لجنة العلوم الاجتماعية و الانسانية

الأرملة العراقية بعد عام 2003 دراسة نقدية

الدكتورة ياسمين جواد الطريحي

 باحثة اجتماعية اختصاص /حقوق المرأة  / العراق والعالم العربي

عضو مؤسس في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

لجنة العلوم الاجتماعية والانسانية

نبذة مختصرة

منذ بداية 1980 وحروب العراق المستمرة لغاية كتابة هذا البحث ، يذكر أن معدل الارامل في العراق قد اصبح اكثر من مليونين ارملة  وقابل للزيادة  مع 5 ملايين يتيم. باعتبار ان كل يوم  تصبح 100 امراءة عراقية ارملة.  واغلب الارامل هم زوجات لضباط في الشرطة  او الجيش او الحشد الشعبي ناهيك عن ارامل زوجات رجال سقطوا قتلى نتيجة العنف والنزاع الطائفي والتغيير الجغرافي القسري او بحدوث ازمة صحية. وهناك اختلاف في الاحصائيات حول عدد الارامل في العراق لغاية اليوم مابين التقارير الدولية واحصائيات مركز الاحصاء العراقي  وبين منظمات المجتمع المدني للمرأة . والسؤال الذي يحاول هذا البحث الاجابه عليه وهو ماهو وضع الارملة العراقية الان وماهي الاصلاحات الاجتماعية التى تم تحقيقيها منذ 2003 ولغاية اليوم.

بداية ، ولو تابعنا تاريخ مكانة المرأة العراقية وحقوقها  منذ بداية الخمسينيات ولغاية الحصار الاقتصادي في 1991 ومن ثم الاحتلال في سنة 2003 ، يكون الناتج  هو  اختفاء العقود الذهبية الاربعة التى تمتعت بها المرأة العراقية خلال تلك الحقبة والتى امتازت باولا : بتقدم ورقي مستواها التعليمي والصحي والعملي والاجتماعي  وثانيا:  ببعض من الاصلاحات في الحقوق القانونية والاجتماعية التي تخص علاقة المرأة بالرجل كالزواج والطلاق وتعدد الزوجات.

بعد غزو واحتلال العراق في عام 2003 من قبل الولايات المتحدة و المجتمع الدولي ، كانت  المراة العراقية اول الضحايا كما كانت اول الضحايا اثناء الحصار الاقتصادي الذي استمر 13 عاما. فقد فقدت كل المكاسب التي حققتها لها الحكومات العراقية السابقة.  وازداد وضعها سؤا بعد الاحتلال الذي  صرح بأن “تحرير النساء العراقيات” كان أحد أهدافه. لكن لخيبة امال العراقيين ، لم يتحقق اي شئ من هذا الشعار بل العكس،  أصبح وضع المرأة العراقية وفقدان حقوقها الاساسية مقارن لوضع  المرأة  اثناء العصور المظلمة في إوربا خلال القرن الثاني والثالث عشر تعامل كسلعة في الاسواق تباع وتشترى لاغراض جنسية.

وتقدر مصادر في الأمم المتحدة والمسؤولين العراقيين أن هناك حوالي 15 مليون امرأة في العراق، منهم 2 مليون امرأة من الارامل. وتظهر التحليلات التي أجرتها الأمم المتحدة  ومن المنظمات الحقوقية  أن رفاه المرأة العراقية قد تدهور في أعقاب الغزو والاحتلال الذي جلب  الدمار والبؤس إلى عدد كبير من الناس وفقدان اغلب الحقوق الاساسية والإنسانية ،وكان النصيب الاكبر من الدمار هو ضد حقوق الارامل واليتامى بالخصوص.

يعرف المجتمع العراقي جيدا بأنه مجتمع أبوي وقبلي ومحافظ.  وأثناء الحرب على العراق، أثيرت آمال بأن نظاما أكثر انفتاحا وتحررا واقل قبلية سيترتب على ذلك. ومع ذلك، فإن “التحرير” الذي وعد به قبل الحرب لم يحدث أبدا، واستبدل النظام الجمهوري بنظام ديني مذهبي قبلي وعرقي،  وانعكاس هذا الغزو لازال في  الخسارة البشرية والعقلية والعلمية والمادية والتي ألحقت أضرارا بالأرامل أكثر من أي مجموعة أخرى .

وستدرس هذه الورقة وضع المرأة العراقية الأرملة من خلال إطار نقدي  اجتماعي واقتصادي وسياسي، ووتأخذ بنظر الإعتبار  الوضع القانوني والصعوبات والمعاناة للارملة العراقية.

ومصادر هذا البحث هي مصادر اجنبية واستخدام الشبكة الالكترونية لتزويد البحث باخر التطورات للارملة العراقية وذلك نتيجة النقص الحاد في ايجاد مصادر عراقية او عربية تبحث في شان المرأة الارملة في العراق والنقص الحاد في تقصي الاحصائيات العراقية التى هي متناقظة في اغلب الاحوال .

المقدمة

يناقش هذا البحث الفرص التاريخية للمرأة العراقية وتحديدا الصعوبات التي تواجهها الارملة العراقية منذ عام 2003 وحتى الوقت الحاضر. وسوف يقوم البحث بتسليط الضوء على المعايير السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبالذات على التغيرات التي طرأت على شبكة الأمان للأرامل، ولا سيما خلال الفترة من 1950 إلى 1991. وهناك تناقض صارخ بين وضع المرأة خلال فترة الأمان الاجتماعي والمادي بين 1950 -1991 وحالة العوز التي تواجهها الارملة العراقية وأولادها حاليا .

وقد جاء التحول الجذري في وضع المرأة العراقية، من وضع متقدم إلى وضع متخلف، بعد أن تم التصويت على الدستور المكتوب حديثا في عام 2005. وفي هذا السياق، يقوم البحث بتفسير الدساتير العراقية المؤقتة لعام 1958 و1971 وتقارن مستوى المعيشة ووضع المرأة في ظل الدساتير السابقة إلى وضعها المتغير بموجب الدستور الجديد  لعام 2005 (الذي يسعى إلى تقنين مختلف الحقوق القانونية التي تسعى إليها جماعات طائفية مختلفة).

والشيء المهم في هذا الدستور الجديد هو أن اختفاء النصوص التى تعطى للمرأة حقوقها الانسانية المذكورة في المواثيق والاتفاقيات الدولية  للامم المتحدة  وظهور نصوص دينية مذهبية ارتجالية  ادى إلى تغيير جذري في الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للمرأة العراقية ، والذي انعكس على مجمل العلاقة بين الذكر والأنثى ووضع الأناث بالتحديد في الاسرة (القطاع الخاص) وفي القطاع العام. وأصبح الزواج والطلاق والحضانة والميراث يفسر من خلال منظور ديني طائفي وقبلي.

بالإضافة الى ذلك وباختصار، تأثرت العلاقة الإنسانية بين الجنسين تأثرا جذريا طائفيا وقبليا . ,فأصبح  تقييم علاقة المرأة بالقطاع العام، أي التعليم والعمل والصحة، ضمن سياق قبلي أبوي وطائفي ايضا؛ يحدده العرف والتقليد وذلك لغياب سلطة الدولة . فأصبحت القواعد القبلية تقرر ما إذا كان بإمكان المرأة الذهاب إلى المدرسة أو العمل. وما حدث نتيجة لذلك هو أن المرأة العراقية والارملة بالخصوص أصبحا مواطنات من الدرجة الثانية . ولم تتخذ السلطة العراقية  اية إجراءات او سياسات للتخفيف منها الا بحدود ضيقة ومحدودة.

ومنذ عام 2003، ساهمت العلاقات الجندرية التمييزية والعوامل الاقتصادية والدينية والخارجية في وضع الارملة العراقية  المتدهور .

والمشكلة التى تواجه الباحثة في هذا السياق ، انه لا يصح مقارنة المجتمع العراقي ومكانة المرأة فيه مع المجتمعات العربية الاخرى وذلك  بسبب ان طبيعة وخاصية المجتمع العراقي التى هي طبيعة قبلية صارمة اكثر مما هي دينية او مذهبية وان العراق لازال تحت الاحتلال من قبل دول اقليمية ومن دون سيادة وطنية. ولا نستطيع مقارنة المجتمع العراقي بتاريخ المجتمعات المتقدمة كاليابان ، ماليزيا والعالم الغربي  ، لان المجتمع العراقي مجتمع قبلي وعشائري ويعتمد افراد الاسرة على بعضهم البعض وعلى مدى مساعدة احدهما الاخر والحكم بيد كبير الاسرة او كبير العشيرة. اي ان التكافل الاجتماعي ليس بيد الدولة وانما بيد الاسرة والعشيرة والقبيلة.  غير عما تمتاز به المجتمعات الاخرى التى تعتمد على نظام الحقوق الفردية كأفراد في منظومة المجتمع الكبير  وتابعين لحكم قانون الدولة التى تمتاز بسيادة وطنية وحكم وطني.

تتكون هذه الورقة من فصلين. وتعكس هذه الفصول عن الحقائق التاريخية وحقوق المرأة العراقية سابقا ولاحقا.

الفصل الأول:

سوف يقوم هذا الفصل   بتفسير الدساتير العلمانية العراقية المؤقتة (1958-1970)، ووصف وضع المرأة العراقية والارملة بالذات. وبموجب هذه الدساتير ، نستنتج بوجه عام أن  المرأة العراقية كان  لها حقوقا متساوية و التي يتمتع بها الرجل في المجال العام وهي المساواة في المواطنة واعتبارها عضو فعال  في المجتمع مساويا للرجل . والتعليم كان الزاميا للذكروالانثى. واستفادت الارملة العراقية  بالحقوق انذاك ، التى منحتها شعورا بالكرامة والاحترام؛ والفوائد الصحية والتعليمية و الامنية . عادة وفي كل المجتمعات ان التطور العلمي  والاقتصادي للانسان ياتي اسرع عن التطور الاجتماعي . لذلك نستطيع القول ان المرأة العراقية تمتعت بحقوق كثيرة لكن حقوقها الاجتماعية ومعاملتها في داخل الاسرة كان ولازال ذكوريا ويتغير ببطئ شديد جدا. وزاد في بطئه هو عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.

الفصل الثاني:

في هذا الفصل ،  يعالج وضع المرأة العراقية بشكل عام والتأكيد على الوضع الخاص للارملة. وأدت الحروب المستمرة والافتقار إلى بيئة آمنة ومأمونة إلى خلق أوجه قصور في جميع جوانب المجتمع، وأثرت بشكل خاص على سوق العمل:والذي  فقدت فيها المرأة حمايتها المالية والاجتماعية. وقد أثر دور الأحزاب السياسية القبلية  الدينية على محنة الارملة الذي ادى الى فقد الارملة حقها الانساني في ان تعيش وتعمل وتتعلم كمواطنة  مساوية للرجل بموجب القوانين. وبالإضافة إلى ذلك، تغيرت الاحتياجات والاحتياجات المالية لأطفالهم خلال هذه الفترة. واختفت شبكات الامن الاجتماعي والمادي وقوانين الاسرة.

ان محنة الأرامل العراقيات تتجلى حاليا في تزايد أعداد الأطفال المتسولين الذين لا يلتحقون بالمدرسة منذ سن مبكرة. وتعيش أغلبية الأرامل في وضع معيشي مزري في كارفانات مع وسائل قليلة للعيش فيها. وكثير منهم يحاول تلبية احتياجات أطفالهم من خلال العمل كعمال نظافة للمنزل؛ بدلا من ذلك، فإنها تقدم نفسها في الزواج لشخص يمول الأسرة للمتعة الجنسية. إن محنة الملايين من الأرامل العراقيات و 5 ملايين طفل يتيم له تأثير خطير على التنمية الاجتماعية للمجتمع العراقي وعلى أجياله المقبلة. و ان ازمة الارملة مع ايتامها هي كارثة اجتماعية طويلة الأمد، لا تدمر المجتمع العراقي فحسب، بل ستخلق أيضا كوارث اجتماعية واقتصادية إضافية في الأجيال المقبلة. وسيتعين إنفاق موارد هائلة للتغلب على هذه المشكلة الاجتماعية البشرية الضخمة والمكلفة.

ملاحظات ختامية

لذلك وضع هذا البحث بعضا من الاصلاحات الجوهرية من اجل تحسين اوضاع المرأة الارملة وايتامها. وهما  كما يلي:

 

  1. 1. الجانب النظري .

أولا: مراجعة مبدا  المساواة في المواطنة في الدستور وتناقضه مع ان “الشريعة الاسلامية ” تكون مصدر التشريعات الاخرى. أما ان يكون هناك  مساواة في المواطنة بشكل واقعي ويحميها قانون عادل او لايكون. ثانيا: وضع برامج الدراسات الجندرية في الجامعات العراقية الدراسات تركز على تحليل تاريخي لتبعية المرأة ، وبرامج عملية تعريف بواسطة باحثي في الاجتماع  للتلاميذ في المراحل الابتدائية والى المرحلة الجامعية بالمساواة في المواطنة في القطاع العام والخاص. وثالثا ستخدام  الاعلام لنشر وتعريف المواطن بحقوق ووضع المرأة في المجتمع. انشار مراكز تأهيل وتوعية للشباب من ان يتمكن المواطن في معرفة حقوق المرأة ومساواتها بالرجل . واخيرا انشاء  ووضع الاسس الحقيقية للامن الاهلي وتأمين العلاقة القانونية  بين الذكر والانثى.

  1. 2. الجانب العملي:

وهذا يتم ببناء مساكن للارامل مع ايتامهن،  وايجاد مراكز عمل لايجاد  فرص عمل للارملة وتعليمها مهن تستطيع ان تعمل بها حتى لا تقع فريسة لاغراءات خارج اطار القانون او تقع تحت طائلة الاستغلال الجسدي وتفقد المرأة انسانيتها ووطنيتها وكيفية تربية اولادها. وانشاء مراكز طوارئ لرعاية المرأة الارملة التى تفقد زوجها بشكل مفاجئ مع  عناية اجتماعية واقتصادية وتعليمية وصحية على حساب الدولة.وأخيرا وليس آخرا، فإن إلغاء الدستور الطائفي هو السبيل إلى تمكين المرأة وتعزيز رفاه المرأة والارملة العراقية على حد سواء.

 

الجزء الاول : الخلفية التاريخية

لقد عانى العراق، كدولة عربية، من الكثير من الاضطرابات التاريخية الاستعمارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي اجتاحت العالم العربي منذ بداية القرن التاسع عشر. إن الطابع غير المستقر لخريطة العالم العربي منذ ذلك الحين يعكس بطئ التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمرأة العربية. وفي هذا الصدد، فإن اوضاع المرأة العربية بصورة عامة غير مستقرة وغير متوازنة، وبالاخص المرأة العراقية.

وانعكست هذه الخلفية على العلاقة بين الرجل والمرأة .ومكانة تبعية المرأة للرجل. وقد شهدت المرأة العربية بوجه عام و العراقية بوجه خاص ،  خلفية مشتركة منذ بداية القرن العشرين. فمنذ سقوط الإمبراطورية العثمانية في عام 1914، والصراع العربي العربي او العربي الغربي او العربي الشرقي هو صراع لتشكيل الهوية العربية التى لازالت لم تتبلور الى يوم عصرنا الحديث.

إن الاستقلال الذي وعد به الحلفاء الأوروبيون  (البريطانيون والفرنسيون)ضد السيطرة العثمانية في الاستانة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى لم يكن استقلالا فعليا . وذلك لعدم اعتماد العرب على الذات في انهاء الهيمنة العثمانية التى دامت 5 قرون . فأعتماد العرب على الحلفاء الأوربيون في تحريريهم من العثمانيون ادى الى وقوع العرب تحت سيطرة استعمارية جديدة وهو الاستعمار الغربي الذي رسم الحدود بين القبائل العربية المنتشرة انذاك ( في معاهدة سايكس -بيكو 1916) . وضع حينها حدودا بين العرب كقبائل وكيانات  اقتصادية  من اجل مواكبة المصالح الجيوسياسية  العليا  للمستعمر الجديد ولا سيما بعد اكتشاف النفط. إن التقسيم الجيوسياسي لم يأخذ في الاعتبار طموح هذه الشعوب بالحرية والاستقلال عن الحكم العثماني بشكل جدي واساسي. بل اصبح العالم العربي مركز صراع مستديم بين القوى الاجنبية للسيطرة على منابع النفط بالدرجة الأولى.. وفرض هذا الاستعمار الجديد في بدايات  القرن العشرين حقائق جديدة التى انعكست واثرت على الوضع العام وعلى المرأة بالخصوص . وحين احتلت فلسطين واستبدل سكانها العرب الاصليين بمستوطنين من اوربا الشرقية والغربية يدينون بالديانة اليهودية ، استمرت حالة عدم الاستقرار السياسي الى يومنا هذا . وهذا انعكس على تقوية السلطة الابوية الذكورية والعشائرية القبلية والدينية في المجتمع العربي وبالاخص العراق ، وبالاخص المرأة.

وحين حصل على العراق على استقلاله  من السيطرة البريطانية في نهاية الخمسينيات من القرن العشرين ، وضعت دساتير حديثة تناسب المرحلة التى كان يمر  بها العراق . فجاء بدستور 1958 ولغاية 1973. الذي كتب فيه “ان المواطنون متساوون امام القانون في حقوقهم وواجباتهم العامة ، لاينبغي ان يكون هناك اي تمييز بسبب  نوع الجنس أو دين أو معتقدات.”[1]

فبدات الدولة آنذاك بتشجيع التعليم  للمرأة وفتح التعليم الابتدائي للذكور والاناث مع بعض وبرامج محو الامية للمراة . واخذت المرأة العراقية فرصة التعليم مساوية للرجل وكان تعليما مجانيا وتتقدم في مراكز العمل وفي جميع المجالات من دون حواجز دينية او اعتقادية او قبلية أو اجتماعية. واصبح للمرأة حقوق في التأمين الاجتماعي والحق في تقاعد زوجها المتوفى ورعاية ايتامها على حساب الدولة.

ومنذ بداية الثمانينيات ، وبعد الاسنقرار النسبي الذي تمتع به العراق في السبعينيات والتهضة الأقتصادية وتطور البنية التحتيه ونظام امن اجتماعي الافضل في الشرق الاوسط ، اندلعت حرب الخليج الأولى بين العراق وايران في 1980-1989. خرج العراق من هذه الحرب بديون عالية جدا ، واقتصاد مضطرب واثار اجتماعية سلبية على الجرحى والنساء الذين قتلوا ازواجهم في هذه الحرب ناهيك على الاثار النفسية . في بداية 1991 ، قام العراق بغزو واحتلال والكويت واعقبها حرب  “تحرير الكويت” التى قامت بها الولايات المتحدة في 1991 من اجل اخراج العراق من الكويت. ومن اجل منع العراق من التسلح ، وضع المجتمع الدولي وعلى راسه الولايات المتحدة حصار اقتصادي على العراق لم يحصل في التاريخ الحديث منه ، واستمر لمدة 13 عاما.

لقد ترك الحصار ولازال اثار خطيرة على مجمل الصحة العامة للشعب العراقي والسلوكيات الاخلاقية العامة له . خلال هذا العقد من الحصار ونتيجة تفشي الرشوة وتغلغل الفساد الاداري في كل مفاصل الحياة. وانعكاس اثاره السبلية على المرأة وبالذات الارملة ، التى بدأت تفقد حقوقهاالاقتصادية تدريجيا وفقدان دعم الدولة لحاجاتها تدريجيا  بسبب التقشف الصارم  وبدات الدولة تفقد يسطرتها على سلوكيات الشعب العامة ، ومن اجل استمرار حماية المجتمع صدرت بعض التغيرات على بعض من بنود دستور 1958 ودستور 1972-1973 التى شملت فتح الباب امام الزواج باكثر من زوجة، ومعاقبة المرأة اذا خالفت العرف العشائري بعلاقة قبل الزواج ومعاقبتها بالقتل اذا ثبت خيانتها لزوجها. هنا اعطيت بعص الصلاحيات للعشيرة والقبيلة لتاخذ مكان الدولة في حماية اسرها ، وبدا التزمت والمحافظة على حركة المرأة خوفا على آمنها بسبب تفشي بعض السلوكيات العنيفة ضد المرأة في الشارع . فاصبحت الارملة الضحية الاولى في هذا الخصوص .

وبعد الغزو الامريكي واحتلال العراق  في عام 2003 خلق خارطة طريق لم تكن معروفة من قبل في المجتمع العراقي وثقافته المدنية . وهو كتابة دستور جديد اتفق عليه الشعب في سنة 2005 وفيه قسم العراق الى طوائف ومذاهب واثني واتعكس هذا التقسيم على الوضع الاجتماعي العراقي بشكل عام والمرأة بشكل خاص وخاصة الارملة.

وقد كتب في هذا الدستور ” ان العراق دولة ديمقراطية اسلامية . وان الاسلام هو دين الدولة الرسمي واساس اساسي لقوانين البلاد ، ولايجوز لأي قانون أن يتعارض مع أحكام الأسلام والشريعة الاسلامية  وتضمن الهوية الأسلامية لأغلبية الشعب العراقي  والحقوق الدينية الكاملة لجميع الافراد وحرية العقيدة والمعتقدات”[2]

يحوي دستور 2005 على الكثير من المتناقضات،  منها منح الحق لكل طائفة دينية أن تعيد كتابة قانون الأسرة الشخصي وفقا للتفسير الخاص لكل مجموعة والمتطلبات الدينية. ونتيجة لذلك، بدأ وضع المرأة العراقية يتغير عما كان عن سابقه.  ادى ذلك  إلى تراجع هائل في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة العراقية. وتم إلغاء الحقوق الدستورية للمرأة العراقية، وحل محلها التزامات دينية وطائفية مختلفة. ونتيجة لذلك، اخذ التعامل مع المرأة العراقية ليس على اساس المساواة في المواطنة بل بأعتبارها سلعة جنسية. “فالمحرومون” (على سبيل المثال الأرامل)، وتحت ستار ديني مذهبي ، تتزوج الارملة ( وخاصة من الطبقات الفقيرة)  من الرجل المتزوج  من اجل الحصول على الدعم المالي واطعام الاطفال وتوفير الامن العائلي والاجتماعي لهم.

وقد وفر مشروع قانون “الجعفري” المثير للجدل (قانون الأحوال الشخصية)، الذي اعتمد في تشرين الأول / أكتوبر 2013، للفتيات اللواتي يبلغن من العمر 9 سنوات أن يحق لهم بالزواج بموافقة الوالدين. وفي ضوء هذه الحقبة الجديدة لنظام غير جمهوري وحكومة طائفية وعرقية  فالنسيج الاجتماعي للمجتمع العراقي قد تمزق لأن القواعد المعتادة التي تحكم المجتمع قد انهارت. اما من وجهة النظر الدينية والمحافظة تؤكد انه  كلما كان التنقل الاجتماعي للمرأة محدودا، كلما كان ذلك أفضل، باختصار، فإن براي المحافظين الجدد والمذهبيين ان السيطرة على المرأة من ناحية النظرة الدينية والمذهبية هو حماية لاخلاقيات  الشخصية الانسانية. وهي وجهة نظر قاصرة ومشوهه واعتراف ضمني بفشل السلطة في حماية المرأة اجتماعيا وماديا.

أن منح الحق للعشيرة او القبيلة او الطائفة في وضع الكيفية التى تدار بها اعلاقة المواطنة بين الرجل والمرأة ، فقدت المرأة كل مايمت لها من حقوق انسانية بشكل عام والارملة بشكل خاص. فاالسلطة الذكورية بغطاء الدين والقبيلة قامت مقام القانون والشريعة الاسلامية .ولكي نفهم محنة الارملة العراقية ، علينا أن نفهم كيف اصبحت العلاقة بين الجنسين مع تزايد سياسة االتمييز ضد المرأة بالاخص من قبل النظام “الاسلامي الطائفي” .

 العلاقة بين الجنسين (الرجل والمرأة) ما قبل الاحتلال في العراق

كتب إسبوزيتو أن العديد من الدول العربية  اقتبست ما بعد الحرب العالمية الثانية (فترة الاستقلال). مسارات “التحديث والتنمية”[3] المستوحاة من الحداثة الغربية والتقدم التكنولوجي. وقد تأثر كل شيء من “اللباس” إلى مؤسسات الدولة والمجتمع “(إسبويتو، 1998:x)[4].  ,”السياسية والاقتصادية والتربوية والاجتماعية التي تم تبنيها أو تكييفها، والقومية و الاشتراكية والبرلمانات والمدونات القانونية والمناهج التعليمية الحديثة” (إسبوزيتو، 1998: x)[5]. قد فرضت هذه ونفذت على المجتمعات العربية من قبل النخب الغربية وبمساعدة النخب العربية التى تميل الى تعليمها وثقافتها الغربية. وقد فوجئت المجتمعات العربية بهذه التطورات الثقافية والسياسية. أما إعادة تشكيل العلاقة بين الرجل والمرأة  كان أهم تغيير في هذا الصدد. وهنا يكتب  إسبوزيتو التالي :

” اثبت ان العلاقات بين الجنسين انها اكثر تعقيدا وغموضا . ولم يظهر ثقل ووضوخ التقاليد في اي مجال ولا حتى في صراع الحضارات الا حينما يتعلق الموضوع بالعلاقة بين الجنسين.”  . (إسبوسيتو،1998 ، x)[6]

       

        ومع ذلك، فإن مسألة كيفية تفسير تطور مفاهيم العلاقة بين الجنسين في العالم العربي قد ادت الى نشؤ ارضية لمدرستين تختلف في تفسير ماهية هذه العلاقة وكيفية التعامل بها. المدرسة الاولى هي المدرسة الحداثية العلمانية التى تؤمن بالحرية والعدالة الاجتماعية والوعي الذاتي والهوية الوطنية . اما المدرسة الثانية وهي التقليدية الدينية والمحافظة  التى رأت أن المدرسة الحداثية تتبنى تناقضا صارخا مع الاسلام والتقاليد الموروثة. من راي هذه المدرسة التقليدية “أن هؤلاء المفكرين يشكلون تهديدا للدين والثقافة والأسرة والمجتمع ” (إسبوسيتو، 1998: x)[7] وأن الحداثة الغربية مرادفة للفساد الأخلاقي، لأنها تسمح بعلاقات جندرية حرة. أما المحافظون الذين ينتمون للمدرسة التقليدية التى اغلب مؤديها من القبليين والمتدينين والتقليدين غير المتدينين   التى ترى أن العلاقة بين الجنسين تشكل البوصلة الأخلاقية التي يمكن من خلالها قياس قيم وقيم الثقافة العربية. وبالنسبة لهذه الجماعات الأكثر تحفظا، ترى إن واقع المرأة يجب أن يتفق مع المسار الإسلامي الذي وضعه النبي محمد، وهو تحديد وتحييد وضع المرأة في المجتمع.

لذلك، تفترض المدرسة التقليدية الإسلامية المحافظة أن سياسة تبني المعايير الاجتماعية الغربية  في المجتمع العربي يهدد المجتمع ومؤسساته الدينية، ويقوض وضع المرأة في الأسرة والمجتمع. ومن الأمثلة على هذه التهديدات هو مثلا تغيير ثوب المرأة المسلمة وتشجيع المرأة للعمل جنبا إلى جنب مع الرجل. ومع ذلك، فإن أهم التهديدات تنطوي على تنقيحات أدخلت على قانون الأسرة: وهذه التعديلات التي غيرت مركز العلاقة بين الرجل والمرأة والتي تنظم الزواج والطلاق والميراث وحضانة الأطفال تقوض (في وجهة النظر المحافظة) الأساس ذاته من المجتمع العربي والثقافة.وتعتقد غالبية الشعوب العربية ، ذكورا وإناثا، أن المعايير الغربية التي لا تتلائم مع  الثقافة الأصلية والدينية والتقليدية سببه النفوذ الاجنبي الذي تفرضه قوى خارجية لايتفق عليها عامة الناس . وبعبارة أخرى،ان  الحكام العرب المسلمين الذين وضعتهم القوى الخارجية على راس السلطة  وبدعم من أقلية من النخبة المتعلمة المحدثة قد:

” اقتبست بشكل  من المؤسسات الغربية السياسية والاقتصادية والقانونية برامجها ، في حين أن قانون الأسرة الأسلامي لم يحل محله قوانين مدنية غربية . لكت تم وضع بعض من الاصلاحات من خلال التشريعات التى تؤثر على الزواج والطلاق”.    (إسبوسيتو، 1998: x)[8].

 

والتناقض في هذه المدرسة التقليدية في راي الباحثة ، بانها وافقت على وضع رئيس للسلطة بيد القوى الخارجية ولم تعتبره ضد الدين الاسلامي ، لكنها تمتنع عن اي تغيير في بنية العلاقة بين المراة والرجل التى تعتبر الانثى ملك خاص وليس للدولة علاقة به وليس باعتبارهما مواطنين متساوون في الحقوق والواجبات وترفض اعتبار المرأة مواطنة وانسانة .

 

ونتيجة لذلك، بدأت دراسة  مسألة العلاقة بين الذكر والانثى ( الجندرية) في العالم العربي ، ليس فقط من قبل علماء الاجتماع المعاصرين (المعتدلين، الحداثيين، والعلمانيين)، ولكن ايضا من قبل علماء الدين  واصحاب المدرسة التقليدية، والمحافظة.  غير أن الدراسات المتعلقة بالعلاقة بين الجنسين تقتصر غالبا على نخبة صغيرة من النخبه العربية المثقفة. وكقاعدة عامة، لا تزال العلاقة بين الجنسين، لا سيما فيما يتعلق بمسائل الزواج والطلاق والميراث وحضانة الأطفال، متشابكة في إطار الشريعة الإسلامية والدستور. وهذه القيم المجتمعية القبلية والأسرية المنحى تحول دون الطعن في المفاهيم التقليدية للعلاقات بين الجنسين بالرغم من تطور النظم السياسية والاقتصادية . المدرستسن يسيران في تناقض وغير متوافقة مع بعض بهذا الشأن.

 

غالبا وبشكل عام يتم الحفاظ على الأفكار المحافظة حول النوع الاجتماعي ودور الأسرة:ويمنع علماء الدين التقليديون والقبليون والمحافظون أي محاولة لإدخال ما يسمى بالأفكار والتغييرات الليبرالية،وقد اتسعت الفجوة بين هاتين المدرستين بسبب الحروب المستمرة وهيمنة السلطة الدينية على الكيان السياسي الوطني. وأي خطوة صغيرة تتخذ لتحرير هذه العلاقة بين الجنسين من السياقات التقليدية واعتبار المرأة مساوية للرجل يعتبرها التقليديون  تهديدا لثقافة القواعد والقيم برمتها. وإن أي محاولة للمضي قدما يتم تحقيقها تأتي هجمة  واضحة تدفعها الى الوراء . لذلك فأن التنقيحات التى يقوم بها النظام العربي السياسي مهما كان شكل ذلك  النظام السياسي في النظم السياسية والاقتصادية لا تقترن بتغييرات في العلاقة بين الجنسين. بل على النقيض من ذلك، بدلا من التحرك نحو الإصلاحات وإدخال قوانين تقدمية، فإن المنطقة تعاني من الأصولية والحروب الدينية أو العرقية، والعقوبات الاقتصادية التي يفرضها الغرب، والاحتلال، والحرمان، والبطالة؛ كلما ازدادت الاضطرابات في المنطقة، كلما أصبح المجتمع اأكثر تدينا واكثر تقليديا  لأن الأسرة والدين يعتبران بمثابة حماية للمرأة في الأوقات العصيبة.

وانعكس هذا الفشل  براي الباحثة في إحياء المنظمات والحركات الإسلامية وصعود الأحزاب السياسية الإسلامية (التي تدعو المسلمين إلى أن يصبحوا أكثر جوهرية في معتقداتهم وممارساتهم)، مما يشجع السياسات الأقل اعتدالا. والموضوع المشترك الموحد لهذه الحركات الدينية هو العلاقة بين الجنسين؛ فإنها تركز بشكل خاص على الكيفية التي يمكن بها إبقاء المرأة في المنزل وتقييد حركتها .وبسبب جهل العامة، فأصبحت المرأة هي القضية التى يجتمع عليها ساسة القوم في القضاء على حقوقها باسم الدين والعرف والتقاليد.

بالاضافة الى ذلك ، هناك علاقة مضطردة بين كلما ازداد التدخل الاجنبي في تطورات البلد السياسية والاقتصادية كلما زاد عدد الجماعات الاسلامية وصعود القوى القبلية ،وتاثر حقوق المرأة بفقدان مكاسبهن الاقتصادية والاجتماعية . وهنا يكتب اسبوزيتو:

” كلما دعا التحرر السياسي الى مزيد من الديمقراطية ، كلما يشهد تصاعد وظهور النشاط الأسلامي من جديد ليلعب دور القوى السياسية القوية. وقد اثبتت الأحزاب الاسلامية انها قيادة بديلة او معارضة للنظم في كثير من الدول العربية .الى حد التغلغل بشكل مياشر وعميق لتصبح داخل المؤسسات كقوة اجتماعية وسياسية وذلك من خلال مدارسها ، ووكالات الخدمات الاجتماعية والمصارف وهيمنة المحعيات المهنية وسجل حافل في صندوق الاقتراع تسبب الخوف لدى الكثيرين”. (إسبوزيتو، 1998: 11).[9]

 

 

بدأ إحياء وانتعاش الأحزاب الإسلامية في تحدي النظام السياسي العربي المعاصر وتهديد لتقدم المرأة العربية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. وحذرت المنظمات النسوية من أن هذا الانتعاش سيعوق جميع المكاسب التعليمية والاجتماعية للمرأة في “فترة ما بعد الاستقلال”، وأن المرأة ستختفي من الحياة العامة وستعاد إلى االمنزل.

 

وقد حدث هذا في صعود الطائفية في العراق منذ الثمانينات،وخاصة بعد حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، وبعد الثورة الإيرانية عام 1979 ، وأصبحت الدول المجاورة تخشى من ظهور الأصولية الإيرانية (الشيعية) وحصل “حزب الدعوة الاسلامي الطائفي العراقي” على دعمه المالي واللوجستي من إيران للاعتراض على نظام صدام حسين في العراق.

وقد كان لدور العوامل الخارجية ودعم الدول الكبرى للمعارضة الاسلامية في فوز احزاب اسلامية طائفية للوصول الى السلطة. ففازت المدرسة التقليدية المحافظة الدينية في استلام السلطة والتخلص من المدرسة التقدمية التى تدعو الى السيادة والوطنية واستقلالية وضع السياسات والقرارات. ان غزو العراق لم يكن فشلا لمدرسة الحداثة فحسب وانما جاء لايقاف المد الحداثي الذي بدا يتبلور بشكل بطئ خلال سنوات الحصار . فاتخذت السلطة الدينية وبشكل متحفظ اجراءات بمايسمىى (الحلال والحرام) تحد من مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية منذ تلك اللحظة.

 

وضع ومكانة المرأة العراقية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية قبل عام 2003 وبعد الاحتلال

 

قبل غزو الولايات المتحدة لعراق واحتلاله وتدمير مؤسساته وحل جيشه عام 2003، كانت المرأة العراقية تتمتع  بما يسمى بفترة الرفاه والامن الاجتماعي والاعتراف ببعض من حقوقها القانونية الذي اعتبر العراق حينها اول دولة شرق اوسطية لديها هذا النظام المتقدم. (1970-1990).  وقد تم حماية حقوق المرأة العراقية من قبل الدولة ولم يكن لدى السلطة الدينية  اي دور  في ذلك الوقت بشأن المراة.

لقد بدا تاريخ المراة العراقية الذهبي منذ كتابة  الدستور العراقي لعام 1958 الذي عبر على  أن “الشعب هو مصدر جميع السلطات” وأن “المواطنين متساوون أمام القانون في حقوقهم والتزاماتهم العامة، ولا يجوز التمييز بينهم بسبب العرق أو الأصل أو اللغة، الدين أو المعتقد “. أما فيما يتعلق بالحريات المدنية، فقد نص الدستور على ذلك:

 

” تكفل حرية الفكر وحرية الفرد وحرمة المنزل هي آمنة لمتطلبات السلامة العامة. هذه المبادئ ينظمها القانون ولايجوز أن تنتهك الا وفقا لذلك. ويجب احترام الطقوس المحمية والدينية شريطة الا تنتهك النظام العام أو هي خلافا للاخلاق العامة. وعلاوة على ذلك الاسلام دين الدولة الرسمي” (لاسكي، 2007: 1-20)[10]

 

واثناء حكومة  عبد الكريم قاسم في عام 1958 وعبد السلام عارف في عام 1963 اتخذت هاتين الحكومتين بفترات متعاقبة قرارات بعيدا عن المحاكم الشرعية فيما يتعلق بحياة المرأة.

 

” كوضع ق القانون الخاص  الذي يمنح المساواة في الميراث والطلاق من المحاكم المدنية بدلا من المحاكم الدينية الى كانت تقرر الدعم ولم يسمح للشريعة بالبت في القضايا كتعدد الزوجات الذي سمح به لكن تحت ظروف معينة.” (لاسكي، 2007: 3)[11].

 

وفي عام 1972، عزز النظام الجمهوري (1968-2003) عدد النساء العاملات في القطاع العام وخاصة بعد تدفق عائدات النفط ،  وازدهار الاقتصاد العراقي. وهكذا، اخذ سوق العمل يشجع المرأة على العمل وتوظيف المرأة كان امرا مهما. واصبح التعليم مساويا لكلا الجنسين وفي الخدمة المدنية، والمساواة في الأجر عن العمل المتساوي، واستحقاقات الأمومة والتحرر من التحرش في مكان العمل” (لاسكي، 2007: 1-20)[12]. المرأة اصبحت الدعامة للاقتصاد العراقي في كل المجالات. وهكذا، وعندما اندلعت الحرب بين إيران والعراق (1980-1988)، وذهب الرجال إلى الجبهة للقتال فاصبحت المرأة العراقية هي الجيش الاحتياطي والاستعانة بدورها المهم فاصبح  عدد الإناث واضحا في القوى العاملة. واتخذت المرأة العراقية  مناصب كان يشغلها في الغالب الذكور في صناعة النفط ، فاصبحت المراة العراقية تمارس العمل في المشاريع النفطية ومشرفات في البناء وفي مجال الهندسة والطب  (Lasky, 2007:1-20). [13]

وقامت الحكومة آنذاك  ايضا ، بتاسيس  “الاتحاد العام للمرأة العراقية”، وكانت مهامه الرئيسية كما يلي:

العمل على:

 “تاسيس مراكز حكومية للتعليم والتدريب على العمل  للنساء  ولمحو الامية للجميع للاناث والذكور الذين تتراوح اعمارهم مابين 6 و45 سنة ، وغيرها من البرامج الاجتماعية. وتمرير حكومية لصالح المرأة ، واعطاء المرأة الحق في التصويت في 1980 وانتخاب المرأة في الجمعية الوطنية والهئيات الحكومية المحلية. لكن ظل عددهن قليلا في الوقت نفسه، وقد توسعت الحكومة في قرارتها والتى شملت قوانين الكلاق والزواج والميراث والذي اعطى للمرأة الكثير من التوسع “.( لاسكي : 1-20 :2007)[14]

 

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الدستور المؤقت في التسعينيات قد عزز حقوق جميع المواطنين، ومنحهم التعليم المجاني والرعاية الصحية المجانية. بيد أن الحملة ضد أمية الإناث نجحت في خفض عدد الاناث الاميات  من 91 في المائة الذي كان في عام 1957 إلى 12 في المائة في اعوام التسعينيات (محكمة بروكسل، 2013). خلال  التسعينيات، شكلت عضوات هيئة التدريس العراقية في الجامعات العراقية ومراكز البحوث أكثر من 30٪ من أعضاء هيئة التدريس في العراق .(محكمة بروكسل، 2013). وفي الثمانينيات من القرن الماضي، كانت النساء يشكلن نحو 67 في المائة من جميع أعضاء هيئة التدريس في المدارس الابتدائية والثانوية والثانوية في العراق.

 

على هذه الخلفية ، قامت مجموعة من نساء العراق  المغتربات في الولايات المتحدة  الذين شاركن في دعم الغزو والاحتلال الأمريكيين للعراق بتوفير معلومات مغايرة للحقيقة لاقناع الادارة الامريكية بأن ” أن المرأة العراقية  تحت حكم صدام قد حرم عليهن جميع حقوق الإنسان الأساسية وأنه ليس لهم حق التعليم في المدارس او الجامعات “.

 

وعلى ضؤ هذه المعلومات اجرت الباحثة الاجتماعية العراقية نادية العلي مقابلة مع النساء العراقيات من خارج المنطقة الخضراء التى اصبحت  المنطقة السياسية لحكومة الاحتلال  بعد عام 2003 (حيث توجد جميع المكاتب الحكومية العراقية وكذلك المنظمات غير الحكومية النسائية) في بغداد. وأوضحت لها امرأة عراقية لم تكن مغتربة وأجريت مقابلة معها  وهي تعيش في احد ضواحي بغداد وليس في المنطقة الخضراء. ولمست الباحثة نادية العلي ان هناك توترا ملحوظا بين النساء اللائي يسكن في المنطقة الخضراء والنساء من خارج المنطقة الخضراء. فقالت السيدة العراقية من خارج المنطقة الخضراء لنادية العلي بانه:

“اغلب نساؤنا هم فوق ال 35 سنا ، واغلبهم خريجات جامعة ، والتعليم كان مجانيا وانا درست الصيدلة مجانا وكان اغلب الطلاب في كلية الصيدلة هم من النساء”.” (نادية العلي 41-43 :2007)[15]

 

وتابعت السيدة العراقية حديثها مع نادية العلي وقالت :

 

 ان “العديد من التعليقات السلبية حول صدام حسين كانت تفسر بشكل سئ” علينا ان نقول الحقيقة ، ليس كل شئ كان سيئا. وبعض المعلومات الخاطئة التى قدمت من قبل نساء عراقيات امريكيات الى وسائل الأعلام الامريكي  لمساعدة الغزو لم تكن دقيقة ومحرفة بالادعاء ان المرأة في العراق كانت محرومه من التعليم”.(نادية العلي : 42-40 : 2007)[16]

 

اثناء هذا التقدم في وضع المراة العراقية بوجه عام فأن وضع الارملة العراقية اصبح ايضا افضل وخاصة من ازواج قتلوا اثناء الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات، فقد قامت الحكومة العراقية باعطائهن  بعض الامتيازات المالية. وبالاصافة الى المساعدة المادية براتب شهري ، منح  قطعة ارض وسيارة  .وقد عرف العراق في هذه الفترة من التاريخ “الرفاهية”، وهي حالة استمرت من السبعينيات إلى أن بدأت العقوبات في عام 1991.حينها

تقلصت الإنجازات التي حققتها المرأة العراقية من حيث التعليم والصحة والعمالة ويوضح هنا  سرد لامرأة عراقية ما شعرت به عندما بدأت العقوبات: ‘

شعرت وكأن الارض تهتز تحت قدمي فكانت الامور تخرج من اليد فجأة . بدأت ادرك انه لايوجد شئ يمكن أن يساعدني ، اصبح عملي في المدرسة لاقيمة له ، حين لايكون عملك لاقيمة له يصبح عبئا عليك  ، ومع ذلك كنت اتمنى ان لايخذلنا العالم.اولا لم يتقبل عقلي ان 30 دولة تقوم بانزال قنابلها على العراق. ثانيا ولم اصدق ان العقاب الاقتصادي سوف يستمر لفترة طويلة . لكن كل ماكنت لا اتوقعه قد حصل. حينها ادركت لاشئ هو تاريخ باستثناء احلامنا من اجل حياة افضل”.(الجواهري : 2004)[17]

 

         ومن اثار الحصار  ان ادارة الدولة و في السنوات الاولى منه قامت بتخفيض الانفاق وسياسة التقشف ، اول الضحايا هم النساء في العمل ، واجازة الامومة ورعاية الاطفال والعمالة العامة للأناث.

وقد أثرت هذه التدابير على المرأة بشدة، وتأثر رفاههن الاجتماعي تأثرا عميقا. وأدى الحصول على التعليم وعدم قدرة الحكومة على دفع جميع المرتبات إلى إجبار المدرسين والأساتذة الأكثر تعليما على مغادرة البلد سعيا إلى إيجاد فرص أفضل في الخارج. كانت الكتب نادرة وأصبحت ترفا للشراء. وبدأت الأسر التى لديها المال توظيف مدرسين خاصين لتعليم أبنائهم، اما الأشخاص الأكثر حرمانا من الناحية الاقتصادية تم إرسال أفرادهم الذكور للعمل أو التسول؛ وابقاءالإناث في المنزل للمساعدة في العمل المنزلي. وكما كتبت ياسمين حسين الجواهري:

 

“في ظل الاضطراب الشاسع الذي أصاب البلد تحت العقوبات، كانت حقوق المرأة أسهل للتضحية”. وتابعت أن “نسبة الأمية بين الإناث البالغات بلغت 77 في المائة” (الجواهري، 2008)[18].

 

ومن نتائج العقوبات الاقتصادية والتى استمرت من 1991 ولغاية 2003 ، هو تفكك الاسرة العراقية وتحلل النسيج الاجتماعي بسبب ان الذكور إما من قتلوا في الحروب أو هاجروا يبحثون عن عمل في الخارج. وتركت المرأة العراقية  لمستقبل قاتم. وأصبح تعدد الزوجات خيارا للنساء اللواتي يسعين إلى “الأمن الاقتصادي” و “والاختلال العددي بين الجنسين ” وقد عزز النظام الأبوي مواقفه المحافظة ضد المرأة ، وبالتالي تدهورت حياة المرأة العراقية أكثر . فتولت الأسرة والقبيلة السيطرة على اعضاء العائلة وخاصة الانثى بدلا من الدولة. وأصبحت المرأة العراقية ، وخاصة الارملة ، عبئا على هذه الأسر وعلى أهلها. وكان الوضع الاقتصادي على هذه الاسر  مروع، كما أن البطالة بين الذكور قد ازدادت. واصبح العنف المنزلي ضد المرأة هو المعيار، وأن المرأة العراقية الام او الزوجه  اجبرن على البغاء والتسول من أجل دعم أسرهن. وأدى العنف ضد المرأة في الشوارع وأعمال الاختطاف وعنف العصابات والاغتصاب ضدهن. وأصبحت الكيانات القبلية والمساجد الملاذ الاجتماعي للأسر الفقيرة والمعدمة فأصبح الشيوخ والأئمة الدينيون الوسيلة التي تنفذ من خلالها طلبات الحكومة؛ واخذت قوتها تتصاعد  واصبحت هي  القوة الاجتماعية لمنع الاضطراب الاجتماعي. هذه الحالة من انعدام الأمن والخوف دفعت حتى الأكثر تعليما وجيدة للقيام الأسر لتشجيع عضواتها على ارتداء الحجاب أو ارتداء “ملابس محافظه ” من أجل تجنب التحرش الجنسي العدواني أو حتى الهجوم في الشوارع. تقول الجواهري:

بسبب عدم وجود الضروريات الاساسية ، ادت الى مستوى عالي من الشعور من التوتر العصبي الناجم عن عدم قدرة الناس على التصرف بهذه الظروف القاسية او القدرة على ازالة مصدر هذه التوترات.”( الجواهري: 2008)[19]

 

وحين احتل العراق وفي ظل حكومة الاحتلال “المنتخبه” الجديدة  في عام 2004، قامت بخطوات جذرية لمواصلة تقويض الحقوق القانونية والاقتصادية والاجتنماعية للمرأة  في عام 2004 .

العلاقة بين الذكر والانثى، (الجندرية) والدين، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة العراقية بعد 2003 (بعد الاحتلال)

أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش في أغسطس / آب 2005، بعد عامين من الاحتلال:

، “نحن نشاهد حدث مدهش ، وهو كتابة دستور يضمن حقوق الأقليات وحقوق المرأة وحرية العبادة في بلد لم يكن لديه سوى الدكتاتورية المعروفة “(لاسكي، 2007: 1-20).[20]

 

وخلافا لخطاب الرئيس بوش الواعد، فالدستور العراقي الجديد مليئا بالألغام السياسية والاجتماعية المحتملة. واعتبر العديد من النقاد أنه ملئ بالتناقضات والغموض الذي من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الصراع. وينص الدستور على أن المواطنين العراقيين متساوون أمام القانون بصرف النظر عن الجنس والدين والخلفية العرقية. وأضاف أنه لا يمكن وضع قانون يمكن أن يتناقض مع “مبادئ الديمقراطية” (لاسكي، 2007: 1-20). ومع ذلك، ينص الدستور أيضا على أن الاسلام هو دين الدولة، وأنه لا ينبغي إقرار أي قانون يتناقض مع “أحكام الاسلام (لاسكي، 2007: 1-20) .وهنا تذكر امراءة عراقية عضوة في منظمة حرية المرأة في العراق عن تناقض واضح في الدستور بخصوص المرأة :

” بموجب هذا الدستور ستحول الاحكام الاسلامية العراق الى افغانستان تحت حكم الطالبان حيث القمع والتمييز ضد المرأة” وهذا مايحدث اليوم في القرن ال 21 . ” (لاسكي 2007 : 1-20  )[21]

 

 

وبموجب هذا  الدستور بدا العد التنازلي لما اكتسبته المرأة العراقية من حقوق اقتصادية واجتماعية  والاسؤ ان  حقوق الإنسان الأساسية مثل التعليم والصحة والرفاه الاجتماعية بدأت تنتزع من المرأة . وبدا رجال الدين بحملتهم في المساجد عن طريق خطابات لمنع المرأة من الخروج الى العمل وان تبقى في المزل.  واضطرت النساء في كثير من الأماكن العامة وفي العمل إلى ارتداء الحجاب، وغالبية النساء المنتخبات في البرلمان الجديد ينتمين إلى الأحزاب الدينية ويرتدين “الحجاب”.

وباختصار، فإن واقع المرأة الإيرانية في ظل الثورة الإسلامية الإيرانية والتى اجبرها الخميني على ارتداء الحجاب وقوانين دينية صارمة ضد حرية المرأة  قد بدا تقليده في العراق على المرأة العراقية . فاصبحت حياة المرأة الشخصية والعامة تقرر بموجب ارادة الأمام الديني .. ليس هناك مواصفة لمن يقرر القرارات الإسلامية التي ستطبق ومتى. وترك هذا “للمحكمة العليا الجديدة” التى تتكون من “القضاة والخبراء في الشريعة، بما في ذلك رجال الدين :.

 

“يجب اختيار أعضاء المحكمة العليا من قبل البرلمان، وأيهما يشكل الأغلبية سيختار القضاة؛ بل وأكثر إثارة للقلق، يحدد البرلمانيون “أحكام الإسلام السائدة” (لاسكي، 2007: 13)[22].

      

وهكذا قام محافظ اسلامي “شيعي” في :

“عرقلة تعيين نضال ناصر حسين قاضيا في النجف، على الرغم من أن النساء كن قاضيات في العراق منذ تعيين زكي حقي في عام 1959” (لاسكي، 2007: 13)[23]

      

اما فيما يتعلق بالعمالة، أظهرت دراسة استقصائية أن 85 في المائة من النساء المتعلمات عاطلات عن العمل بسبب تدهور الحالة الأمنية. ويعمل حوالي 11 في المائة من النساء البالغات، مقابل 33 في المائة من الرجال البالغين (محكمة بروكسل، 2013)[24].

وقد أصبح استبعاد المرأة العراقية من الحياة بسبب نوع الجنس يلقى قبولا اجتماعيا من قبل المرأة المتعلمة وغيرالمتعلمة. وقد بدأت الفتيات من سن الرابعة في ارتداء “الحجاب”. وفصل الإناث عن الأولاد في المدارس؛ وتوقف منهج المدارس الابتدائية والثانوية عن تدريس مواد مثل التاريخ. اما الاتجاه التربوي أصبح إسلاميا وطائفيا. واختفاء التربية الوطنية من المناهج الدراسية. وقد أصبح الاغتصاب والاختطاف والاتجار والعنف ضد الإناث جزءا من الحياة اليومية. وتمت صياغة مشروع قانون شخصي مثير للجدل يسمى “الجعفري” في عام 2013 للسماح للفتيات من تسعة سنين وأولاد من اثني عشر سنة بالزواج غلى ضؤ موافقة الوالد.  وأظهرت أدلة هذا الأخير ان المرأة الارملة قد اخذت النصيب الاكبر من تدهور حقوق المراة القانونية والانسانية والاقتصادية والاجتماعية.

 

واقع الارملة العراقية  بعد عام 2003:

 

أصبح العدد الهائل من الأرامل في العراق علامة الوضع السئ المستمر للمجتمع العراقي ككل. هذه الأرامل تجسد انهيار المجتمع العراقي . وقد اثبتت دراسة استقصائية عن الارامل في العراق التالي :

 

” ان الترمل في العراق اصبح كارثيا بسبب استمرار الحروب الاقليمية والمحلية وتزايد العتف  بسبب السياسات الطائفية بعد 9 نيسان 2003.”(دراسة استقصائية عن الارامل في العراق 2010: 1-23)[25]

     

” ان المرأة العراقيه لاتتمتع بالحقوق التى تستحقها في القرارات الدولية بالاشارة الى اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة رقم 24/180لعام 1979.” (دراسة استقصائية عن الارامل في العراق ، 2010:1-23)[26]

 

فاصبح أرباب الأسر المعيشية في معظم الأسر المتضررة من التدهور الاقتصادي هم من الأرامل. وتشير أحدث الإحصاءات المتاحة (منذ عام 2010) إلى أن 11 في المائة من الأسر تدعمها نساء، وتدعم الأرامل 73 في المائة منها. وكثير من هذه الأرامل بلا مأوى ولديهن أطفال. وأصبحت النساء المتسولين أمام المساجد ظاهرة شائعة في العراق. والهياكل الاجتماعية العراقية ضعيفة، والأرامل، في أغلب الأحيان، هم هدف مهربي البشر؛ وامكانية تجنيد هؤلاء النساء بسهولة للعمليات  الانتحارية التى تمارسها جماعات خارجة عن القانون وتسمى بالمليشيات التابعة للمذاهب الدينية.

 

إن ازمة المرأة الارملة في العراق  اتخذت  أشكالا مختلفة، والإحصاءات التي جاءت بها شبكة الإغاثة الدولية للعدالة والحماية في تشرين الثاني / نوفمبر 2010 “تؤكد وضعهن المتردي. من حيث التعليم، فإن غالبية الأرامل (46٪) أميات . ويرتبط مستوى تعليم الأرامل ارتباطا مباشرا بمستوى عملهن. وهناك 87 في المائة من الأرامل عاطلات عن العمل؛ وإن أقلية منهن من يعمل وقادرات على توفير ما يكفي من المال لتغطية جميع نفقاتهن ونفقات اطفالهن. وقد فقد 18 في المائة من الازواج في الحروب والتفجيرات. وان 37 في المائة منهم أرملة لمدة تقل عن خمس سنوات و 59 في المائة أقل من عشر سنوات؛ و11٪ منهن تعرضن للترمل لأكثر من 21 عاما. ولم يتزوج 44% في المائة من الأرامل مرة أخرى، و 6 في المائة اللواتي تزوجن مرة أخرى فشلت في الزواج الثاني. وكانت نسبة 57 في المائة من الأرامل تزوجن مرة أخرى واعمارهن لا تقل عن 18 سنة. وفيما يتعلق بالظروف المعيشية، تعيش 85 في المائة من الأرامل في منزل أو شقة؛ وكثير منهم يعانون من ظروف معيشية بائسة و 6٪ يعيشون في “كارفانات”.[27]

 

اما الأرامل الذين لا يملكون منازل غالبا ما يواجهون المشقة وعدم اليقين ومشاعر الضعف والمخاطر التي تهدد صحتهم وأمنهم. ويظهر الاستقصاء أن معظم الأرامل فقيرات وأسباب مالية هشة، حيث لا يتمكن 56 في المائة منهن من تغطية نفقاتهن الشهرية الأساسية. وفي حالة نشوء حالة طارئة، تضطر الأرامل إلى بيع مالديهن  أو اللجؤ الى الاقتراض، أو في بعض الحالات، اتخاذ تدابير صارمة لضمان أمنهن المالي. 70٪ من الأرامل لديهن أكثر من ثلاثة أطفال، وأكثر من 37٪ لديهم أكثر من خمسة أطفال. ولا يقدم دائما الدعم لهؤلاء الأطفال، ويصعب العثور على وظائف، حتى بالنسبة لأولئك الذين لديهن تدريب ومؤهلات. وانخفضت نسبة 41 في المائة من أطفال الأرامل من المدارس لأسباب كانت أساسا مالية، مما يعرض مستقبلهم  للخطر. وإلى جانب الصعوبات المالية، تواجه االارملة تحديات اجتماعية فيما يتعلق بالاطفال والوضع الاجتماعي كنساء عازبات. ويتمثل أحد التحديات الرئيسية في أنهم اي الارامل يعيشون في بيئة غير مستقرة، مما يجعل من الصعب عليهم تربية أطفالهم. وهذا يؤدي إلى مشاكل في التربية التى تدفع 37 ٪ من الأرامل الى اللجؤ لمعاقبة أطفالهن جسديا. كل هذا يؤدي الأرامل إلى المشاعر  السلبية عن أنفسهن وعن مجتمعهن.[28].

 

وعلى الصعيد الاجتماعي، تواجه الأرامل الاعتداءات اليومية بأشكال مختلفة، وتجري على مستويين. أولا، يتم إساءة معاملة الأرملة لمجرد أنها امرأة. وثانيا، تعاني المرأة الأرملة من مزيد من الإهانة والاعتداء. أشكال هذا الاعتداء ياخذ مختلف الاوجه. ومنه تتعرض الأرامل للتهديدات المباشرة وغير المباشرة، واحتمالات العنف البدني، والمواقف الاجتماعية التي تحد من قدرتهن على التحرك بحرية في المجتمع. کما یواجھن التحرش الجنسي من الزملاء والموظفين  الحکومیین، والضرب البدني ووالاهانات من قبل اهل ازواجهن المتوفيين (مسح حول الأرامل في العراق، 2010: 1-23).[29] وهناك عنف من نوع اخر ان اهل الزوج المتوفى ترفض ايواء الارملة واولادها بعد ان يتوفى او يقتل زوجها. وقد قدمت الحكومة العراقية حلول للارملة العراقية وهي كما يلي:

 

زواج المتعة  أو / ( تشريع البغاء):

ومن اجل اصلاح ازمة الارامل في العراق  قامت حكومة الاحتلال بتشريع مايسمى “بزواج المتعة ” الذي اصبح منتشرا بين فتيات الطبقة الفقيرة والارملة بالذات . فتدخل الارملة في شكل ا من أشكال الزواج يعتقدن أنه سيحفظ أطفالهن من المجاعة والتشرد. الزواج يسمى (المتعة). كتبت هيفاء زنكنة “أن هذا هو النسخة الطائفية من الشريعة الإسلامية الذي يسمى “بزواج المتعة ” والذي حل محل القانون العراقي عام 1959، الذي كان متقدما جدا. هذا الزواج هو عقد مؤقت ، وكان سائدا منذ الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979. وتدعي الاحزاب السياسية الاسلامية الموجودة على راس الحكومة العراقية   “غالبيتهم من المذهب الاسلامي الشيعي” أن مثل هذه الزيجات موجودة “للصحة الجنسية” للمجتمع. زنكنة تكتب :

 

“ان هذا النوع من الزواج تسمح للرجل بممارسة الجنس مع امراءة مؤقتا بوجود شخصية دينية كوسيط وتحدد فيه مدة الزواج التى تتراوح من بضع ساعات والى سنوات عديدة” (هيفاء زنكنه : 2014)[30]

 

وينتشر هذا الزواج بين النساء الفقيرات والارامل “من المذهب الشيعي” في مدينتي النجف وكربلاء. وتجري حلقات دراسية من قبل  مؤسسات دينية تشجع مثل هذه الزيجات، وخاصة بين الأرامل غير القادرين على توفير عيش لأطفالهن. والسلطات الدينية تقنع المرأة بأن هذا النوع من الزواج هو لأمنها الخاص. وهذه الممارسة تتناقض مباشرة مع التشريعات التي تنص على أن المواطنين العراقيين متساوون.

 

تعدد الزوجات:

وبالاضافة الى زواج المتعة فأن الطائفية الدينية  فشلت في تلبية تطلعات المرأة العراقية، فقامت الحكومة بفتح  الباب أمام تعدد الزوجات كحل لوضع الأرملة. ويعتبر تعدد الزوجات غير قانوني كما كتب القانون الشخصي لعام 1959 (ما لم توجد ظروف خاصة تسمح بمثل هذه الممارسة على أساس فردي). وتكتب زنكنه: ،انه في بعض المناطق العراقية مثل الأنبار والحزب الإسلامي وبعض المسؤولين يقدمون المال للرجل الراغب في أخذ زوجة ثانية. وحتى ان  بعض المنظمات النسائية تشجع ممارسة الزواج الثاني كوسيلة للحد من أخطار البغاء (زنكنه: 2014)[31]. ويشير منتقدو الزيجات الثانية (مثل المنظمات النسائية غير الحكومية) إلى أن انتشار هذه الممارسات دليل على فشل الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 في إحداث إصلاحات اجتماعية تحمي المرأة، ولا سيما الفقراء والأرامل.

 

وقد عززت السياسات الاجتماعية التي لا تحظى بشعبية لدى الحكومة الطائفية العراقية تجاه الأرامل أن غالبية الأرامل اصبحت هي  “رب الأسرة” (2009: دراسة أوكسفام)[32]. وقدرت وزارة التخطيط العراقية في عام 2014 أن حوالي 1.5 مليون امرأة عراقية أرملة. وقدرت بعض المصادر الأخرى المجهولة أن هناك ما بين مليونين إلى ثلاثة ملايين أرملة؛ وقد نما هذا العدد، خاصة بعد أن استولت داعش على الموصل (تشوماني، 2015)[33]  وتفيد دراسة استقصائية أن

“ثلاثة أرباعهم لا يحصلون على معاش حكومي يستحقون”. ووجدت دراسة أجرتها منظمة الإغاثة الدولية (لوس انجليس) التي تتخذ من لوس أنجلوس مقرا لها ان “نحو 10 في المئة من النساء ال 15 مليون اللواتي يعشن في العراق هن ارامل ومنهن 59 في المئة فقدن أزواجهن خلال الحرب بقيادة الولايات المتحدة” (يعقوب، 2011)[34].

 

وتتلقى فقط 86 الف أرملة حوالي 85 دولار شهريا! وبصرف النظر عن أوجه القصور المالي، أن “60% في المائة من الأرامل تفتقر إلى الأمن والسلامة”. وان ” أربعون في المئة من الارامل إن وضعهن الأمني قد ازداد سوءا “. ” و “50%  في المائة كانوا ضحايا للعنف منذ عام 2003.” و” 45 % في المائة من النساء إن دخلهن قد ازداد سوءا في عام 2008″. “وان 69 % في المائة منهم يحصلون على قدر ضئيل من المياه، بينما “80  % في المائة منهم إن الحصول على الكهرباء أصعب من أي وقت مضى”. و “40% منهم إن أطفالهم وبناتهم لا يذهبون إلى المدرسة “. “ما يقرب من نصفهم لم يحصلوا على الرعاية الصحية” (دراسة: الأرامل العراقيات، 2009)[35]

 

قدمت  احدى الارامل من الملايين شهادة على محنة الأرامل العراقيات. فقدت السيدة حليمة دخيل (هي وزوجها مسلمين بل من مذهبين مختلفين ، تنتمي السيدة حليمة للمذهب الشيعي  وزوجهاينتمي للمذهب السني) زوجها وشقيق زوجها وابن أخوها أثناء سفرهم (في وقت العنف الطائفي الذي اجتاح العراق بعد غزو الولايات المتحدة عام 2003) لبيع سيارة وشراء آخر في محافظة ديالى . وهي تحصل على 250 دولارا كأجر شهري؛ وهذا المبلغ لا يكفي لدفع إيجارسكنها وإطعام أطفالها الخمسة. وكالعديد من مليوني أرملة عراقية، فهي العائل الرئيسي. وتدفع 210 دولارات كإيجار شهري، وتكسب عيشها بالعمل كمنظفه في عيادة طبية.

ذكرت السيدة حليمه أن زوجها قتل على أيدي رجال من الميليشيات السنية الذين أخطأوه ب “الشيعة” لأن زوجته كانت “شيعية” نزحت حليمة (التهجير الداخلي الطائفي) من المنطقة التي كانت  تعيش فيها مع زوجها الى مكان في مدينة الصدر “الغالبية شيعة” وهي تعيش في منزل لا يوجد فيه زجاج في النوافذ، ويوجد  جهاز تبريد مكسور في الفناء الأمامي، حيث ذهب أطفالها إلى الفراش في الليلة الأخرى دون عشاء، وقالت الأم الأرملة: أتمنى أن الحرب لم تحدث  وان زوجي كان لا يزال على قيد الحياة. ما هو خطأه؟ ما هو خطأ الأبرياء؟ “، قالت حليمة دخيل، التي ترفع أربعة صبية وفتاة” (رويترز، 2011).

وشهادة اخرى من ارملة عراقية تصف صعوبة حصولها على تقاعد زوجها المتوفى. وقالت إن “تسجيل المعاشات التقاعدية الحكومية هو كابوس بيروقراطي بسبب الفساد الاداري ومقدار الرشوة التى تدفع من اجل الحصول على تقاعد زوجها من الذين يطلبون المال لاستكمال الأوراق” (رويترز، 2011)[36].

وقال أستاذ في جامعة الكوفة والنجف حسن الزبيدي ان “الحكومة خصصت 1.2 مليار دولار لخفض مستوى الفقر الى 16 في المئة بحلول عام 2014. وتحدد الخطة بخط الفقر ب 77 الف دولار عراقي (66 دولارا) شهريا لكل فقير  وھو خط یقع علیه عدد کبیر جدا من العراقیین تحت خط الفقر “(رويترز: 2011)[37].

 

ملخص للوضع العام  للمرأة والارملة  في العراق

ترى الباحثة ، أن استمرار العنف والحروب في العراق يؤدي الى زيادة عدد الارامل و فشل الحكومة الحالية في وضع اية سياسة توازي وضع الارملة العراقية الخاص او في تحسين ظروفها المعاشية ناهيك عن الظروف الصحية والتعليمية .

وبسبب هذا العنف  يذكر ان هناك 100 ارملة كل يوم منذ 2003 لاسباب مختلفة. ولا تتلقى الارملة اي تعويضات او راتب شهري . والارملة تعاني القمع الاجتماعي والقبلي  والديني والانعزال عن المجتمع والذي يعتبرها مواطنة درجة  ثانية. وتجبر الارملة لظروفها هذه ان تدخل في زواج مؤقت يسمى ” بالمتعة” . والذي يشرع لها ان تحصل على مبلغ شهري او يومي من اجل تقديم خدمات جنسية للزوج الذي يكون غالبا متزوجا ولديه اولاد.

وتقدر وزارة شؤون المرأة العراقية ان هناك 300 الف ارملة في منطقة بغداد والتى عدد نسمتها هو 6 الى 7 مليون و800 الف في محافظة البصرة في جنوب العراق . ويقدر ان هناك مايقارب 2 او 3 مليون ارملة من عدد سكان العراق اللي 30 مليون نسمة. وعدد 5 مليون يتيم من سن الخامسه . ومحاولة المنظمات المجتمع المدني والاهلية ان تساعد هؤلاء الارامل لكن افتقار هذه المظمات الى التمويل يقلل من درجة المساعدات.

وتقدم الباحثة امكانية وضع خطط مرئية لجعل المرأة الارملة واطفالها اليتامي جيش بناء لتنمية العراق في جميع النواحي وهي كالالتي:

الخطط المرئية:

وضع سياسات اجتماعية تشمل الارامل في خطط التنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية . وهذا يتم كالاتي:

  1. اجراء مسح ميداني شامل للاحتياجات الفورية للارامل الشابات والمتوسطات في العمر ولاسيما في المناطق الحضرية والريفية ذات الدخل المنخفض.
  2. دعم الارامل واللائي لديهن اطفال تحت سن ال 16 سنة اقتصاديا من اجل تمكين انفسهن من خلال مراكز تدريب خاصة لايجاد عمل وتدريبهن على اعمال يستطعن الحصول على وظيفة فيما بعد. وتدفع للارملة منحة من اجل ان تدخل هذه المراكز كراتب رمزي.
  3. امكانية فتح دورات لمحو الامية وتوعية ضد التمييز الاجتماعي والديني .
  4. ان تقوم الدولة بتوفير دعما ماليا شهريا من اجل القيام بواجبها تجاه اطفالها . وان يكون التعليم مجاني والتدريب متاح من قبل المجتمع المحلي والمجالس البلدية وتضع في ميزانية المجالس المحلية.
  5. فتح مراكز توعية لاهل الارامل بكيفية معاملة الارملة ومنع التحيز ضدها بسبب جنسها او ترملها.
  6. فتح دورات تدريبية لبناء الثقة وتخفيف الصعوبات العائلية على يد خبراء في الاجتماع وعلم النفس.

الكيفية التى تتم بها تحقيق هذه الوسائل وهي كالالتي:

  1. عن طريق السياسات الاجتماعية للمجالس المحلية.
  2. لجنة خاصة بالارامل وبكل حاجياتهن وان اعضاءها من الخبراء في الخدمة الاجتماعية في كل مجلس محلي او بلدي.
  3. تاسيس هيئة تعاونية بين الجهات المذكورة لمنع اي تعسف او سؤ معاملة او اهدار حقوق من قبل ايا من المجالس المحلية.
  4. استخدام الشباب الجامعي لاتخاذ المبادرات وخاصة خريجات الجامعة من الاناث بعد اعطائهم دورات تدريبية على يد علماء النفس والاجتماع للقيام بدور فعال في تعليم وكذلك اسرهن ، وتهيئة الارملة للدخول الى المجتمع بشخصية واثقة وعقل سليم.

 

 الخلاصة

لقد ظل العراق في حالة اضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية منذ نهاية القرن التاسع عشر. وقد تخللت فترات الفوضى القصيرة فترات الاستقرار والازدهار. وقد لعبت العوامل الداخلية والخارجية دورا في هذه الأحداث. وتشمل العوامل الداخلية الهامة حقيقة أن المجتمع العراقي بدوي وقبلي في الأساس، وبالتالي تلعب الثقافة القبلية دورا حاسما في القرارت المصيرية. إن الولاء القبلي أمر بالغ الأهمية لدى العائلة العراقية، ويعتبر الحفاظ على القوانين العشائرية والعادات غير قابلة للتفاوض. ومن المعتقدات الأساسية لهذا المجتمع الأبوي أن الإناث أقل قيمة من الذكور، وبالتالي فإن المرأة مستبعدة من أن تكون قوة ناشطة وبناءة ومتساوية في المجتمع.. ومن مبادئ  الثقافة القبلية أنه لا يمكن التشكيك في حكم الأب ونصائح الزعيم القبلي. والعامل الحاسم الثاني هو أن ديانة غالبية القبائل هو الاسلام. وانقسم اتباع الدين الاسلامي الى فريقين مسلمين  (السنة والشيعة) بعد موت النبي محمد . و لكل من الفريقين  مدارسه الفقهية لتفسير معتقداته حسب ما يفسره علماء الدين للشريعة الاسلامية وتنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة . ولكل منهما اتباعه في الدول الاسلامية. لاتوجد بينهما فروق جذرية  لكن الاحتلال الاجنبي للعراق منذ بداية القرن العشرين ولغاية الان واعتماد الاحتلال على الولاء القبلي من قبل بعض القبائل العراقية لبسط سلطته واستثمار مصالحه ادخل الكثير من الممارسات  التى لاتمت للدين الاسلامي بصل ومنها سياسة فرق تسد..

لكن للمدرستين عامل مشترك وهي الذكورية في القرار والحكم بخصوص التمييز بين الجنسين الذكر والانثى. ان تنظيم العلاقة بينهما تركت لهذه المذاهب لتنظمها كلا حسب تفسيرهم للشريعة الاسلامية والدين الاسلامي. واصبح تنظيم هذه العلاقة بعيدا عن اي اصلاح اجتماعي سياسي يمس تطور الدولة الحديثة. ، حيث أعيد إدراج التعاليم الأبوية والإسلامية في النظام التعليمي  بعد عام 2003 والذي ينعكس مباشرة في تقويض وضع المرأة في المجالين الخاص والعام.

إن إلقاء الضوء، باختصار، على تاريخ التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية العراقية منذ قرنين، يرى  القارئ بأن العوامل الخارجية والداخلية قد ادخلت المجتمع العراقي المتنوع بمذاهبه واثنيته  إلى صراعات وحروب مستمرة تركت المرأة العراقية في اسفل درجة من التأخر والجهل والفقر.

ومنذ غزو واحتلال العراق في عام 2003، والاحتياجات الأساسية القانونية والبشرية للمرأة العراقية ،اصبحت بين اشتداد السلطة الأبوية القبلية وبين وظهور الكيانات الدينية.

فأصبح  استبعاد النساء العراقيات والأرامل من الحياة العامة وحرمانها من الحقوق الانسانية الاساسية بشكل خاص هو السمة المميزة للحكومة الاسلامية الدينية الطائفية العراقية. وكما ذكر، غالبا ما يكون الأطفال، ولا سيما الفتيات اللواتي يعانين أكثر من غيرهن. وان جهات حكومية وغير حكومية تمارس التمييز ضد المرأة، بسبب نوع الجنس فقط، وهي ظاهرة أدت إلى “الفقر والتهميش والتعرض للعنف ” . (WPD:2014)[38]

وتؤكد الارملة العراقية  أن “التقاليد الاجتماعية” تشكل القوة الرئيسية في إدامة الإساءات ضدهن، الأمر الذي يتجلى في القيود المفروضة على مختلف الممارسات، حيث فقدت الارملة العراقية حقها في حرية الحركة، وأصبح الضرب البدني قاعدة اجتماعية ومقبولة. (WPD:2014))[39]

وأدت محنة الارملة العراقية إلى استقالة وزيرة شؤون المرأة نوال السامرائي لأنها قالت إنها “لا تملك أي موارد للتسجيل وتلبية احتياجات ما أسمته” جيش الأرامل “(WPD:2014  )[40]

ويعكس الدستور الجديد ازدواجية المعايير، ولا سيما المادة 41 التي تمنح العراقيين حرية تنظيم أوضاعهم الشخصية وفقا لأديانهم ومذاهبهم ومعتقداتهم وخياراتهم وهذا شكل عنصرحاسم اثر على اوضاع العامة والخاصة للمرأة العراقية والارملة بوجه خاص. بمعنى أن الوضع الشخصي للمرأة يقرره زعماء كل طائفة دينية، ويسمح البعض بزواج الأطفال القصر دون السن القانونية، وهي ظاهرة تؤدي إلى المزيد من عرائس الأطفال وأرامل الأطفال. وقد أدى فشل الدولة العراقية في النهوض بمسؤولياتها الدولية والوطنية نحو القضاء على التمييز ضد المرأة، إلى أن العديد من الأرامل اللواتي تعرضن لأشكال من الاعتداءات لم يسبق لها مثيل حتى الآن.

يعتبر من الناحية الاجتماعية أن جيش الأرامل  قنبلة موقوتة في المستقبل.  وترى الباحثة ان معالجة وضع الارامل يتم على اوجه مختلفة منها المحلي ومنها الدولي. وهنا يأتي دور المجتمع الدولي الذي اعترف بشريعية هذه الحكومة منذ 2003عام أن يجبر الحكومة العراقية على تطبيق حقوق الإنسان الدولية، في سياق المادة 5 من الدستور، على تعديل المواقف الاجتماعية وتثقيف الأسر والمجتمع المحلي  ووضع مناهج تعليم حضارية تؤكد على المساواة في المواطنة وعدم التمييز على أساس الجنس.

وهي قضية يجب أن تعالجها المنظمات الوطنية والدولية على جميع المستويات. يجب أن يكون هناك تحرك دولي لصياغة قانون يجبر جميع الحكومات وخاصة الحكومة العراقية على حماية الأرامل من جميع أنواع التمييز. يجب على الأكاديميين العراقيين والمجتمع المدني العراقي أن يتحملوا مسؤولية تحدي السياسات الاجتماعية للحكومة فيما يتعلق بوضع الارملة العراقية وأطفالهن. ولا بد من توفير حقوق الإنسان الأساسية والهياكل الأساسية والتعليم والعمالة للتغلب على الحالة الراهنة للمرأة العراقية وللأرامل بصفة خاصة. وإذا سمح لمحنة الارملة العراقية بالاستمرار، فإن المجتمع العراقي سيعاني من مشاكل اجتماعية أشد خطورة من شأنها أن تؤثر على تقدمه في بلد متقدم، الأمر الذي سيؤثر على الاستقرار في المنطقة.

التوصيات:

وأخيرا وليس آخرا، هناك مجموعة من التوصيات االتالية:

يجب إنشاء صندوق خاص لتلبية احتياجات الارملة العراقية واطفالها. ولا بد من إعداد دراسات عن قضايا نوع الجنس تتعلق بالعراق وتمويلها تمويلا كافيا. وكما أشير إليه أعلاه، فإن محنة الارملة العراقية  يجب أن تؤخذ في الاعتبار على نحو جذري ودراستها، ومعالجتها بشكل واقعي مجتمعيا وانسانيا . وان تبدأ حملة تعليمية لتغير الثقافة القبلية المتجسدة بكل السياسات الاجتماعية عن طريق التعليم الذي يكون اساسه “النظرية النقدية في علم الاجتماع  .وأن يعيد إنشاء نظام ملائم للرعاية الاجتماعية للمرأة  بواسطة  ان يكون للمرأة العراقية مادة خاصة بها في حماية حقوقها الانسانية والاجتماعية في الدستور العراقي بعد تغيره والغاء فقرة الشريعة الاسلامية ان تكون اصل كل الاحكام . وهذا ليس ضد الدين بحد ذاته ولكنه يحد من تدخل الدين في السياسة وممارسة المتدينين دورا القانون وهذا لن يحدث الا من خلال تغيير سلمي ديمقراطي بحكومة سيادية  ديمقراطية وطنية ذات نوايا تنموية بشرية وعقلية وثقافية  وانشاء اجيال تتبنى الحوار بدلا من العنف للوصول الى السيادة والمساواة في المواطنة. والتوصية الجوهرية هو محاربة الثقافة القبلية  التى تمييز ضد المرأة كأنسانة اولا ومواطنة ثانيا على كل المستويات من اجل انجاح اي سياسة اجتماعية لصالح حقوق المراة الإنسانية.

وترى الباحثة ان استمرار الصراع وعدم الاستقرار في العراق مع عدم قيام الحكومة العراقية ياي اصلاحات جذرية لدعم حقوق المرأة الاقتصادية والاجتماعية ، فأن مستقبل  الاجيال القادمة تصبح معدمة وغير منتجة وسوف يزداد  التدهور الاجتماعي والاقتصادي للعراق.

 

انتهى البحث ولن تنتهي ازمة الارملة العراقية ….الا بقيام بحوث متواصل مستقبلية وحلول جذرية……

                                                          References

                                                                      المصادر

 

Books:

  1. Abbott, N. (1986) Two Queens of Baghdad, Al Saqi Books Press, London.
  2. Afshar, H. (1987) Women, State & Ideology, Macmillan Press. New York, Griefield, Surry
  3. Alffin J. (1979) The Dagger of Islam, Sphere Books Limited, London.
  4. Al-Khayat, S. (1990) Honour & Shame, Women in Modern Iraq, Al Saqi books, London,
  5. Al-Torki, S. (1986) Women in Saudi Arabia, Ideology and Behavior Among the Elite,

Columbia University Press.

 

  1. 6. Azari, F. (1983) Women of Iran, The conflict with Fundamentalism Islam, Ithaca Press,

London.

 

7.Barrett, M. (1980) Women’s Oppression Today, Problems in Marxist Feminist Analysis,

Verso, London.

 

  1. Boserup, E. (1970), Women’s Role In Economic Development, Earthscan Publications

Ltd, London.

 

  1. Brown, B. (1973) Marx, Freud, and the Critique of everyday Life, Toward a permanent

    Cultural  Revolution, Monthly Review Press, new York and London.

 

  1. Davis, M. (1983) Third World Second Sex, Women’s Struggles and National Liberation’,

Zed Press , London.

 

  1. Doumato, EA and Posusney, M P. (2003) Women and Globalization in the Arab Middle

      East,Gender, Economy & Society, Lynne Rienner Publishers, Bouldie London.

 

  1. Eisenstein, Z.R.. (1979) Capitalist Patriarchy and the case for the Socialist Feminism,

Monthly Review Press, New York and London.

 

  1. Fernea, E.W. (1985) Women and the Family in the Middle East , New Voices of Change,

University of Texas Press, Austin, 1985.

 

  1. Foucault, M. (1976) The History of Sexuality, Volume One: An Introductio, Penguin

Books, London.

 

  1. Geneva International Centre for Justice, (2014) Towards Accountability and Justice

     for Iraq, Geneva.

 

  1. Haddad, YY. and Esposito, J.L. (1998) Islam, Gender, and Social Change, Oxford

University  Press, UK.

 

  1. Khamsin. (1987) Women in The Middle East, Zed Press, London.
  2. Mies, M. (1986) ‘Patriarchy and Accumulation on a World Scale, Women in the

     International Division of Labour, Zed Books Ltd, London.

 

  1. Millett, K. (1981) Sexual Politics , Virago, London.

 

  1. Reich, W. (1970) The Mass Psychology of fascism, Penguin Books, United Kingdom.
  2. Zangana, H. (2009) An Iraqi Woman’s Account of War and Resistance, City of Widows,

Seven Stories press, New York.

 

 

 Internet References: المصادر الالكترونية

 

  1. Ahmed, H. Iraq: the Human Cost, [On Line], Available :

http://www.web.mit.edu/humancosting

 

  1. Ditmars, H. (2015) Things were so much better before, The tragic decline in Iraqi

    Women’s status is the result of 30 years of war and occupation,  [On Lone], Available

from:http://www.aljazeera.com/indepth/opinion/2015/03/iraq-women-

15038055143624.html

 

  1. Falsani, Cathleen. (2011), Study: 3 in 5 of Iraq’s 1.5M Widows Lost Husbands Since

     2003 U.S. Invasion, [On Line], Available: https://sojo.net/articles/Study-3-5-iraqs-15m-

widows-lost-husbands-2003-us-invasion

 

  1. GiCJ. (2013) The Situation Of Iraqi Women During War and Occupation,[on Line],

 Available: http://www.gicj.org/NOG_REPORTS_HRC_22/womenunderoccupation.pdf

 

  1. Gisick, M. (2010) Who will help Iraq’s widows?, [On Line], Available:

http://www.strips.com/news/who-will-help-iraq-s-widows-1.99926

 

  1. Iraqi Widows: Challenges & Aspirations, [On Line], Available:

http://www.icanpeacework.org/iraqi-widows-challenges-aspirations/

7. Kami, A. ( 2011) The Daily Struggle Iraqi’s Widows  of War, [On Line], Available:

http://www.reuters.com/article/2011/11/09/us-iraq-widows-idUSTRE7A841T20111109

 

  1. Kramer, A,E. (2011) After Nearly 9 Years of War, Too Many Widows, Middle East ,

Baghdad Journal, [On Line], Available:

http://www.nytimes.com/2011/11/25/world/middleeast/iraqi-widows-numbers-have-

grown-but-aid-lags.html?_r=2&scp=1&sq=iraq%20widows&st=cse

 

  1. Latif, A. (2015) Iraq Faces Women’s Crisis: 1 Mn. Widows, Extremist captives, Child

     Bride, [On Line], Available:  http://www.juancole.com/2015/01/widows-extremist-

captives.html

 

  1. Relief of International Justice and Protection Centre Network (2010) Survey on

      Widow in Iraq, [On Line] Available:

http://www.ri.org/files/uploads/RI_IRQ_EWI_Widows_Survey.pdf

 

  1. Study: Iraqi Widows struggle in new roles as breadwinners, (2009) [Online],

Available:

http://edition.cnn.com/2009/WORLD/meast/03/07/iraq.women/index.html?iref=topnews

 

  1. Sermon, F. (2007) Rights of orphans, widows and divorced women, November 16th, [On

Line], Available: http://www.alislam.org/archives/2007/summary/FSS20071116-

EN.html

 

  1. Tirman, J. (2006) Iraq, The Human Cost of War in Iraq,[On Line], Available from:

      http://web.mit.edu/humancostiraq/

 

  1. Widowhood in Iraq: A neglected Gender Issue, WPD, doc (2007) [On line], Available:

http://www.wunrn.com/news/2007/06_07/06_25_07/070107_iraq.htm

 

  1. Zangana, H. (2014) US War Crimes: The Continuing Deterioration of Women’s Rights

      in Iraq, Global Research, Brussels Tribunals,  [On Line], Available:

http://www.globalresearch.ca/the-continuing-deterioration-of-womens-rights-in-

iraq/5367085

 

[1] http://confinder.richmond.edu/admin/docs/1958_Interim_Constitution__English_.PDF

[2]. https://en.wikipedia.org/wiki/Constitution_of_Iraq#Basic_principles

[3] Haddad YYand Esposito, J.L.  1998,  Islam, Gender and Social Change pp. i-xxviii.

[4] Esposito, JL

[5] Esposito, JL

[6] Esposito, JL

[7] Esposito, JL

[8] Esposito, JL

[9] Esposito, JL

[10] Lasky, Marjorie P. Iraqi women under Siege CodePink , pp.1-20 Available from:

http://s3.amazonaws.com/codepink4peace.org/downloads/IraqiWomenReport.pdf

 

[11] Lasky, Marjorie P.

[12] Lasky, Marjorie P.

[13] Lasky, Marjorie P.

[14] Lasky, Marjorie P.

[15] Al-ali, Nadia. 2009 , Iraqi’s women under pressure. Available from:     https://mondediplo.com/2007/05/05iraqwomen

http://www.fmreview.org/FMRpdfs/Iraq/18.pdf

 

[16] Al-ali, Nadia. 2009، Iraqi’s women under pressure

[17] Al-Jawaheri, Yasmin Husein. 2009,  Women In Iraq, The Gender  Impact of International

    Sanctions., London, pp. 1-4. Available from:

http://vc.bridgew.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1273&context=jiws

 

[18] Al-Jawaheri, Y H.

[19] Al-Jawaheri, Y H.

[20] Lasky, M P.

[21] Lasky, M P.

[22] Lasky, M P.

[23] Lasky, M P.

[24] The situation of Iraqi women during war and occupation 2003-2013.pp.1-8.

[25] Survey on widows in Iraq. Relief International Justice and protection Center network,

November 2011, pp1-23.

[26] Survey on widows in Iraq.

 

[27] Survey on widows in Iraq.

[28] Survey on widows in Iraq.

[29] Survey on widows in Iraq.

[30] Zanagna, H. 2008, City of Widows, New York. pp. 1-178.

[31] Zanagna, H. 2008

[32] Study Iraqi Widows struggle in new roles as breadwinners, March 7, 2009. Available

from:http://edition.cnn.com/2009/WORLD/meast/03/07/iraq.women/index.htm?iref=topnews

33 Chomani, F.  ISIS war fuels steep rise in number of widows in Iraq, Available from:

http://rudaw.net/english/middleeast/190420151

[34] Yacoub, S.N. 2011, Study: Invasion led to spike in Iraq Widows, associated Press ,

Available from:  <  http://news.yahoo.com/study-invasion-led-spike-iraq-widows-

133548224.html

[35] The daily struggle of Iraq’s widows of war.  Available from:

http://www.reuters.com/article/2011/11/09/us-iraq-widows-iDUSTRE7A41T20111109

[36] The daily struggle of Iraq’s widows of war.

[37] The daily struggle of Iraq’s widows of war

[38] Castellan, L.  2014,  Issues of Discrimination in Widowhood in Iraq, WEP

(Widows for Peace through Democracy),

Available from: http://tbinternet.ohchr.org/Treaties/CEDAW/Shared%20Documents/IRQ/INT_CEDAW_N

GO_IRQ_16190_E.pdf

 

[39] Castellan, L.

[40] Castellan, L.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى