اللجنة القانونية

العملات الافتراضية بين الاباحة و التجريم

العملات الافتراضية بين الاباحة والتجريم

بحث للدكتور براء منذر كمال   ، رئيس اللجنة القانونية   ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

عرض المستشار سعيد النعمان   ، عضو اللجنة القانونية   ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

حصد البروفسور الدكتور براء منذر كمال جائزة المركز الاول في المؤتمر الثالث لجامعة الفلاح عن بحثه الموسوم (العملات الافتراضية بين الاباحة والتجريم ) استوقفني هذا البحث وفرض علي ان اعرض ايجازا لاهم ما تضمنه . مع الحفاظ على سماته دون المساس بوجهة نظر الباحث من ملاحظات وافكار واراء قيمة استخلصها في كل ما كتب من دراسات وبحوث قديمة وحديثة عربية واجنبية وسوف لن اشغل القارئ بعناوين وتواريخ وارقام المصادر الكثيرة  . في بداية البحث اوضح الباحث اهمية البحث ومسوغات اختياره والمشكلة في موضوعه وهيكلية البحث . فقد وقع اختياره على الكتابة فيه وصولا الى المقترحات والحلول القانونية الواقعية . فيبدا في ماهية العملات الافتراضية التي وصفها الباحث بانها عملات غير ملموسة على عكس العملات الورقية والمعدنية ويعني هذا بان اية عملة غير ملموسة ولا يوجد لها مقابل مادي وتسمى العملة الافتراضية بالعملة (المشفرة ) والتيهي عبارة عن تمثيل لممتلكات رقمية او هي عبارة عن برنامج مكتوب بلغة مبرمجة معينة وباستخدام تقنيات تشفير عالمية تجعل من عملية اختراقها والتلاعب فيها امرا شبه بالمستحيل . ويمكن استخدام هذه العملات بشراء السلع والخدمات المادية .اما تعريف هذه العملة فيذكر الباحث عدة تعاريف منها  انها تمثيل رقمي للقيمة يصدر بواسطة مطورين خاصين . او انها تمثيل رقمي لقيمة نقدية ليست صادرة من بنك مركزي او عن سلطة عامة . او هي العملة التي  تعمل خارج النقد الرسمي او انها مجموعة من البروتكولات والتوقيعات الرقمية تحل فيها الرسالة محل تبادل العملات النقدية التقليدية وهناك عددا اخر من التعاريف لا مجال الاشارة اليها في هذا العرض . وفي انواع العملات الافتراضية وباختصار اذكر فقط التسميات البتكوين  والبلوكشين والتعدين او التنقيب و المحفظة الرقمية والند للند والتوقيع الالكتروني . ويتنا ول الباحث بالتفصيل هذه المصطلحات وكيفية استخدامها بالأمثلة والدلائل اليقينية ويبدي راية فيها بعد اطلاعه عل مصادر ومراجع كثيرة اشار اليها في مضامين البحث . ويرى الباحث ان العملة التشفيرين هي الاكثر شهرة على الشبكة العنكبوتية الا انها ليست العملة التشفيرية الوحيدة وتعرف  باسم المال العام ويبين الاسباب بمدخلات علمية دقيقة . ويسلط الضوء على بدائل البتكوين مستعرضا الاسباب والدوافع لكل عملة ومدى اهميتها ومستوى التداول بها . وتحت عنوان خصائص العملة الافتراضية اولا . انخفاض تكلفة المستخدم ثانيا . صعوبة التعقب . ثالثا التمتع بالصفة العالمية . رابعا ميزة التحكم وحماية الهوية والاموال ( الامان ) خامسا .اتساع نطاقها والسرعة الفائقة في نقل الاموال سادسا . تمتعها بالخصوصية والسرية .سهولة الاستخدام وشفافيته . توفر التحصين الامني . اما بشان عيوب ومزايا العملة الافتراضية فيذكرها الباحث بشيء من الايجاز . فمن بين العيوب 1ـ صعوبة التعدين 2ـ امكانية القرصنة 3ـ استهلاكها كميات هائلة من الكهرباء 4ـ لا يمكن ان تبني هذه العملات الافتراضية مثل اليتكوين الثقة في استقرار عملتها لا نها تعتمد على المستخدمين لهذه العملات 5ـ غياب الجهة الإشراقية .اما مميزات العملة الافتراضية 1 امكانية نقل القيم بطريقة سريعة وامنة 2 ـ التخلص من قيود مركزية ناظمة و مقننة لعمليات تداول الاموال  3 ـ التخلص من رسوم التحويل المرتفعة . ثم يستعرض الباحث تمييز العملات الافتراضية مما يشتبه بها  ويرى الباحث انه لا يميز بعض الناس ان هناك فرق بين مصطلح العملة الرقمية المشفرة والمصطلحات الاخرى التي تبدو مشابهة او مقارنة لها ومن بين هذه العملات اولا ـ العملة الالكترونية . ثانيا ـ العملة الافتراضية . ثالثا ـ النقود الالكترونية . ويوضح صفة وميزة كل عملة ورواجها والحالات التي نتجت عن الاستخدامات السيئة . ينتقل الباحث بعد ذلك الى موقف الشريعة الاسلامية من العملات الافتراضية ويستعرض بكفاء عالية الحكم الشرعي على اصل التعامل بهذه العملة وان الاوصاف المؤثرة في الحكم الشرعي . ومن وجهة نظر الباحث هي 1ـ جهالة المصدر 2ـ جهالة مستقبل العملة  3ـ غياب جهة الاصدار او الجهة الضامنة 4 ىـ  جهات التنظيم والرقابة من قبل الحكومة 5 ـ كثرة المضاربات وعدم الاستقرار النسبي في القيمة 6 ـ كثرة الاستعمالات غير القانونية 7 ـ تحقق المالية والنقدية والثمينة في البتكوين . ويضيف الباحث ان البعض يرى ان الاوصاف السابقة مجتمعة هي مناط الحكم الكلي بالتحريم . في حين يرى البعض ان الاوصاف المتعلقة بماهية البتكوين منتجة للجواز وما كان خارجا عن الماهية فله حكم جزئي كما في المضاربات والمعاملات غير المشروعة او التعامل عن طريق طرف ثالث وذلك وفقا لأليات التعامل وشروط التعاقد في كل حالة . ويشير الباحث ان القول الاول ( الجواز ) اساسه 1 ـ البقاء على اصل الاباحة 2ـ قامت البتكوين بوظائف القود او العملات في الجملة رغم عدم اصدارها من جهة حكومية ولأيوجد حد اقتصادي او شرعي للنقود يمنع من ذلك 3ـ البتكوين مال منقول شرعا بحكم الاوصاف السابقة .اما القول الثاني التحريم اساسه 1ـ ان القضية من المستجدات وان الاصل الاباحة الاحيث يتأكد المنع الشرعي 2ـ ان الضرر والضرار ممنوعان شرعا وركوب الاخطار التي لا تدعو اليها حاجة الحياة واضاعة المال كل هذه من الممنوعات شرعا 3ـ بهذه الاوصاف لا يعد مالا متقوما شرعا . ثم يتناول الباحث التعدين الشخصي والجماعي وينتقل الى حكم الجعالة في حكم الشرع فهناك قولان الاول ان الجعالة عقد مشروع والى هذا ذهب المالكية والشافعية والحنابلة والثاني ان الجعالة لا تجوز في غير رد العبد الابق وهو مذهب الحنفية . ويعقب الباحث ان الذي يظهر رجحانه والله اعلم ما ذهب اليه الجمهور من مشروعية عقد الجعالة . ثم يستعرض الباحث موقف التشريعات القانونية في العملات الافتراضية . ويشير الى ان المانيا تعد هي الدولة الوحيدة التي اعترفت رسميا بان البتكوين نوعا من انواع النقود الالكترونية  الامر الذي يؤدي الى فرض الحكومة الضريبة على الارباح التي تحققها الشركات التي تتعامل بالبتكوين لان هذه العملة ليست بمعزل عن سوء الاستخدام ولعدم وجود قيادة مركزية او اي سلطة مالية تضبط اصدارها او تتحكم بعرضها وتراقب اسعارها وعدم القدرة على المطالبة القانونية للمتسبب لعدم معرفة هويته الحقيقية . ويرى الباحثان التعامل بالعملات  الافتراضية في ظل مجهولية الهوية او بأسماء مستعارة  وغير حقيقية فهي اشبه بالمغامرة التي قد يستفيد منها المغامر بعض الوقت وتكون المحصلة في النهاية الخسارة المؤكدة ولا يكسب منها سوى صاحب نادي القمار مضافا الى ذلك عدم وجود سلطة مركزية . وينتقل الباحث الى سلطة تنظيم الخدمات المالية لسوق ابوظبي العالمي ويتناول ماهية الطرح الاولي للعملة والرموز والدليل الارشادي والعملات الافتراضية التي تتم في اطار انظمة الاسواق والخدمات المالية والعديد من التوضيحات والتفاصيل المتعلقة بمعاملات الطرح الاولي للعملة .اما في العراق فقد  سلط  الضوء على مشروع قانون المدفوعات الإلكترونية وبالذات المادة الاولى الفقرة  (23) موضوع تعريف العملة الورقية وذكر في المواد اللاحقة الى امكانية اصدار البنك المركزي لهذا النوع من العملات . والخلل في هذه النص كما يرى الباحث انه حصر العملات الافتراضية بنوع واحد البتكوين والمعروف انه يوجد الان اكثر من (60 )
نوع من هذه العملات والبتكوين هو احداها مع اختلاف في الوضع القانوني لهذه العملات ن بلد واخر ويحاور الباحث وبعلمية ذكية واقع هذه العملات من كافة جوانبها ويحدد انه لا يتم تعريف هذه العملات على انها البتكوين حصرا لان الكثير من العملات الخرى لها سوق تخرج من نطاق القانون . كما ان السماح للبنك المركزي العراقي بإصدار عملة افتراضية ينبغي ان يكون بشكل جديدة تختلف عن الانواع المتداولة حاليا وان تكون لها خوارزميات مختلفة عنها  حيث تتوفر لها الذاتية الخصوصية.  وفي الخاتمة  يعرض الباحث ما توصل اليه من استنتاجات ومقترحات وبإيجاز ومنها :

1ـ ادى التطور التقني الى ايجاد نوع جديد من العملات لا وجود مادي لها ولا يوجد مقابل مادي كغطاء له سميت بالعملات الافتراضية او المشفرة تعددت انواعها حتى زاد عددها على ستين نوعا واصبح التعامل العالمي  فيها يبلغ المليارات من الدولارات .

2ـ ان اعتماد العملات الافتراضية اصبح حقيقة في عالمنا المعاصر مع انها تواجه تحديات بارزة من حيث قبول المجتمع وبالتالي قد تفتقر الى الشرعية كونها عملة لا تتمتع بتمثيل ملموس على شكل ورقة او نقود  في المجتمعات التي اعتادت ان يكون المال فيها ماديا .

3ـ يشكل اليوم نشر عملة افتراضية تحل مكان العملة المادية في العمليات التجارية اليومية تحديا كبيرا وتشمل التحديات الوصول الى الالمام التكنلوجي اللازم عملة افتراضية كخدمة إلكترونية ونشرها والحفاظ عليها .

4 ـ  اختلف موقف فقهاء القانون وكذلك خبراء الاقتصاد وعلماء الشريعة الاسلامية حول العملات الافتراضية بين مؤيد ومعارض . وانعكس ذلك على الموقف التشريعي في بلدان العالم .

5ـ وفي العراق خلت التشريعات القانونية النافذة من نص يبيح او يجرم او يشير الى العملات الافتراضية غير ان البنك المركزي العراقي حذر من التعامل بها .

6 ـ تضمن مشروع قانون المدفوعات الالكترونية اول اشارة قانونية الى العملات الافتراضية اذ نص في المادة الاولى الفقرة  (23) من تعريف العملة الرقمية واشار في المواد اللاحقة امكانية اصدار البنك لهذا النوع من العملات .وابدى ملاحظات وتفاصيل مهمة لتطبيق هذا النص .

7ـ ان الفقرة  (6 ) من المادة (5 ) من مشروع قانون المدفوعات اشارت انه ( للبنك الحق بإصدار العملة الرقمية ) وقد اكد الباحث على بيان الاليات التي يتم من خلالها اصدار هذه العملة وبيان كيفية طرحها للتداول والمسائل القانونية والمالية والتقنية الاخرى .

8 ـ ضرورة اتباع اسلوب التنظيم لا التجريم بالنسبة للتعامل مع العملات الافتراضية ودراسة اية ظاهرة مستحدثة وتنظيمها بالشكل الذي يزيد في ايجابياتها ويقلص من سلبياتها وان يكون التجريم لا لذاته الا اذا اقترن بجرائم .

ان هذا العرض البسيط المتواضع بشان العملات الافتراضية لا يفي بالغرض اطلاقا بالنسبة للمختصين وذوي الاهتمامات في تداول العملات الافتراضية لا سيما مع التطور التكنلوجي الهائل والمتسارع الذي جعل من العالم قرية صغيرة . اذن لابد من الرجوع الى قراءة البحث بالكامل وبكل مراجعه ومصادره . ومداخلات الباحث وآرائه الرصينة والقيمة والدقيقة ودراسة المقترحات التي وردت في الخاتمة بغية العمل بها في العراق وغيره من الدول وسد الثغرات التي اشار اليها الباحث . لقد ارتقى الباحث منصة التويج بجدارة وامتياز . وتكريمه من قبل رئاسة جامعة الفلاح بدعوته لحضور المؤتمر الدولي الرابع كضيف شرف  بعد ان بذل جهودا رائعة ومبدعة ومضنية ومتابعة جادة لكل ما كتب عن العملات الافتراضية ليمنح ذوي الاختصاص المعرفة والعلم . وبالتأكيد سيكون هذا الانجاز الكبير محل فخر واعتزاز وتقدير قيادة المنتدى واعضائه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى