اللجنة القانونية

تأثير قانون غزو لاهاي الأمريكي على قرار المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت

الأستاذ الدكتور عمار طارق العاني، عضو اللجنة القانونية، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

المحامي حيدر عبد الكريم جعفر / ماجستير القانون الجنائي

قانون غزو لاهاي الأمريكي يشير إلى مجموعة من القوانين والسياسات التي تتعلق بموقف الولايات المتحدة من المحاكمات الجنائية الدولية، خاصة تلك المتعلقة بالصراعات المسلحة. فالولايات المتحدة ، وعلى الرغم من توقيعها على معاهدة روما التي أنشأت المحكمة الجنائية الدولية، لم تصادق عليها، وتبنت سياسات تهدف إلى حماية مواطنيها من الملاحقة القضائية من قبل هذه المحكمة، حيث يهدف قانون غزو لاهاي إلى حماية العسكريين الأمريكيين وحلفاء الولايات المتحدة من الملاحقة القضائية الدولية ، مما يعكس توجهاً عاماً ضد الإجراءات التي يمكن أن تقوم بها المحكمة الجنائية الدولية من جانب الولايات المتحدة الأمريكية ، وبينما يركز هذا القانون على المواطنين الأمريكيين، فإنه يبرز موقف الولايات المتحدة الرافض لأي ملاحقات تتعلق بالنزاعات المسلحة.

فقانون غزو لاهاي الأمريكي، المعروف أيضاً بقانون “حماية الجنود الأمريكيين” أو “قانون لاهاي”، تم سنه في عام 2002، ويهدف هذا القانون إلى حماية الأفراد العسكريين الأمريكيين من الملاحقة القضائية من قبل المحكمة الجنائية الدولية بسبب تصرفاتهم أثناء أداء مهامهم العسكرية . و الأهداف الرئيسية لهذا القانون تتمثل بما يأتي :

  1. حماية الأفراد العسكريين : إذ يمنع القانون المحكمة الجنائية الدولية من مقاضاة الجنود الأمريكيين والمواطنين في حالات معينة .
  2. الرفض القاطع للإختصاص الدولي : حيث يؤكد على أن الولايات المتحدة لن تتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية إذا كانت هناك مخاوف من أن يتم إستخدام هذه المحكمة لملاحقة جنودها أو حلفائها .
  3. التحذير من الملاحقة القضائية : إذ ينص القانون على أنه إذا تم إصدار أمر قبض ضد أي جندي أمريكي من قبل المحكمة الجنائية الدولية ، فإن الحكومة الأمريكية ستقوم بإتخاذ إجراءات للحماية ، بما في ذلك إستخدام القوة العسكرية إذا لزم الأمر .
  4. عرقلة التعاون مع الدول الأخرى : حيث يشجع القانون الأمريكي الدول الأخرى على عدم التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في حال كانت هناك ملاحقات ضد الأمريكيين .

وقد جاء هذا القانون في وقت كانت فيه الولايات المتحدة تعارض بشدة بعض جوانب النظام الدولي للمحاكمات الجنائية ، خاصة في سياق النزاعات التي شاركت فيها ، وقد أثار القانون جدلاً واسعاً في الأوساط الدولية ، حيث أعتبره الكثيرون خطوة نحو تقويض العدالة الدولية ، كونه يشجع على الإفلات من العقاب وأنه يضعف الجهود الدولية لملاحقة مجرمي الحرب ، كما أنتقد بعض المدافعين عن حقوق الإنسان هذا القانون بإعتباره يعيق العدالة ويقلل من المساءلة عن الجرائم التي قد ترتكب أثناء النزاعات المسلحة .

وبعد صدور قرار القبض بحق نتنياهو وغالانت ، قد يؤدي ذلك إلى ضغط سياسي على المحكمة الجنائية الدولية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها ، ويمكن أن تعارض الولايات المتحدة بشدة هذه القرارات ، مما يزيد من التوتر بين المحكمة والدول التي تدعم إسرائيل .

فقد يؤدي قانون غزو لاهاي إلى تردد بعض الدول في التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في ملاحقة الشخصيات الإسرائيلية ، خوفاً من تداعيات سياسية أو إقتصادية من الولايات المتحدة .

ورغم أن قانون غزو لاهاي يعكس موقف الولايات المتحدة ، فإن ذلك قد يثير تساؤلات حول شرعية القوانين الدولية والمساءلة عن جرائم الحرب ، وقد تعزز هذه الديناميات من إحساس بعض الدول بأن هناك تحيزاً في كيفية تطبيق القانون الدولي .

وفي حال تمت الملاحقة ، يمكن أن يؤدي الضغط الأمريكي إلى تقويض فعالية المحكمة الجنائية الدولية ، مما يضعف قدرتها على محاسبة الأفراد على الجرائم المرتكبة في النزاعات المسلحة .

بينما يتعلق قانون غزو لاهاي بشكل أساسي بحماية الأفراد العسكريين الأمريكيين ، فإن تأثيره يمتد ليشمل الديناميات السياسية والقانونية الدولية المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية . وقد يؤدي هذا إلى تعزيز الموقف الإسرائيلي ويعقّد جهود المساءلة القانونية فيما يتعلق بالجرائم المحتملة في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني .

وبالفعل توعدت إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب المحكمة الجنائية الدولية ، وصرحت بنيتها إتخاذ إجراءات عقابية ضد المحكمة الجنائية الدولية ، بسبب قرار القبض الصادر بحق نتنياهو وجالانت ، ومن بين الشخصيات المستهدفة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان ، فضلاً عن القضاة الذين أصدروا أوامر القبض .

وجدير بالذكر انه في يونيو الماضي أصدر مجلس النواب الأمريكي قانوناً يبيح إلغاء التأشيرات الأمريكية لأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية ، خصوصاً المسؤولين عن إصدار أوامر إعتقال أو مقاضاة لحلفاء الولايات المتحدة ، بالإضافة الى فرض قيود مالية عليهم .

 

ان التوجه المشار اليه يعكس عدم التزام الولايات المتحدة الامريكية بالقانون الدولي عموماً وبمتطلبات تحقيق العدالة الجنائية خصوصاً ، لاسيما وان سياستها الداعمة للكيان الصهيوني تترجم من مواقفها عند إستخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد أي مشروع قرار يتضمن وقف الحرب على قطاع غزة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى