لجنة الشباب و الرياضة

نحن والذكاء الإصطناعي

أ . د إسماعيل خليل إبراهيم

نائب رئيس لجنة الرياضة والشباب

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 

في البدء لابد لنا من طرح أسئلة نرى أنها غاية في الأهمية ومنها: هل علينا التعامل بإيجابية مع أي جديد يحصل في مجالات الحياة دون التعمق في إيجابياته وسلبياته والتوقف عندها ؟ هل علينا تجاوز السلبيات لمجرد أن هذا الجديد يقدم لنا خدمة ما ؟ هل علينا أن نتقبل الجديد على الرغم من أنه سيحجم دورنا في الحياة ؟ هل نحن ملزمون بالإشادة بشيء أنتجته عقولنا ونتمسك به ونستغني عن عقولنا التي أبدعته وأنتجته ؟

أسوق هذه المقدمة لأنني أقرأ كل يوم العديد من التعليقات والمقالات التي تتحدث بإعجاب منقطع النظير عن الذكاء الإصطناعي ومجالات استخدامه وما سيقدمه للبشر من خدمات على الصعد كافة دون الحاجة لبذل جهد عقلي أو بدني ، وإنه سيكون البديل عن عقولنا في استكمال مسيرة التطور الذي كان وعلى مدار تأريخ البشرية نتاج عقل الإنسان ، وسنستعين به في كل صغيرة وكبيرة من شؤون حياتنا وسيتحكم بنا وبالأجيال القادمة ، يذكرني هذا الأمر بمشركي قريش الذين كانوا يشترون الألهة التي يصنعها البشر ليعبدوها ويسألونها الفلاح والنجاح ، ويستشيرونها في كل شؤون حياتهم ، وينسبون لها الفضل في كل خير يصيبهم ، ونحن الأن نستبدل الأصنام بالذكاء الإصطناعي . قد لا يروق هذا التشبيه للبعض لكن هذا ما أراه . لا شك أن للذكاء الإصطناعي إيجابيات أبهرتنا لكن هل سيبقى انبهارنا به ذاته إن تعرفنا على سلبياته ؟ ومن تلك السلبيات الآتي :

أولاً : سنركن عقولنا على الرف إذ لا تعود لنا حاجة بها بعد أن سلبناها أهم ميزاتها التي وهبنا إياها الله عز وجل وهي التفكير والاستنباط والإبداع والإبتكار ، ولن تتوقف آثاره عندنا بل ستمتد للأجيال القادمة مما يفقد الحياة أهم عناصر جمالها وديمومتها وهو العقل ، وسيكون الإبداع والإبتكار نتاج الذكاء الإصطناعي وليس نتاج عقولنا إذ يكفي أن نخبره بما نريد ليتولى هو إ المهمة ونكتفي بالإنتظار ونحن نحتسي الشاي والقهوة .

ثانيا ً: إن كانت التقنيات التي دخلت ميداني الصناعة والزراعة قد حجمت دور الإنسان واستبدلته بالآلة فإن الذكاء الإصطناعي سيجرد الإنسان من دوره الإنساني والتفاعلي مع أخيه الإنسان ، وستنتقل مهمة إعمار الأرض التي أوكلها الله للبشر إلى الذكاء الإصطناعي .

ثالثاً : سيعتمد أبناؤنا وأحفادنا على الذكاء الإصطناعي في كل صغيرة وكبيرة وعندها لن نجد فيهم عالماً أو مبدعاً بل عقول كسولة وهي كارثة تهدد مستقبل البشرية والعالم ، وبعد أن كانت شعوبه تباهي بعضها البعض بعلمائها ومبدعيها في جميع مجالات الحياة ستباهي سواها بالذكاء الإصطناعي .

رابعاً : لن نكون بحاجة لمعرفة قواعد اللغة وحفظ مفرداتها فالذكاء الإصطناعي سيتولى هذه المهمة فيكتب لنا باسلوبه وبالمفردات التي يختارها ، ويضبط لنا القواعد وسنطلب منه قراءة ما كتبه لأننا لا نجيد القراءة ، ولن يظهر منا شعراء وأدباء وفنانون .

خامساً : لن نكون بحاجة لمعرفة أسس وقواعد العلوم وتطبيقاتها في ظل وجود من يَعرِفُها وَيُلم بها ويقدمها لنا دون عناء وتعب .

سادساً : سنترك القراءة والبحث عن المعرفة والجديد فيها إذ لم نعد بحاجة لها فالبركة بالذكاء الإصطناعي الذي يزودنا بكل ما نحتاجه وما علينا سوى النقر على الشاشة ونترك للذكاء الإصطناعي اتمام المهمة ، وسيتضاءل دور المدرسة والمعهد والكلية والمدرسين لصالح البديل الذكاء الإصطناعي .

سابعاً : ستختفي مقاييس وضوابط معرفة المبدع من سواه والمتميز من غيره والذكي والأقل ذكاءً التي اعتمدها البشر منذ قرون عديدة سابقة والفضل في ذلك للذكاء الإصطناعي الذي سيساعد الجميع ويكون في خدمة من يطلب عونه ومساعدته .

ثامناً : سيختفي الكتاب والمجلات والمواقع العلمية ، ولن نكون بحاجة لمؤلفين وباحثين جدد ، وبعد أن كانت الأصالة في البحث العلمي نتاج العقل البشري ستصبح نتاج الذكاء الإصطناعي .

تاسعاً : سيكون من الصعب التمييز بين ما هو صادق وحقيقي وما هو زائف وغير حقيقي ، وهل سيكون بإمكاننا منع الأشرار والفاسدين من الاستخدام السيء للذكاء الإصطناعي حيث سيكون بإمكانهم وبسهولة إلصاق تهم ومشاهد سيئة ومسيئة بأشخاص لا علاقة لهم بها لمجرد الإساءة لهم أو النيل منهم لأغراض شخصية ، وكيف سيكون بإمكان المجتمع تجاوز أثار هذه الممارسات المنحرفة في ظل عدم وجود القدرة على الحيلولة دونها ؟

عاشراً : إلى الذين يقولون أن علينا مسايرة العالم في ما وصله نقول نعم علينا ذلك ولكن عن طريق التفاعل بين عقول مبدعينا وعلمائنا ومفكرينا وأن نضيف لما وصله العالم لا أن نتحول لأداة لتلقي ما يقدمه لنا الذين يقفون خلف الذكاء الإصطناعي ويتحكمون به من خلف الستار ، علينا أن نستفيق قبل فوات الأوان كي لا نقدم البشرية ومستقبلها على طبق من ذهب للذين يريدون إعادتها إلى عصر الجهل والتخلف ويتحكموا بها كيف شاؤوا .

حادي عشر : بعد أن أصبح الانترنيت والهاتف المحمول البديل عن العائلة والأصدقاء سيصبح الذكاء الإصطناعي العالم الذي نعيش فيه بمفردنا لأننا لن نعود بحاجة للأخرين ، ولن نجد من يذكر شيئاً عن العلاقات الإنسانية والصداقة والحب .

ثاني عشر : أخيراً نقول لا خير في علم فيه هامش أي كان قدره يمكن توظيفه بشكل سيء من قبل البعض ضد البعض الأخر ، فالعلم إن لم يكن خالصاً لصالح البشرية وفي خدمتها فلا حاجة للبشرية به . هذه وجهة نظرنا ويكفينا ما نعانيه من الإستغلال السيء للأنترنيت ولوسائل التواصل الإجتماعي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى