العراق وغياب حكومات الظل

العراق وغياب حكومات الظل

المستشار سعيد النعمان

 عضو اللجنة القانونية، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 

بعد احتلال العراق في بدايات عام 2003  تم صياغة دستور جديد وفي عام 2005 انتخب مجلس للنواب وشكلت حكومات منتخبة ومنحت تراخيص لمئات من الأحزاب والتنظيمات السياسية والمنظمات والجمعيات والنقابات المهنية وتشكيل مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا وعددا لايعد ولا يحصى من المؤسسات المدنية والعسكرية وتم الترويج عبر وسائل الإعلام بدخول العراق عصر العولمة والديمقراطية والحرية .

إلا أن العراق بقي  طيلة هذه الفترة يتخبط ولا يستقر على حال وعاش دوامة الخلاف المذهبي والقومي والطائفي المقيت الذي حصد الآلاف من العراقيين بسبب المصالح الحزبية الضيقة وحالات الاقتتال التي استمرت وتصاعدت في حدتها وفاقت كل التوقعات . وتفشي جرائم الفساد والرشوة وتعاطي المخدرات والكسب غير المشروع والإخفاء ألقسري والعنف الأسري وغيرها من الجرائم التي لم تكن مألوفة .

وفي غياب حكومات الظل بقي العراق يراوح في مكانه أن لم يكن قد تراجع بشكل خطير متجها نحو الهاوية ليعيش حالة الفوضى الخلاقة في غياب العمل بنظام حكومات الظل الذي يوفر المعارضة النزيهة وتوجيه النقد للحكومات عبر وسائل الإعلام والحضور الميداني في مؤسسات الدولة والرقابة على أعمالها . وحكومة الظل هذه قد تكون جاهزة حال تغير الحكومة التنفيذية المنتخبة التي انتهت دورتها.

ووظيفة حكومة الظل هو في معارضة الحكومة الموجودة في سدة الحكم وليس البحث أو التحري عن شرعية الحكومة ومصداقيتها ويطلق على حكومة الظل في عدد من الدول الأوربية بالمعارضة البرلمانية الوفية . كما تعرف على أنها حكومة غير رسمية وليست لها قوة فعلية ولكن لها أحزابها من المعارضة لحزب السلطة وهي تعمل وفق منهج توجيه النقد للحكومة وتحاول الظهور كبديل للحكومة حال انتهاء ولايتها والتهيئة للانتخابات . وفي الغالب تتشكل حكومة الظل من اكبر أحزاب المعارضة في الدولة وتضم أعضاء يمثلون كافة الوزارات وكنظائر للوزراء الموجودين في السلطة .

 أنها إحدى الصور الرائدة لتطبيق الديمقراطية فهي تتجنب التهميش وتعمق العمل السياسي المفيد والمقنع من اجل المجتمع وأن من أهم واجبات حكومة الظل :

1ـ معارضة الحكومة الموجودة وانتقادها.

 2ـ تصويب لقرارات الحكومة وطرح مقترحات وتوصيات.

 3ـ الكشف عن أفضل الحلول المتاحة للمعضلات الحكومية.

 4 ـ إشراك المعارضين في الحكم وعلى مراحل.

 5ـ ومقاومة النزعات الدكتاتورية والطائفية وبشتى الوسائل .

 كما يتواجد أعضاء من حكومة الظل في وزارات الدولة المهمة لغرض الرقابة الإدارية وأجهزة المخابرات والأمن وبشكل علني وهذين الجهازين هما القادرين على اختيار العناصر القادرة على أدارة الحكم في ضؤ خطط وقرارات حكومة الظل وصولا لقراراتها النهائية فهم الأكثر معرفة وخبرة وعلم بمن يعترض ومن يهادن داخل مؤسسات الدولة .

هذه هي إلية حكومة الظل التي تعبر عن أسمى صور الديمقراطية التي تشجع وتدعم الجميع للعمل دون تهميش أو تسقيط وهي دوما في خدمة الوطن والمواطن . ومن الدول التي تعمل بنظام حكومة الظل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا واليابان وبولندا والمغرب وكندا وأستراليا . والقائمة تطول لتشمل كل دول الاتحاد الأوربي وكذلك دولا عربية ملكية وخليجية تعمل على تداول السلطة .

 فهل يتعظ العراق ويعمل بنظام حكومات الظل أم يبقى عالقا في مغريات السلطة ليحصد الخراب والدمار ويذهب بالعراق إلى الهاوية ؟