اللجنة القانونية

الهدنة المؤقتة بين النظرية والتطبيق

المستشار سعيد النعمان ، عضو اللجنة القانونية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

بعد أكثر من شهر ونصف على الحرب الهمجية الحاقدة التي شنها العدو على الأطفال والنساء والشيوخ فدمر المستشفيات والمساجد وكل ما هو محرم ارتكابه خلافا وتحديا لقواعد الحرب التي وردت في القوانين الدولية. إلا أنه وافق مهزوما وطالبا وقف أطلاق النار والهدنة لفترة محددة وبجهود مصرية وقطرية تم الاتفاق على وقف القتال والذهاب إلى الهدنة .

بدأ سريان الهدنة بين الكيان المحتل والمقاومة المجاهدة التي ضحت بكل شيء وحققت النصر الموعود بصمود أهلنا في غزة ومدنها وتضحياتهم بكل ما يملكون ثم بدأت العودة للإعداد والتهيئة والحذر لأن العدو الغادر مخادع لا يوفي بالعهود والهدنة ولا يذعن إلا بالقوة . فقد تكون هناك جولات ومعارك يهدد بها العدو بعد انتهاء الهدنة وقد تنتهي الهدنة التي قد لا تمدد لأيام أخرى ويبدأ العدو بالعدوان من جديد.

 أن موقف القانون الدولي يتناول الهدنة وشروطها وإجراءاتها  والآثار الناجمة عنها وأن وقف العمليات الحربية بين طرفي القتال يحصل بناء على الاتفاق فيما بينهما والذي لا يخلو من الطابع السياسي إلى جانب الصفة العسكرية .

 وتعد الهدنة كمقدمة لإيجاد صيغة لعقد الصلح والذي يملك الحق في عقد الهدنة هي حكومات الدول المتحاربة ذاتها وليس قادة القوات المتحاربة الذين يملكون وقف القتال مؤقتا ولفترة محددة فقط . وفي البداية يتولى المفاوض لعقد الهدنة وتحديد شروطها في حضور الطرفين المتحاربين يتم تعينهم خصيصا لذلك ولا تصبح الهدنة ملزمة إلا أذا أقرتها حكومات الإطراف فيها . والهدنة أيا كانت مدتها تعني مجرد وقف القتال ولا تنهي حالة الحرب فحالة الحرب لا تنتهي الأ بإبرام الصلح . أما أذا كانت الهدنة عامة تشمل توقف جميع العمليات الحربية بكل أشكالها كالهدنة التي أقرها مجلس الأمن الدولي عام (1948) في الحرب الإسرائيلية العربية .

 وللهدنة وقت محدود تنتهي بانتهاء وقتها أو تكون الهدنة داخلية أو محلية كما حدث في سوريا سابقا ويحق لكل محارب العودة إلى القتال أذا لم يتم الاتفاق على الصلح بينهما . أما في الحالة التي يبدأ فيها سريان الهدنة وتحديد موعدها يجب على كل طرف تبليغ قواته بوقف القتال فورا . ويمنع على الطرفين القيام بأي هجوم وعادة لا يمنع الاستعداد أللازم للقتال حال انتهاء الهدنة كتنظيم صفوف المقاتلين والتأكد من كميات الذخيرة المخزونة وغيرها على وفق المادة (38) من لائحة لاهاي التي نصت ( ينبغي إخطار السلطات المختصة والجيوش رسميا في الوقت المناسب بأتفاقية الهدنة وتوقف العمليات العدائية بعد استلام الإخطار وفورا أو في الأجل المحدد وفي حال حدوث أخلال أو خرق جسيم من قبل أي من قبل الطرفين المتحاربين فان ذلك يعطي الحق للطرف الأخر أن ينقضها ولكن أذا كان الإخلال قد تم ارتكابه من قبل أفراد من أي من الطرفين من تلقاء أنفسهم فللطرف الأخر أن يطلب معاقبة المسئولين عن هذا الطرف ودفع التعويضات عن الأضرار التي نتجت عنه وفقا للمادتين المثاليتين وهما ( 40 ) التي نصت على ـ كل خرق جسيم لاتفاقية الهدنة من قبل احد الإطراف يعطي الطرف الأخر الحق في اعتبارها منتهية واستئناف العمليات العدائية في الحالة الطارئة . و(41) التي نصت على أن خرق شروط الهدنة من طرف أشخاص بحكم إرادتهم يعطي الحق في المطالبة بمعاقبة المخالفين فقط ودفع تعويض عن الإضرار الحاصلة أن وجدت .

ونرى أن هاتين المادتين صعبة التطبيق من الناحية العملية في أجواء الاصطفاف الدولي مع الكيان الصهيوني علنا وتزويده بالمعدات والأسلحة المتطورة ناهيك عن الطائرات الحربية والعدد والعتاد والمشاركة .

 أن المقاومة تعلم أنها تقاتل هذا الاصطفاف العدواني على غزة يتخطى  نسبة عالية ويتفق تماما مع أهداف العدو . لكن غزة برجالها الميامين قادرين على دحر العدوان وتحقيق النصر الناجز بأذنه تعالى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى