الذكاء الاصطناعي ومهنة المحاماة

المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
يلاحظ أن الخدمات والوظائف القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي توسعت وتطورت وانتشرت في عموم القطاعات المجتمعية وبالتحديد المهن والوظائف القانونية وبالذات الدعم المتسارع لمهنة المحاماة وتطوير أدائهم.
وقد بادرت نقابة المحامين الدولية بالتعاون مع مركز السياسات الرقمية والذكاء الاصطناعي وصدر عنها تقرير يهدف إلى دراسة تأثير الذكاء الاصطناعي على مهنة المحاماة وتوجيه إرشادات حول كيفية استجابة المهنة للتحديات والفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وفي أدناه إيجازا لهذا التقرير المفيد: ـ
لقد وجدت نقابة المحامين أن هناك تبنيا واسعا للذكاء الاصطناعي في مهنة المحاماة مع وجود اختلافات إقليمية حسب حجم مكاتب وشركات المحاماة فكلما كانت الشركة أكبر ارتفعت قدراتها على التكامل مع هذا الذكاء بشكل أفضل وأكثر تقدما. حيث تستخدم الشركات الكبيرة الذكاء الاصطناعي ليس فقط في الأعمال الإدارية الداخلية، بل أيضا في البحث القانوني وتجميع المستندات، وصياغة العقود، وأجراء الفحص، والتدقيق. مع الدعم بنماذج لغوية كبيرة وخدمات الذكاء الاصطناعي وعلى الرغم من الانتشار الواسع والكبير لاستخدام هذا الذكاء تظل حوكمة البيانات والأمن والملكية الفكرية والخصوصية من التحديات الرئيسية تواجه الشركات الصغيرة تحديات أكبر في هذا المجال نظرا لنقص السياسات والموارد الأمر الذي يضعها في موقف غير مريح أمام الشركات الكبرى. التي تمتلك الموارد للتعامل مع تلك التحديات بشكل فعال ويتوقع أن يكون للذكاء الاصطناعي تأثير كبير على هيكلية شركات المحاماة ووسائل التوظيف الأمر الذي يؤدي إلى تحولات في وسائل العمل. على سبيل المثال التوجه نحو الرسوم الثابتة أو الرسوم المستندة إلى القيمة وتغيير المتمكنين في التعامل مع الذكاء الاصطناعي. والتدريب له أولوية رئيسية في سباق هذا الذكاء حيث ستكون الشركات بحاجة إلى تدريب مكثف للتغلب على المخاوف ذات العلاقة بالثقة وتقليل المخاطر واستثمار إمكانيات هذا الذكاء.
كما يجب على الشركات الاستمرار في تدريب المحامين المبتدئين على المهام التي قد يتم تنفيذها بواسطة هذا الذكاء لضمان اكتسابهم الخبرة اللازمة للوصول إلى المناصب العليا. وأوصت نقابة المحامين الدولية توصيات أساسية منها:
1ـ تعزيز تبني الذكاء الاصطناعي وتقديم دعم خاص للشركات الصغيرة.
2ـ تطوير برامج وموارد تساعد هذه الشركات على تبني هذه التكنولوجيا.
3ـ ضرورة تطوير سياسات حوكمة الذكاء الاصطناعي مع التركيز على الأمان وحوكمة البيانات وحماية الملكية الفكرية.
4ـ على شركات المحاماة أتباع سياسات تتماشى مع هذه التوجيهات لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل قانوني ومسئول.
5ـ يجب تطويرا لبرامج التدريبية التي تركز على تعزيز مهارات المحامين في مجال الذكاء الاصطناعي.
6ـ يجب أن تعمل هذه البرامج على بناء الثقة في هذه التكنولوجيا وتوفير إرشادات عملية لأستخدم أدواتها.
7ـ يجب تحديث المبادئ الأخلاقية لتعكس الاستخدام المتزايد لهذا الذكاء في المحاماة بما في ذلك الأشراف على الأدوات والتأكد من أن العمل القانوني الذي قدمه هذا الذكاء يلتزم بالمعاير الأخلاقية.
وفي ختام التقرير نشير إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة كبيرة لتعزيز الكفاءة في مهنة المحاماة وتقديم خدمات قانونية مميزة. ولضمان الاستفادة الكاملة يتعين تبني استراتيجيات تدريبية فعالة وتحديث المبادئ الأخلاقية وتعزيز الحوكمة يؤدي إلى التعاون الدولي وتبادل المعرفة دورا مهما في تشكيل مستقبل استخدام الذكاء الاصطناعي في مهنة المحاماة وبمساعدة محامين مختصين في علوم التكنولوجيا.
أن مهنة المحاماة تعد أصعب المهن التي تؤدي إلى التفكير العميق وإرهاق العقل نتيجة استمرار البحث والتحري لإيجاد الحلول للدعاوى التي يوكلون بها. إلا أنه وبفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي أثرى ايجابيا على مضامين النصوص القانونية. والذكاء الاصطناعي يعمل على تحسين كفاءة مهنة المحاماة في حفظ المستندات التي عادة ما يتم إنشاؤها وتحويلها إلى المحامين المنتمين حديثا لهذه المهنة.
كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي للوصول إلى القوانين والأحكام ذات الصلة والتحري عن السوابق القضائية وتدقيق الأدلة والقرائن بعد الاطلاع عليها.
ويعمل الذكاء الاصطناعي على تسهيل اتخاذ القرارات في ضوء تحليل ومحاكاة التكييف القانوني بعد الإبحار فيه. ويعتبر هذا الذكاء المساعد الكفء في التقصي والبحث عن الأحكام القضائية والقوانين واللوائح والتعرف على الآراء القانونية الناضجة.
ويتصف الذكاء الاصطناعي بالقدرة على تحليل العقود وإنشاء وكتابة مسودات أولية التي يمكن من خلالها مراجعتها وتدقيقها من ذوي الاختصاص. ويلاحظ أن البرامج الذكية التي بدأت شركات المحاماة اعتمادها في أنجاز مهام المحامين والملاكات التي يعملون لديهم حيث إن البرامج قادرة على تنفيذها بكفاءة عالية وأسرع على تنفيذها مع اختصار في الوقت وتقليل الكلف.
كما يساعد الذكاء الاصطناعي المحامين في سرعة الاتصال والتواصل مع موكليهم ممن يرجون المساعدة والعون وبإمكان الروبورت الإجابة على الأسئلة دون الحاجة إلى بيانات شخصية. ويعزز الذكاء الاصطناعي قدرة المحامين إلى توصيل المعلومات بسرية تامة وكفاءة إلى موكليهم والتواصل الدائم للتعرف على المستجدات التي تطرأ على دعواهم وتلخيص قرار المحكمة وشرحه لموكليهم.
ومع كل ما يقدمه هذا الذكاء لمهنة المحاماة إلا أنه لا يرتقي أو يأخذ مكان المستخدمين من الأفراد والجماعات. وبالتأكيد سيحتاج المحامون الذين يشهدون التحول في المهنة نتيجة الذكاء الاصطناعي التعامل الإنساني والتفاعل الحي المرتبط بالمشاعر تجاه موكليهم. الأمر الذي لا يقدر الذكاء الاصطناعي على بناء الثقة والعلاقة الطيبة والمهنية بين المحامي ووكيله أو يعبر عنها بأي وسيلة ولم يجد البديل عنها أطلاقا. وتبقى مهنة المحاماة الحصن الحصين للحق والعدالة ترافق القضاء في مسيرته حتى وصفت بالقضاء الواقف.