لجنة العلوم الاجتماعية و الانسانية

التعصب والتطرف

التعصب والتطرف

الدكتورة رجاء مراد الشاوي

رئيس لجنة العلوم الانسانية والاجتماعية

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

الجميع يلعنون التعصب والتطرف ..ولكن بأفواههم فقط ،وأما فى دواخلهم فهم متعصبون حد النخاع فى اكثر من مشهد ..فأثاروا فينا الخجل على انفسنا وعليهم …وأسفنا من أجلهم “ولعنهم ” بعضنا فى داخله ..وبعضهم صار يهاجمهم بشهيه مفتوحه ..وبهذه الطريقه اصبحنا نمارس نفاقاً بحيله نفسيه نرمي من خلالها ما بدواخلنا من تعصب على النظام السابق ، ونظهر انفسنا للناس كما لو اننا ولدنا فى مجتمع ليس على هذه الارض ، ونحن نعلم اننا نخدعهم ، ونعلم انهم يعلمون اننا نخدعهم ، والمضحك المبكي ، اننا مستمرون بلعبه المخادعه هذه .

والحقيقه التى يجب ان نعترف بها ،بأن الخطوه الاولى فى خفض حده التعصب ،هى ان نعترف جميعاً بتحيزاتنا لجماعاتنا ، وان نكون على درايه بها ،ومدركين لعواقبها المخربه والمدمره لمجتمعنا ،ومن الطبيعي ليس من السهل ان نخلص انفسنا من تحيزاتنا التى ترسبت فى دواخلنا وتركز كثير منها فى خلايا معتقداتنا وافعالنا التعصبيه التلقائيه ….ونتيجه لهذه الخلفيه اصبحنا نرى المناصب الوزاريه والقياديه فى مرافق الدوله محسوبه لطائفه أو عرف أو دين معين …لتصبح هذه المواقع عشائر وطوائف واديان ، وتصبح لها اسماء يبتكرها العراقيون المحبون للنقد والنكته والتصنيف …

والملفت للنظر ان الابناء او الشباب ينغمسون فى براثن التعصب والتطرف والانحراف ، عندما يحاولون مسايره تلك المتغيرات الثقافيه والاجتماعيه …”وهو ما يطلق عليه بالتعصب والتطرف الفكري “…ومن هذه المقومات المساعده لانتشار هذا النمط من السلوك والفهم وجود وسائل الاتصال والتواصل المنتشره والمتداوله  واهمها الفضائيات التى تنشر الفكر المتطرف والمتعصب. .وهذه العوامل  تتمثل فى الايديولوجيات والثقافات فى المجتمعات التى يظهر فيها التعصب والتطرف ..وينمو ذلك الاتجاه من خلال القيم الاجتماعيه التى تسود هذه المجتمعات وتظهر فيها ..حيث تنموهذه القيم ، ثم تتحول تدريجياًالى جزء من الايديولوجيه الحضاريه والاجتماعيه..وبناء على ذلك تقوم تلك القيم والثقافات والاتجاهات بتغذيه وتنميه سلوك التعصب ضد الجماعات الموجوده فى المجتمع ..” لأن كل هذا يكون متوارثاً ” عندها يصبح امر التغيير صعباً.

ومن هنا يظهر لنا اهميه دور المدرسه ، الذى لا يقل اهميه عن دور الاسره ، وبما ان التعصب مكتسب من ممارسات الأباء اولاً ثم المعلمين ، فأن دور المدرسه يساهم فى كثير من المشكلات السلوكيه والتى نراها الان فى مجتمعنا كالتطرف والتعصب والادمان والعنف …

وبناء عليه فأن المدرسه والنظام التعليمي يسهمان بشكل فاعل فى صياغه اتجاهات الفرد وبلورتها…لذلك يمكننا ان نقول ان لهذا النظام الدور الكبير فى تعزيز ظاهره التعصب وباشكال مختلفه.. منها المناهج الدراسيه التى تشوه الحقائق التى تتعلق بالجماعات الاخرى والتى تؤدى الى خلق التعصب ، وكذلك عدم ملائمة الأبنية المدرسية لاستيعاب اعداد الطلاب … والاهم المعلمين و المدرسين (الذين يجب ان يكونوا قدوة)، وعد وجود تواصل بين البيت و المدرسة، وعدم تلبية حاجات و ميول الطلبة من المعارف و العلوم الحديثة التي تظهر في المجتمعات الاخرى كلها عوامل تؤدي الى ظهور بوادر التعصب لاي جهة من الجهات والانحراف في ممارسات سلوكية بعيدة عن السلوك الحضاري المرجو لابناء محتمع يطمح الى النهوض بواقعه المتردي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى