لجنة الشباب و الرياضة

بين انتخابات مضت وانتخابات قادمة … اتحاد كرة القدم إلى أين؟

الجزء الأول

أ. د إسماعيل خليل إبراهيم

نائب رئيس لجنة الرياضة والشباب، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

   في الوقت الذي تقترب فيه فترة عمل الهيأة الإدارية الحالية للاتحاد العراقي لكرة القدم من نهايتها بَدَء الحديث عن أسماء المرشحين لتولي رئاسة الهيأة الإدارية للاتحاد في دورته القادمة وكأن الأمر يتعلق بمنصب الرئيس فقط وليس بمنظومة تقود الاتحاد وتدير شؤون كرة القدم للسنوات الأربع القادمة، وهي مفارقة جسدها للأسف واقع حال الاتحاد في بعض دوراته السابقة عندما تم اختزال الاتحاد بمنصب الرئيس فقط وتهميش دور أعضائه الذين يفترض أن يكونوا عناصر فاعلة في مسيرته وأن يكون العمل بروح الفريق لا بشخص الرئيس.

قبل الحديث عن الانتخابات القادمة التي ستجرى منتصف شهر أيلول القادم إن شاء الله كما أُعلِنَ عنها سنستعرض – من وجهة نظرنا – بعضاً من محطات مسيرة الاتحاد الحالي منذ ما قبل انتخابه لغاية الأن عسى أن يُستفاد منها في الانتخابات القادمة.

   أولاً: عدم الإيفاء بالوعود التي تم تقديمها قبل الانتخابات، ومنها:

   1 – تقليص عدد فرق الدوري: وهو ما لم يتحقق وتم الإبقاء على عدد الأندية ذاته ولم يتم التطرق لهذا الموضوع، إلى جانب المخالفة الصريحة لتعليمات الاتحاد الدولي لكرة القدم بعدم جواز وجود أكثر من فريق واحد يمثل مؤسسة أو جهة ما في الدرجة ذاتها وهو ما ينطبق على أندية النفط بشكل واضح وصريح، وسبق لنا وأن أثرنا هذا الموضوع لأكثر من مرة دون جدوى.

   2 – الإرتقاء بمستوى الدوري: وهو ما لم يتحقق ايضاً، بل انخفض مستوى الدوري بشهادة الجميع، فضلاً عن الإهمال الذي تعانيه مباريات دوري الفئات العمرية.

   3 – تشكيل رابطة أندية الدوري: لم يتم تشكيلها لغاية الأن ويبدو أن الاتحاد مصر على أن تبقى جميع نشاطات كرة القدم تحت سيطرته و إشرافه.

   4 – تحديد موعد ثابت لبداية الدوري ونهايته: بسبب التوقفات غير المبررة وغير المخطط لها فإن لكل موسم بداية ونهاية تختلف عن الموسم السابق واللاحق أيضاً، فبداية الموسم الجديد لا يتم تحديدها إلا بعد نهاية الموسم القائم، ولا أحد يعرف موعد نهاية الموسم بسبب التأجيل المستمر لمبارياته في الوقت الذي لا نجد هذه الحالة في دوريات العالم على الرغم من ازدحام موسمها بالمباريات المحلية والارتباطات الخارجية لمنتخباتها وأنديتها فكل شيء محسوب بدقة.

   ثانياً : الافتقار لاستراتيجية العمل : إن خير دليل على عدم وجود استراتيجية لاتحاد كرة القدم حالياً وسابقاً هو الارتجال والتصرف الآني حيال ما يواجهه الاتحاد من مشكلات وأزمات وغياب الأهداف البعيدة التي يعبر عنها بـ – الاستراتيجية – والتي يعني غيابها عدم وجود أهداف بعيدة يلتزم الجميع بالعمل على تحقيقها بغض النظر عن اسماء الأعضاء الذين يتولون مسؤولية إدارة الاتحاد ، لذلك فإن كل هيأة إدارية تعمل على وفق ما تراه ولا علاقة لها بما قامت به الهيأة السابقة لذلك يكون الإنطلاق دائماً من نقطة البداية وليس من النقطة التي انتهت عندها مسيرة الهيأة الإدارية السابقة .

   ثالثاً: الخلافات العلنية بين أعضاء الاتحاد: من بين أهم شروط ومتطلبات ومقومات نجاح اي إدارة وجود التوافق والإنسجام بين أعضائها وهذا ما افتقدته الإدارة الحالية للاتحاد، فالخلافات والتقاطعات بين أعضائها لم تكن خلف الأبواب المغلقة بل على منابر الإعلام في حالة لم نر مثيلاً لها في الهيئات السابقة ، ومن المؤكد أن إدارة تعمل في ظل هذه الأجواء لا يمكن أن يكون النجاح حليفها .

   رابعاً : التعاقد مع رابطة الدوري الأسباني : رافق تعاقد الاتحاد مع رابطة الدوري الأسباني ضجة كبيرة تمثلت بالإشادة مقدماً بما ستقوم به الرابطة من مهام والتطوير الذي سيحصل عن طريقها لكرة القدم العراقية إلى جانب المبلغ المالي الكبير الذي دفع للتعاقد معها ، وكذلك النقلة النوعية التي ستشهدها الأندية وفرقها الكروية ، والنهضة التي ستتحقق في فرق الفئات العمرية وسواها من المهام ، لكن الغريب أن شيئاً من هذا لم يحدث ولم نر لتلك الرابطة أي بصمة أو لمسة أو مساهمة واستمرت كرة القدم العراقية تسير على النهج ذاته وبالأساليب والأفكار نفسها التي اعتمدها الاتحاد ، ولم يتغير شيء من واقع فرق الفئات العمرية ولم نعد نسمع بالرابطة إلا في المناسبات الرسمية .

   خامساً : لجان الاتحاد: تعد اللجان جزءاً أصيلاً من هيكلية أي هيئة رياضية داخل العراق وخارجه ولها أدوار ومهام وواجبات تقوم بها ، فهي تقدم المشورة والحلول والنصح والمقترحات والأفكار على وفق اختصاص كل لجنة وبناءً على ما يحال لها من الهيأة الإدارية . لكن هذا الواقع لا ينطبق على لجان الاتحاد العراقي لكرة القدم لأن غالبيتها لجان على الورق فقط لا دور لها ولا مهمة ولا مسؤولية ولا أحد يعلم شيئاً عنها فوجودها شكلي ليس إلا.

   سادساً : أعضاء الاتحاد والإعلام : على الرغم من وجود متحدث إعلامي رسمي للاتحاد ومكتب إعلامي إلا أن ما شهدته الساحة الإعلامية من ظهور شبه يومي لأعضاء الاتحاد يعد أمراً غير مسبوق حيث بات الجميع يدلي بتصريحاته للإعلام والتي تعبر في الغالب عن وجهة نظره خلافاً للمنطق والأعراف المعهودة التي تحتم أن تكون التصريحات معبرة عن رأي الهيأة الإدارية ومواقفها حتى وإن لم تحظ بموافقة أعضاء الاتحاد كافة فما توافق عليه الأغلبية وتُقِرُه يجب أن يكون ملزماً للجميع ومعتمداً منهم.

   سابعاً: الفئات العمرية: على الرغم من أهمية وخطورة دور الفئات العمرية التي تمثل مستقبل كرة القدم إلا أن هذا القطاع المهم لم ينل ما يستحق من اهتمام ورعاية من الأندية والاتحاد، فالأندية تتعامل مع هذه الفئات من منطلق أنها مجبرة على وجودها ومن ثم مشاركتها في مباريات الدوري الخاصة بها أما مستوياتها ونتائجها في لا تعنيها في شيء إذ أن المهم أن لا تتعرض الأندية لمساءلة الاتحاد. والاتحاد غير مهتم بمتابعة هذه الفرق في أنديتها من ناحية كفاءة الملاكات التدريبية الخاصة بها وما يجري في وحداتها التدريبية ومدى ملاءمة محتواها لطبيعة ومتطلبات كل مرحلة عمرية وانتهاءً بدوريها الذي لا يشاهد أحد مبارياته ، والسبب أن اهتمام الأندية منصب على فرق الكبار ، واهتمام الاتحاد منصب على المنتخب الوطني الأول ، ولعل ما يؤكد ما ذهبنا إليه إعلان الاتحاد المنشور على صفحته الرسمية على ( الفيس بوك ) أن مباريات دوري منطقة بغداد لتحت ( 19 سنة ) ستبدأ يوم الأحد ( 27 / 7 / 2025 ) الساعة ( 15 : 3 ) ظهراً ، وتبدأ مباريات دوري منطقة بغداد لتحت ( 21 سنة ) يوم الاثنين ( 28 / 7 / 2025 ) الساعة ( 15 : 3 ) ظهراً ، أي في عز الحر .  

   ثامناً: غياب دور الهيأة العامة للاتحاد: في الوقت الذي تعد فيه الهيأة العامة السلطة العليا في الاتحاد ومُنِحَت العديد من الصلاحيات بموجب (المادة – 8 – من قانون الاتحادات رقم 24 لسنة 2021) إلا أن السنوات الماضية شهدت غياباً شبه تام لدورها وتخلت طواعية عن صلاحياتها واكتفت بتواجد شكلي ساهم في تفاقم المشكلات داخل الاتحاد ومنح الهيأة الإدارية فرصة العمل دون وجود رقابة فاعلة وحقيقية على ما تقوم به.

   تاسعاً : التدخل في عمل المدير الفني للمنتخب: يعلم الجميع أن المدير الفني لأي منتخب في العالم يعمل بشكل مستقل بعيداً عن تدخل أي طرف خارجي وأن استدعاء اللاعبين للمنتخب حق حصري له، وأن مسيرة المنتخب ومستواه ونتائجه تخضع للمراجعة والمساءلة من قبل اتحاد اللعبة في حالات الفشل والإخفاق إلا أن التدخل في عمل المدير الفني حالة تَحَدَثَ عنها الذين تولوا الإدارة الفنية للمنتخب عبر وسائل الإعلام وكانت واضحة للجمهور والمتابعين وللإعلام الرياضي.  

   عاشراً : اللاعبون المحترفون الأجانب: من بين أهم أهداف تعاقد الأندية مع لاعبين أجانب هو سد النقص في صفوف فريقها عن طريق لاعبين أفضل مستوى من لاعبيها وبما يسهم في الإرتقاء بمستوى الفريق عموماً وتحقيق النتائج الأفضل واحراز البطولات، إلى جانب خلق حوافز للاعبيها المحليين للإرتقاء بمستوياتهم وهو ما يؤدي في النهاية إلى الإرتقاء بمستوى الدوري عموماً. لكن واقع الحال يؤكد فشل الأندية في الوصول لهذه الأهداف لأسباب عدة منها افتقار المكلفين بالأمر إلى الخبرات التي يتم بموجبها اختيار اللاعبين ، فضلاً عن عدم توفر الأموال للتعاقد مع لاعبين مميزين ، وما يقدمه المحترفون الأجانب في أنديتنا من مستويات هو خير دليل على ما ذكرناه حتى بتنا نرى بعضاً منهم على دكة البدلاء بدلاً من وجودهم على أرض الملعب ، ومما لا شك فيه أن التعاقد مع أمثال هؤلاء اللاعبين هو هدر للأموال وحرمان لاعب محلي من فرصة اللعب ، لذلك نرى أن على الاتحاد ومن خلال لجانه المتخصصة وضع ضوابط لتعاقد الأندية مع اللاعبين الأجانب .

   أما وجهة نظرنا في الانتخابات القادمة للاتحاد فسنتناولها في الجزء الثاني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى