اللجنة القانونية

الجريمة السياسية

                                  

الجريمة السياسية

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

في بدايات عام 1989 كتبت بحثا عن الجريمة السياسية تناولت فيه التعاريف والافكار والمفاهيم والمعايير والنظريات والدوافع وامثلة من الاحكام التي صدرت في حينه ولغرض شرح وتوضيح هذه المفردات قمت بالاستعانة بعدد من المصادر العربية والاجنبية وعلى سبيل المثال الدكتور محمد الفاضل وجندي عبد الملك ومنتصر سيد حمودة وغيرهم من الكتاب والباحثين وكذلك من الكتاب الاجانب ترافيه وروسل وكلارك وفيري والعلامة اورتولان واخرين .

ثم منحت مساحة واسعة لمفهوم الجريمة والآراء التي قيلت في الجريمة السياسية الخالصة والمرتبطة والمختلطة والنسبية والفوضوية والاغتيال السياسي وتزيف النقد لتحقيق اهداف سياسية ثم الفرق بين الجريمة السياسية والعادية من حيث المزايا والحقوق التي يتمتع بها المحكوم السياسي منها تخفيف العقوبة والمعاملة العقابية وحق اللجوء السياسي وعدم اعتبار هذه الجريمة سابقة للعود وعدم تسليم المحكومين  فيها كما تبين لي ان الجريمة السياسية لها جذور عميقة وقديمة قدم الحضارات وتطورها الا انها مع مرور الزمن اخذت هذه الجريمة بالانحسار واتجهت نحو التحجيم و التضيق والتحديد باتجاه افول نجمها في الدراسة و البحث والكتابة عنها فكثير من الجرائم التي كانت سياسية او ذات طابع سياسي اصبحت النظرة اليها على انها جرائم عادية لأنها اقترنت بالسرقة او القتل او الاغتيال او بدوافع دنيئة وانانية او لمصالح شخصية او لأطماع غير مشروعة لذلك لا نجد في عالمنا اليوم من يرتكب جريمة سياسية صرفة او بحتة الا واقترنت بفعل جرمي اخر باستثناء التجاوزات الاعلامية عبر الصحافة والقنوات الفضائية او التراشق بالسب والقذف تحت قبة البرلمان او اثناء الاستضافات والندوات والاجتماعات الموسعة والى غير ذلك .

وقد صدرت احكاما قضائية في العديد من الشكاوى التي اقيمت من قبل المدعين او تم تحريكها من قبل الادعاء العام تضمنت هذه الاحكام بالتعويض او الغرامة او الحبس مع وقف التنفيذ والغاء قنوات فضائية او ايقاف بثها وسحب اجازتها .

كما ان مفردة الجريمة لا تنسجم مع السياسة والسياسي ولا تتناغم معها لذا نرى استبدال تسمية الجريمة السياسية بالفعل السياسي الخاطئ والمتجاوز او المخالف للقوانين والانظمة .

وتوجيه الاتهام على هذا الاساس وتعديل او الغاء مصطلح الجريمة السياسية والمجرم السياسي واستعمال المصطلحات الدقيقة لهذه التسميات التي وردت في المادة ( 21 / أ ) النص ( الجريمة السياسية هي الجريمة التي ترتكب بباعث سياسي او تقع على الحقوق السياسية العامة او الفردية وفيما عدا ذلك تعتبر الجريمة عادية ) ثم استثنى المشرع (الجرائم التي ترتكب بباعث أناني دنيء والجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي وجرائم القتل العمد والشروع فيها وجرائم الاعتداء على حياة رئيس الدولة والجرائم الارهابية والجرائم المخلة بالشرف كالسرقة والاختلاس والتزوير وخيانة الامانة والاحتيال والرشوة وهتك العرض). أما في الفقرة (ب ) فقد اوجبت على المحكمة اذا رأت ان الجريمة سياسية ان تبين ذلك في حكمها .

أما في المادة (22الفقرة/ 1 ) فقد نصت على احلال السجن المؤبد محل الاعدام في الجرائم السياسية أما (الفقرة / 2 ) فقد تضمنت لا تعتبر العقوبة المحكوم بها في جريمة سياسية سابقة في العود ولا تستتبع الحرمان من الحقوق والمزايا المدنية ولا حرمان المحكوم عليه من أدارة أمواله او التصرف بها .

أذن علينا تشريع قانون يتضمن نصوصا تنظم العمل السياسي بعيدا عن العقوبات في ضوء النظرة الحديثة التي تنسجم مع الحريات والحقوق التي وردت في دستور 2005 والقوانين الاعلامية  .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى