الجرائم الإرهابية في التشريعات والاتفاقيات الاقليمية والدولية وطرق مكافحتها
الجرائم الإرهابية في التشريعات والاتفاقيات
الاقليمية والدولية وطرق مكافحتها
تأليف الدكتور عامر الدليمي
عرض المستشار سعيد النعمان
الذي يقرا كتاب الدكتور عامر الدليمي (الجرائم الإرهابية ) سوف لن يحتاج الى قراءة كتاب اخر يتناول هذه الجريمة باستثناء من يريد ان يقدم بحثا او دراسة . لقد ابحر الكاتب في كل ما يتعلق بهذه الجريمة بداياتها واهدافها وصورها وتداعياتها ومبررات ارتكابها ومواقف الدول والمجتمع الدولي منها واساليب معالجتها وطرق الوقاية منها . بعد انتهائي من قراءة هذا الكتاب القيم والثمين تواجدت لدي فكرة ايجازه للقارئ بعيدا عن ذكر المصادر والمراجع . ارقامها وتواريخها وكذلك عناوين الصفحات والفصول والمباحث الكثيرة التي اعتمدها الكاتب حسب السياق المعمول عند كتابة البحوث والدراسات . ولان الايجاز يمنح للقارئ الوقوف على ابرز المحطات التي تناولها الكاتب وليس كلها . في المقدمة استعرض الكاتب مضامين صفحات كتابه والاسباب التي الزمته الكتابة عن هذه الجرائم فحصد التوفيق والنجاح الباهر. في تعريف هذه الجرائم يشير الى ان هناك اراء متباينة وانقسامات بشان هذه الجرائم فيرى البعض ان الارهاب مذهب يعتمد الوصول الى أهدافه على الذعر والاخافة واخر يعرف الارهاب بانه عمل يتسم بالعنف يصدر من جماعة غالبا ما تكون ذات طبيعة دولية ومنهم من يشير على انه عمل اجرامي بهدف نشر الذعر والخوف . وحيث ان هناك انقسام عميق في الفقه حول مفهومه وتعريفه لذلك لم يتم لحد الان الاتفاق على تعريف الارهاب بسبب وجود اجتهادات مختلفة ومتباينة . ينتقل الكاتب عناصر الارهاب ويرى انه عمل عنيف وخطر جسيم . واستخدام غير مشروع للعنف او التهديد . وله جماعة منظمة سواء كان ارهاب دولة او افراد .وانه يتجنب المواجهة العلنية ويعمل وفق سياقات سرية . وانه لا يتخصص بهدف واحد . وانه يمل على قاعدة انتقائية الاهداف . وانه يعتمد على الانتحارين بواسطة الاحزمة الناسفة او السيارات او الاليات المفخخة وغيرها من المعدات . وانه عمل ضد كيان معين ومن النادر ان ينفذ لهدف غير موجه او مقصود . وان له رمزية معينة ورسالة يقصدها .ويسلط الكاتب الضوء على وصف الارهابين ويرى انها منظمة او جماعة تقوم بعمل ذا طابع ارهابي تخريبي منظم يستهدف امن الدولة والهدف منه اولا ـ بث الرعب في اواسط السكان وخلق اجواء انعدام الامن ـ ثانيا عرقلة حرية المرور والتنقل في الطرق والساحات العامة ـ ثالثا ـ الاعتداء على المحطات وعلى وسائل المواصلاتـ رابعا ـ عرقلة عمل السلطات العمومية او حرية العبادة والحريات العامة . خامسا ـ عرقلة سيرعمل المؤسسات العمومية والاعتداء على العاملين فيها وتعطيل القوانين والانظمة فيها. اما صفات المجرم الارهابي التي يتصف بها يرى الكاتب انه يحمل فكرا سياسيا او دينيا او ايديولوجيا مناهض للسلطة . انه يسبب الضرر في الاملاك والارواح . وانه يهدف الى يبث الرعب والخوف . وغايته التأثير على السلطة السياسية الحاكمة . ويسترض الكاتب النهج الارهابي اهدافه واساليبه والمنفذين له بالتفصيل ويرى انهم الد اعداء الانسانية والبشرية . ثم ينتق الى الارهاب في التشريعات والقوانين العربية التي تضمنت جميعها هذه الظاهرة والافعال التي تعد ارهابا او تكون في حكم الارهاب والعقوبات التي فرضت في حالة ثبوت ارتكاب هذه الجريمة وكذلك توسع المشرع العربي فوضع الكثير من الامثلة وصور لهذه الجريمة واتجه في اسلوب معالجتها ضمن القواعد العامة والخاصة لقانون العقوبات بينما نجد البعض من هذه الدول قد فضل اصدار قوانين خاصة واجراءات تحقيق غير عادية ومحاكمات خاصة او سرية لمحاكمة الارهابين . كما ان معظم القوانين العربية فرضت عقوبة الاعدام او السجن المؤبد او المؤقت لهذه الجريمة . كما تضمنت هذه القوانين تفصيلا كاملا وصفا وتعريفا لخطورة الارهاب والحالات التي تعد ارهابا . وقد تتباين التعريفات والمصطلحات بين مشرع واخر الا انه في النتيجة تصب في مجرى واحد الا وهو كيفية مكافحة الارهاب والقضاء عليه . لقد احسن الكاتب المثابر في انتقاء التشريعات العربية وحاور نصوص قوانينها بمهنية عالية وتعمق في ابداء رايه فيها وبشفافية ونقد بناء ممتع يستهوي القارئ . والدول التي اشار الى تشريعاتها هي : المملكة الاردنية الهاشمية ومملكة البحرين و الجمهورية الجزائرية والامارات العربية المتحدة والجمهورية اللبنانية وجمهورية مصر العربية والجمهورية العراقية ودولة قطر والجمهورية العربية السورية والجمهورية التونسية وسلطنة عمان . ثم انتقل الكاتب الى الارهاب في التشريعات الاجنبية التي هي الاخرى تتباين وقد تتناغم قوانينها بين دولة واخرى كلا حسب طبيعة ظروفها وما تعرضت له من جرائم ارهابية قد لا تختلف من حيث نتائجها واهدافها من دولة الى اخرى لذلك صيغت تشريعات الارهاب وفقا لظروف واحوال كل دولة مع الاخذ بعين الاعتبار انها دول تنعم بالديمقراطية والحريات . وقد استعرض الكاتب المثابر والمتمرس في الشؤون الدولية اسباب ومبررات صدور هذه القوانين وشخص عوامل الضعف والقوة في صياغتها وكذلك بدايات التدرج في التشريع من دولة الى اخرى والتباين بين تشريعات هذه الدول واسلوب المكافحة وبالطريقة المناسبة لكل دولة . لم يترك الكاتب نصا او حالة في التوسع في هذه التشريعات الا عقب عليها بمداخلة مساندة لرايه وكما فعل بالنسبة للتشريعات العربية فقد اختار عددا من التشريعات الاجنبية منها : التشريع الفرنسي و البريطاني والايطالي والاسباني والالماني والامريكي والكندي والاسترالي وتشريع روسيا الاتحادية . ولكلا من هذه التشريعات بين رايه فيها ووجهة نظره وصور الانسجام والتعارض فيما بينها لذلك على القارىءان يتصفح ويمعن ويدقق الآراء السديدة ويستفيد منها اذا كان من الباحثين في اعداد بحث او دراسة عن الارهاب . وفي انواع الارهاب ومصادره فسلط الضوء على ارهاب الافراد وخصائصه وما يشابهه ومنها سرعة الانتشار والاستمرارية وتنوع الاهداف والاساليب والوسائل . ثم انتقل الى ارهاب المنظمات والجماعات الارهابية ( الارهاب المنظم ) والتي تتآلف من اكثر من شخص واحد الى عدة افراد ومهامها اثارة الخوف والرعب وتمارس اعمالا مخالفة للقانون وقد ساعدت الاجهزة التقنية الحديثة ووسائل الاتصال السريعة على تنفيذ اعمالها الاجرامية حتى طالت حدود منطقتها الاقليمية وكان للاتفاقيات الدولية والاقليمية تأثيرا على تحجيم دور هذه المنظمات . وينتقل الكاتب الى ارهاب الدولة الداخلي وارهاب السلطة ويقصد به عادة السياسة القمعية التي قد تنتهجها حكومات ضد شعوبها محاولة ( لجم الافواه وقطع الرؤوس المناوئة ) وبعد ان يستعرض مديات قدرة الدولة في المناورة وبصور متعددة وبذرائع مختلفة لغرض فرض سيطرتها وتطبيق القوانين التي سنتها لتنفيذ جرائم ارهابها الداخلي . ثم يتناول الكاتب الى محطة مهمة جدا الا وهي ارهاب الدولة الخارجي ويتمثل في ارهاب الدولة على شعب وحكومة اخرى لتحقيق اطماعها في هذه الدولة في ابادة شعبها او تغير هويته والاستيلاء على ثرواتها او تغير نظام الحكم فيها لتحقيق مصالح الدولة التي تمارس الارهاب. هذا هو الوصف الدقيق الذي توصل اليه الكاتب ويعتبر ارهاب الدولة من اخطر انواع الارهاب الدولي لا نها فرض ارادة القوي على الضعيف ويشمل مصطلح ارهاب الدولة في نطاق القانون الدولي اعمال التدخل والعدوان غير المشروعين ومخالفة القواعد والاعراف الدولية اذن هو الارهاب الذي تتوافر له الصفة الدولية في احد عناصره ومكوناته. وفي خصوص تحديد متى يعتبر العمل ارهابيا دوليا فقد قررت منظمة الشرطة الجنائية الدولية ( الانتربول ) ان يتوافر في الحالات الاتية : 1 اذا كانت الاهداف المعلنة من جانب مرتكبيه تمس اكثر من دولة 2 ـ اذا بدا ارتكاب الفعل في بلد وانتهى في بلد اخر 3ـ حينما يعمل مرتكبو الفعل من الخارج 4ـ حينما يتم التخطيط والاعداد له في بلد والتنفيذ في بلد اخر 5 ـ اذا كان ضحاياه ينتمون الى دول مختلفة 6ـ اذا كان الضرر الواقع يمس دولا او منظمات دولية مختلفة . ويستعرض الكاتب وصف الفقه لا مكانيات تورط الدول بالعمل الارهابي الخارجي ويذكر الحالات وبتوسع فيها . ويتناول الكاتب اسباب ودوافع العمل الارهابي ويشير إلى الارهاب بدافع سياسي وقد حاول بعض الفقهاء في القانون ان يتعمقوا اكثر في تحليل الصراع السياسي بين الفئة الحاكمة من جهة وبين الطرف او الاطراف الاخرى التي تسعى لتكريس حقوقها وحرياتها في المجتمع عبر ممارسة العنف الممنهج الذي يتخذ شكل الارهاب في بعض الاحيان ويضيف البعض منهم ان الارهاب يظهر ويرسخ في ظروف القهر والظلم واغتصاب الحقوق وهذه وسيلة لها مبرراتها واهدافها التي تسعى لتحقيقها الدول او المنظمات . اما الارهاب بدافع اقتصادي . يرى الكاتب ان الاسباب الاقتصادية تشكل عاملا مهما من العوامل التي تحرك العمليات الارهابية ويذكر مؤشرين الاول ان اعضاء الجماعات الارهابية يتألفون من قطاع كبير منهم من الشباب الذين يعانون اوضاعا اقتصادية سيئة في معظم الاحوال اما المؤشر الثاني هو ان الجماعات الارهابية تتركز في المحافظات التي تعاني اوضاعا اقتصادية متدهورة نسبيا قياسا الى المحافظات الاخرى . وان الازمات الاقتصادية قد تكون احدى العناصر المساعدة على حدوث العنف والارهاب . ثم ينتقل الى الارهاب بدافع اجتماعي ويؤكد ان الاسرة هي نواة المجتمع ولبنته الاولى ثم المدرسة والوسط الاجتماعي ولكل منهم دورا مهما في الاعداد والتربية الجيدة ايجابيا او سلبيا ولكل منهما محاسنه ومساوئه وتأثيره على مسيرة الفرد بالاتجاه الصحيح او الخطأ. وبصدد الارهاب في وسائل الاعلام يرى الكاتب ان وسائل الاعلام تتحمل قسطا من المسؤولية عند ممارسة عملها الاعلامي . وهذه الممارسة لا تمنح دون مقابل بل حقا مشروعا بمسؤوليتها لان الواجب يحتم عليها تزويد المعلومات والحقائق على ما يحدث ويمكن للأعلام ان يؤدي دورا عنيفا يثير الرعب والخوف في النفوس وان الارهاب يعتمد على غريزة رجل الاعلام وابراز المثير من الاخبار السلبية وانه ينقل جميع العمليات الارهابية وبالذات الاعلام الغربي الموجه . وان العنف المتلفز يعزز انماط السلوك عند المشاهد لان اهمية اي عمل ارهابي انما تقاس بمدى ما يحصل عليه من تغطية اعلامية . ثم ينتقل الكتب الى موضوع الارهاب العسكري والبيولوجي النووي . ويرى انه من حق الدول امتلاك ترسانة عسكرية نووية وهو حق مشروع للدفاع عن نفسها ضد اي عدوان خارجي لحماية امنها واستقرار شعوبها الا انه لا يجوز استخدام هذه القوة للتهديد او التجاوز غير المشروع على دول اخرى لتحقيق اطماع معينة او فرض امر الواقع . وهذا النوع من الارهاب هو الذي يؤدي الى اضرارا متعمدا للبشر بعوامل كيميائية وبيولوجية وعلى الرغم من خطورته على المجتمعات فانه قد يزعزع الامكنة المناسبة التي يساعد على نمو البكتريا . ويتناول اربعة انواعا لهذا الارهاب وهي سرقة واستخدام سلاح نووي . والحصول على مواد قابلة للانشطار . وشن هجمات على مفاعلات او مرافق نووية . واستخدام مواد اشعاعية لصنع اداة لا طلاق الاشعاعات . ينتقل الكتب بعد ذلك الى تمييز الارهاب عن النشاطات المشابهة ذات الطابع العسكري وغيرها فيبدا بالتمييز بينه وبين المقاومة المسلحة وحركات التحرر العربي . ثم يتناول حالات حق الدفاع الشرعي والدفاع عن النفس ومنها حالة اعتداء مسلح غير مبرر وان يكون مما يهدد السلم والامن الدوليين والرد عليه بما يتناسب وخطورته وان هناك ضرورة عسكرية ملجئه للرد ووفقا للقانون الدولي والاعراف والمعاهدات . اما الشروع في حق الدفاع الشرعي فلا من توافر شروط منها . يجب اتباع الاجراءات السليمة وتوفر شروط الضرورة الحقيقية للرد العسكري والتناسب والتنوع والكم والنوع . وفي موضوع الارهاب والحرب يذكر حالات الاختلاف بينها ونشير اليها بإيجاز 1ـ الارهاب عملا قتاليا مسلحا بين الافراد او بين دولة والمنظمات اما الحرب فهو قتال مسلح بين و\دولة واخرى 2 ـ يخضع الارهابيون في حالة القبض عليهم للقوانين الداخلية للدول اما الحرب فتخضع الى قواعد القانون الدولي ( قانون الحرب) 3 ـ العمليات الارهابية تتسم بالسرعة والتخطيط والتنفيذ كي لا تكتشف من قبل الاجهزة المختصة اما الحرب فتكون على الاغلب علنية 4ـ تخضع الحرب الى للقانون الدولي والمنظمات الدولية بينما لا تتدخل المنظمات في الاعمال الارهابية 5ـ العمليات الارهابية تشمل اهدافا ومناطق محددة اما الحرب فتشمل مناطق متعددة 6ـ اثار الحرب تؤدي الى قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدول المتحاربة اما الارهاب فلا ينص على قطع العلاقات .ثم يتناول الكاتب الارهاب والديمقراطية ويقدم شرحا مفصلا للفرق بينهما ثم يعرج الى الحرب الوقائية والاستباقية واوجه الخلاف مع الارهاب ويذكر منها 1ـ الحرب الوقائية عمل عسكري منظم ضمن خطط عسكرية في حين ان الارهاب فهو عمل ذا طابع عسكري ضد منشئات او مؤسسات 2ـ الحرب الوقائية شاملة اما الارهاب فأعمال متتابعة ومتفرقة 3ـ الحرب الوقائية تقع بين دول بسب خلاف على مصالح اما الارهاب فليس له قانون ينظمه او يحكمه 4ـ الحرب الوقائية لها تشكيلاتها وقياداتها واسلحتها المنظورة اما الارهاب فهو عمل انتحاري وفوضوي .ثم يقدم دور الاجهزة الوطنية ومؤسساتها في مكافحة الارهاب ودور الاسرة والمؤسسات التعليمية والاعلامية والقضائية والشباب والرياضة والاحزاب السياسية. والمؤسسات الدينية . وقبل ان يطوي صفحات كتابه يعرض للقارئ دور الاتفاقيات الدولية لمنع الارهاب ومكافحته ويقوم بتغطية كاملة وشاملة لنصوص ومضامين هذه الاتفاقيات ومنها : اتفاقية جنيف 1937 وطوكيو 1963 ولاهاي 1970 ومونتريال 1970 والاوربية 1977 واتفاقية مناهضة اخذ الرهائن 1979 . تم يعرض جهود المنظمات الدولية في مكافحة الارهاب .فيبدا بجهود الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي والمؤتمر الدولي لمكافحة الارهاب والاتفاقية العربية . انه ايجاز متواضع لصفحات هذا الكتاب الذي احتوى على وثائق ومصادر ومراجع ومداخلات وتعليقات الكاتب المبهرة والشجاعة والآراء الصريحة والتقصي والمتابعة وجهود مضنية وكبيرة في تأليف هذا الكتاب الذي يعتبر احد ابرز المصادر التي لا غنى عنها لمن يريد ان يبحث ويكتب في هذا المجال . لذا اقترح على الامانة العامة ترجمته الى اللغة الانكليزية وتغطية نفقات الترجمة تكريما وتثمينا لهذا الكاتب المبدع والمتألق دائما وابدا وبالتوفق والى المزيد .