تقنية الذكاء الاصطناعي ودورها في الحد من الجرائم

أ.د. عمار عباس الحسيني / عميد كلية المستقبل الجامعة
أ.م.د. نورس رشيد طه / كلية الحقوق – جامعة النهرين
تقنية الذكاء الاصطناعي هي عبارة آلات تحاكي أفكار الانسان، وتشاطره التفكير وتقديم الحلول للمشكلات التي يواجهها في الواقع، فهذه الآلات قادرة على تقديم معطيات مفيدة تساهم في تذليل الصعاب أمامه ، وحل المشكلات التي تعترض طريقه، وبسرعة قد تفوق سرعة البشر في حلها.
الذكاء الاصطناعي هو مصطلح مركب من كلمتين، ويقصد بكلمة الذكاء الادراك والفهم والاستيعاب، ويقصد بكلمة الاصطناعي اصطناع الشيء أي انشاءه وتكوينه، بمعنى أن الذكاء الاصطناعي هو شيء مصطنع بأيادي بشرية، وله خصائص تميزه عن باقي الأشياء المصطنعة، أهما امتيازه بالدقة والتطور والمحاكاة.
وقد عرف الذكاء الاصطناعي بأنه: الذكاء الذي يصنعه الإنسان في الآلة أو الحاسوب، بغية تمكين هذه الألة أو الحاسوب من أداء المهام والوظائف نيابة عن الانسان بأقل جهد ووقت ممكن، وقد يتطلب الأمر استخدام هذه الألة في أماكن خطرة يصعب على الجهات الأمنية الانتقال إليها، وتسجيل البيانات والمعلومات المطلوبة حول محل الحادث.
وعليه فأن الهدف الأساس من صنع التقنيات الذكية يكمن في أداء المهام نيابة عن الانسان وتطويها لخدمته.
فقد أصبح لتقنية الذكاء الاصطناعي دوراً كبيراً في الحد من الجرائم من خلال التنبؤ بها قبل وقوعها، وهذا ما يعرف بـ “الشرطة التنبؤية”، والتي تعني توظيف الخوارزميات الالكترونية لتحليل البيانات المخزنة في الحاسوب أو الجهاز الآلي لإخراج بيانات توقعيه من شأنها إيجاد الحلول المناسبة في الوقت المناسب للتصدي للجرائم المحتملة أو المستقبلية المشابهة، من خلال تحليل البيانات المدرجة في قاعدة البيانات المخزنة في الكومبيوتر والخاصة بالقيد الجنائي للجناة والمشتبه بهم .
إذ تستعين الأجهزة الشرطية بالتحليلات الرياضية وخوارزميات التعلم الاحصائي او الآلي وتطبيقها على البيانات المسجلة في سجلات الشرطة الخاصة بتحرير أوقات الجرائم السابقة وموقعها الجغرافي وطبيعتها، مما ينجم من خلال تلك العملية الخوارزمية الذكية التنبؤ بأنماط محتملة من الجرائم التي قد تقع في المستقبل لا سيما في المناطق الساخنة ، ومن تطبيقات الذكاء الاصطناعي “قائمة الحظر الجوي” ، والتي من خلالها يتم تحليل البيانات الضخمة التي تم جمعها عن الإرهابيين المحتملين، ومن ثم العمل على منع ارتكاب جرائم، بوصفها احد صور الشرطة التنبؤية. فضلاً عن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل الصور والفيديوهات المتحصلة عن طريق كاميرات المراقبة التي لها القدرة على تحليل هذه الصور والفيديوهات من أجل التعرف على المطلوبين واكتشاف أماكن تواجدهم وأية أمور أُخرى مشبوهة، ولهذه الكاميرات خاصية تنبيه مركز التحكم بشكل مباشر وفوري.
وعليه فإن لتقنيات الذكاء الاصطناعي دورٌ مهم في التنبؤ بوقوع الجرائم قبل ان يتوقعها البشر، ويتم ذلك من خلال الخوارزميات البرمجية المزودة بالبيانات الخاصة بالجناة والمشتبه بهم، لتعطي نتائج تساعد في الوقاية من جرائم محتملة الحدوث، كتحديد الزبائن “العملاء” الذين يقومون بشراء كميات كبيرة من المخدرات المستخدمة للتعاطي أو المتاجرة بها، أو شراء المواد الكيميائية المستخدمة في أنشطة إرهابية كصنع المتفجرات والقنابل اليدوية من خلال ما يُسمى ايضاً بـ “الشرطة الاستباقية”. كما ان للذكاء الاصطناعي، دورٌ مهم في “تصنيف المجرمين” مناطقياً، بسهولةٍ وموضوعية وبعيداً عن الاهواء الشخصية ودراسة وتشخيص المناطق الأكثر تعرضاً لإرتفاع نسبة الجرائم فيها، مع المساعدة على وضع حلول من أجل تجنب ذلك وتقليل المخاطر بصورةٍ كبيرة.
ولنظام الذكاء الاصطناعي دورٌ فاعل في “التنبؤ بالجريمة” من خلال عرض مستويات المخاطر لمناطقٍ مختلفة مع تطبيقها على المناطق الأكثر خطورة، ولعل هذا سيُمكِن رجال الشرطة من التواجد في مكان الحادث قبل وقوع الجريمة، وهي نتائج ستكون دقيقةً جداً وأقل تحيزاً من النتائج التي يقدمها البشر، وهي في النهاية ستؤدي الى منع وقوع الجريمة. مع الإشارة الى ان التنبؤ بالجريمة من قبل تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال توقع حدوثها مستقبلاً والحيلولة دون وقوعها، ليس رجماً بالغيب او كشفاً عنه، إنما هو توقع احتمالي لأحداث قد تقع، ويتم ذلك بناءً على خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي قد تكون راجحة مما سيكون له الأثر البالغ في إجهاض الجريمة قبل وقوعها.



