أثر قوانين العمل في تشجيع الاستثمار
أوس رائد سالم
عضو اللجنة القانونية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
تدريسي وباحث في الدكتوراه
جامعة دهوك/كلية القانون
من المسلمات في الوقت الحاضر ان فتح باب الاستثمار – الاجنبي والمحلي- بات من اهم الوسائل للتنمية الاقتصادية وديمومتها في اغلب دول العالم ، ومنها دول المنطقة على وجه الخصوص، فالقطاع الخاص وما يمتلكه من ادوات وخبرات علمية وفنية يفوق ما تمتلكه الحكومات وشركات القطاع العام، بل ان المبالغ الطائلة التي تتطلبها مشاريع التنمية ترهق خزينة الدولة لو انها نفذتها بالاعتماد على المتاح من مواردها، لذلك نلحظ ان التشريعات الخاصة بتنظيم الاستثمار وضماناته احتلت مقدمة إهتمامات المشرع في هذه الدول، لتتضمن التسهيلات المالية والكمركية وغيرها من التسهيلات التي تغري اصحاب رؤوس الاموال والشركات للتوجه نحو الاستثمار فيها، ولعل دول الخليج- وفي مقدمتها دولة الامارات العربية المتحدة- كان لها السبق في هذا المضمار، وقد بلغت مبلغاً متقدماً يضرب به المثل في إصدار التشريعات الحديثة التي فتحت الطريق للإستثمار الاجنبي، وامست محط انظار العالم في رقيّها الاقتصادي في نواحي البناء والاعمار والاقتصاد، وصارت صاحبة شان عظيم ودور اساسي في إدارة وتوجيه الاقتصاد العالمي، مما دفع الكثير من الدول الاخرى الى الاقتداء بتجربتها الرائدة في هذا المجال.
أن عملية وضع وإصدار التشريعات الخاصة بالاستثمار، وبيان الضمانات الضرورية للمستثمر من جهة، وللدول المستثمر فيها من جهة اخرى، لا يمكن ان تحقق الغاية ما لم تكن مكملة ومتوائمة مع القوانين والتشريعات الاخرى السائدة في الدولة. ولا سيما قوانين العمل، هذه القوانين التي تحدد المركز القانوني للعامل ولرب العمل على حد سواء.
فمن جهة اولى لا يمكن تحقيق نظام قانوني متكامل للعمل وتوفير بيئة مساعدة لتشجيع الاستثماروتطويره بشكل منفصل عن تحقيق مستوى إجتماعي وتقني مقبول لليد العاملة. هذه اليد التي تلعب دوراً محورياً في عملية الاستثمار ونموه. فتطوير مهاراتهم العملية والتقنية وإحاطتهم بضمانات تكفل لهم حياة كريمة تسهم في توفير بيئة صالحة للإستثمار. إذ ان ذلك يشكل دافعاً لليد العاملة المحلية في الانخراط في العمل، وبل ودافعاً لليد العاملة الاجنبية ايضاً للتوجه نحو الدولة والعمل فيها.
ومن جهة ثانية، فإن المستثمر- بحسبانه رب العمل- يدرس جميع الجوانب القانونية التي تؤطر عمله في الدولة التي ينوي الإستثمار فيها، فكلما كانت هذه القوانين على قدر من الشفافية والتنظيم، وتحديد حقوق وواجبات العاملين في المشاريع محل الاستثمار، كلما زاد لديه الدافع في استثمار امواله في هذه الدولة.