لجنة العلوم السياسية

زيارة لاريجاني لبغداد وتداعيات التوقيع على الاتفاقية الأمنية، ثم زيارته لبيروت وصدى الزيارة.

بقلم أ.د هاني الحديثي

استاذ السياسة الخارجية والعلاقات الدولية والخبير في شؤون الباكستان واسيا

عضو المنتدى العراقي للنخب والكفاءات – لجنة العلم السياسية

رغم اختلاف القدرات والموارد بين البلدين العراق ولبنان، إلا ان الفارق كبير بين قرار وطني لبناني مستقل أحرج لاريجاني في بيروت، ولكنه بذات الوقت منعه من التلاعب والتدخل بالشأن اللبناني، في وقت تأكدت في بغداد القراءات الخاطئة لما يجري.

لاريجاني لم يستطع الدخول إلى بيروت عبر الأجواء السورية  لمنع السلطات السورية مروره في الأجواء السورية وما لذلك من دلالات ، وحين لقاءه بالرئيس عون و رئيس الوزراء اللبناني بعد استقباله الباهت في مطار رفيق الحريري من قبل عناصر حزب الله وبدون وجود رسمي حكومي لبناني معهم تلقى سيلا من  الاتهامات والنصائح ان تترك ايران لبنان لشعبه وقيادته وأن تكف عن التدخل بالشؤون الداخلية للبنان فهم وحدهم المخولون بالحديث عن لبنان وتطلعاتها، إزائها تلعثم لاريجاني وغير أسلوب حديثه من تأكيداته بدعم ايران لحزب الله  ورفض تسليم سلاحه للدولة ،إلى احترام القرار السيادي للبنان والدعوة للتوافق مع حزب الله باعتباره وسيلة للحفاظ على امن لبنان وقد بدت تناقضات تصريحاته قبل وبعد الزيارة في المؤتمر الصحفي الذي تلقى فيه كيل من الاتهامات جعلته يدرك ان ايران لم تفقد سوريا حسب انما لبنان ايضا وان على حزب الله ان يعيد النظر في حساباته بعد ان تغيرت معطيات جيوسياسية تحته وحوله رغم ان الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم لم ينتظر هنيهة ليطلع بخطاب يهدد فيه بالحرب الاهلية مؤكدا ارتباط  حزبه المطلق بإيران وسياساتها في المنطقة غير ابه لما سيتبع ذلك من حرق للساحة اللبنانية بدلا من وحدة ساحات المقاومة ، وهو الرد الذي كان ينتظره لاريجاني بالطبع  والذي وضع لبنان الان عند مفترق طرق خطير يتعدى فيه حزب الله وميلشياته إيرانية الولاء والانتماء  هوية وعقيدة على معنى الدولة وسيادتها واستقلال قرارها .

 

اما في العراق فإن الموقف واضح في القراءات الخاطئة للمتغيرات داخليا وخارجيا.

بدأ ذلك في الذهاب الى التوقيع على  اتفاقية أمنية تربط العراق بالأمن القومي الإيراني بحضور رئيس الوزراء وتتيح لإيران فرصة التدخل في الشأن العراقي تحت مبررات حق الدفاع المشترك  حتى لو تم ذلك بقصد التصدي بالقوة الإيرانية لإرادات شعبية وطنية متوقعة ، و غير مبالين ايضا بما يربطهم بالولايات المتحدة من اتفاقيات ومعاهدات استراتيجية تجعل العراق تحت وطأة السيطرة الجوية الأمريكية وتأثيرات تواجد القواعد الأمريكية داخل العراق ، وغير آبهين بالموقف المحيط بإيران دوليا واقليميا ضمنها الاتفاقية بوساطة أمريكية بين أذربيجان و ارمينيا ، و تصعيد أمريكي ضد التدخل الإيراني في اقليم بلوجستان باكستان وبدء عملية واسعة تركيز العقوبات الاقتصادية  عليها .

ويبدو للأسف انهم حتى الان لم يفهموا رسائل وزير الخارجية الأمريكي المحددة لهم ولم يدركوا حتى الان طبيعة التحديات الخطيرة والمترافقة مع الوضع السيء جدا اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا.

لذلك يبدو للمتابعين ان استمرار القراءات الخاطئة من قبل العراق للمتغيرات ستضع البلاد امام مفترق طرق خطيرة قد يبدو منها التقسيم حلا متوقعا وخيارا مطروحا.

لابد ان نأخذ بنظر الاعتبار ان القراءات الخاطئة في بلدان المحيط الجغرافي والقريب منه حتى الان تهدد وحدة الدول وتشير إلى احتمالات تفككها كما حصل ويحصل في اليمن والسودان وليبيا ويمكن ان يحصل نسبيا في سوريا وفي لبنان بالتحديد بسبب مساعي وجهود تعبر عنها تصريحات امين عام حزب الله المهددة للسلم الأهلي انسجاما مع رغبات إيران في الإبقاء على نفوذها من خلال حزب الله الموالي لمشاريعها في عموم منطقة المشرق العربي.

بل ان إيران ذاتها معرضة لهذا الخطر الناتج عن شمولية القرار السياسي وقمع القوميات الكبيرة داخل إيران.

لذلك ليس من المنطق ولا العقل ان يذهب طرف ما داخل العراق حتى ان كان قابضا على السلطة لأسباب معروفة للتصرف بعيدا عن رأي الامة وأعمدة الوطن المتكاملة انسجاما مع تبعيته الذهنية والعقائدية الفئوية.

عليه ان يقتنع انه لن يكون قادرا على سحب مركبات القطار جميعها المخالفة له والمختلفة عنه خلفه، خاصة أنها تعيش حالة استعداد للانفصال عن وجهته فكيف إذا كانت هذه العربات لها الدور الأكثر فاعلية في تقرير مصير العراق وكينونته الوطنية!!!

الخلاصة: ان زيارات لاريجاني للعراق وما تمخض عنها من توقيع اتفاقية أمنية تتضمن الدفاع المشترك والمرافقة لزيارة الجنرال قااني للعراق واجتماعاته المتواصلة مع أطراف السلطة الحكومية والفصائل المسلحة وهي ذات صلة بزيارة لاريجاني للبنان، انما تعبر عن استعدادات إيرانية جدية لمواجهات شاملة تنقذها من المأزق الخطير الذي تعيشه، ولكن هذه المرة ستتم عبر دفع كل من العراق ولبنان إلى واجهة المواجهة لتستخدم ذلك ورقة تفاوضية اخيرة ربما تعتقد أنها تستطيع عبرها ان تفرض شروطها على المفاوض الأمريكي وحلفاؤه.

فإما ان تحترق ويحترق الآخرون قبلها، او ان يحترق الآخرون لتبقى هي قوة اقليمية تتحكم مع القوى الإقليمية الأخرى من بينها اسرائيل بمصائر المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى