حق الانسان في التظاهر السلمي كحق من حقوق المواطنه
الاستاذ الدكتور براء منذر كمال عبداللطيف
كلية الحقوق -جامعة تكريت-العراق
بحث مقدم الى مؤتمر كلية الحقوق –جامعة بنها 2018
المقدمة
اولاً-موضوع البحث
الحق في التظاهر السلمي هو احد المبادئ الرئيسة التي تكاد لا تخلو الدساتير الديمقراطية من النص عليها، وهو الاسلوب الاكثر حضارية للضغط على الحكومات بغية تلبية مطاليب المتظاهرين سلميا، لهذا فقد اهتمت الكثير من الاعلانات والمواثيق والمعاهدات الدولية بالحق في التظاهر والتجمع السلمي، ولعل من ابرزها الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948 والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966، الذي تضمن الاعتراف بالحق المذكور، وعدم جواز وضع قيود على ممارسته الا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الامن القومي او السلامة العامة او النظام العام او حماية الصحة العامة او الاداب العامة او حماية حقوق الاخرين وحرياتهم، وتضمن ميثاق الحقوق الاساسية للاتحاد الاوربي على ان لكل انسان الحق في حرية التجمع السلمي.
اما في العراق فقد كفلت الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والاداب حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، استناداً لأحكام المادة (38) من الدستور العراقي لسنة 2005 (النافذ) اذ نصت على (تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والاداب “حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون”)،ومع >لك فإن التشريعات القانونية النافذة في العراق والمنظمة لحق التظاهر لا تزال تعاني من قصور في جوانب عديدة ، فضلاً عن ان الواقع العملي وال>ي شخصته العديد من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان يشير إلى وجود انتهاكات واسعه له>ا الحق.
ثانياً-تقسيم البحث
وعلى هدي ما تقدم سنقسم بحثنا إلى مبحثين ، نتناول في الاول مفهوم حق التظاهر ، ونتناول في الثاني حق التظاهر بين النص القانوني والواقع العملي في العراق وجمهورية مصر العربية ، ثم نختتم البحث بخاتمة تتضمن اهم النتائج والتوصيات.
المبحث الأول
مفهوم التظاهر السلمي
ان البحث في مفهوم التظاهر السلمي يقتضي منا بالضرورة بيان تعريفه ، وشروطه ، وهذا ما سنتناوله في تباعاًز
المطلب الاول
تعريف التظاهر السلمي
للوقوف على مدلول التظاهر لابد من بيان الاتجاهات الفقهية المختلفة في تعريفها له ، ومن ثم بيان موقف التشريعات منه ، وهذا ما سنتناوله تباعاً في الفرعين الآتيين.
الفرع الاول
التعريف الفقهي للتظاهر السلمي
اختلف فقهاء القانون في تعريفهم للتظاهر من حيث المبنى والمعنى ، ويمكن انقسم الفقه بهذا الصدد إلى فريقين ([1]):
الفريق الاول: ويتجه انصاره إلى تعريف التظاهر على أنه نوع من انواع الحرية التي تسجد حق الانسان في حرية الاجتماع, والتجمع السلمي ،لأن التظاهر لا يتم إلا عن طريق تجمع الأفراد, لذلك فهو صورة من صور الاجتماع, والتجمع السلمي .
ويمكن تعريف التظاهر على هذا الاساس بأنه “حق أساسي من حقوق الإنسان يمارس بصورة ثابتة أو متنقلة عن طريق تجمع مقصود لعدة أشخاص في مكان عام وبصورة وقتية ويخضع لحماية السلطة ويشمل المظاهرات المضادة”([2]).
فالتظاهر حق من حقوق الإنسان الاصيلة وهي الحقوق المقررة بموجب الاتفاقيات والمواثيق الدولية والتشريعات الداخلية, كما أن التظاهر وإن كان حقاً فردياً فهو يمارس بصورة جماعية([3]).
وعلى هدي ما تقدم فإن التظاهر يمتاز بخاصيتين هما: عمومية المكان, وتأقيت الممارسة، إذ يجب أن يحصل التظاهر في مكان عام, أو محل عام, أو طريق عام، وكذلك يجب أن يكون مؤقتاً، أي تحدد ممارسته بوقت معين محدد.
الفريق الثاني: وينصار هذا الاتجاه بأن حق التظاهر هو نوع من انواع حرية الرأي والتعبير عنه واستندوا بأن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية جاءت مادته التاسعة عشر عامة مطلقة لتشمل الحقوق السياسية كافة ومن ضمنها التظاهر, وذلك لورود عبارة (أية وسيلة يختارها)([4]).
ويذهب انصار هذا الفريق الى تعريف حق التظاهر بأنه :”حق من حقوق الإنسان الطبيعية تمكنه من إبداء رأيه سلمياً, بما لا يتعارض مع القواعد القانونية المرعية, وبما لا يضر بالنظام العام, والآداب, والأخلاق العامة”([5]).
وهم بذلك يعدون التظاهر حقاً طبيعياً للأفراد بشرط عدم اخلاله بالنظام العام, والآداب العامة, والأخلاق العامة. غير أن انصار هذا الفريق اغفلوا خاصية العلنية في التظاهر, كما أغفلوا اشتراط أن تكون هذه القيود في مجتمع ديمقراطي، واشترطوا عدم مخالفة التظاهر للقواعد القانونية, وبما أن هذه القواعد هي : من وضع السلطة التشريعية في الظروف العادية، والسلطة التنفيذية في الظروف الاستثنائية الأمر الذي يترك الباب مشرعاً للسلطة التنفيذية لتقييد ممارسة التظاهر, بموجب قوانين الطوارئ وكذلك عن طريق لوائح (أنظمة) الضرورة أو اللوائح (الأنظمة) التفويضية([6]).
الفرع الثاني
التعريف القانوني للتظاهر
تختلف التشريعات الوطنية في تعريفها للتظاهر بحسب النظام السياسي القائم في الدولة ونظرته الايدلوجية لحقوق الانسان ففي العراق، ، صدرت العديد من القوانين التي تطرقت نصوصها الى تعريف التظاهر ، إذ عرف قانون الاجتماعات العامة والمظاهرات المرقم (115) لسنة (1958) الملغى التظاهر السلمي بأنه” حشد منظم يسير في الميادين والشوارع العامة” ولم يورد أمر سلطة الائتلاف المؤقتة “المنحلة” تعريفاً لحق التظاهر واكتفى بالنص على أحكامه وطريقة تنظيمه([7]), في حين عرف قانون تنظيم المظاهرات في إقليم كردستان رقم (11) لسنة 2010 حق التظاهر بأنه” جمع منظم او شبه منظم من الناس يسير بشكل سلمي في الميادين والشوارع والاماكن العامة لوقت معين يهدف الى خلق رأي عام موحد لتحقيق غرض معين وتشمل(التجمع العام لغرض التظاهر, الاضراب, الاعتصام)“.
مما سبق ذكره نستطيع ان نعرف التظاهر السلمي بأنه تجمع منظم ثابت أو متحرك لعدد من الاشخاص في مكان عام أو طريق عام ولفترة محددة, للمطالبة بحقوق مشروعة أو للتعبير بالقول والكتابة عن مساندة أو رفض موقف معين, ويخضع لأحكام القانون.
أما المشرع المصري فلم يورد أي تعريف للتظاهر السلمي في قانون التجمهر رقم (10) لسنة (1914) وكذلك قانون الاجتماعات العامة والمظاهرات رقم (14) لسنة (1923) ألملغى ؛ إلا أنه وبعد الثورة المصرية ومارافقها من احداث صدر قانون جديد هو قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية رقم (107) لسنة (2013). والذي عرف التظاهرة بأنها “التظاهرة كل تجمع لأشخاص يقام في مكان عام او يسير في الطرق والميادين العامة يزيد عددهم على عشرة, للتعبير سلميا عن أرائهم أو مطالبهم او احتجاجاتهم السياسية“([8]).
وهذا التتعريف يركز على علانية الممارسة للتظاهر السلمي, كما برز التعريف أن التظاهر يمكن أن تكون ثابتة أو متحركة والفرق بينهما أن الأولى تجمع مستقر في مكان معين ,بينما الثانية تجمع متحرك( مسيرة)؛ وبرز التعريف كذلك غاية التظاهر فجعلها للتعبير سلميا عن الآراء أو المطالب أو الاحتجاجات.
إلا أن ما يعاب عليه هو تحديده للعدد اللازم لتنظيم المظاهرة وتسييرها فحصره بما لا يقل عن عشرة أشخاص وهو ما لم تنص عليه اي من التشريعات المقارنة, إذ أن تحديد الاعداد اللازمة للمظاهرة فيه تقييد لحرية الرأي والتعبير عنه. والانتقاد الثاني الذي يوجه للتعريف أنه حصر غاية التظاهر بالمطالب السياسية علما أن التظاهر يكون لمطالب سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية.
المطلب الثاني
شروط التظاهر
أن التظاهر كحق من حقوق الانسان ينبغي له أن يكون سلمياً وأن يتوافر فيه شرطين لكي يكتسب مشروعيته ،وصفته كتظاهر سلمي معبر عن حرية الرأي وحق الاجتماع ،وهذان الشرطان سيكونان محور دراستنا في الفرعين الآتيين.
الفرع الاول
تجمع الاشخاص
تتكون المظاهرة من تجمع عدد من الاشخاص, والتشريعات على خلاف في بيان العدد فالمشرع المصري حدد الحد الأدنى لعدد الاشخاص اللازم لقيام المظاهرة بعشرة اشخاص([9]), في حين لم يحدد الفرنسي الحد الأدنى لعدد الاشخاص؛ الأمر الذي حدا بالفقه إلى الاجتهاد لتحديد ذلك, فذهب الفقه في فرنسا إلى أن العدد اللازم هو خمسة أشخاص فأكثر قياساً على العدد المطلوب لقيام جريمة التجمهر([10]).
وكذلك الحال في العراق فلم تحدد التشريعات التي تطرقت الى حق التظاهر السلمي إلى الحد الأدنى لعدد الاشخاص الواجب تجمعهم لقيام المظاهرة ولكنه اشترط على الجهة المنظمة تحديد الحد الأعلى لعدد الاشخاص المشاركين في المظاهرة.
وبما أن المطلق يجري على اطلاقه, فإننا نرى ضرورة ترك تحديد العدد اللازم لسلطة قاضي الموضوع، ذلك أن تفسير النصوص يعتمد على ظروف كل حالة, وملابساتها، وذلك لاختلاف الأمور؛ التي يطالب بها المتظاهرون فالمظاهرة التي تطالب بمرأمر
أمر سياسي قد يكون عدد الأفراد فيها أكثر من التي تطالب بأمر اقتصادي, أو اجتماعي أو العكس.
الفرع الثاني
المكان العام
تشترط اللتشريعات القانونية لممارسة حق التظاهر ان يكون في مكان عام طريق العام والمكان, أو المحل العام. وقد يحدث التظاهر في طريق عام, أو مكان عام, أو محل عام, كما أن هناك أماكن خاصة تكتسب صفة العمومية.
فالطريق العام يعرف في فرنسا بأنه المكان المخصص للمواصلات, ومرور الجمهور فيه, سواء كان داخل المدن أم في القرى([11]).
أما في مصر فيعرف بأنه “الطرق المعدة فعلاً للمرور العام غير المملوكة للأفراد, والهيئات وكل طريق ينشأ وفقاً لأحكام هذا القانون”([12]).
وفي العراق فقد عرف المشرع الطريق العام: “بأنه كل حيز معبد, أو غير معبد مصمم, أو مستخدم بشكل طبيعي لمرور المركبات أو المشاة”([13]).
والعبرة في عمومية الطريق هي: بتركه مفتوحاً لمرور المواصلات, والمشاة في كل الأوقات, فإذا أغلق في أوقات معينة, وفتح في أخرى فقد صفة العمومية, إلا في الأوقات التي يفتح فيها([14]).
كما أن تعريف المشرع العراقي جاء أوسع مدلولاً من تعريف المشرع المصري, ذلك أن الأخير قصر صفة العمومية على الطرق غير المملوكة للأفراد والهيئات([15]).
واشتراط ملكية الطريق للدولة, قد تخرج التظاهرة من نطاق الأحكام المنظمة للتظاهر لتتصف بأي وصف آخر لمجرد انعقادها في طريق مملوك للأفراد, أو الهيئات, وإن كان عاماً مسموحاً فيه مرور المركبات والأفراد([16]).
أما عن المكان العام والذي ورد في تعاريف الفقه, ففي مصر يستعمل المحل العام, أو الميدان العام ويعرف في مصر وفرنسا بأنه “كل مكان فسيح مفتوح للجمهور وسمح للناس بالتواجد فيه بدون أية قيود وعادة ما يربط بين عدة طرق أو شوارع عامة”([17]).
وقد قسم القضاء في مصر, المحل العام أو المكان العام على ثلاثة أقسام هي: المحل العام بطبيعته “وهو المكان المفتوح للجمهور على سبيل الدوام كالطرق والمتنزهات والحدائق” وهو ذات موقف القضاء الأمريكي؛ إذ قضت المحكمة الاتحادية العليا الامريكية أن الحدائق والمتنزهات محال تستخدم منذ القدم لغرض عقد الاجتماعات والتظاهرات ومحتفظ بها لهذا الغرض ,وأن حرية الاحتجاج والتظاهر السلمي تمارس في تلك الأماكن([18]).
والمحل العام بالمصادفة هو القسم الثاني من احكام المحل أو المكان العام “وهو المحل الخاص بطبيعته, والقاصر على دخول أفراد, وطوائف معينة, ولايوجد في ظروفه ما يسمح باعتباره محلاً عاماً، ولكنه يتحول إلى مكان عام؛ عندما يسمح لعدد من الأفراد بدخوله، ومثاله المحال التجارية, والنوادي([19]). وهذا ما أكدته محكمة النقض المصرية, إذ قضت في حكم لها أن العبرة ليست بالأسماء التي تعطى للأماكن؛ لكن العبرة في وصف مكان ما بالعمومية من عدمه, هي بحقيقة وواقع أمره([20]).
أما عن المكان, أو المحل العام بالتخصيص فهو:” المكان الذي ليس بطبيعته, أو من الأصل عاماً, وإنما يلحق به هذا الوصف؛ بسبب الغرض الذي أعد له, كأن لا يفتح للجمهور إلا في أوقات معينة أو في أجزاء معينة, ويشمل دور العبادة والمدارس, ودور السينما والمسرح, وغيرها من الأماكن التي يسمح للجمهور بارتيادها خلال أوقات معينة”([21]).
والتظاهر في المساجد محظور في مصر, بل حتى التظاهر في الباحات الخارجية للمساجد, وذلك حفاظاً على قدسية هذه الأماكن، لأن المتظاهرين يستعملون مكبرات الصوت, والصياح([22])؛ كما منع المشرع المصري تسيير التظاهرات من دور العبادة واليها, ويشمل المنع ايضا الاجتماعات العامة والمواكب([23]).
وعن التظاهر في حرم الجامعات فالجامعات منبع الفكر ومركز اشعاع حضاري, تنهل منه الأجيال علماً نافعاً, فهي بستان المعرفة تزدهر فيه العقول, وتعلو فيه قدرة الابداع الفكري([24]).
وفي فرنسا فإن التظاهر في حرم الجامعات أمر مباح, وحق مكفول لا يجوز تقييده إلا في حدود النظام العام([25]).
وأكد القضاء المصري في حكم له, “بأن قيام طلاب جامعة القاهرة بالتعبير عن رأيهم بمظاهرة سلمية داخل أسوار الجامعة، دون أن يقوموا بما يمثل خرقاً للنظام العام أو إهدار للآداب العامة هو أمر مشروع وحق مكفول دستورياً([26]).
وأوجب قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية المصري على وزير الداخلية, ان يحدد حرماً امناً امام المواقع الحيوية( المقار الرئاسية, المجالس النيابية, مقار المنظمات والبعثات الدولية…..وغيرها من المرافق العامة, وبالتنسيق مع المحافظ المختص ويحظر على المشاركين في المظاهرة تجاوز نطاق هذا الحرم([27]), واوجب القانون على المحافظ تحديد منطقة كافية داخل المحافظة تباح فيها التظاهرات دون تقديم اخطار الى السلطة الادارية لغرض التظاهر([28]). وفي موقف المشرع المصري تقييد للتظاهر السلمي بقيود تجعل من الصعب إن لم نقل من المستحيل ممارسته, لأن الأماكن المخصصة قد لا تتسع لعدد المتظاهرين.
وفي العراق أجاز اعلان أربيل لأعضاء المجتمع الجامعي ومنهم الطلبة, حرية التعبير عن الرأي، وقضى بكفالته على أن يكون سلمياً لا يمثل إخلالاً بالنظام العام, والآداب العامة، و أن الطلبة هم أحد أعضاء المجتمع الجامعي؛ لذلك فإن التظاهر أمر مباح, وحق مكفول يباح للطلبة ممارسته داخل الحرم الجامعي ووفقاً للضوابط التي ينص عليها القانون([29]).
الفرع الثالث
الاخطار والترخيص
تشترط القوانين المنظمة للتظاهر السلمي ان يتم الحصول على ترخيص من الجهة الادارية المختصة او اخطارها لتنظيم التظاهرة او تسييرها, فالمشرع الفرنسي يشترط الاخطار, اما المشرع المصري فكان يأخذ بنظام الاخطار في القانون الملغى وفي القانون الجديد فإنه يشترط اخطار الجهة الادارية المختصة, و في امر سلطة الائتلاف المؤقتة فان تنظيم مظاهرة او تسييرها يقتضي اخطار السلطات المختصة. وسنتناول هذا المقصد وفق الفقرات التالية:
اولا. اساس الالتزام بالترخيص او الاخطار:
يكفل الدستور للأفراد ممارسة الحقوق والحريات المنصوص عليها فيه, وذلك عن طريق احالة تنظيما إلى المشرع بسن قانون ينظمها([30]), ومقتضى ذلك أن التظاهر السلمي ليس منحة من الإدارة تمنحها كما تشاء أو حينما تشاء, بل هو حق أصيل مقرر للأفراد وأكده الدستور, عليه فإن الترخيص لتنظيم أو تسيير مظاهرة يجد أساس الالتزام به في نص القانون المنظم للتظاهر, ذلك ان النص الدستوري أحال أمر تنظيم ممارسة التظاهر السلمي للقانون الذي تسنه السلطة التشريعية لتنظيم تلك الممارسة([31]).
واشترطت المادة(8) من قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات المصري رقم(107)لسنة(2013) على من يريد تنظيم مظاهرة أو تسييرها إخطار الجهات الادارية المختصة, أما أمر سلطة الائتلاف فيشترط الحصول على الترخيص لتنظيم المظاهرة أو تسييرها.
ثانياً. الغاية من الاخطار و الترخيص
الترخيص “صورة من صور التنظيم اللائحي الضبطي يستلزم الحصول على موافقة الادارة لممارسة حرية أو حق” ([32]), وهو في مجال بحثنا الإذن المسبق للقيام بتنظيم مظاهرة أو تسييرها.
أما الاخطار” فهو وسيلة من وسائل ممارسة الحريات العامة بقصد الوقاية مما قد ينتج عنها من ضرر, وذلك بواسطة تمكين جهة الادارة عند ابلاغها بالعزم على ممارسة نشاط معين من
معارضته إذا كان غير مستوفي للشروط التي يتطلبها القانون”([33]).
والإخطار نوعان, الأول الإخطار غير المقترن بحق الادارة في الاعتراض على تنظيم المظاهرة او تسييرها, وفيه يكون للأفراد حق تنظيم أو تسيير المظاهرة دون انتظار موافقة الادارة
اما النوع الثاني فهو الاخطار المقترن بحق الادارة في الاعتراض على ممارسة الحق أو الحرية, إلا أن حق الادارة في الاعتراض مشروط باستيفاء الاخطار للبيانات التي يتطلبها القانون, لذلك فهو يقترب كثيراً من نظام الترخيص([34]).
وأخذ المشرع المصري بنظام الاخطار المقترن بحق الادارة في الاعتراض عندما خول جهة الادارة برفض إصدار قرار مسبب بمنع المظاهرة أو إرجائها وذلك عند توافر أسباب محددة أبرزها وجود ما يهدد الامن والسلم([35]).
والحكمة من فرض نظام الترخيص تكمن في ضرورة اتاحة الفرصة لسلطات الضبط الإداري للتدخل مقدماً في ممارسة الحقوق والحريات التي ترتبط ممارستها بالنظام العام مباشرةً, ومنها تنظيم المظاهرة أو تسييرها, ولوقاية المجتمع من الاخطار التي قد تنجم عنها عن طريق اتخاذ الاجراءات الملائمة؛ وكذلك تلافي الخطأ الذي قد تقع به جهة الادارة نتيجة لعدم اتخاذها الاجراءات القانونية الازمة لتلافي عرقلة دوام سير المرافق العامة وانتظامها([36]).
أما الحكمة من نظام الاخطار فهي التوفيق بين ممارسة التظاهر السلمي وبين المقتضيات الدستورية والعملية المتصلة بنظام المجتمع وسلامة الدولة, وذلك بعدم إعاقة ممارسته أو محوه جزئياً عن طريق فرض نظام الترخيص, أضف إلى ذلك أنه لايمكن ترك ممارسة التظاهر السلمي على اطلاقه بدون ضابط محدد فيما لو اعفي من نظام الاخطار([37]).
ثالثاً. أثر الترخيص أو الاخطار على التظاهر السلمي:
تقتضي الحكمة من الأخذ بنظامي الترخيص والاخطار على ما مر بنا الحفاظ على النظام العامة والمجتمع من الأثار والأضرار التي قد تسببها ممارسة التظاهر السلمي, إلا أن لهذين النظامين اثاراً على ممارسة التظاهر السلمي؛ فاثار الترخيص هي: الخشية من تغليب جهة الإدارة للنظام العام ومصلحة المجتمع على احترام التظاهر السلمي بعده أحد أهم وسائل التعبير عن الرأي, زد على ذلك ان الادارة وتحت مظلة نظام الترخيص سوف تصدر قرارات ادارية متعددة تبعا لزمان ومكان طلب الترخيص, الأمر الذي سيتعذر معه التنبؤ بموقف الادارة من المظاهرة المزمع تنظيمها أو تسييرها, مما يدعو إلى الخشية من فقدان الأفراد للأمن القانوني وهو وضع ليس في صالح الحقوق والحريات, وأخيراً فإن نظام الترخيص سيولد مخاوف التمييز بين هذه المظاهرة أو تلك فترخص الإدارة المظاهرات الموالية لها وتمنع المظاهرات الناقدة لعملها وسياستها, الأمر الذي قد يؤدي إلى إنتهاج الأفراد أساليب أُخرى غير التظاهر السلمي,
مما لايمكن التنبؤ بعواقبه([38]).
أما عن اثار الإخطار فتتمثل في أنه يمثل وسيلة ملاءمة لتمكين الأفراد من ممارسة التظاهر السلمي دون أن يكون في وسع الإدارة حرمانهم من ذلك, كما يؤدي الى التنبؤ بقرار الإدارة ذلك أن حق الادارة في رفض التظاهر في حالة الاخطار المقترن بإذن لا يكون إلا عند تخلف الشروط التي يتطلبها القانون وقت تقديم طلب الاخطار, كما يبعد عن قرار الإدارة شبهة التمييز بين هذه المظاهرة أو تلك([39]).
رابعاً. الجهة التي يقدم لديها الاخطار:
يقدم طلب الإخطار إلى الجهة الإدارية المختصة, وتختلف القوانين في تحديد الجهة التي يقدم لديها طلب الاخطار؛ ففي فرنسا حددت الجهة التي يقدم لديها الاخطار وهي البلدية التي ستجري المظاهرة في مركزها أو في إحدى المدن التابعة وبين المشرع الشروط الواجب توافرها في الإخطار وهي: تقديم الإخطار إلى الجهة المختصة في موعد لا يقل عن ثلاثة أيام ولا يتجاوز الخمسة عشر يوما قبل موعد تنظيم المظاهرة أو تسييرها, ويجب ان يتضمن الاخطار أسماء ومحال إقامة المنظمين للتظاهرة, بالإضافة إلى تواقيع ثلاثة منهم, كما يجب أن يشير الطلب المقدم بالإخطار إلى الهدف من التظاهرة ومكان وزمان تنظيمها والطرق التي ستسلكها إذا كانت تظاهرة متحركة؛ وتمنح البلدية مقدمي الإخطار إيصالا باستلامه([40]). ونص قانون العقوبات الفرنسي الجديد على ضمانة لمقدمي طلب الاخطار وهي ارسال الاخطار من قبل مدير البلدية الى قاضي الامور الوقتية خلال(24) ساعة وللأخير سلطة تقديرية في اقرار قرار مدير البلدية بمنع التظاهرة او بإلغائه والسماح بتنظيم المظاهرة([41]).
أما المشرع المصري فيشترط تقديم طلب الاخطار إلى مركز الشرطة الذي يقع بدائرته مكان التظاهرة, وإشترط أن يقدم طلب الإخطار في موعد لا يقل عن ثلاثة أيام ولا يتجاوز خمسة عشر يوماً قبل الموعد المقرر لتنظيم المظاهرة أو تسييرها, وكذلك يجب ان يتضمن طلب الاخطار مكان المظاهرة وخط سيرها, ميعاد بدئها وانتهائها, الغرض من المظاهرة, اسماء الافراد المنظمين للمظاهرة وصفاتهم ومحل اقامتهم ووسائل الاتصال بهم([42]).
اما في العراق فان طلب الاخطار يقدم الى السلطة المختصة بالترخيص([43]). ويشترط تقديم طلب الاخطار قبل (24) ساعة من موعد المظاهرة, ولم يحدد الامر موعداً اقصى لتقديم الطلب, ويتضمن الطلب العدد الاعلى للمشاركين في التظاهرة, واسماء وعناوين المنظمين لها, ومكان تنظيمها وخط سيرها ان كانت مظاهرة متحركة, ووقت بدئها وانتهائها([44]).
والملاحظ على موقف المشرع المصري وامر سلطة الائتلاف الموقتة “المنحلة” ان كلاهما اشترطا تحديد زمان التظاهرة وهذا فيه تقييد واضح لممارسة التظاهر السلمي, ومن الممكن ان تتذرع الجهة الادارية بذريعة عدم ملاءمة الوقت للتظاهر فترفض اعطاء الاذن بالتظاهر, كما ان المشرع المصري اخذ بنظام الاخطار المقترن بإذن في السماح بقيام التظاهرة من عدمه.
وفي العراق فإن أمر سلطة الائتلاف المنحلة قد أخذ بنظام الترخيص, ومنح السلطة المختصة التي أسماها (سلطة الترخيص) سلطة مطلقة في رفض الترخيص من عدمه([45]).
وتلجأ الدول التي تقيد حق التظاهر بالإخطار بإذن إلى توفير الضمانات الدستورية والقضائية له, ومنها النص على عدم جواز تقييده إلا في حالات ترد على سبيل الحصر, لكي تمنع القياس عليها, وكذلك تعيين جهة قضائية للطعن بقرار الرفض, وهي في فرنسا ومصر القضاء الإداري, أما في العراق فهي القضاء العادي([46])، علماً أن العراق من بلدان القضاء الإداري وتوجد فيه محكمة قضاء إداري([47]).
المبحث الثاني
الأساس القانوني لحق التظاهر السلمي
يقتضي بيان الأساس القانوني للتظاهر أن نبحثه أولاً في القانون الدولي, ثم في القانون الوطني، ذلك أن حقوق الإنسان, تم النص عليها في القانون الدولي, وألزمت الدول بتضمينها في قوانينها الوطنية, بموجب نظرية وحدة القانونين والتي تقول بالإحالة والاستقبال بين القانون الدولي والقوانين الداخلية([48]).
لذلك سنبحث هذا الأساس في القانون الدولي في مقصد أول، ثم في القانون الداخلي(الدساتير) في مقصد ثاني.
الفرع الاول
أساس حق التظاهر في القانون الدولي
يجد التظاهر أساسه في القانون الدولي لحقوق الإنسان, والذي يعرف:” بأنه مجموعة القواعد القانونية المتصفة بالعمومية, والتجريد, والتي ارتضتها الجماعة الدولية، وأصدرتها في صورة معاهدات, وبروتوكولات دولية ملزمة, بقصد حماية حقوق الإنسان, المحكوم بوصفه إنسانا وعضواً في المجتمع من عدوان سلطته الحاكمة أو تقصيرها، وتمثل الحد الأدنى من الحماية التي لا يجوز للدول الأعضاء النزول عنها مطلقا,ً أو التحلل من بعضها في غير الاستثناءات المقررة فيها([49]).
وتتضمن المعاهدات الدولية، المعاهدات الشارعة (الجماعية) وهي المعاهدات المعقودة بين عدة دول, وتضع قواعد قانونية ملزمة, ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية, والسياسية([50]). وكذلك في المعاهدات الاقليمية, المعقودة بين عدة دول تربطها علاقات جوار جغرافي، كالمعاهدة الاوربية لحماية حقوق الإنسان, والميثاق العربي لحقوق الإنسان.
ويجب العودة إلى الاعلان العالمي لحقوق الإنسان بوصفه المصدر الأساس للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
أولاً. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر (1948) بناءً على توصية من اللجنة التحضيرية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي, والمتعلقة بتشكيل لجنة لحقوق الإنسان، ويؤكد الاعلان على أن للأفراد حقوقاً طبيعية, ترجع إلى إنسانية الإنسان، وتضمن الاعلان ديباجة وثلاثين مادة وجاءت المواد من (3-20) لتعرض الحقوق المدنية, والسياسية الواجب الاعتراف بها لكل كائن بشري([51]).
ومن الحقوق التي وردت في الاعلان حق الرأي والتعبير عنه والتي يندرج تحتها حق التظاهر السلمي, بوصفه فرع من فروع التعبير عن الرأي, وصورة من صور حرية الاجتماع وحق التجمع السلمي([52]).
ذلك أن الفقه يقسم حقوق الإنسان إلى عدة تقسيمات بحسب ورودها في الاعلان العالمي منها حقوق تخول صاحبها نهج سلوك معين في مواجهة الدولة, وتتمثل بالحق في التعبير عن الرأي والاجتماع والتجمع السلمي، وهذه حقوق ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان, أو بتغيير طبيعة نظام الحكم([53]).
وعلى الرغم من ذهاب أغلب الفقه إلى عدم الزامية الاعلان للدول الأعضاء في الأمم المتحدة, لأنه لا يتصف بصيغة المعاهدة الدولية, على الرغم من موافقة الجمعية العامة عليه، إلا أن هناك من يرى أن له قوة الزامية, وذلك لكونه أصبح يشكل عرفاً دولياً ملزماً خصوصاً وأن الدول بموجب ميثاق الأمم المتحدة, قد أقرت بالعمل على الوفاء بالتزاماتها المترتبة عليها بموجب الميثاق([54]).
ثانياً. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:
اتجهت الأمم المتحدة بعد إقرار الاعلان العالمي لحقوق الإنسان صوب جهة أخرى، وهي
تحويل المبادئ التي جاء بها الاعلان إلى قواعد قانونية دولية , عن طريق ابرام معاهدات تفرض التزامات على عاتق الدول المصدقة عليها([55]).
وتمثل الحقوق الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية, والسياسية الجيل الأول من الحقوق, والتي تسمى بالحقوق السلبية؛ وذلك لأن الدول لا تتدخل في ممارستها وإنما تلتزم بحمايتها وعدم تقييدها, حتى في الظروف الاستثنائية([56]).
وجاءت الإشارة إلى التظاهر السلمي كحق من حقوق الإنسان في المادة (21) من العهد أعلاه وذلك عندما نصت على حرية الاجتماع والتجمع السلمي، وما يؤكد هذا تقرير المجلس العالمي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة, إذ نص على أن حرية الاجتماع والتجمع السلمي ومن صورها التظاهرات السلمية, حق من الحقوق الواردة في العهد الدولي وفي المعاهدات الشارعة([57]).
ثالثاً. التشريعات الدولية الاقليمية:
جاءت المعاهدة الاوربية لحماية حقوق الإنسان الموقع عليها في روما سنة (1950), والتي
دخلت حيز النفاذ في سنة (1953)، وأوجبت على الدول الموقعة عليها احترام حقوق الإنسان, وتطبيقها، وهي ذات حقوق الإنسان الواردة في الاعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة (1948)، إذ تم بموجب هذه المعاهدة إنشاء المجلس الاوربي لحقوق الإنسان, وحذت حذو الدول الاوربية دول امريكا عندما عقدت الاتفاقية الامريكية لحقوق الانسان وانشأت المحكمة الاوربية لحقوق الانسان, واوجبت على الدول المصدقة على الاتفاقية او المنظمة لها ات تلتزم بما ورد فيها([58]).
وتضمنت المعاهدة ديباجة, و(66) مادة, إذ التزمت الدول الموقعة عليها, باحترام تطبيقها, وتنفيذ الحقوق الواردة فيها, وتوفير الحماية لها, وأنشئت بموجبها المحكمة الاوربية لحقوق الإنسان([59]).
وتمت الإشارة الضمنية إلى حق التظاهر السلمي كوسيلة من وسائل التجمع السلمي في صلب الاتفاقية، إذ أعطت للمواطنين, حق التجمع السلمي للتعبير عن آرائهم السياسية, وألزمت الدول المتعاقدة, بعدم تقييد هذا الحق, إلا في حدود النظام العام, وفي مجتمع ديمقراطي([60]).
أما الميثاق العربي لحقوق الإنسان فأكد على ضرورة تمتع المواطنين بالحق في الممارسة السياسية, وكذلك حقهم في الاجتماع, والتجمع بصورة سلمية, وذلك للتعبير عن آرائهم, وبيان رفضهم, أو تأييدهم لاتجاه معين([61]).
مما سبق يخلص الباحث إلى أن حق التظاهر السلمي يجد أساسه في الاعلان العالمي لحقوق الإنسان, وكذلك في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية, والسياسية, وفي المعاهدات الدولية الاقليمية وإن لم تتم الإشارة إليه صراحة, إذ العبرة بروح النص والقصد منه، وأن حقوق الإنسان كل لايتجزأ([62]).
رابعاً : الدساتير الوطنية
لا ضمانة للحقوق, والحريات خارج دولة القانون، ذلك أن القانون هو السلطان ولا سلطان عليه، ومن أهم ضمانات دولة القانون إلى جانب الفصل بين السلطات, واستقلالية القضاء، وجود الدستور وهو أهم ضمانات دولة القانون على الاطلاق, وتتضمن الوثيقة الدستورية نوعين من النصوص الاول يتضمن تحديد حقوق الافراد وحرياتهم, اما الثاني فيتضمن تحديد شكل الدولة, والعلاقة بين سلطاتها وهيئاتها([63]).
يكمن الأساس الدستوري لحق التظاهر السلمي في فرنسا في المادة(11)من اعلان حقوق الإنسان, والمواطن الفرنسي الصادر سنة 1789، إذ عدت الدساتير الفرنسية المتعاقبة, ذلك الاعلان جزءاً لايتجزأ من الدستور الفرنسي، ونص دستور الجمهورية الخامسة على ذلك في ديباجته([64]).
وثار خلاف وجدل طويل, بين الفقه في فرنسا, بشأن اعتبار الديباجة جزءاً من الدستور الفرنسي من عدمه، فبينما ذهب جانب من الفقه ويتزعمه (إيسمان) إلى أن الديباجة, ليست جزءاً من الدستور ومن ثم فإن الحقوق الواردة فيها ليست جزءاً منه. ذهب جانب آخر يتزعمه العميد (ديكي) ويناصره الفقيه (هوريو) إلى أن الديباجة جزء من الدستور, وان الاعلان المشار إليه فيها جزء لايتجزأ من الدستور، إلا أنه ولصدور حكم المجلس الدستوري الفرنسي عام 1971 في قضية الجمعيات المرفوعة أمامه قد قطع دابر الخلاف, وقضى بأن اعلان حقوق الإنسان, والمواطن الفرنسي, الصادر عام (1789) جزء لايتجزأ من الديباجة وهي جزء لايتجزأ من الدستور الفرنسي، وتوج المجلس الدستوري في حكم له صدر عام (1995) التظاهر السلمي؛ بتاج الحق الدستوري([65]).
كما أكد الأساس الدستوري لحق التظاهر في فرنسا بصدور قانون العقوبات الجديد الذي جرم فعل عرقلة التظاهر السلمي بالتهديد, أو صورة مدبرة, أو بأية وسيلة أخرى([66]).
أما في مصر, والتي يعد البعض أن صدور دستور سنة (1923) يعد البداية الحقيقية للحياة الدستورية هناك, والذي صدر كمنحة من الملك فؤاد, وجاء الباب الثاني منه تحت عنوان “في حقوق المصريين وواجباتهم”, مستمداً ذلك من النظم الديمقراطية القائمة في الدول الحديثة وقتذاك([67]).
وتعاقبت الدساتير المصرية على ذكر ذات الباب في متونها, مع الاختلاف في تسلسل المواد، فنص دستور (1930) على حرية الاجتماع, وأخضع الاجتماعات العامة لحكم القانون([68]).
أما الاعلان الدستوري الصادر سنة (1953) عقب ثورة يونيو (1952) فلم ينص على التظاهر السلمي ولا على حرية الاجتماع والتجمع السلمي, ولكنه نص على حماية تلك الحقوق([69]).
وجاء دستور مصر لسنة (1971) لينص في المادة (54) منه على حرية الاجتماع, والتجمع السلمي والتظاهر، ولم يقف عند سرد الحقوق, والحريات فقط, بل اتبع ذلك بتقرير جزاءات في حالة الاعتداء عليها, إذ قضى بأن أي اعتداء على الحقوق والحريات العامة التي كفلها الدستور والقانون؛ جريمة لاتسقط الدعوى الجنائية, ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً, لمن وقع عليه الاعتداء([70]).
وبعد التظاهرات التي قامت في مصر في (25) كانون الثاني (2011), تم تعطيل بعض مواد الدستور وجرى العمل على اصدار اعلانات دستورية لغرض تنظيم الحقوق والحريات كان ابرزها الاعلان الدستوري الذي صدر في (30) أذار (2011) والذي ادرج المادة (54) من دستور ســـنة (1971)دون أي تغيير في تركيبتها اللغوية.
وعلى ذلك يعد حق التظاهر السلمي حقاً دستورياً أصيلاً, مقرر بموجب النصوص الدستورية السالفة الذكر, ولا يعد منحة من جهة, أو حق لسلطة تمنحه لمن تشاء, وتمنعه عمن تشاء ووقت تشاء، وتتقيد السلطة وهي بصدد مباشرة اختصاصها في مجال التظاهر بأحكام القانون([71]).
وفي العراق جاء القانون الأساسي لسنة (1925) متأثراً بمبادئ اعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي، فأفرد باباً يتضمن مواد عن المساواة, والحرية الدينية, وحرية التعبير عن الرأي، ونص على حرية الاجتماع, وابداء الرأي, والنشر, والاجتماع, وتأليف الجمعيات, والانضمام إليها في حدود القانون([72]).
وفي دستور (1958) جاء النص على الحقوق والحريات، إلا أن المشرع لم يبين ماهية هذه الحقوق، بعد أن نص على حرية الراي, والتعبير عنه, ولكنه لم يبين صورها، ولم يمنع ذلك المشرع من إصدار قانون الاجتماعات العامة, والمظاهرات رقم (115) لسنة 1958، والذي نظم ممارسة التجمع السلمي, والاجتماعات العامة والمظاهرات([73]).
وكفل دستور جمهورية العراق المؤقت لسنة (1970) الملغى, حرية الرأي, والنشر, والاجتماع, والتظاهر السلمي, وتأسيس الأحزاب السياسية, والنقابات المهنية. إلا أن الملاحظ أنه تم الغاء قانون الاجتماعات العامة, والمظاهرات رقم (115) لسنة (1958)([74]).
وبعد سنة (2003) وعلى أثر تغيير النظام السياسي في العراق اثر الاحتلال الامريكي, صدر قانون إدارة الدولة, في المرحلة الانتقالية في (9/3/2004)؛ وعده واضعوه القانون الأعلى للبلاد وأعطوه طبيعة دستورية فجعلوه بمثابة دستور للبلاد, في المرحلة الممتدة من صدوره حتى انتخابات (31 )كانون الأول (2005).
وعلى أثر ذلك, صدر أمر سلطة الائتلاف المؤقتة( المنحلة )رقم (19) لسنة (2003) والذي نص على تنظيم حرية الاجتماع, وحق التظاهر السلمي، بموجب النص الوارد في قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية.
وبصدور دستور جمهورية العراق لسنة (2005)، تم النص صراحة على حق التظاهر السلمي, وأحيل أمر تنظيمه بموجب النص الدستوري إلى السلطة التشريعية, لإقرار قانون بهذا الصدد([75]).
وأحاط المشرع الدستوري حق التظاهر بضمانات أهمها أنه منع سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية, أو مع الحقوق, والحريات الواردة فيه إلا بقانون([76]).
ويمكن إبداء ملاحظتين على النص, الذي عدد الضمانات, التي تتعلق بالحقوق والحريات الواردة في الدستور، أولهما النص على عدم سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية, فيه استيراد لنصوص دستورية, وحقوق وحريات ربما لا تتلاءم مع المجتمع العراقي، وفيه ترك الباب مشرعاً أمام أي اجتهاد قضائي, أو تشريعي لتفسير مدى معارضة هذا القانون, من عدمه, مع مبادئ الديمقراطية.
والملاحظة الثانية, هي أن يتم النص صراحةً على عدم جواز تقييد الحقوق, والحريات الواردة في هذا الدستور, إلا بقانون وحذف عبارة بناء على قانون، ذلك أن السلطة التنفيذية لها اختصاص إصدار قوانين في الظروف الاستثنائية تقيد فيها من حقوق الأفراد وحرياتهم, الأمر الذي يتعارض مع الطبيعة الأساسية لهذه الحقوق, ومع المواثيق والعهود الدولية التي تحظر مثل هذا التقييد
المبحث الثاني
التظاهر بين النص القانوني والواقع العملي
سنتناول في هذا المبحث الاطار القانوني الذي ينظم حق التظاهر في العراق ،ومن ثم نعرج الى الواقع العملي له ، في المطلبين الآتيين.
المطلب الاول
النظام القانوني للتظاهر في العراق
الحق في التظاهر السلمي هو احد المبادئ الرئيسة التي تكاد لا تخلو الدساتير الديمقراطية من النص عليها، وهو الاسلوب الاكثر حضارية للضغط على الحكومات بغية تلبية مطاليب المتظاهرين سلميا، لهذا فقد اهتمت الكثير من الاعلانات والمواثيق والمعاهدات الدولية بالحق في التظاهر والتجمع السلمي، ولعل من ابرزها الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948 والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966، الذي تضمن الاعتراف بالحق المذكور، وعدم جواز وضع قيود على ممارسته الا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الامن القومي او السلامة العامة او النظام العام او حماية الصحة العامة او الاداب العامة او حماية حقوق الاخرين وحرياتهم، وتضمن ميثاق الحقوق الاساسية للاتحاد الاوربي على ان لكل انسان الحق في حرية التجمع السلمي.
اما في العراق فقد كفلت الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والاداب حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، استناداً لأحكام المادة (38) من الدستور العراقي لسنة 2005 (النافذ) اذ نصت على (تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والاداب “حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون”)، والملاحظ ان المشرع العراقي لم يسن لحد الان قانون خاص بحق التظاهر السلمي لهذا فأن الجهات المختصة تستند فيما تذهب اليه الى امر سلطة الاتئلاف المؤقتة ( المنحلة ) وفقاً للأمر رقم 19 لسنة 2003 المنشور في جريدة الوقائع العراقية الصادرة بالعدد 3979 في 10/تموز/2003، اذ جرى بموجب القسم (2) منه تعليق احكام المواد 220 الى 222 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل والتي تقيد حق افراد الشعب في حرية التعبير والحق في التجمع السلمي، كما تضمن الامر المذكور تحديد جهة اعطاء الترخيص (أي الجهة التي تعطي الاذن بالتظاهر السلمي او التجمع السلمي)،كما الزم الامر المذكور اخطار سلطة الترخيص قبل 24 ساعة على الاقل من بدء المسيرة او التجمع، ووجوب بيان اسماء المنظمين للتجمع او التظاهر السلمي والحد الاعلى للاشخاص المشاركين فيه والطريق الذي تسلكه ووقت وبدء ومدة التجمع او التظاهر، والزم سلطة الترخيص ان تحيط علما المجموعة المنظمة او التي قدمت الاشعار خلال 12 ساعة بالحد الاعلى لعدد الاشخاص المسموح لهم بالمشاركة، كما حظر على المتظاهرين احضار او حمل سلاح ناري او اشياء حادة او اي شئ يمكن قذفه يلحق الاذى، بما في ذلك الحجارة او العصي باستثناء ما يستخدم لرفع اللافتات والشعارات التي يحملها المتظاهرون، وحيث ان الامر المذكور كان قد صدر عن سلطة الائتلاف المنحلة ولم يصدر مستندا الى الدستور العراقي الصادر عام 2005 كما انه لم يصدر عن السلطة التشريعية العراقية، وحيث انه صدر باللغة الانجليزية وتمت ترجمته إلى اللغة العربية بصياغة مرتبكة وغامضة، خاصة المواد التي تختص بالإحكام العقابية الوارد في القسم (7) منه كونها ليست واضحة وجاءت مختصرة ودون ان تميز بين الأفعال التي قد يقوم بها المتظاهرون مما يعطي القضاء سلطة تقديرية واسعة في فرض العقوبات على المتظاهرين لمن خالف الامر المذكور،مما يعد خرقاً لنصوص الدستور العراقي التي كفلت الحق في التظاهر السلمي، ولهذا كان على السلطة التشريعية المتمثلة حاليا بمجلس النواب العراقي([77]) ،ان يسارع الى سن قانون ينظم حق التظاهر والتجمع السلمي وان يتضمن رفع كافة القيود على ممارسة هذا الحق وبما يؤدي الى اعطاء الحرية الكاملة للمتظاهرين في التعبير عن ارائهم وتطلعاتهم المشروعة وعدم التضييق على حرية التظاهر كما لا بد وان يتضمن صراحة منع استخدام القوة ضد المتظاهرين احتراماً للحق المذكور وتنفيذاً لنصوص الدستور العراقي وايمانا بأن الشعب مصدر السلطات وشرعيتها.
وفي مطلع عام 2014 تم طرح مشروع قانون حرية التعبير والاجتماع والتظاهر السلمي وال`ي تمت قراءته للمرة الاولى في مجلس النواب في حزيران عام 2014 ، والذي تضمن (خمسة فصول وبسبعة عشر مادة ) ،حيث تضمن الفصل الاول : (التعاريف والاهداف ) ابتدأت المادة الاولى منه بالقصد من التعاريف الواردة في هذا القانون والمعاني المبينة ازاؤها ،وكان نصيبها المادة (1) وبفقراتها الست والمادة (2) والتي تحدثت عن اهداف القانون والجهات المسؤولة عن تنظيم م اورد فيه ، وتم تقسيم الفصول الاخرى حيث كان الفصل الثاني : ينظم حرية التعبير عن الرأي والفصل الثالث : حرية الاجتماع والفصل الرابع : حرية التظاهر السلمي وتضمن الفصل الخامس :احكام عامه ،لينتهي بالاسباب الموجبة للقانون .يثير مشروع قانون حرية التعبير عن الراي والاجتماع والتظاهر السلمي الكثير من الامور باعتباره القانون الاكثر خطورة والذي يقتضي ان يكون متسعا يُنتج بطريقة تختلف عما نراه اليوم من انتاجية القوانين.فمثل هذا القانون يحتاج الى تلاقح ثقافي فكري اجتماعي سياسي اقتصادي يستدعي ان تنتجه ورش عمل صغيرة تكبر مثل كرات الثلج لتشكل كرة كبيرة تحتوي رؤى الجميع ولا ضابط لهذه الرؤى او الخيارات الا ما تضمنه الدستور. ان النظام الديمقراطي الذي تشكل الحرية روحه ومحوره يستند في تحقيق اهدافه الى مجاميع الاراء وادوات التعبير وما يرتبط بها ويتفرع عنها .لقد جاء مشروع قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي حاملا الكثير من الملاحظات التي وسمت الية كتابته التدوينية وما تضمنه من قصور وملاحظات اخرى نجملها بالاتي :
ان مشروع القانون حمل اسم حرية التعبير عن الراي والاجتماع والتظاهر السلمي بالتماهي مع الفقرة (ثالثا ) من المادة (38 ) من الدستور علما ان المادة بمجملها تتحدث عن كفالة حرية التعبير عن الرأي وما ذكر من الفقرات السابقة تتداخل بينها لتشكل عماد هذه الحرية فالعنوان احتاج الى الاجمال والاختصار فحرية التعبير عن الرأي هي مظلة كبيرة وبقية الحريات الواردة هي صور لها فالاجتماع والتظاهر السلمي اضافة للفقرات الاخرى والحريات الاخرى مثل الصحافة والاعلان والاعلام والطباعة والنشر .فالعنوان بحاجة الى الاجمال والاختصار او التجزئة كما فعل مشروع القانون وحين ذلك يكون لكل ِ قانونه فالابتسار والاختصار افقد القانون الاحاطة بممارسة الحرية تقييدا واطلاقا ً .
وقد جاء (الفصل الرابع) تحت عنوان (حرية التظاهر السلمي) اذ نصت المادة العاشرة منه على أنه ((ـ اولاـ للمواطنين التظاهر سلمياً للتعبير عن ارائهم او المطالبة بحقوقهم التي كفلها لهم القانون وفق الشروط المحددة في المادة (7) من هذا القانون .
ثانياـ لايجوز تنظيم التظاهرات قبل الساعة السابعة صباحاً او بعد الساعة العاشرة ليلاً)).
وتضمنت المادة ـ 7 ـ الشروط الواجب توافرها لممارسة حق التظاهر إ> نصت على أنه ((اولاـ للمواطنين حرية الاجتماعات العامة بعد الحصول على اذن مسبق من رئيس الوحدة الادارية قبل (5) خمسة ايام في الاقل على ان يتضمن طلب الاذن موضوع الاجتماع والغرض منه وزمان ومكان عقده واسماء اعضاء اللجنة المنظمة له .
ثانياـ تشكل اللجنة المنصوص عليها في البند (اولا) من هذه المادة من رئيس وعضوين في الاقل واذا لم يتم تشكيل اللجنة فانها تعد مشكلة من الاعضاء المثبتة اسماؤهم في طلب الاذن ، وتكون اللجنة مسؤولة عن حسن تنظيم الاجتماع والوفاء بالالتزامات المقررة قانونا والمحافظة على الاجتماع بالتنسيق مع الجهات المختصة .
ثالثاـ اذا رفض رئيس الوحدة الادارية طلب عقد الاجتماع العام ، فلرئيس اللجنة المنظمة للاجتماع ان يطعن بقرار الرفض امام محكمة البداءة المختصة وعليها الفصل فيها على وجه الاستعجال .
رابعاـ يبلغ قرار الرفض وفق البند (ثالثا) من هذه المادة الى منظمي الاجتماع العام او الى احد مقدمـي الطلب قبل موعد الاجتماع بـ(24) اربع وعشرين ساعة في الاقل ويجري التبليغ بالطرق المحددة قانوناً )).
وفي الوقت الذي نتمنى ان يتم الاسراع في اصدار هذا القانون وان يلغى الامر الصادر عن سلطة الاتلاف المؤقتة المنحلة رقم 19 لسنة 2003 ، فإننا في الوقت نفسه ندعو الى اعادة النظر بصياغة مواده القانونية قبل اقرراها عاى النحو الذي ينسجم ومباديء حقوق الانسان المقررة بموجب الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها واصبح ملزماً بها قانوناً ، كما أن السلطة التشريعية ملزمة باجراء المواءمة التشريعية بين جميع القوانين النافذه وبين الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها العراق باعتبارها تسمو على النصوص الوطنية ، وينبغي التقيد بها قانوناً
المطلب الثاني
الواقع العملي لحق التظاهر في العراق
على الرغم من ان حق التظاهر في العراق يعد من الحقوق الدستورية ([78])والقانونية([79]) ،فإن حق التظاهر شهد الكثير من الانتهاكات على الصعيد الواقعي والعملي ، إذ قلصت الحكومة من حق العراقيين في حرية التجمع بإلزام المتظاهرين بالحصول على إذن مسبق من وزارة الداخلية، التي دأبت على رفضت منح التصاريح.
وفي آب وتشرين الثاني عام 2013 قامت قوات الأمن بالاعتداء على متظاهرين في بغداد والناصرية، حيث كان متظاهرون يحتجون على تفشي الفساد، واعتقلت من حضروها من النشطاء والصحفيين.
كما لجأت قوات الأمن، بما فيها فرق القوات الخاصة في جهاز مكافحة الإرهاب، والشرطة الاتحادية، والجيش، إلى استخدام أساليب مسيئة وغير مشروعة أثناء عمليات الاعتقال والاستجواب والاحتجاز. وفي تشرين الثاني كانون الأول من العام نفسه، في شهر المحرم بما له من مكانة، اعتقلت قوات الأمن مئات الأشخاص دون تصريح واحتجزتهم بمعزل عن العالم الخارجي لمدد مطولة في ما يعرف بـ”الاحتجاز الاستباقي”.([80])
ولم تحاسب السلطات قوات الأمن على الاستخدام المفرط للقوة أو العنف بغير مسوغ مع المتظاهرين، وخاصة في 23 نيسان في الحويجة، حين قامت عناصر من القوات الخاصة والجيش بقتل ما لا يقل عن 51 متظاهراً في ساحات الاعتصام بعد ان قامت القوات الامنية باقتحامها ، وكانت حجة الحكومة آنذاك هو اختراق عناصر ارهابية لتلك الساحات ،وكما هو معروف قانوناً فإنه وعلى فرض صحة الرواية الحكومية بأختراق بعض العناصر الارهابية لتلك الساحات فإنه ينبغي عندئذ اعتقال المشتبه به ،وعرضهم على القضاء ،ليتولى التحقيق معهم ومحاكمتهم ، ومن ثم ادانة من يثبت قيامه باعمال اجرامية ، واطلاق سراح الاخرين والافراج عنهم([81]).
اما تنفيذ احكام الاعدام خارج نطاق القانون ومن دون محاكمات وبشكل مباشر وعشوائي ، فهي يعد جريمة ضد الانسانية ، التي تعد من الجرائم الدولية حتى وان ارتكبت على الصعيد الوطني([82]) .
الخاتمة
في نهاية بحثنا حول الحق في الظاهر بين الواقع والقانون فقد توصلنا الى جملة من النتائج والمقترحات لعل اهمها.
1-لم تورد الاعلانات والعهود والمواثيق والاتفاقات الدولية تعريفا للتظاهر, الامر الذي انعكس على تعريف الفقه له, فذهب جانب من الفقه الى ان التظاهر يندرج تحت حرية الاجتماع, لأنه تجمع لعدد من الاشخاص؛ اما الجانب الاخر من الفقه فذهب الى ان التظاهر يندرج تحت حرية الرأي والتعبير عنه الوارد في المادة(19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
2- ادى عدم وجود تعريف تشريعي مانع جامع للتظاهر الى انقسام الفقه الداخلي في تعريفه بين رأيين الاول يمثله انصار المذهب الحر, والثاني يمثله انصار المذهب الاشتراكي الامر الذي انعكس على التقييد التشريعي للتظاهر بين من لا يرى ايراد قيود الا التي تتعلق بالنظام العام, بينما ذهب البعض الى ان للسلطة حق تقييده بأية قيود مادامت لم ترد في نص التعريف حصرا.
3- لا يوجد تشريع عراقي لتنظيم ممارسة التظاهر السلمي وانما يتم العمل بموجب امر سلطة الائتلاف المؤقتة” المنحلة” وهي سلطة انشأت بعد احتلال العراق سنة (2003), وهو لا يتلاءم مع تكوين المجتمع العراقي؛ الامر الذي يدفعنا الى القول ان هناك شبه فراغ تشريعي في تنظيم ممارسة التظاهر السلمي, ذلك ان اوامر سلطة الائتلاف المؤقتة “المنحلة” عرضة للتجاذبات بشأن الغائها او ايقاف العمل بمضمونها, زد على ذلك ان هذا الامر لم يعرف التظاهر السلمي وانما اكتفى ببيان الجرائم والعقوبات المقررة لها.
4-تدخل الجرائم المرتكبة اثناء التظاهر السلمي في عداد الجرائم ضد الانسانية, لان الاعتداء يقع على مجموعة من السكان المدنيين في اطار هجوم واسع النطاق ومنهجي وعملا بسياسة
دولة او منظمة, الامر الذي يستتبعه خضوع مرتكبيها للقضاء الدولي الجنائي, وفي الحالات المنصوص عليها في الظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية .
- تتحمل الجهات المنظمة تنظيما رسميا, او غير رسمي, والجماعات الدينية المتطرفة والاثنية المتعصبة, او ما تعرف اصطلاحاً بالجهات الفاعلة داخل الدولة, المسؤولية الجنائية الدولية بالاستناد الى نص المادة(7/2/أ من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية ونصها” تعني عبارة هجوم موجه ضد اية مجموعة من السكان المدنيين, نهجا سلوكيا يتضمن الارتكاب المتكرر للأفعال المشار اليها في الفقرة (1) ضد مجموعة من السكان المدنيين, عملا بسياسة دولة او منظمة تقضي بارتكاب هذا الهجوم, او تعزيزا لهذه السياسة”.
- توجد اليات قانونية دولية لتفعيل التظاهر السلمي منها ما نص عليه ميثاق الامم المتحدة مثل مجلس حقوق الانسان وهي اليات دولية دائمة, وهناك اليات قانونية اقليمية انشئت بموجب اتفاقات دولية اقليمية, وابرزها المعاهدة الاوربية لحماية حقوق الانسان, والاتفاقية الامريكية لحقوق الانسان, والميثاق الافريقي لحقوق الانسان والشعوب الافريقي؛ وتسمح هذه الاليات للأفراد بتقديم الشكاوى عن الانتهاكات التي تقع على حقوقهم.
7-جاءت القوانين المنظمة للتظاهر السلمي بنصوص تُجَرِم افعال المتظاهرين, ولم تُجَرِم افعال رجال السلطة وانما اكتفت بالنصوص الواردة في قانون العقوبات الامر الذي يكون مدعاة الى القول بوجود ازدواجية في تنظيم ممارسة التظاهر السلمي في مجال التجريم والعقاب.
8-الاسراع بتشريع قانون ” حرية التعبير عن الراي والاجتماع والتظاهر السلمي “, بعده من الحقوق المنصوص عليها في المادة(38/ثالثاً) من دستور جمهورية العراق لسنة(2005)؛ وان يشمل القانون تنظيم حرية الاجتماع لان الاجتماع والتظاهر يلتقيان في مواطن عديدة ابرزها ان كلاهما يمارسان بتجمع عدد من الاشخاص, وكذلك ان يجري الاجتماع في مكان عام؛ وال>ي سبق لمجلس النواب العراقي ان ادرجه ضمن جدول اعماله وتمت قراءته قراءة اولى في عام 2014 ، مع ضرورة تلافي مواضع القصور فيه والتي شخصتها العديد من منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الانسان واساتذة القانون وعلى النحو الذي ينسجم مع ماهو مقرر في الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها العراق .
9- ادراج المبادئ الواردة في مدونة سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين والصادرة عن الامم المتحدة, وفيما يخص الاجراءات الواجب اتباعها في السيطرة على التظاهرات عند خروجها عن سلميتها, وذكر هذه الاجراءات في القانون, وتكون صياغتها كالاتي:
” في حالة خروج التظاهرة عن سلميتها تتبع قوات الامن الاجراءات التالية:
اولاً: انذار المتظاهرين باستخدام مكبرات الصوت, ولثلاث مرات متتالية بضرورة التفرق وانهاء المظاهرة.
ثانياً: في حالة عدم استجابة المتظاهرين تتبع الاجراءات التالية:
أ. استخدام خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين.
ب. التهديد باستخدام العصي والهراوات في حالة عدم جدوى المياه.
ج. استخدام قنابل الدخان والصوت.
د. استخدام قنابل الغاز المسيلة للدموع.
ثالثاً: عند استحالة فض المظاهرة بالوسائل اعلاه تلجأ قوات الامن الى الاجراءات التالية:
أ. اطلاق الرصاص المطاطي فوق المتظاهرين.
ب. يجب توجيه الرصاص المطاطي الى المنطقة اسفل الحزام حتى القدمين, ويمنع اطلاق الرصاص المطاطي على المنطقة من اعلى الصدر الى الرأس.
ج. يمنع اللجوء الى استخدام الرصاص الحي الا بأمر صادر من القائد الميداني المسؤول عن توفير الامن للمتظاهرين, ويلتزم قبل اصدار الامر بالتشاور مع رئيس الوحدة الادارية.
د. لا يباح لرجال الامن استخدام الرصاص الحي الا اذا استخدم المتظاهرون الاسلحة النارية, وادى ذلك الى اصابة احد رجال الامن, الامر الذي تتوافر معه حالة الدفاع الشرعي”.
- النص على عد التظاهر ضرفاً مشددا للعقاب في الجرائم التي تقع اثناؤه سواء اوقعت ضد المتظاهرين أم منهم, لان هذه الجرائم ترتكب في مكان تتحقق فيه العلانية.
- تَبَّنّي سياسة التفريد العقابي التشريعي للجرائم التي ترتكب اثناء التظاهر والمنصوص عليها في القانون المنظم له, كما يجب النص على الوسائل القانونية للتفريد القضائي للعقاب, وذلك بغية منح القاضي سلطة تقديرية في الحكم بحدي العقوبة المقررة بالنص لما في ذلك من الاعتداد بظروف الجريمة وظروف مرتكبها.
- تضمين قانون العقوبات العراقي نصاً بمقتضاه توقع العقوبة الجنائية على كل من يعرقل او يعيق بصورة مدبرة او بالتهديد ممارسة التظاهر السلمي, مع تغليظ العقوبة اذا اقترنت هذه الاعاقة بالعنف والاعتداء المادي والتدمير.
12-انشاء هيئة وطنية من رجال الدولة السابقين والمفكرين والمثقفين, تسمى بالهيئة الوطنية لمعالجة الازمات الناشئة عن التظاهر السلمي, تكون مهمتها التوصل الى حلول ناجعة لمطالب المتظاهرين, وحل الازمات التي قد تنتج عن التظاهر السلمي, قبل استفحالها, خصوصاً وان التجارب الحالية اثبتت عدم وجود ثقة متبادلة بين المتظاهرين ومن يدعي تمثيلهم, ولقطع السبيل على من يريد المتاجرة بقضية التظاهر السلمي؛ وعجز لجان التحقيق وتقصي الحقائق ونظيراتها لجان التفاوض مع المتظاهرين عن ايجاد الحلول الناجعة لتلك المطالب وما تحدثه من مشاكل.
- تفعيل مبدأ استقلال القضاء وذلك بضرورة النص على وجوب حضور قاضي من المحكمة المختصة مكانيا الى مكان التظاهرة للاطلاع على الوضع هناك, وذلك قبل شروع القوات الامنية بفض التظاهرة, كما يجب ان يتم النص على منع انابة اعضاء الضبط القضائي للتحقيق في الجرائم التي ترتكب اثنا التظاهر وحصر اختصاص التحقيق بقضاة التحقيق والمحققين العدليين الذين يعملون تحت اشرافهم, كما يلزم منع السلطة التشريعية والتنفيذية من تشكيل لجان للتحقيق في الاحداث التي تقع اثناء التظاهر السلمي, لان الاخيرة اما أن تكون متحيزة لموقف ممثلي الشعب, او لموقف السلطة التنفيذية التي ستكون خصماً وحكماً في وقت واحد.
والله الموفق
المصادر
اولاً-المؤلفات
- أحمد حافظ نجم: حقوق الإنسان بين القرآن والاعلان، دار الفكر العربي، القاهرة، 1983..
- براء منذر كمال عبداللطيف ، النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، دار الحامد –عمان-2008.
- تقرير خبراء منظمة الأمن والتعاون الاوربي: مبادئ توجيهية بشأن حرية التجمع السلمي، مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، ط2، ستراسبورغ، وارسو، 2010.
- تقرير منظمة العفو الدولية عن الاوضاع في العراق لسنة 2013 .
- جيروم بايرون وتوماس دنيس: الوجيز في القانون الدستوري- المبادئ العامة للدستور الامريكي، ط1، ترجمة- محمد مصطفى غنيم، الجمعية المصرية لنشر الثقافة، القاهرة، 1998.
- حسين محمد سكر: حرية الاجتماع- دراسة مقارنة، اطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق- جامعة النهرين، 2006.
- خيري احمد الكباش: الحماية الجنائية لحقوق الإنسان- دراسة مقارنة، منشأة المعارف، الاسكندرية، 2008، .
- رنيه جارو: موسوعة قانون العقوبات الفرنسي العام والخاص,المجلد10,ترجمة لين صلاح مطر, منشورات الحلبي الحقوقية, بيروت, 2003.
- سعدى محمد الخطيب: أسس حقوق الإنسان في التشريع الديني والدولي، ط1، منشورات الحلبي، بيروت، 2010.
- سليمان محمد الطماوي: النظرية العامة للقرارات الإدارية، ط5، دار الفكر العربي، القاهرة، 1984.
- سهيل حسين الفتلاوي: موسوعة القانون الدولي، ط4، ج3، حقوق الإنسان، دار الثقافة، عمان، 2012.
- صالح جواد الكاظم: النظام الدستوري في العراق، دون دار نشر، بغداد، 1980.
- عبد العزيز سرحان: الاتفاقية الاوربية لحقوق الإنسان، دار النهضة العربية، القاهرة، 1966.
- عبدالله لحود ود. جوزيف مغيزل: حقوق الإنسان الشخصية والسياسية، ط2، دار عويدات، بيروت، 1985.
- عصام الدبس: النظم السياسية، ج6، الحقوق والحريات العامة، ط2، دار الثقافة، عمان، 2011.
- عصام العطية: القانون الدولي العام، ط3، العاتك للكتاب، القاهرة، 2010.
- عصام عبد الوهاب البرزنجي: مجلس شورى الدولة وميلاد القضاء الإداري في العراق، بحث منشور في مجلة العلوم القانونية، المجلد9، العدد 1-2 بغداد 1990.
- علي صادق ابو هيف: القانون الدولي العام، ط11، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1975.
- عمر السيد رمضان: شرح قانون العقوبات القسم الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، 1986.
- عيسى تركي خلف: أساليب الضبط الإداري وعلاقتها بالحريات العامة، اطروحة دكتوراه مقدمة إلى معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 2011
- فاروق عبد البر: دراسات معمقة في حرية التعبير واستقلال القضاء, دون دار ومكان نشر,2006.
- فيصل شطناوي: مبادئ القانون الدستوري والنظام الدستوري الاردني، ط1، دار الحامد، عمان، 2002.
- محسن خليل: النظام الدستوري في مصر والجمهورية العربية المتحدة، ط1، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1958،
- محمد الطيب عبد اللطيف: نظام الترخيص والاخطار في القانون المصري, مطبعة دار التأليف, القاهرة,1957
- محمد بكر قباني: القانون الاداري, دار النهضة العربية, القاهرة, بلا سنة طباعة.
- محمد عبد العزيز عبد الله: دعاوى حقوق الإنسان والتدخل في سيادة الدول، اطروحة دكتوراه. كلية الدراسات العليا، جامعة نايف العربية للعلوم الامنية، الرياض، 2009.
- مروج هادي الجزائري: الحقوق المدنية والسياسية وموقف الدساتير العراقية منها، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة بغداد، 2004.
- منى محمود مصطفى: القانون الدولي لحقوق الإنسان، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989.
ثانياً-التشريعات
- القانون الأساسي العراقي لسنة 1925.
- قانون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية رقم 40 لسنة 1988 المعدل النافذ.
- أمر سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة ) رقم (19) لسنة 2003.
- قانون المرور العراقي الصادر بموجب أمر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة 86 لسنة 2004 المنشور بالوقائع العراقية بالعدد 3984 في حزيران 2004.
- دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ.
- قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات السلمية رقم(107) لسنة(2013) النافذ.
- مشروع قانون حرية التعبير عن الراي والاجتماع والتظاهر السلمي
([1]) د. أحمد حافظ نجم: حقوق الإنسان بين القرآن والاعلان، دار الفكر العربي، القاهرة، 1983، ص12.
([2]) تقرير خبراء منظمة الأمن والتعاون الاوربي: مبادئ توجيهية بشأن حرية التجمع السلمي، مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، ط2، ستراسبورغ، وارسو، 2010، ص15.
([3]) محمد عبد العزيز عبد الله: دعاوى حقوق الإنسان والتدخل في سيادة الدول، اطروحة دكتوراه. كلية الدراسات العليا، جامعة نايف العربية للعلوم الامنية، الرياض، 2009، ص46.
([4]) د. عصام الدبس: النظم السياسية، ج6، الحقوق والحريات العامة، ط2، دار الثقافة، عمان، 2011، ص13.
([5]) د. سعدى محمد الخطيب: أسس حقوق الإنسان في التشريع الديني والدولي، ط1، منشورات الحلبي، بيروت، 2010، ص115.
([6]) د. سليمان محمد الطماوي: النظرية العامة للقرارات الإدارية، ط5، دار الفكر العربي، القاهرة، 1984، ص443.
([7]) تجدر الاشارة الى ان مشروع قانون حرية التعبير عن الراي والاجتماع والتظاهر السلمي عرف التظاهر السلمي “تجمع عدد غير محدد من المواطنين للتعبير عن أرائهم او المطالبة بحقوقهم التي كفلها القانون التي تنظم وتسير في الطرق والساحات العامة” المادة 1/خامسا من مشروع القانون .
([8]) المادة الرابعة من قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية المصري رقم 107 لسنة 2013 والمنشور في الوقائع المصرية ـ العدد47 (مكرر) في 24نوفمبر2013.
([9]) المادة الرابعة من قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية رقم 107 لسنة2013.
([10]) د. سعد عصفور: مصدر سابق, ص259.
([11])حسين محمد سكر: حرية الاجتماع- دراسة مقارنة، اطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق- جامعة النهرين، 2006، ص78.
([12]) أفكار عبد الرازق عبد السميع: مصدر السابق، ص164.
([13])الفقرة-1- القسم 1 من قانون المرور العراقي الصادر بموجب أمر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة 86 لسنة 2004 المنشور بالوقائع العراقية بالعدد 3984 في حزيران 2004.
([14]) د. عمر السيد رمضان: شرح قانون العقوبات القسم الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، 1986، ص363.
([15]) د. رفعت عيد سيد: مصدر سابق، ص38.
([16]) د. امل محمد حمزة: مصدر السابق، ص38.
([17]) أفكار عبد الرازق عبد السميع: مصدر سابق، ص79.
([18])حكم المحكمة الاتحادية العليا الامريكية في قضية هيج ضد مؤتمر المنظمات الصناعية- مشار إليه لدى جيروم بايرون وتوماس دنيس: الوجيز في القانون الدستوري- المبادئ العامة للدستور الامريكي، ط1، ترجمة- محمد مصطفى غنيم، الجمعية المصرية لنشر الثقافة، القاهرة، 1998، ص277.
([19]) د. امل محمد حمزة: مصدر سابق، ص38.
([20]) د. محمد ماهر ابو العينين: مصدر سابق، ص785، ويشير إلى حكم محكمة النقض في 16/2/1976.
([21]) د. رفعت عيد سيد: مصدر سابق، ص58.
([22]) المادة(1) من قانون الحفاظ على حرمة أماكن العبادة رقم(13) لسنة(2008) المصري. ومشروع قانون حرية الرأي والتعبير عنه والتظاهر السلمي العراقي المادة( 9/ أولاً) منه.
([23]) المادة(5)من قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية رقم 107 لسنة 2013.
([24]) المادة( 8 )من قانون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية رقم 40 لسنة 1988 المعدل النافذ.
ود. عبدالله لحود ود. جوزيف مغيزل: حقوق الإنسان الشخصية والسياسية، ط2، دار عويدات، بيروت، 1985، ص93.
([25]) د. كريم يوسف كشاكش: مصدر سابق، ص75.
([26]) حكم محكمة القضاء الإداري المصرية في الدعوى رقم 876/1 بتاريخ 28/12/1999.
([27])المادة(14)من قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية رقم107لسنة2013.
([28])المادة (15) من القانون اعلاه.
([29]) المادة (8) من اعلان اربيل الذي تمت المصادقة عليه في اجتماع مجلس وزارة التعليم العالي السادس المنعقد في اربيل جامعة صلاح الدين في يوم الاثنين الموافق 15/3/2003.
([30]) نصت المادة(38)من دستور جمهورية العراق لسنة(2005) على” تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والآداب: اولا. حرية التعبير عن الرأي؛ ثانيا. حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر؛ ثالثاً. حرية الاجتماع والتظاهر السلمي, وتنظم بقانون.”
([31]) د. رفعت عيد سيد: مصدر سابق,ص72؛ د. فاروق عبد البر: دراسات معمقة في حرية التعبير واستقلال القضاء, دون دار ومكان نشر,2006, ص52.
([32]) د. محمد بكر قباني: القانون الاداري, دار النهضة العربية, القاهرة, بلا سنة طباعة, ص330.
([33]) د. محمد الطيب عبد اللطيف: نظام الترخيص والاخطار في القانون المصري, مطبعة دار التأليف, القاهرة,1957,ص502.
([34])عيسى تركي خلف: أساليب الضبط الإداري وعلاقتها بالحريات العامة، اطروحة دكتوراه مقدمة إلى معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 2011،ص187.
([35]) المادة (10) من قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات السلمية رقم(107) لسنة(2013) النافذ.
([36]) عيسى تركي خلف: مصدر السابق,ص181.
([37]) د. امل محمد حمزة: مصدر سابق, ص235.
([38]) د. رفعت عيد سيد: مصدر سابق, ص72-ص73.
([39])د. امل محمد حمزة: مصدر سابق, ص239.
([40]) المادة( 1,2) من المرسوم بقانون الصادر في 23/10/1923.
([41]) رنيه جارو: موسوعة قانون العقوبات الفرنسي العام والخاص,المجلد10,ترجمة لين صلاح مطر, منشورات الحلبي الحقوقية, بيروت, 2003,ص152.
([42]) المادة(8) من قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات السلمية المصري رقم(107) لسنة (2013).
([43])منح امر سلطة الائتلاف المؤقتة “المنحلة” رقم(19) لسنة(2004) سلطة الترخيص لقائد فرقة او لواء في جيش الاحتلال الامريكي واسماها السلطة المختصة بالترخيص, القسم(3) من الامر.
([44]) القسم(5) من امر سلطة الائتلاف المؤقتة ” المنحلة” رقم(19) لسنة(2003).
([45]) القسم 4 من أمر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة 19 لسنة 2004 النافذ.
([46]) القسم أعلاه من ذات الأمر، و د. فاروق عبد البر: مصدر السابق، ص129.
([47]) د. عصام عبد الوهاب البرزنجي: مجلس شورى الدولة وميلاد القضاء الإداري في العراق، بحث منشور في مجلة العلوم القانونية، المجلد9، العدد 1-2 بغداد 1990، ص160.
([48]) د. عصام العطية: القانون الدولي العام، ط3، العاتك للكتاب، القاهرة، 2010، ص98.
([49]) د. خيري احمد الكباش: الحماية الجنائية لحقوق الإنسان- دراسة مقارنة، منشأة المعارف، الاسكندرية، 2008، ص129 ؛ ود. منى محمود مصطفى: القانون الدولي لحقوق الإنسان، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989، ص31.
([50]) فريدة حموم: مصدر سابق، ص89.
ود. علي صادق ابو هيف: القانون الدولي العام، ط11، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1975، ص526.
([51]) فريدة حموم: مصدر سابق، ص90.
([52]) د. عصام الدبس: النظم السياسية، أسس التنظيم السياسي، مصدر سابق، ص346-ص347 ؛ ود. فيصل شطناوي: مبادئ القانون الدستوري والنظام الدستوري الاردني، ط1، دار الحامد، عمان، 2002، ص339.
([53]) ناصر محمد البقمي: مصدر سابق، ص51.
([54]) د. غازي حسن صباريني: مصدر سابق، ص58.ود.عروبة جبار الخــزرجي: مصــــدر سابق, ص61 ؛ ود. عبد الكريم علوان : مصدر سابق,ص28.
([55]) د. عروبة جبار الخزرجي: مصدر سابق، ص65.
([56]) د. محمد السعيد الدقاق: مصدر سابق، ص79 ؛ ود. ساسي سالم الحاج: مصدر سابق، ص279.
([57]) تقرير وحماية جميع حقوق الإنسان، المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك حق التنمية: تقرير صادر عن مجلس حقوق الإنسان بالرقم A/HRC/20/27 في 2012/May/21– الدورة العشرين الفقرة 25 ، ص18.
([58]) د. غازي حسن صباريني: مصدر سابق، ص179- ص180.
([59]) د. سهيل حسين الفتلاوي: موسوعة القانون الدولي، ط4، ج3، حقوق الإنسان، دار الثقافة، عمان، 2012، ص50. و د. عبد العزيز سرحان: الاتفاقية الاوربية لحقوق الإنسان، دار النهضة العربية، القاهرة، 1966، ص11.
([60]) د. غازي حسن صباريني: مصدر سابق، ص189.
([61]) المادة 24/ 1 و 6 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان بصيغته المرقمة ق. ق. 27: د. ع 16- 23/ 5/ 2004 منشور على الرابط WWW./CHR.PS/PDFS/MOD/.PDF.
([62]) حكم سابق للمحكمة الاوربية لحقوق الإنسان مذكور في ص12 من هذه الرسالة.
([63]) د. ثروت بدوي: النظم السياسية، مصدر سابق، ص134.
([64]) د. كريم يوسف كشاكش: مصدر سابق، ص74- ص75.
([65]) د. عبد الحفيظ الشيمي: مصدر سابق، ص181؛ ويشير إلى حكم المجلس الدستوري في القضية رقم (352-194) الصادر في 18 يناير 1995.
([66]) د. امل محمد حمزة: مصدر سابق، ص38.
([67]) د. محمد صلاح عبد البديع: مصدر سابق، ص117.
([68]) د. محسن خليل: النظام الدستوري في مصر والجمهورية العربية المتحدة، ط1، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1958، ص249.
([69]) د. محمد صلاح عبد البديع: مصدر السابق، ص120.
([70]) د. محمد صلاح عبد البديع: مصدر سابق ، ص128.
([71]) د. امل محمد حمزة: مصدر سابق، ص433.
([72]) المادة 12 من القانون الأساسي العراقي لسنة 1925.
([73]) مروج هادي الجزائري: الحقوق المدنية والسياسية وموقف الدساتير العراقية منها، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة بغداد، 2004، ص109- ص110.
([74]) د. صالح جواد الكاظم: النظام الدستوري في العراق، دون دار نشر، بغداد، 1980، ص37.
([75]) المادة 38/ من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ.
([76]) د. ساجر ناصر حمد: إشكالية الدستور، مصدر سابق، ص100.
([77]) استناداً الى دستور 2005 النافذ تتشكل السلطة التشريعية في العراق من مجلسين هما مجلس النواب ، ومجلس الاتحاد غير أن مجلس الاتحاد لم يتم تشكيله لحد الآن على الرغم من مرور عقد كامل على صدور الدستور ودخوله حيز التنفيذ.
([78]) المادة 38/ من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ.
([79]) ينظر أمر سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة ) رقم (19) لسنة 2003.
([80]) تقرير منظمة العفو الدولية عن الاوضاع في العراق لسنة 2013 –ص 8.
([81])تقرير منظمة العفو الدولية عن الاوضاع في العراق لسنة 2013 –ص 8.
([82]) لمزيد من التفاصيل حول مفهوم الجرائم ضد الانسانية ينظر : د. براء منذر كمال عبداللطيف ، النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، دار الحامد –عمان-2008-ص182-183.