نشاطات المنتدى

النخب والكفاءات العراقية : التفاعل الحيوي بين العلم والخبرة الميدانية

الدكتور صباح ياسين

نائب الامين العام ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

في معنى المنتدى وغاياته :

 النخب والكفاءات العراقية : التفاعل الحيوي بين العلم والخبرة الميدانية

في المجتمعات المدنية الحديثة ، تشكل الأطر المهنية على مختلف تسمياتها ، إتحادات او نقابات او منتديات ، الأنساق العملية لتأطير الاختصاصات العلمية أو الاجتماعية ، والمحافظة على قيمها وتقاليدها وتوجهاتها . والمنتدى العراقي للنخب والكفاءات كصيغة وطنية تنظيمة جامعة لكل الخبرات العلمية والعملية في واقع العراق اليوم ، تعمل على بناء صلات مهنية فاعلة بين الاختصاصات العلمية والخبرات المختلفة ، وتضع في مقدمة أهدافها تأطير التخصصات المهنية المختلفة ، وتأمين تفاعلها على أرضية وطنية واهداف بناءة .

وهكذا يأتي الهدف الثالث من أهداف المنتدى العراقي للنخب والكفاءات معبرا عن غاية التفاعل وتأكيد المهنية والدفاع عن شروطها العملية والعلمية ، ومن نص الهدف الثالث ( الدفاع عن حقوق الاعضاء والمساعدة على حل مشكلاتهم العلمية والمهنية ) بما يعكس حدود الفضاء المهني للمنتسبين للمنتدى ، ويجسد هويتهم الوطنية والمعرفية باعتبارهم من البناة الذين يملكون الكفاءة والخبرة في ميدان تخصصهم ، وبما يضعهم أمام مسؤولية عملية التغيير الحضاري ، وفي المساهمة ببناء العراق وتحقيق الظروف المناسبة للتنمية والتقدم .

وهنا لابد من الاشارة الى ان موضوعة الدفاع عن حقوق الاعضاء لا تنحصر في الحقوق المتعلقة بالجانب الشخصي او المهني على أهمية ذلك ، وانما تتصل بالحقوق الوطنية الاوسع ايضا ، وفي المقدمة من ذلك حق وفرصة استخدام الإمكانيات العلمية والخبرات في مسيرة بناء وإعمار الوطن ، وإعتبار ذلك إمتيازا وإستحقاقا يرتبط بقضية الهدف الاول للمنتدى في بناء الوطن وضمان تقدمه ، وبذلك الفهم وأبعاده العملية تكون الحقوق معبرة في ذات الوقت عن الواجبات ، وهي معادلة موضوعية في سياق الواجب الوطني .

وبمنظور أخر فان هذا التجمع النوعي ضمن السلم الاجتماعي ( النخب والكفاءات ) بحاجة الى انماط من الانظمة والقوانين التي تستهدي بها لاداء اعمالها ، ويرى عالم الاجتماع ماكس فيبر ان المنظمات تتميز بنظام تراتبي ومراتبي في الوقت نفسه ، وذلك النظام سيكون كفيلا بحماية الخصوصية ويحدد مجالات الدور المنتظر منها على الصعيد الاجتماعي والثقافي ، اي ان المنظمة بحاجة الى ممارسة الضبط والسيطرة لضمان التوجة الدقيق نحو تحقيق اهدافها المرسومة لها في قواعد عملها المسطرة بانظمتها الداخلية .

وهنا يتيح نظام العمل في المنتدى وإسترشادا باهدافه الفرص المتكافئة  لكل المنتسبين لعضويته للاتساق في ممارسات مهنية تؤكد الاهلية للمساهمة في البناء ، والعمل المشترك لايجاد حلول للمشكلات التنموية والاجتماعية ، وهذا الفضاء المجتمعي الخلاق المنضوي تحت عنوان المنتدى يرتبط ارتباطا وثيقا ببعضه على قاعدة العمل الجماعي ، والمحافظة على التقاليد العلمية والمهنية ، انه في الواقع شبكة متراصة من انساق المعرفة العلمية والتجربة الميدانية تتموضع عن خط شروع واحد ، هو مصلحة الوطن قبل اي اعتبار .

ويمكن ان نقول ان تلاقي كل تلك الخبرات والكفاءات يمثل نمطا من الاستدامة المعرفية والثروة المتراكمة التي يملكها الوطن ، لذلك فان منظومة الطاقة المولدة للتوجه نحو تكييف المعرفة والعلوم من اجل حل المشكلات التي يواجهها الوطن ، هي مكسب إجتماعي وإقتصادي لصالح عملية التطور الحضاري ، ومن أجل الانسان في العراق وأمنه وتقدمه وسعادته .  كما المقصود عمليا في الهدف المؤشر وهو حل مشكلات الاعضاء العلمية والمهنية ، يقصد به العمل الجماعي للإرتقاء بالإداء المشترك وتجاوز المعوقات المهنية الجماعية ، والتي تفضي بالضرورة لحل المشكلات والمصاعب الشخصية .

وكهدف مركزي يسعى المنتدى من خلال تعظيم الموارد البشرية المتواجدة تحت خيمته الى بناء قاعدة علمية وطنية متوافقه ومنسجمة وفاعلة تجاه غايات المنتدى وطموحاته ، دون أي معوق او عثرات من أجل وضع تلك الإمكانيات تحت تصرف برامج التغيير والاصلاح ، وأن مناسبة تواجد ولقاء هذه الكفاءات والخبرات على تلك المساحة والاهداف كفيل بحد ذاته بحل المشاكل المهنية ، وتمكين الطاقات الخلاقة من التواصل فيما بينها دون عائق ، وتفعيل برامج العمل المشتركة .

ان الفعل البشري المتحقق للنخبة من العلماء والكفاءات في هذا التجمع الوطني ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات ، يوفر البيئة الفاعلة لتلاقي البنية التنظيمة المؤهلة لفعل التغيير مع طاقة الفعل العملي الذي ينجز برامج التطور الحضاري ، والقادر على حل المشكلات التي تواجه التنفيذ .وبمعنى أخر فاننا حين نكون مجتمعين وفاعلين سنكون بالتالي أكثر قدرة على التحكم بالظروف وتطويعها لغاية التقدم الحضاري ، وأكثر قدرة ايضا على ضبط ايقاع النشاط العلمي تحو الابتكار والتجديد .

واذا ما نظرنا الى المنتدى وفق هذه النظرة الشمولية ، المنتدى بكل تخصصاته العلمية والعملية ، سنجد اننا أمام هرم متناظر الاضلاع ، يملك القدرة على التكامل والتفاعل في ذات الوقت ، ويتميز بحيوية النظام والانسجام وقابلية التقدم لمواجهة المشكلات الوطنية في جميع الميادين ، وهذا الامتياز ليس فقط إستحقاقا تكريميا معنويا يعلق كوسام على صدور النخب والكفاءات ، بل هو في حقيقته تعبير عن الدور التأريخي ، والمسؤولية الوطنية في هذه الظروف البالغة الدقة والتعقيد .

وهنا لابد من القول ان هذه النخب والكفاءات المصطفة في خلية العمل الوطنية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات ، تتجاوز في ذلك الاصطفاف كل العناوين الفرعية التي جاء بها الاحتلال بعد عام 2003 مثل الطائفية والمناطقية والعشائرية وغيرها ، بل هي ممثلة لكل التكوينات والتيارات الفكرية والاجتماعية المجتمعية ، ومرتبطة بشكل وثيق باهداف التنمية البشرية الانسانية والمستدامة ، وهذا الارتباط الوثيق يؤكد هويتها الوطنية – الشعبية ، ويضعها في المكان الفاعل الصحيح في مسيرة البناء والتغيير .

وهذه الشرعية الوطنية التي تستمدها النخب والكفاءات العراقية في إطارها التنظيمي الفاعل ، المنتدى ، إنما تشكل حلقة الوصل في نظام تتابع الاجيال ضمن دائرة المسؤولية الوطنية ، وهي جزء أساسي من منظومة وآليات المشاركة في عمليات التحديث في كل جوانب الحياة ، وبالتالي فان المنتدى ضمن هذا المنظور والواقع العملي وفي جوهره وغاياته هو تشكيل إجتماعي – مهني مستقبلي تتدرج مهماته مع الخطوات والانجازت العملية على أرض الواقع نحو الهدف الكبير وهو بناء الانسان وبناء الوطن .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى