لجنة العلوم السياسية

ترامب وتطبيع العلاقات بين أذربيجان وارمينيا

بقلم أ.د هاني الحديثي

استاذ السياسة الخارجية والعلاقات الدولية والخبير في شؤون الباكستان واسيا

عضو المنتدى العراقي للنخب والكفاءات – لجنة العلم السياسية

ترامب ينجح في جمع الرئيسين الأذربيجاني علييف  و الأرميني نيكول باشينيان  في البيت البيضاوي وتوقيع اتفاقية سلام دائمة والتعهد بطي صفحة الماضي واحترام الحدود الدولية  وسيادة كل بلد منهما لتبدأ مرحلة جديدة من السلام والتبادل الاقتصادي والسياحي بينهما بعد عقود من النزاعات التي لعبت فيها ايران دورا فاعلا عبر دعم ارمينيا ضد أذربيجان الدولة المسلمة المجاورة لإيران خلاف تركيا التي ظلت تدعم أذربيجان ضد ارمينيا والتي بدورها ايضا وقعت اتفاقا مؤخرا مع تركيا يقوم على تبادل المنافع المتبادلة وبدء صفحة جديدة من العلاقات الطبيعية بينهما ، ليبدو الأمر سائرا نحو توافقات اقليمية لبلدان قوقازية و في وسط وغرب اسيا برعاية امريكية مبتعدين بذلك عن روسيا المنغمسة بحرب أوكرانيا والتي تتأمل التوصل قريبا  الى حل سياسي يتضمن تبادل أراضي بينهما بوساطة امريكية ايضا   .

الخاسر في هذه الاتفاقية هي إيران التي ظلت تدعم ارمينيا في حربها ضد أذربيجان الدولة الاسلامية بأغلبية شيعية قلقا منها على امتداد النفوذ الأذربيجاني الى القومية الآذرية حيث اقليم أذربيجان الايراني المتاخم لحدود أذربيجان شمال إيران

لذلك نرى ان إيران تعلن رفضها لما تم الاتفاق عليه في هذا اللقاء التاريخي وضمن ذلك انشاء ممر استراتيجي في القوقاز يربط أذربيجان بجيبها في ارمينيا حيث اقليم نخجوان   وتلافيا لأية خلافات سابقة تخص اقليم ناجورني كاراباخ الذي ظل يشكل عقدة مزمنة في العلاقات الأذربيجانية -الأرمينية قبل سيطرة أذربيجان عليه في معارك سابقة بين البلدين. وهي (إيران) تعتبر ذلك وفق تصريحات مستشار خامنئي تهديدا للأمن الإيراني والإقليمي خاصة انه يحقق تعاونا اقتصاديا وأمنيا بين البلدين يضع إيران في وضع أمني صعب على حدودها فضلا عن تأثيره سلبا على علاقات إيران الاقتصادية مع بلدان القوقاز ووسط اسيا وصولا إلى تركيا .

لذلك اعتقد ان الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب وضعت طوقا جديدا يحيط بإيران شمالا، وهي من وجهة نظري محطة استراتيجية تنطلق منها الولايات المتحدة للتأثير على بلدان منطقة وسط اسيا (وربما بالتنسيق مع تركيا لنفوذها المعروف في وسط اسيا) التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع الصين وروسيا عبر اتفاقية منظمة شنغهاي والتي تشكل الممر البري الاستراتيجي لمشروع الصين في طريق الحرير نحو تركيا والعالم.

في ضوء ما تقدم لنرى القادم في سياسة الإحاطة الأمريكية عبر وسائل سلمية سياسية واقتصادية حيث تشكل العلاقات الباكستانية -الصينية عامل قلق لدى الولايات المتحدة لما تشكله باكستان النووية من عقدة استراتيجية في مشروع الطوق والطريق الاستراتيجي للصين نحو العالم.

فكيف ستتصرف الباكستان مع الإدارة الأمريكية في ظل طبيعة التوجهات الأمريكية لتطويق الصين ومنعها من الصعود الى قمة النظام العالمي؟

ان هذا السؤال يأخذ بنظر الاعتبار مسائل جوهرية أهمها:

الصراع الباكستاني -الهندي حول اقليم كشمير وازمة الأنهر المشتركة.

وطبيعة العلاقات الاقتصادية الهندية مع الغرب عموما من جهة وعلاقاتها مع روسيا في مجالي النفط والتسلح من جهة اخرى خاصة ان للهند نزاعا تاريخيا مع الصين تغذيه الولايات المتحدة وتلعب عليه في مساعي تطويق الصين بذات الوقت الذي تحتفظ فيه بعلاقات حيوية مع الباكستان الحليف التقليدي للصين والتي تشكل مصدرا مهما في النزاع الهندي-الباكستاني وهي المصدر المهم في التسلح المتطور للجيش الباكستاني كما اثبتت ذلك الحرب الأخيرة بين الهند والباكستان.

هذه قضايا شائكة تلعب دورها في مستقبل العلاقات الباكستانية -الإيرانية والتي يمكن للولايات المتحدة ايضا ان تدخل عليها في استكمال تطويق إيران في حال عدم التوصل لاتفاق شامل بين الولايات المتحدة وإيران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى