إلى الهيئة المنظمة للبطولة ) . 

   9 – عند تعادل اللعب لدى الجهتين يجوز تمديد مدة اللعب إلى عشر دقائق أخرى وإذا استمر التعادل بعد ذلك فللحكم الحق بأن يأمر بتمديد الوقت إلى خمس دقائق أخرى . 

  10 – كل حكم مكلف بإخبار المستر بروكس عن نتائج اللعب وأن يخبره بكل حادث غير اعتيادي يطرأ أثناء اللعب . ( هذا السياق معمول به لغاية الأن ، فحكم المباراة مطالب بتقديم تقرير إلى اللجنة المنظمة  يذكر فيه نتيجة المباراة والأحداث التي حصلت فيها ويعد هذا التقرير بمثابة وثيقة رسمية يتم الرجوع إليها عند الضرورة ، ويتم على ضوئها اتخاذ ما يقتضي من إجراءات ) . 

 11 – إن فرق اللعب يجب أن تكون مقتصرة على العراقيين وحدهم ، وكما يلي : 

   أ – الوحدات العسكرية : يجب أن يكون كل عضو من أعضاء الفرقة ملتحقاً بوحدته عند تأريخ قبول التحاق الفرقة في اللعب . 

   ب – المدارس والكليات : أن يكون كل عضو من أعضاء الفرقة طالباً مسجلاً عند قبول الفرقة للدخول في المباريات أو أن يكون معلماً في المعهد الذي تنتسب إليه الفرقة . 

   ج – النوادي : أن يكون كل واحد من اللاعبين عضواً في النادي الذي تنتسب إليه الفرقة في تأريخ دخول تلك الفرقة في المباراة . 

   د – فرق الدوائر الحكومية : على كل عضو أن يكون ملتحقاً في خدمة الدائرة التي تنتسب إليها الفرقة في تأريخ قبولها في المباراة . 

   هـ – خريجو المدارس : يكون اللاعب متخرجاً من المدرسة أو الكلية التي تنتسب إليها الفرقة .   

   ( كانت هذه خطوة رائعة من أجل منح اللاعبين العراقيين الفرصة كاملة لإظهار مواهبهم وإمكاناتهم بعيداً عن اللاعبين الأجانب من الجنود الإنكليز ، وإن الفوز الذي سيحققه أي فريق سيكون بجهود وبأقدام اللاعبين العراقيين دون مساعدة من أحد ، وهي خطوة مَهَدَت لخطوات قادمة أصبحت فيها البطولة عراقية بجميع عناصرها إلى جانب إقامة بطولات أخرى مماثلة . فضلاً عن أن هذه الضوابط تحول دون إشراك الفرق للاعبين قد ينتمون لها بعد تقديمها لقوائم الأسماء وهو ما يخل بمبدأ تكافؤ الفرص ) .   

 12 – على الفرق التي ستتبارى أن تسجل لدى المستر بروكس قائمة أسماء اللاعبين على أن لا يتجاوز عددهم 22 لاعباً ، وأن يكون التسجيل قبل البدء في اللعبة الأولى ولا يجوز للاعب أن يشترك في المباراة مع الفرق عدا أولئك الذين سُجِلت أسماؤهم .  ( كلما تقدمنا في كتابة الشروط تتعزز قناعاتنا في الكفاءة الإدارية للجنة المنظمة للبطولة وحجم معلوماتها ومعرفتها بما يعتمده العالم من شروط لبطولاته ، ونشير هنا إلى أن تحديد عدد اللاعبين بـ ( 22 ) لاعباً هو العدد المعتمد من اللاعبين لغاية الأن في البطولات الدولية بكرة القدم ، فضلاً عن إن تقديم قوائم بأسماء اللاعبين قبل المباراة الأولى هو لغرض اعتمادها بشكل رسمي ونهائي وعلى الفرق كافة الإلتزام به ) . 

 13 – عندما يصل اللجنة – بواسطة الحكم – خبر حادث مؤسف سواء كان صادراً عن تصرف اللاعبين و المتفرجين فللجنة الحق بحرمان تلك الفرقة أو أحد اللاعبين من حق الإستمرار في الإشتراك بالمباريات ويجب أن تصل أخبار هذه الحوادث إلى اللجنة خلال 24 ساعة من انتهاء اللعب ، وعلى القائمين بمهمة التحكيم أن يُخبِروا رؤساء الفرق عما سيتخذونه من إجراءات بهذا الصدد . ( إن التأكيد على وصول أخبار الحوادث خلال 24 ساعة الغرض منه تَمكين اللجنة المنظمة من إتخاذ القرارات بحق المتجاوزين وإبلاغها للفرق المعنية بها للإلتزام بها قبل المباراة القادمة للفريق ) . 

 14 – لا تلتفت اللجنة إلى أي احتجاج يقدم إليها ما لم يكن قد قُدِمَ إلى الحكم قبل ابتداء اللعب ، وفي حالة تقديم مثل هذه الإحتجاجات على الحكم أن يخبر رئيس الفرقة المقابلة فوراً وأن يخبر اللجنة بالتفصيل عن الإحتجاج وتقوم اللجنة بالإستعلامات اللازمة لكي تحصل على الأدلة المطلوبة . ( يبدو أن تكليف الحكم بهذه المهمة يعود لعدم وجود شخص مكلف بمهمة الإشراف على المباراة من قبل اللجنة ) . 

 15 – أن الفرقة التي ستقع عليها القرعة للعب في المرتين الأولى والثانية ستكون هي الفرقة صاحبة الدعوة ويجري اللعب في الساحة العائدة لها . ( نستنتج من هذه الفقرة أن الفرقة التي يظهر اسمها أولاً في القرعة لمرتين متتاليتين – أي التي ستتجاوز الدور الأول والثاني من البطولة التي تجرى بنظام خروج المغلوب أو التسقيط الفردي أي إن الخاسر يغادر البطولة – ستجرى مباراتها على الملعب العائد لها أو الذي تختاره لتجاوز ما يمكن أن يحدث من إشكالات بين الفريقين بسبب تحديد الملعب ، وهو سياق معتمد لغاية الأن في العالم ، فالفريق الذي يظهر اسمه أولاً في القرعة تجرى المباراة الأولى على ملعبه إذ أن المباريات بطريقة خروج المغلوب من مرة واحدة لم تعد معتمدة ) . 

 16 – تعين اللجنة محلات اللعب للعبتين النهائية وما قبلها . ( لاختيار ملعب محايد من أجل ضمان العدالة بين الفرق ) . 

 17 – تكون الفرقة صاحبة الدعوة مكلفة بتهيئة ما يقتضي للعب من كرة القدم و الشبكات وأعلام الجهات و تخطيط الساحة و إخبار الحكم المعين بالزمان و المكان . ( إن الفرقة التي ستجرى المباراة على ملعبها ستكون مطالبة بتأمين هذه المتطلبات ) . 

 18 – تعين اللجنة موعد لعب المباراة الأخيرة . ( لا شك أن الأمر يتعلق بالجانب التنظيمي من ناحية اختيار من سيرعى المباراة النهائية واستحصال موافقته ، والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لتأمين ملعب المباراة ، واختيار حكامها ، وما إلى ذلك من التزامات وشؤون إدارية وتنظيمية تقتضيها إقامة المباراة وعلى الجهة المنظمة القيام بها ) .   

   توزع الأوسمة على أعضاء الفرقة الرابحة وإذا كان عدد الفرق المشتركة مناسباً فتوزع الأوسمة على القائمين بشؤون الفرقة الرابحة أيضاً .  

   ( هذا درس مجاني لشروط وضوابط تنظيم بطولة بكرة القدم في العراق قبل أكثر من 90 سنة عندما كان عدد المختصين بالشأن الرياضي قليل ، وحجم خبراتهم ومعارفهم ليس بالكبير لكنهم اجتهدوا واطلعوا على ما لدى الأخرين ونقلوا التجربة إلى بلدهم وحققوا النجاح في ما قاموا به ، درس نقدمه هدية للقائمين على شؤون كرة القدم العراقية الأن عسى أن ينتفعوا منه ، وأن ينتهجوا نهج من سبقهم ، وأن تكون هذه الضوابط والشروط ضمن أرشيف الإتحاد العراقي لكرة القدم إن كان لدينا مثل هذا الأرشيف ) .   

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى