لجنة العلوم الاجتماعية و الانسانية

المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات التعليمية في ظل تطبيقات الذكاء الاصطناعي

أ. د طارق هاشم خميس

جامعة تكريت/ كلية الآداب/ قسم الاجتماع

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات/ نائب رئيس لجنة العلوم الاجتماعية والإنسانية

تكتسب المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات التربوية ومنها الجامعات، أهمية كبيرة في فضاء التعليم، فالمؤسسات التربوية التي تتبع هذه الاستراتيجية تكون اكثر قدرة على المنافسة، اذ ان سوق العمل المعاصر يفضل المخرجات التي تقدمها المؤسسات التي تتحلى بقيم المسؤولية الاجتماعية بالرغم من علو سقف مطالبها.

وباشرت المؤسسات التعليمية في اماكن عديدة من العالم بالحصول على ميزانيات المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات المستفيدة للإفادة من هذا الاتجاه، الا ان ذلك وبسبب محدوديته فإنه لا يرقى الى مستوى التأثير الذي ينتج عن برامج المسؤولية الاجتماعية للمستفيدين وجود مواطن ضعف وخلل كبير في اليات تسويق مخرجات الجامعات، وان استخدام الذكاء الاصطناعي لتطبيق هذه الاستراتيجية يمكن أن يرفع مستويات الكفاءة ويقلل من تأثيرات مواطن الضعف والخلل.

تتمثل نقاط الضعف او ما يمكن ان نطلق عليها “الثغرات” في الفشل أو الأداء غير السليم لبرامج المسؤولية الاجتماعية للجامعات بسبب عوامل متعددة منها على سبيل المثال لا الحصر:

  1. عدم الدقة في ادوات قياس التأثير.
  2. سلوك الإدارات ومواقفها تجاه برامج المسؤولية الاجتماعية.
  3. الدمج غير السليم لمبادرات المسؤولية الاجتماعية مع استراتيجيات العمل.

الذكاء الاصطناعي بلا شك يفهم الدوافع القيمة للجامعات وقدرتها على وضع مخرجات مثالية واعطاء نتائج إيجابية لأصحاب المصالح في سوق العمل، كما انها تأخذ بعين الاعتبار أهداف استراتيجية المسؤولية الاجتماعية للمستفيدين، انطلاقا من قدرة الانظمة الذكية على رسم خارطة برامج واستراتيجيات يمكنها ان تساعد في تحسين برامج المسؤولية الاجتماعية.

كما يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي ان تقضي على او تقلل حجم التحيز في قياس القيمة وتقييم الأهمية المادية، كما يمكنه رصد الاتجاهات والتغيرات العالمية وتتبعها بشكل حيوي،  ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يوفر اختبارات الاداء عالية الدقة ومتعددة الأبعاد لبرامج المسؤولية الاجتماعية اعتمادا على احدث ما توصلت اليه المعايير العالمية.

نرى ايضا ان تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكنها  تحديد السلوكيات الفاشلة التي تهدم جهود المؤسسة التعليمية كالتحيز الإداري وعدم الإخلاص وغياب الأمانة فضلا عن قضايا ادارية  اخرى، وتقدم التوصيات لمعالجتها.

بصرف النظر عن كل هذه التطبيقات، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في تحديد نقاط التكامل في استراتيجية المؤسسات وبرامج المسؤولية الاجتماعية لها، وهنا، يمكن للمؤسسات دمج استراتيجيات المسؤولية الاجتماعية في العمليات الشاملة.

التخطيط والمسؤولية الاجتماعية.

يعد التخطيط للتعليم من الادوات المؤثرة في جودة التعليم وتحقيق أهداف المؤسسات التعليمية الاستراتيجية لا سيما الجامعات، ومع التطور المطرد لتقنيات الذكاء الاصطناعي، اصبح بالإمكان النظر في إعادة صياغة مفهوم التخطيط التعليمي ليصبح على درجة عالية من الدقة والمرونة، اذ يمكن توظيف هذه التقنيات في جوانب التخطيط المختلفة، كتصميم الخطط ووضع الاستراتيجيات لتطوير المناهج، وإدارة المؤسسة بكفاءة، وتكون غايتها تحسين العمليات التعليمية.

التخطيط من العناصر التي تتحدد بالعودة الى نتائجها جودة التعليم ومخرجاته، اذ انه يشكل إطارا مرجعيا يوجه اطراف العملية التعليمية، ويمكن للذكاء الاصطناعي العمل على تحسين هذه الخطط بعد تحليل البيانات المتعلقة بجوانب الأداء، وكذلك التنبؤ بالمهارات المطلوبة مستقبلا، ويساهم كذلك في تصميم المناهج التي تتكيف مع احتياجات المتعلمين وسوق العمل.

ومن الامثلة على ذلك يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي تحليل أداء المتعلمين وتحديد نقاط القوة والضعف لديهم، الامر الذي يتيح تصميم الخطط الدراسية المخصصة لكل متعلم، بدلًا من اتباع منهج متكرر، يمكن بناء الكثير من المسارات التعليمية المرنة التي لديها القدرة على التكيف مع مستويات المتعلمين وطرائق تعليمهم، مما يعزز من كفاءة التعلم ويزيد من معدلات النجاح، كذلك يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي التنبؤ بالمهارات المطلوبة في المستقبل وتحديث الخطط الدراسية وفقًا للاتجاهات العالمية، اذ تدمج موضوعات الذكاء الاصطناعي نفسه وتحليل البيانات والأمن السيبراني.

يتم بناء السيناريوهات الاساسية للذكاء الاصطناعي في التعليم والتقنيات المساعدة للذكاء الاصطناعي يؤدي دورا كبيرا في تعزيز متطلبات التعلم، اذ توفر الأنظمة التعليمية الذكية ملاحظات شخصية في الوقت المناسب لطرفي العملية التعليمية، كما يتم تصميمها لتساعد في تحسين كفاءة وقيمة التعلم باستعمال تقنيات الحوسبة المتعددة، لا سيما تلك التقنيات المتعلقة بتعلم الآلة التي ترتبط بنماذج الإحصاء ونظرية التعلم المعرفي.

التطوير بالذكاء الاصطناعي.

يعد التطوير المستمر للمناهج الدراسية أحد اكبر التحديات التي تواجه النظام التعليمي، ويمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تكون شريكًا اساسيا وفاعلًا في ذلك بتحليل بيانات تفاعل المتعلمين مع المواد التعليمية، وتقديم الاقتراحات الدقيقة والمناسبة لتحسين المناهج وجعلها أكثر فاعلية.

ان تحليل البيانات المتعلقة بالامتحانات والتقييمات والأنشطة الصفية ييسر من عملية اكتشاف التحديات التي يواجهها المتعلمون، ويساهم كذلك في اضفاء التعديل المناسب على اساليب التعليم المستخدمة، وفي اختيار الوسائل التعليمية التفاعلية مثل المحاكاة الافتراضية أو الألعاب التعليمية لتعزيز عملية الفهم.

تعد التقانات الرقمية أداةً من ادوات التيسير من خلال إنشاء المواد التعليمية وتوفير الأساليب الجديدة للتعلم والتعاون، فتساعد مصممي التعليم والتربويين من اجل إحداث النقلات النوعية في التعليم، اذ يتوفر التعليم الفعال للجميع وفي كل مكان وزمان، فهي توفر سهولة الوصول إلى المعلومات الاحتفاظ بها وزيادة تخزين المعلومات، وتحسين عرضها؛ وبذلك فقد أصبح التعليم أكثر تفاعلية، وتبادل المعرفة أسهل وزيادة الحماس في التعلم.

تحسين عمليات التعليم.

يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تتنبأ بمعدلات حضور وغياب الطلبة والمعلمين، مما يساعد في اتخاذ التدابير الاستباقية لمعالجة المشاكل التي قد تؤثر على سير العملية التعليمية، كما يمكن لهذه التقنيات ان تحلل اداء المعلمين واقتراح الخطط التدريبية المخصصة للمعلمين بناءً على احتياجاتهم الفعلية لتعزيز جودة عملية التدريس، وهو إطار يسعى إلى تحسين جودة الذكاء الاصطناعي الذي يتم تطبيقه في العملية التعليمية لكي يساعد بشكل فاعل في مواجهة التحديات التعليمية في عصر الذكاء الاصطناعي.

 

 

التخطيط لعمليات التعليم.

يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين العمليات المتعلقة بجوانب العملية التعليمية سواء كانت ادارية او فنية من خلال تحليل البيانات المالية وتقديم التوقعات الدقيقة حول احتياجات المتعلمين واحتياجات سوق العمل، مما يساعد في موازنة التخصيصات المالية واستدامة العملية التعليمية ، فضلا عن ذلك يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين تجارب المتعلمين من خلال تطوير البيئات التعليمية الذكية التي تعتمد على تقنيات الواقع والمعزز، مما يجعل التعلم أكثر تفاعلية ومتعة، كما انه يساعد في تنظيم العلاقة بين المتعلمين والمعلمين وأولياء الأمور عبر المنصات التعليمية الذكية التي تستطيع تقديم التقارير الفورية حول أداء المتعلمين او من خلال اقتراح الاستراتيجيات التي تعمل على تحسين عمليات التعلم (

تخطيط التعليم بالذكاء الاصطناعي.

ان التطور المستمر في تقنيات الذكاء الاصطناعي يؤدي الى تحسين عملية تخطيط التعليم وتصميم المناهج وإدارة المؤسسات وتحسين تجربة التعلم الفردي للمتعلمين ولكن تبرز هنا مشكلة كيفية دمج هذه التقنيات للمحافظة على الطابع الإنساني للعملية التعليمية، مع ضمان بقاء القرارات النهائية تحت سيطرة التربويين وصناع القرار، وهنا يكون الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تكنولوجية، بل إنه شريك استراتيجي يساعد في إعادة تعريف مستقبل التعليم والتخطيط له، وتحقيق النظم التعليمية الذكية والكفؤة لخدمة المجتمع ومواكبة التغيرات الرقمية المتسارعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى