مقابلة صحفية مع الدكتور محمود الكلابي

- أ. متمرس د. محمود عجمي جاسم الكلابي
- عضو لجنة الثقافة والإعلام في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
- دكتوراه فلسفة فنون تشكيلية
- الاختصاص العام: فنون تشكيلية
- الاختصاص الدقيق: نحت
- كيف تقيم تجربتكم الشخصية في مجال اختصاصكم العلمي والمهني؟
تقييم التجربة الشخصية في مجال الاختصاص يكون مكفولا أو محكوما بنوع وحجم العطاء الفكري وعمقه وتأثيره الفاعل في المحيط الثقافي، أو المتلقي لفعل التجربة، إيجابا أو سلبا، وبالتالي بيان فاعليتها بما يمنحها ديمومتها في الاتجاه الصحيح من عدمه، لذا فإن على القائم بها – اي التجربة – أن يرسم هدفا بغية تحقيق مساره السليم نحو أن يكتب له الحضور والنجاح.
ومن ذلك المنطلق ، يتحدد مقياس صلاح التجربة ، والتي اراها فاعلة بما يقدم فيها من جديد ، فعلى الصعيد الشخصي ، وبما قدمته من منجز فني ارتبط بالفكر العراقي القديم ، فنا وروحا ، لأتفرد في مجال منه ، اعتمد الفكر الميثولوجي لغة لأعمالي الفنية ، وشخص مساره باعتماد أسلوب في الطرح ميز تجربتي الفنية عما سواها ، وكانت المحصلة بمجالها العلمي ، تقديم رسالة ماجستير باشتغالاتي الفنية ، تقييما لما قدمته من تجربة ومنجز فني حظي بذلك التقدير في التقييم من مؤسسة علمية أكاديمية هي كلية الفنون الجميلة بجامعة بابل عام
2 – أين تضع العراق اليوم في حقل اختصاصكم المعرفي مقارنة بواقعه السابق أو مقارنة بدول أخرى إقليميًا ودوليًا؟
* يقع العراق اليوم في مفترق طرق انحرفت به نحو مسارات التشتت والضياع! بحكم ظروف رسمت له ليكون تحت تأثيرات خارجية، وخارجة بنفس الوقت عن إرادته، في عما يمكن أن يكون عليه !.. فالعراق الذي عرف بحضوره الريادي في ميادين حياتية مختلفة، أصبح في موقع لا يحسد عليه، بمحاولة جعله متخلفا تقوده عقليات هي الأخرى متخلفة، أو هكذا اريد لها في قيادته، لا تريد له النهوض، مما جعل عقوله المتنورة تبحث عن متنفس لها لتقدم عطاءها الفكري والإنساني في ارض الشتات! فهي لم تستسلم لواقعه الحالي وما يراد له أن يكون !.. فالعراق يمرض، لكن لا يموت.. فهو يقف دائما وبثبات، مقدما عطاءه الفكري الثر في حقول معرفية متنوعة، والتي يشهد على حضورها العالم المتقدم والمتمدن، وكانت سببا في تطور ماكنته العلمية، في هذا البلد أو ذاك من المعمورة.
ولعلنا في مجال اختصاصنا المعرفي والفكري، كفنانين، كان ولازال عطاؤنا الفني موثقا لتأريخ وحضارة بلدنا العراق، ومتواصلا مع ما قدمه الاقدمون من تسجيل وتوثيق لحضارته التي أسست لأولى مدنيات الحضارة على أرض البسيطة.
3 – لو كان لديكم سلطة القرار في المؤسسات المعنية بالحقل العلمي أو الأكاديمي، فما هي القرارات التي كنتم ستتخذونها لتحسين أو تطوير الواقع الحالي؟
من واقع انطلاقنا بما يعزز من مكانة العراق ودوره الريادي في المجالات والميادين كافة، ومن حرصنا على النهوض بكل ما يدعم واقعه الذي اريد له أن يتأخر فيه عن الركب، فإن هناك الكثير من القرارات التي يمكن بها أن ندفع بعجلة تقدمه الى ما يعزز ذلك الحضور والمكانة التي عرف بها.
ولعل من ذلك، هو التأكيد على إدارة بلدنا بكفاءات لا تعرف الانحياز إلى هذا الجانب أو ذاك مما اراده له أعداؤه، إقليميا ودوليا.. ففي مجال الثقافة والفن والتي لا تقل شأنا عن مجالات السياسة والاقتصاد، يمكن رسم الصورة الابهى لجمال ذلك الحضور، عبر خطط ترسم للعراق مستقبله وتضعه على مساره السليم، بالقضاء على كل مظاهر التخلف والرجعية والتبعية العمياء، وبأن يكون الانتماء إلى الوطن قائما على أساس المواطنة والكفاءة العلمية الفاعلة والمخلصة والملتزمة بواجبها الوطني الحق، ليخلق واقعا يليق بالعراق بلدا متقدما، ومركزا لإشعاع فكري يتجدد ويعيد له دوره الريادي في الإدارة، والتطلع نحو مجد يليق به وبإنسانه وأرضه وفكره المعهود.. ولعل ما توفر في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات من عقول فاعلة نيرة ومؤثرة في المشهد الثقافي ما يحقق طموحات النهوض بالعراق، ويعيد له مكانته وألقه الفكري المنشود بهمة عالية وصدق انتماء.
4 – ما هي أبرز مجالات اهتمامكم خارج دائرة اختصاصكم العلمي أو المهني؟
لعل من أبرز المجالات هو التخطيط لمدينة عصرية تمتلك الهوية التي تعرف بها في بلدنا، وتشكل عنوانا يأخذ بالنهوض في جانبها العماري المشخص والمرتبط بماضيها، كل حسب المرحلة الزمنية التي تأسست عليها، وفيها، هذه المدينة أو تلك، من مراحل حضارية، وهو مشروع كنت قد طرحته بورقة عمل في مهرجان بابل للفنون والثقافات العالمية بدورته (11)، وكذلك في مؤتمر أقامته محافظة بابل ومجلسها، قبل عام من الآن، ونتمنى تحقيقه إذا ما توفرت النية الصادقة للمسؤول – ولا احسبها تتوفر! ولن تتوفر !!… لعدم توفر الحرص الوطني الصادق والأمين !.. فوطننا العراق، بمدنه العريقة، يحتاج من محبيه حفظ الأمانة والنية الحقة النابعة من صميم الانتماء الوطني إلى إعادة بنائه فكرا وواقعا ملموسا قولا وفعلا، لنعيد له مجده وصورته الابهى.
5 – لمحة سريعة عن أبرز نتاجاتكم الفكرية، أو الثقافية، أو العلمية، أو المهنية.
عطفا على ما تقدم حول النهوض بواقع بلدنا العراق ، ومحاولة رسم صورة تليق به وتكون أكثر اشراقا وحضورا ، فقد قدمت العديد من الرؤى والأفكار التي من الممكن أن تسهم بنهضة واقعه في مجال يبرز عمق وعيه الحضاري والثقافي ويتواصل معه ، ويحقق له واجهة حضارية إزاء الآخر ، عبر تصاميم عمارية برؤية فنية جمالية ، ترتبط ارتباطا وثيق الصلة بهويته الحضارية والتاريخية التي أسست لمدنيته منذ القدم ، بما قدمته من فكر وعلوم في المجالات كافة ، ومنها في مجال الفن وكذلك العمارة ، هذا المجال الحيوي في التأثير والذي عرفت شواخصه بهذا المكان أو ذاك من العالم ، من خلال الأثر تصميما وفنا ، برؤى تشكيلية جمالية ، وفيها – اي الشواخص الحضارية الأثرية – تحقق الجذب السياحي – التعريفي بحضارة هذا البلد ، كما في سواه ، وبه يمكن مواصلة الأثر حاضرا برؤية تعيد ألقه ، بما نقدمه كفنانين في المجالات كافة ، ولي في ذلك العديد من التصاميم التي توثق للمدينة العراقية بروح حضارية عصرية متجددة ، لا تستنسخ الأثر ، بل تعيد صياغته وفق رؤية العصر وحراكه الثقافي المتجدد ، ومن ذلك تقديمي تصاميم لواجهات ، وبوابات مدن ، وشوارع عامة وساحات ، احتفظ بمخططات لها ، وبعض مجسمات ، لكنها لم تلق المسؤول الصادق والمحب لأثار الفن في المدينة العراقية ، وتخلفه الشديد في ذلك ، مما جعله – المسؤول – يكون عائقا ، لا دافعا باتجاه صناعة الفن والجمال للمدينة العراقية وآفاق نهضتها اللائقة بها وبتاريخها العريق .