إيران بين المبالغات اللفظية وواقع الحال

الدكتور عبدالوهاب القصاب
العضو المؤسس في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
رئيس لجنة العلوم السياسية
ثمة حقائق أثبتتها تجارب الحياة وما مرت به إيران خلال عقود ما بعد انهيار نفوذها في المشرق الغربي بعد تحرر سوريا وعزم الحكومة اللبنانية على عدم السماح لما يسمى بحزب الله باستخدام لبنان ساحة لنفوذه
يعود الفضل لنادر شاه الافشاري بتوريث من حكم إيران بعده هذه الخريطة التي نراها والتي جعلت من إيران كيانا جيوبوليتيكا يخطب الكل وده علما ان ما ال الحال يشي بالكثير مما يتعارض مع جعجعات معممي إيران، وسنحاول في هذه العجالة اعادة تشريح إيران واستنباط عوامل القوة والضعف التي تتصف بها :
أولًا: الوضع العام لإيران
إيران اليوم تعيش حالة معقّدة من التوازن الهش بين خطاب القوة الإقليمي والضغوط الداخلية والخارجية. فهي تبدو في الإعلام لاعبًا قويًا يمتد نفوذه من الخليج إلى شرق المتوسط، لكنها في الداخل تواجه أزمة اقتصادية خانقة، واحتقانًا اجتماعيًا، وضغوطًا دولية متزايدة، خاصة مع العقوبات الأمريكية والأوروبية وتراجع علاقاتها مع بعض دول الجوار.
ثانيًا: عناصر القوة
- 1. الموقع الجغرافي الاستراتيجي
- تشرف على مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو 20% من تجارة النفط العالمية.
- تقع في قلب تلاقي آسيا الوسطى، الخليج، والمحيط الهندي، ما يمنحها قدرة على التأثير في طرق التجارة والطاقة.
- 2. النفوذ الإقليمي
- شبكة واسعة من الحلفاء والوكلاء (حزب الله في لبنان، الحوثيون في اليمن، فصائل شيعية في العراق وسوريا).
- قدرة على استخدام هذه الشبكات للضغط والتفاوض مع القوى الكبرى.
- 3. القدرات العسكرية
- ترسانة صاروخية باليستية من الأكثر تطورًا في المنطقة.
- برنامج مسيّرات أثبت فعالية في حروب بالوكالة.
- تقدم في البرنامج النووي مع اقتراب مستويات التخصيب من العتبة العسكرية.
- 4. القدرة على الصمود تحت العقوبات
- خبرة تاريخية في الالتفاف على العقوبات منذ 1979.
- شبكات اقتصادية وتجارية غير رسمية، وارتباطات مع دول خارج المنظومة الغربية مثل روسيا والصين.
ثالثًا: عناصر الضعف
- 1. الأزمة الاقتصادية الحادة
- التضخم المفرط وانخفاض قيمة الريال الإيراني.
- اعتماد اقتصادي كبير على النفط والغاز مع ضعف في تنويع الاقتصاد.
- فقدان الثقة الشعبية في الإدارة الاقتصادية.
- 2. الاضطرابات الداخلية
- احتجاجات متكررة منذ 2017 مرتبطة بالفساد، تراجع مستوى المعيشة، وقيود الحريات.
- فجوة عميقة بين الأجيال: جيل شاب متصل بالعالم ويرفض الانغلاق مقابل نظام محافظ متمسك بالأيديولوجيا.
- 3. العزلة الدولية
- استمرار العقوبات الأمريكية والأوروبية.
- توتر علاقاتها مع جيران مهمين مثل السعودية (رغم محاولات التهدئة) وبعض الدول الخليجية.
- محدودية الاستثمارات الأجنبية بسبب المخاطر السياسية.
- 4. الهشاشة البيئية والاجتماعية
- أزمة مياه خانقة في العديد من المحافظات.
- هجرة العقول والكفاءات.
- فجوات تنموية بين الأقاليم.
رابعًا: التوازن الراهن
يمكن القول إن إيران تحافظ على نفوذها الخارجي كأداة ردع ومساومة، لكنها تدفع ثمنًا باهظًا في الداخل. استراتيجية طهران تركز على إظهار القوة الإقليمية والقدرة العسكرية لردع الخصوم وكسب أوراق تفاوض، بينما تبقى الجبهة الداخلية الحلقة الأضعف، ما يجعل قدرتها على الاستمرار تعتمد على:
- استمرار دعم روسيا والصين، وهو أمر غير مضمون إذا ما تعلق الأمر بعلاقة هذين القطبين بالولايات المتحدة، و لما في ممر زنگزور (ترامب) وقطع اتصال ايران بحليفتها التاريخية ارمينيا.
- نجاحها في منع تفجر الداخل إلى مستوى تهديد النظام.
- قدرتها على اللعب على تناقضات القوى
خاتمة
إيران بخريطتها غير الواقعية الحالية عنصر قلق في العلاقات الاقليمية الأمر الذي يستدعي انفصال الشعوب غير الإيرانية كالأذريين والكرد والبلوش والعرب التي تحتويها خريطة نادر شاه الموروثة من القرون الوسطى وهو امر سيحصل حتما في قابل الأيام.