الذكاء الاصطناعي ما له وما عليه
المستشار سعيد النعمان ، عضو اللجنة القانونية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
في سنوات الخمسينيات وبالتحديد 1956 بدأ الحديث عن الذكاء الاصطناعي التوليدي خلال تجمع متعدد التخصصات في جامعة دارتموث عام 1953 حيث عمل الباحثون بشكل جماعي تعاوني في فهم وتحليل أفضل كيفية عمل العقل من خلال صنع واحد . وقصة هذا الذكاء بدأت فعليا في عام 1966 في أول تقنية تسمح بمحادثه بين البشر والآلة .
ويعرف الذكاء الاصطناعي بأنه ( نظام قادر على أدراك بيئته واتخاذ أجرأءات لتعظيم فرص تحقيق أهدافه بنجاح مضافا إلى ذلك تفسير وتحليل البيانات بطريقة تتعلم وتتكيف مع مرور الوقت) فرع من علوم الكمبيوتر بهدف أنشاء أنظمة يمكنها أداء المهام التي تتطلب عادة ذكاء بشريا مثل الاستدلال والإدراك والتعلم واتخاذ القرار، وأما المقصود بالذكاء الاصطناعي فهو يعمل في مجال علوم الكمبيوتر المخصص لحل المشكلات المعرفية المرتبطة عادة بالذكاء البشري وعلى سبيل المثال التعلم والابتكار والإبداع وكيفية التعرف على الصور . ويحاكي هذا الذكاء الآلات والبرامج والقدرات الذهنية البشرية وصور عملها كالقدرة على التعلم والاستنتاج أما بصدد تطبيقات هذا الذكاء فيمكن الإشارة إلى أبرزها:
1ـ تطبيقات مالية للكشف عن جرائم الاحتيال وإدارة شؤون الاستثمار والتعرف على المخاطر.
2ـ يستخدم في التشخيص الطبي واكتشاف الأدوية ووضع خطط العلاج للأشخاص.
3 ـ ويستخدم للتسويق والمنتجات وتحسين طرق التوريد.
4 ـ ويستخدم في أعمال الصيانة وتحسين العمليات ومراقبة الجودة.
5 ـ ويستخدم في مراقبة المركبات الذاتية وإدارة حركة المرور وتحسين الخدمات .
ومع كل هذه الاستخدامات تظهر فوائد ومميزات الذكاء الاصطناعي في مجالات عدة منها : يعمل على زيادة الكفاءة والإنتاج . وتخصيص الخبرات للعملاء والموظفين والمستخدمين . ومعالجة كميات هائلة من الجداول والبيانات التي لايستطيع العاملين اكتشافها الأمر الذي يؤدي إلى تنبؤ أكثر دقة ومن ثم اتخاذ قرارات أفضل وأنجع . ويمكن لهذا الذكاء تطوير منتجات وخدمات جديدة وصياغة حلول ورعاية صحية شخصية . كما يساعد هذا الذكاء إلى تقليل التكاليف عن طريق أنجاز الخدمات والتقليل من الحاجة إلى العمل البشري . ويمكن استخدام هذا الذكاء لتحسين السلامة في النقل والصحة ومراقبة المرضى وتنبيه الطاقم الطبي في حالة حدوث أي اضطرابات للمريض .
أما خصائص الذكاء الاصطناعي فيمكن اختصارها في المفردات ( القدرة على التعلم والتكيف للمستجدات . والتعلم الذاتي دون الحاجة إلى تدخل بشري . وصناعة القرار بناء على البيانات والقواعد . و فهم اللغة البشرية وتفسيرها والذي يؤدي إلى المزيد من التواصل مع البشر . استخدام أجهزة تنيبه واستشعار وتفسيرها . ويمكن لأنظمة الذكاء أن تولد أفكارا وحلولا تؤدي ابتكارات في مختلف المجالات. وتحليل المشكلات المعقدة وتقديم الحلول بدقة أكبر وأسرع من البشر . ومعالجة كميات من البيانات في وقت واحد الأمر الذي يؤدي إلى أنجاز عمليات حسابية أسرع وبكفاءة عالية . أما أبرز خصائص الذكاء الاصطناعي فهي:
- السهولة في أنجاز المعاملات وبالسرعة المطلوبة.
2.التعرف على الوجوه الفردية باستخدام الخرائط الحيوية.
3.استيعاب البيانات وتحليل التجارب السابقة.
- امتلاك القدرة الكبيرة على التعامل مع الأعمال المتكررة دون الشعور بأي تعب أو مشقة.
5.منع وقوع الكوارث والزلال ولتحوط بعد تغذية الذكاء بالبيانات المطلوبة.
.6 التقليل من الأخطاء البشرية.
- تسهيل وتسريع اتخاذ القرارات والاستمرارية في العمل.
- وتقليل المخاطر وتوفير الجهد البشري.
- وتوفير المساعدة الرقمية.
- وتحديد الأنماط وتدفقات العمل بشكل أفضل.
- والسهولة في التعامل مع حجم البيانات الضخمة.
أما الإضرار والسلبيات التي يخلفها الذكاء الاصطناعي فهي لا توازي الفوائد الكبيرة التي يحصدها المستخدم لهذا الذكاء فترشيد الوظائف وانخفاضها بنسبة معينة يمكن التعويض عنها بأخرى على سبيل المثال ظهور وظائف منها المطورين والمبرمجين والمحللين والمدققين للبيانات. وأما ظهور جرائم الاحتيال والنصب الالكتروني فيمكن معالجتها بعقوبات جزائية ومالية وبالمتابعة السريعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي . ومن السلبيات أيضا التكاليف العالية والافتقار إلى الإبداع وعدم وجود التعاطف والأخلاق ويخلق الكسل باعتماد المستخدم على الآلة . وفي كل الأحوال فالذكاء الاصطناعي له ايجابيات ومحاسن وفوائد كثيرة ودوافع مشجعة ومع ذلك فلابد من التدقيق عند الاستخدام وبوعي وإرادة يقضه كي لا يقع المستخدم في مطيات ومخاطر ومهالك فالحذر واجب ومطلوب .
- العراق والذكاء الاصطناعي
يؤشر مقياس التصنيف العالمي للذكاء الاصطناعي لعام 2023 حصول العراق على المرتبة ( 13 ) عربيا والمرتبة (133) عالميا . وسبق لمنظمة الأسكوا وهيئة الإعلام والاتصالات تنظيم ورشة عمل لبناء القدرات الوطنية حول المفاهيم الرئيسية للتحول الرقمي وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي . وفي عامي 2002 ـ 2003 تأسس فرع الذكاء الاصطناعي في الجامعة التكنولوجية ـ قسم علوم الحاسوب ويعمل خريج فرع الذكاء في مجال قهم وتصميم وتطوير البرامج والأنظمة الذكية ويمتلك الخبرات وطرق الاستدلال على الحقائق . وشمل المواضيع ( التخطيط والإنسان الآلي . الاتصالات وشبكات الحاسوب . أمنية الحاسوب والبيانات . نظم التشغيل . مخازن وتنقيب البيانات . برمجة مواقع الانترنيت . الرؤية بالماكينة ) وفي أغلب جامعات العراق توجد فروع وأقسام للذكاء الاصطناعي التي حققت نجاحات عالية في استخدامات وتطوير الذكاء الاصطناعي من خلال تقديم البحوث والدراسات النظرية والتطبيقات العملية التي فرضت على الحكومات بذل العناية والاهتمام من قبل مركز البيانات الوطني في الأمانة العامة لمجلس الوزراء الذي عقد اجتماعا في تشرين الأول من عام 2023 كرس لمناقشة التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة باستخدام الذكاء وانترنيت الأشياء . وتم أنجاز مسودة اسراتيجية الذكاء الاصطناعي بغية دراستها والمصادقة عليها لاحقا . ثم عقدت مؤتمرات وندوات في عدد من المحافظات حول احدث التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته العملية في مختلف الصناعات . وهناك نشاط سريع ومتواصل من قبل القطاع الخاص والوزارات والمؤسسات الحكومية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي إلا أن عملها بطيء في غياب الأسس والقواعد التي يجب أن يعتمد عليها منهج الذكاء الاصطناعي ومنها
ـ أن تكون هناك حكومة مستقرة وشاملة لكل أوجه الحياة المجتمعية
ـ يجب مكافحة الفساد المستشري في مفاصل الدولة
ـ، القضاء على المد الطائفي وتقوية التماسك الاجتماعي
ـ تحسين الأمن بكل صوره وفرض سيادة القانون
ـ تقوية البيئة التحتية وتوظيفها في خدمة أيجاد فرص العمل وتقديم الخدمات
ـ ضرورة الدعم الكامل للتنمية في مجال الاستثمار وبرامج التعليم والتدريب
ـ مواجهة التحديات البيئية وبالذات شحت مصادر المياه
ـ تمكين المرأة وتعزيز قيم المساواة والحد من الحواجز التي تعيق مشاركتها في كل مفاصل الحياة
ـ ضرورة تحسين التعليم من خلال فتح أبواب الاستثمار والبحث في صيغ حديثة في التدريب
ـ توفير الاحتياجات الإنسانية وتقديم المساعدة للحصول على الحماية الاجتماعية المتساوية.
ويلاحظ أن الذكاء الاصطناعي تطور سريعا وكبيرا في الأعوام الثلاثة الماضية . بعد أن أصبح قادرا على التوصل إلى حلول لمشاكل كبيرة وقدرته على التواصل مع البشر بألاجابة على كل الأسئلة والاستفسارات المستعصية . وفبركة الإحداث المحلية والإقليمية والدولية بالاتجاهات التي تحقق للمستخدم غاياته سواء في السلم أو الحرب الأمر الذي يتوجب صياغة توصيات عالمية لتقنين الاستخدام المسئول لأدوات هذا الذكاء نظرا للمخاطر التي يمثلها على البشرية .
- المقترحات
أولاً ـ أنجاز عمل اللجنة المختصة في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي وتقديم توصياتها إلى الحكومة في وقتها المحدد .
ثانياً ـ التأكيد على أكمال النقص في البيانات الدقيقة والمطلوبة التي هي الأساس في وضع البرامج المطلوبة للذكاء الاصطناعي قبل العمل على وضع الحلول كي تكون اـلنتائج مطابقة لها .
ثالثاً ـ مازال العراق متأخر جدا في صياغة قانون الأمن السبيراني الذي يعتبر الخطوة الأولية للعمل والبوصلة التي يهتدي بها الأطراف المخططة والمنظمة والمنفذة لتطبيق الذكاء الاصطناعي .
رابعاً ـ وضع صيغة واضحة للجهات المسئولة عن مراقبة الذكاء الاصطناعي وإنهاء حالة عدم الوضوح والرؤى وحل التداخل والازدواجية بينها باللجوء إلى مركز البيان للدراسات والتخطيط .
خامساً ـ من الضروري جدا أن تكون للحكومة ومؤسساتها المعنية رؤى إستراتيجية واضحة ودقيقة للذكاء الاصطناعي ومخرجاته الايجابية والسلبية ومراقبة كيفية تطوره .
سادساً ـ المسئولية تقع على عاتق المؤسسات الأكاديمية المتخصصة في مجال البحث ومؤسسات العلوم والتكنولوجيا التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وضرورة الأشراف والتنسيق مع الجهات ذات الاهتمام بالذكاء الاصطناعي .
سابعاً ـ إدخال مناهج الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية الخاصة بوزارة التربية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي وإمكانية أعادة وزارة العلوم والتكنولوجيا تتمتع باستقلال كامل كسابق عهدها .
وكلنا أمل أن يحضى الذكاء الاصطناعي يأهتمام ومتابعة مخرجاته على مستوى دول العالم من قبل العراق دولة وحوكمة ومؤسسات ومن الشركات الخاصة والمختلطة ذات التخصص في مجال هذا الذكاء الذي تمت مناقشته في مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة الذي دعا إلى وضع إستراتيجية عالمية موحدة للتصدي لمخاطر تحكم الذكاء الاصطناعي والإعلان عنه كتهديد وجودي . وأن لا تغييب أدوات هذا الذكاء الجديدة الضرر الدولي البالغ الذي يسببه التضليل الإعلامي عبر الانترنيت . داعيا إلى اعتماد قواعد سلوك دولية وأن نشر خطاب الكراهية عبر الانترنت والمعلومات المضللة والمغلوطة تسبب ضررا دوليا بالغا . وأيد أنشاء وكالة أممية متخصصة بالذكاء الاصطناعي مستوحاة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية . وأن الدول الأعضاء فقط هي صاحبة القرار .
