اللجنة القانونية

نظرية التعسف في استعمال الحق

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

لقد ورد أكثر من تعريف للتعسف في استعمال الحق الأ أن التعريف الأقرب وضوحا هو(أن أي استعمال للحق بقصد الضرر بالغير دون أن يكون لصاحب الحق مصلحة في ذلك) والملفت  للنظر أن هذه النظرية لم تسجل حضورا أو تأيدا لدى فقهاء الشريعة الإسلامية مع بدايات ظهورها لأنها تتعارض مع القاعدة الفقهية (الجواز الشرعي ينافي الضمان) إلا أنها وجدت طريقها إلى التطبيق والقبول لدى الفقهاء وتم الأخذ بها وروج لها من قبل الفقهاء المسلمين مع بدايات القرن السادس عشر الهجري . ولم يقتصروا في تطبيقها على تعمد صاحب الحق الإضرار بالغير واعتبروا الفعل تعسفا طالما تخلفت المصلحة لدى صاحب الحق وتخطت ما متعارف عليه لأن استعمال الحق وظيفة يقررها القانون ويحميها بشرط عدم الإضرار بالغير . وأن موقف الفقه الإسلامي كان صريحا بالوقوف بالضد من التعسف تطبيقا للحديث النبوي الشريف وهو ( لأضرر ولا ضرار) الذي أعتبر قاعدة فقهية عامة .

 لقد نصت المادة (7) من القانون المدني العراقي رقم ( 40 لسنة 1951) وتعديلاته حالات التعسف في استعمال الحق وهي

1 ـ من أستعمل حقه استعمالا غير جائز وجب عليه الضمان.

 2 ـ ويصبح استعمال الحق غير جائز في الأحوال الآتية :

 أ ـ أذا لم يقصد بهذا الاستعمال سوى الأضرار بالغير.

 ب ـ أذا كانت المصالح التي يرمي هذا الاستعمال إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب مطلقا مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها .

ج ـ أذا كانت المصالح التي يرمي هذا الاستعمال إلى تحقيقها غير مشروعة.

 أذن لتطبيق هذه المادة ـ لا بد أن يكون القصد من هذا الاستعمال سوى الأضرار بالغير ـ وإذا كانت المصالح ليست ذات أهمية ولا توازي مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها ـ وإذا كانت المصالح التي  يهدف إلى تحقيقها هذا الاستعمال غير مشروعة .  وأن تطبيق هذه المادة تحتاج كذلك إلى أثبات مخالفة المتعسف للنظام العام والآداب العامة .

 ويلاحظ أن المادة (1051) من القانون المدني أعلاه نصت على :

1 ـ لايجوز للمالك أن يتصرف في ملكه تصرفا مضرا بالجار ضررا فاحشا والضرر الفاحش يزال سواء كان حديثا أم قديما.

2 ـ وللمالك المهدد بأن يصيب عقاره ضرر من جراء حفر أو أعمال أخرى تحدث في العين المجاورة أن يطلب وقف الأعمال الجديدة أو اتخاذ ما تدعوا إليه الحاجة من احتياطات عاجلة ريثما تفصل المحكمة في النزاع.

 3 ـ وإذا كان أحد يتصرف في ملكه تصرفا مشروعا فجاء أخر وأحدث في جانبه بناء وتضرر من فعله فيجب عليه بدفع الضرر عن نفسه.

 كما أن حق التقاضي مقيدا بضرورة وجود مصلحة جدية ومشروعة . والمتفق عليه أن الأصل من أستعمل حقه استعمالا مشروعا لا يسأل عما ينشأ من ضرر على اعتبار أن المسئولية عن تعويض الضرر هو حصول خطأ . ولا خطا في استعمال صاحب الحق لحقه في حصد المنفعة المشروعة التي يوفرها له هذا الحق طالما لم يتخطاه أو يسيء استعماله فهناك من يتعسف في استعمال حق إجراءات التقاضي  من قبل الخصوم . كما أن على المحكمة البحث في توفر الشرط التعسفي أولا لأن إساءة استعمال الحق يعد خطأ تقصيريا يوجب التعويض للمتضرر .

 أما معايير التعسف في استعمال الحق فهناك (المعيار الشخصي والموضوعي وعدم مشروعية المصلحة والضرر الفاحش) وأن أثبات التعسف في استعمال الحق يخضع إلى طرق الإثبات ووسائله المنصوص عليها في قوانين الإثبات والمدني والمرافعات المدنية التي أجرى المشرع عليها الكثير من التعديلات  . ونحن نرى الأتي : ـ

ـ  الاهتمام بدعاوى التعويض الناجمة عن التعسف في استعمال الحق وتحديد سقوفا زمنية لحسمها تنفيذا للفقرة ( 2 ) من قرار مجلس قيادة الثورة رقم 669 لسنة 1987 . الذي لم يلغى أو يعدل .

ـ أن المادة (7 ) من القانون المدني في أعلاه غير واضحة وفيها الكثير من التداخل وهي صعبة التطبيق الأمر الذي يقتضي تعديلها وإعادة النظر في صياغتها .

ـ أمكانية صياغة قانون مدني حديث يتضمن المتغيرات والتطورات واليات التعامل التي طرأت في حياة المجتمع وبالذات التعامل المالي والإداري والاقتصادي والمجتمعي فليس من المعقول والمقبول الإبقاءعلى العمل بمواد القانون الذي مضى على صدوره أكثر من (52) سنة .

ـ لا بد من وقوع ضرر حقيقي وجسيم  لكي يعد الفاعل متعسفا اتجاه غيره فيلزم بالتعويض وبتقرير من الخبراء التي تقوم المحكمة باختيارهم .

ـ من الضروري إضافة عقوبة الحبس البسيط أو الغرامة كعقوبة لردع المتعسف في استعمال الحق في حالة وجود الضرر الجسيم .

ـ نقترح على المشرع تضمين وسائل الإثبات الالكترونية ( الحاسوب والانترنيت ومنصات التواصل والتقنيات الحديثة ) عند صياغة التشريعات الجديدة وأجراء التعديلات المناسبة للقوانين ذات الصلة بهذه

 الوسائل وغيرها .     

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى