تداعيات اجتماع الاتحادات
تداعيات اجتماع الاتحادات
محمد العبيدي
عضو لجنة الشباب والرياضة
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
من يتابع نتائج الاجتماع التشاوري للاتحادات الرياضية الوطنية المنعقد بتاريخ 11 آيار 2019 ، لا يمكنه وصفها إلا بالدرامية إذ تناولت حالات إنسانية من جهة وأشادت بالجهود الحكومية من جهة أخرى وتوجيهات للآخرين عن كيفية العمل بطريقة صحيحة ومطالبات بحقوق الرياضيين المساكين ومرتبات العاملين البسطاء ودعم المنتخب الأولمبي دفاعاً عن فرصته في التأهل الى طوكيو 2020 وكأن منتخبات كرة القدم كانت تعيش رغداً وغارقة في أجواء فارهة خلال الإعداد والتحضير لكل بطولة.
الاتحادات أشارت بوضوح الى أن اللجنة الأولمبية ترى أن عملها بمعزل عن العالم هو الحل الوحيد لديمومتها وبقائها ” خيمة للاتحادات الوطنية ” وراعية لإنجازات الرياضة العراقية التي ستنهار وتختفي وتنسحب عن منصات التتويج، فقط ما تحتاجه هو وصول المليارات الى خزينتها من الحكومة ولا ينبغي لأحد التدخل بشؤونها خصوصاً إن رؤيا الاتحادات كانت مثالية على المستوى النظري بلغة توحي كأننا نتحدث عن اللجنة الأولمبية السويسرية أو اليابانية مثلاً !
فهل المقصود من حرص الاتحادات على المشاركة في الأولمبياد طريقة تحضير الرباع الذهبي صفاء الجميلي الذي حقّق هذا الاعجاز التاريخي في أسياد جاكرتا لأنه ومدربه اجتهد وثابر فحصد برغم سوء التحضير في قاعة تدريبات متهالكة وسط حالة كارثية من انعدام التخطيط والتخبط الإداري والتنظيمي المخزي؟
أم تحضير منتخبات كرة القدم التي كانت وما تزال تقيم معسكراتها التدريبية ومبارياتها التجريبية في الدوحة على حساب الاتحاد القطري لكرة القدم؟
إن تجمّع الاتحادات الرياضية لمناقشة واقع الرياضة العراقية بحضور ممثلي 36 اتحاداً منها اتحادات ألعاب وفعاليات غير أولمبية لا يوجد ما يُبرر وجودها وتشكيلها بالأساس في اجتماع بهذا الشكل والحماسة يمثل حالة إيجابية لكنها جاءت متأخرة كثيراً عن مناقشة العديد من الموضوعات الأكثر أهمية بمراحل وأكثر ارتباطاً باستحقاقات الرياضيين والعمل في الظرف الراهن والتخطيط للمستقبل بدافع وطني بحت ونكران ذات إضافة الى توضيح كامل وشامل لكل الأموال التي تسلمتها اللجنة منذ وصول رعد حمودي الى منصبه عام 2009 حتى إجراء الانتخابات الأخيرة المثيرة للجدل!
كان الأجدر بمثل هذا التجمّع الخيّر أن يكون قبل وبعد كل مشاركة في دورة ألعاب آسيوية وعربية ، كذلك الحال بالنسبة لأي اتحاد رياضي منضوٍ تحت لواء اللجنة الأولمبية لمناقشة العشرات من الموضوعات ذات الصلة .
تأسست اللجنة الاولمبية الوطنية العراقية عام 1948 لأهداف اسمى وأكبر وأهم من تلك التي يعرفها رئيس اللجنة الاولمبية العراقية المنحلّة، وأهمها أن يكون من يتصدّى للمهمة على درجة عالية من الخبرة والمقدرة على تحمّل للمسؤولية ومواجهة الأعباء والتحديات بكفاءة إدارية قيادية تسمح له القيام بواجبه على الوجه الأكمل وفقاً للقوانين والأعراف والانظمة وقبل كل هذا الاخلاص في العمل بضمير حي.
لم تقدم اللجنة الاولمبية منذ تسلم رعد حمودي منصب رئاستها حتى عدّها منحلة بقرار من المحكمة الاتحادية العليا في شباط 2018 ما يشفع لها ويدعم برامجها واستقلاليتها وفق نظام عمل وضوابط وآليات واضحة المعالم والأهداف على الرغم من صرف العشرات من مليارات الدولارات على مرّ سنوات وسنوات.
الواقع هو ان كل الاتحادات تشكو من ضعف الإعداد وهي بحاجة الى مراكز تخصّصية وتتمنى اقامة معسكرات تدريبية مناسبة وتجهيزات رياضية وغيرها الكثير من المتطلبات ، بينما المكتب التنفيذي يواصل استحداث المزيد من الاتحادات الرياضية برغم محدودية عدد ممارسيها وغياب اهمية الهدف من وجودها !
فشل اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية في أداء مهامها لا يعفي بقية الجهات والمؤسسات ذات الصلة وفي مقدمتها وزارة الشباب والرياضة من التقصير في العديد من الجوانب والتفاصيل التي أدّت الى تفاقم الأزمة ووصولها الى ما وصلت اليه اليوم والضحية في النهاية هي شريحة واسعة ومهمة من الرياضيين الابطال الذين يمنّون النفس بوجود كيان قائم يحرص على تأمين احتياجاتهم وتنمية قدراتهم وضمان وصولهم الى المرحلة اللازمة من التأهيل في منافسة اقرانهم ونيل شرف تمثيل الوطن في المحافل الدولية كافة .