اللجنة القانونية

الذكاء الاصطناعي والأحكام القضائية

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 يعتقد البعض أن الذكاء الاصطناعي أحدث تغيرا شاملا وكبيرا في تسريع إجراءات المحاكمة بما يقدمه للقضاة من وسائل تهدف إلى تحقيق العدالة القضائية وهذا صحيح. بما يوفره هذا الذكاء من تحليل للقوانين الشكلية والإجرائية وأسلوب تطبيقها بسهولة وبعدالة.

كما يعمل الذكاء على تقديم المساعدة للقضاة والمحامين وأطراف الدعوى. ويعمل الذكاء على تحسين القدرة والكفاءة وتذليل المعوقات التي ترافق إجراءات المحاكمة ويوفر للقاضي المعلومات المفيدة لحسم الدعوى وعلى سبيل المثال التعرف على السوابق القضائية للمتهم أن وجدت لتشديد العقوبة والاطلاع على المعلومات والمستندات ذات الصلة بالدعوى. ولا يكتفي الذكاء الاصطناعي بذلك، بل يساعد المحكمة في إعداد وصياغة الإحكام النهائية للدعوى والنطق بالحكم النهائي وحتى اكتسابه الدرجة القطعية. ويستطيع الذكاء من خلال الروبوتات والدردشات والمعاونين الافتراضين تقديم الإجابات الفورية للأسئلة القانونية التي تسهل عمل القضاة الحصول على المعلومات القانونية من مصادرها الموثوقة ومعرفة بوصلة الحكم العادل بسهولة ويسر.

كما يقدم الذكاء المعونة في صياغة الدعاوى وترتيب إفادات ذوي العلاقة تسهيلا لتدقيقها إثناء النظر في الدعاوى وسير المحاكمة. كما أن الأجهزة المدعومة بالذكاء تسهم في تحليل الوثائق القانونية والفقهية والقضائية بجودة عالية وبسرعة فائقة.

وتستخدم تقنيات الذكاء في تنظيم وتدرج الأدلة والقرائن وأوقات جلسات المحاكمة مما يحقق سرعة إجراءاتها. ويتابع ويحلل الذكاء الدعاوى القديمة ونتائجها التقريبية ومخاطر العودة إلى الجريمة مما يساعد القضاة في إصدار الإحكام والقرارات الشكلية والحاسمة التي تستكمل بها الدعاوى. ويقدم الذكاء المساعدة لكتاب الضبط وتدوين أقوال ذوي العلاقة المسجلة أسماهم في أضبارة الدعوى وتدوينها قبل وخلال جلسات المحاكمة .

هذه هي خلاصة ما يقدمه الذكاء الاصطناعي ومزاياه في تسريع حسم الدعاوى ضمن السقوف الزمنية التي وردت في قرار مجلس قيادة الثورة رقم ( 669 لسنة 1987) الذي لم يعدل أو يلغى لغاية اليوم . ويساعد الذكاء في الترجمة الفورية والنسخ أثناء جلسات المحاكمة وخارجها وتحديد مستوى الأدلة ومتابعة الإجراءات بعدالة وأنصاف أثناء المحاكمة  وخارجها . والتحقق من صحة الأدلة التي أنشأت وعرضت من قبل الذكاء الاصطناعي أثناء التحقيق الابتدائي والقضائي .

ومع كل ما يقدمه هذا الذكاء إلا أن هناك مخاطر وتحديات تثير الكثير من التسأولات في متابعة وتدقيق البيانات والمواقف التي يقدمها الذكاء حيث لا يمكن الاعتماد عليها كليا لأنها قد تتقاطع مع قواعد قانونية وفقهية واجتهادية في حالات كثيرة ومهمة. كما يفتقر الذكاء إلى القدرة على فهم العوامل الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والعاطفية للحكم العادل واعتماده كمساعد للقضاة في صياغة الأحكام وليس بديلا أو شريكا لهم حاليا ومستقبلا.

ونحن نرى الاستمرار في عقد الدورات التطويرية وورش عمل للقضاة في مجال تطبيق الذكاء الاصطناعي بالتنسيق مع المؤسسات ذات الصلة ومنها مجلس القضاء الأعلى ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي . واستمرار التنسيق مع اليونسكو والانفتاح على الدول ذات الاهتمام بهذا العلم الرفيع وبالذات في إطار الإجراءات وصدور الأحكام الجزائية. ونأمل أنجاز مشروع قانون الذكاء الاصطناعي والتصويت عليه مع بداية الدورة السادسة لمجلس النواب الجديد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى