اللجنة القانونية

القضاء العراقي والذكاء الاصطناعي

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

يعرف الذكاء الاصطناعي على أنه (فرع من فروع الكومبيوتر الذي يمكن من خلال استخدامه إنشاء البرامج التي تتناغم مع الذكاء البشري للقيام بأعمال بدل الأشخاص التي تستدعي التفكير والفهم والمحادثة والسمع والتحدث بأسلوب منطقي ومعقول ومتوازن في الحركة) أو (بأنه ذلك العلم الذي يحدد الكيفية التي بواسطتها تجعل الآلة قادرة على اتخاذ القرار بطريقة تشبه العقل البشري).

أما أهدافه فهي حل المشكلات واتخاذ القرارات وتعزيز الإبداع والابتكار والتخطيط وهندسة المعارف وفيما يتعلق في خصائصه فهي المعالجة الرمزية والمعالجة غير الحسابية والمنطق والإدراك والاتصالات القدرة على التعلم والتخطيط وإصدار القرارات السريعة.

وفيما يتعلق بفوائد الذكاء فهي الحد من الأخطاء البشرية والعمل المستمر وتوفير المساعدة الرقمية وظهور اختراعات جديدة واتخاذ قرارات دقيقة والقيام بالوظائف المتكررة واستخدام التطبيقات اليومية وأداء مهام خطرة والمساهمة في التطبيقات الطبية والفائدة في التشغيل الآلي.

ويلاحظ أن القضاء العراقي وجه باستخدام الذكاء الاصطناعي في الجرائم البسيطة كالجنح والمخالفات وعلى سبيل المثال المخالفات المرورية التي تفتقر إلى القصد الجنائي والاحتيال وهتك العرض والتشهير وخيانة الأمانة والأخبار الكاذب وغيرها والتي لا تعد ولا تحصى من الجرائم المعروفة والمتداولة شرط توفر الأدلة بأركانها المادي والمعنوي والعلاقة السببية بيتها.

كما ليس هناك نصوص قانونية تمنع الذكاء الاصطناعي استخدام قدراته في الكشف ومعرفة التكييف القانوني السليم لأي فعل.

ولا يوجد نص في القانون يجرم استخدام هذا الذكاء إلا أن المخرجات الناجمة عنه يمكن أن تقع ضمن طائلة الجرائم في أعلاه وغيرها في حال توفر الأدلة أو كفايتها.

في 26 / 12 / 2024 وجه مجلس القضاء الأعلى أقامة ورش عمل في رئاسات الاستئناف يحث على استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي كما تضمن توجيه القضاة بالتعامل الجيد مع الشخصيات العلمية والأكاديمية من الخبراء الذين تستعين بهم المحاكم وبما يضمن حفظ مكانتهم الاجتماعية والعلمية.

أن استخدام هذا الذكاء في القضاء الإداري لحل المنازعات يعتمد على برمجة البيانات لاتخاذ القرارات والتنبؤ بالإحكام القضائية والذي يطلق عليه العدالة التنبؤية وهذه الحالة تتوقع نتيجة النزاع بين الإطراف من خلال الاطلاع على البيانات المتوفرة وتحليلها.

أن هذا الذكاء يؤدي دورا رائدا ومميزا في توجيه وتطوير الاجتهاد القضائي بما يضمن صحة الحكم ومخرجاته. وتشهد الساحة القضائية استخدام الذكاء الاصطناعي في الكثير من الدعاوى في تحليل مضامينها وتوقع نتائجها المضمونة. كما يقدم المساعدة في توثيق الأحكام والاستشارات القانونية ومع ذلك تفرز هذه المساعدة عدة أخطار منها التحيز لأحد الخصوم وخرق الخصوصية والتأثير في القرارات والأحكام والتأثير على تطبيق العدالة القضائية.

أما في مجال مزايا الذكاء الاصطناعي فيمكن الإشارة إلى بعضاً منها وعلى سبيل المثال تحليل الدعاوى وتوقع أحكامها ـ المساعدة في صياغة القرارات والأحكام الابتدائية ـ وتقديم المشورة القانونية ـ ومكافحة الجرائم. ومع ذلك فأن إساءة استخدام تقنيات هذا الذكاء بقصد الابتزاز أو التشهير أو الاحتيال وغيرها يعتبر من الجرائم التي لم يرد النص عليها في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 وتعديلاته إلا أن السياق العام والاجتهاد القضائي يصدر مستمرا في صدور أحكاما وقد تصل إلى السجن. ومن بين المزايا للذكاء الاصطناعي التي وردت في كتاب م. د معتز محمود المعموري (الذكاء الاصطناعي في ميدان القانون والقضاء) أوجزها بالآتي:

1ـ أنه مساعد افتراضي للقضاة والمدعين والمحامين.

2ـ أن استخدام الذكاء الاصطناعي يسرع في أجرأءات التقاضي ويختزل الجهد والوقت والنفقات المطلوبة لحسم الدعوى.

3ـ الغاية من اعتماد الذكاء الصناعي تتمثل في أيجاد نظام متكامل للمعلومات القضائية والقانونية.

4 ـ أن تطوير الذكاء الصناعي في ميدان القانون والقضاء في أمريكا جعله مستشارا محايدا للخصوم.

5 ـ أن استخدام الذكاء الصناعي في العملية القضائية أدى إلى التقليل من نسبة الخطأ والأحكام المتناقضة في القضايا المتشابهة.

أما السلبيات فيرى الكاتب أن استخدام الربوت كقاضي معتمد بدلا من الإنسان والاعتماد عليه بشكل كلي في فض النزاعات أمام المحاكم يؤدي إلى:

1ـ الموازنة بين الأدلة المقدمة من قبل الدفاع والادعاء والترجيح بينهما.

2 ـ عدم القدرة على التحليل الدقيق للأدلة وتدرجها من حيث الإثبات والنفي.

3 ـ عجزه عن التعرف على مدى مصداقية الشهود.

ونحن نؤيد ضرورة استحداث الذكاء الاصطناعي في المنظومة القانونية والقضائية العراقية كما ورد في مقترح الكاتب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى