مفهوم المجاعة

المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
يتفق معظم العاملين في مجال المنظمات الدولية الإنسانية أن ظاهرة المجاعة تحصل نتيجة عدة أسباب وعوامل منها على سبيل المثال اندلاع الحروب وحصار على دول وشعوب ولمدة طويلة. وتراجع وفشل في الموارد وارتفاع في عدد السكان الذي لا يتوازن مع تنمية المورد وأخطاء قاتلة في سياسات الحكومة ومؤسساتها. مضافا إلى ذلك انتشار الأوبئة المعدية وغياب طرق الوقاية والعلاج ولا تزال بعضا من الدول وتحديدا في القارة الأفريقية تعاني من المجاعة وهناك الكثير.
إما المجاعة في غزة فقد شملت كل هذه الأسباب إضافة إلى الهدم والتخريب لكل مناحي الحياة لم يشهدها التاريخ منذ عقود وأن هناك أدلة لاستخدام الكيان الصهيوني سلاح التجويع واستهداف طيرانه للبنية التحتية للغذاء كما ونوعا في عدوانه منذ 2023.
وبعد سبات طويل أعلنت الأمم المتحدة رسميا في 22 / أب/ 2025 تفشي المجاعة في غزة وهذا الإعلان لا يعني شيئا بالنسبة للعدو الغاشم الذي لا يراعي ولا يحترم القرارات الدولية والإقليمية طالما وجدت حمايتها المطلقة من أمريكا ومعظم الدول الأوربية ومنذ عام (1948).
أن تجويع السكان المدنيين والنساء والأطفال وكبار السن وغيرهم جريمة وفق القانون الجنائي الدولي ومنذ حضره في البرتوكولين الأول والثاني لاتفاقيات جنيف (1977) وكذلك تعد جريمة في نظام روما الأساسي ويندرج التجويع تحت جرائم ضد الإنسانية أو ضمن إعمال الإبادة الجماعية. وله دوافع مختلفة منها السيطرة الإقليمية وأضعاف السكان والتهجير أو بهدف المجاعة التي تؤدي إلى الموت أو المرض الشديد.
وألان مع أحدث تصريح عن الأمن الغذائي في غزة تصريح عارف حسين كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي أن (المجاعة مصطلح تقني يشير إلى مواجهة السكان لسوء التغذية على نطاق واسع وحدوث وفيات مرتبطة بالجوع بسبب عدم الوصول إلى الغذاء) وهذا ما يحصل أضعافا مضاعفة في غزة وفقا للتقارير الأممية والدولية والمناشدات. ونسمع ونرى ونقرأ عناوين براقة بتقديم المساعدات والمعونات التي لا تشكل نسبة (1%) مع استمرار الكيان الصهيوني بالاستحواذ عليها ومصادرتها. وتقف أمريكا في مقدمة الدول الداعمة للإبادة والتجويع وتصر على رفض إعلان المجاعة في غزة والدليل على ذلك رفضها لبيان أعضاء مجلس الأمن الدولي ومنظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وغيرها من المنضمات الإنسانية المعنية.
لقد ارتفعت المجاعة إلى مستويات صعبة وكارثية حصدت الملايين من أبناء شعبنا الفلسطيني الصامد والصابر مع أتساع نطاق معدلاتها التي لا تصدق. وليس من المعقول أن ينخفض معدل المجاعة مع شدة القصف بالطائرات والمدفعية من قبل جيش الاحتلال على مراكز توزيع المساعدات ووقوع مئات الشهداء والجرحى. لقد دخلت المجاعة في غزة مرحلتها الأخيرة لتصبح قاتلة نتيجة جوع وصوم طويل الأمد لينتهي بالموت وهذا ما يحصل في غزة ومنذ بداية العدوان. أنه عقاب جماعي في حين تتحدث أمريكا والكيان الصهيوني عن خطة وصايا أمريكية على غزة التي أصبحت حقل تجارب بينهما لاحتلال غزة بالكامل والبداية في ظل كل هذه الجرائم لا يحسن المجتمع الدولي وحكوماته وممثليه سوى الدعوة إلى تطبيق القوانين والقرارات الدولية الإنسانية ذات الصلة بالمجاعة. ولا ينفع التودد والخنوع لإيقاف مجازر الصهاينة في غزة إلا بتطبيق القوانين على أرض الواقع ووقوف المجتمع الدولي قوة واحدة وإلا فلا مبرر لبقائها.