اللجنة الصحية

قرحة المعدة والاثني عشر

قرحة المعدة والاثني عشر   (  PEPTIC ULCER)

الدكتور عادل خضر الدوري

رئيس اللجنة الصحية

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

القرحة الهضمية هي جرح يظهر، عادة،  في الغشاء الداخلي لجدار المعدة أو في الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة (وهو الجزء الذي يسمى “الإثنا عشر”، أو “الإثنا عشريّ” – Duodenum). تتكون القرحة الهضمية عند حصول ضرر في الغشاء الواقي للمعدة أو الأمعاء. فنتيجة لمثل هذا الضرر, قد تسبب عصارات المعدة ظهور جرح في جدار المعدة أو الأمعاء. عصارات المعدة الحمضية, التي تحتوي على حامض الهيدروكوليك (Hydrochloric acid) وإنزيمات تسمى ببسين (Pepsin), قد تسبب الضرر، أيضا، في منطقة المريء (Esophagus). والمريء هو الأنبوب النازل من جوف الفم إلى المعدة.

وخلافا للاعتقاد الذي كان سائدا في الماضي, لا تعتبر القرحة الهضمية، اليوم، أمرا محتوما, إذ أنها ليست حالة طبية يتحتم على المرضى المصابين بها اعتياد العيش معها طوال حياتهم. ففي معظم الحالات، يكفي العلاج الدوائي المناسب لشفاء معظم حالات القرحة الهضمية, كما يساعد على التخفيف بشكل فوري من أعراضها.

يُمثل ألم المعدة أحد الأعراض الأكثر شيوعاً للإصابة بالقرحة الهضمية ( Peptic ulcer)؛ وتشكّل القرحة الهضمية حالتَين؛ ألا وهما قرحة المعدة ( Gastric ulcer) التي تتطور في بطانة المعدة، وقرحة الاثني عشر ( Duodenal ulcer) التي تتطور في الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة.

 

أعراض قرحة المعدة والاثني عشر

 

في الحقيقة قد لا يُعاني العديد من المرضى من أيّ أعراضٍ تدلّ على إصابتهم بهذه الحالة، بحيث يكشف الطبيب عن الإصابة بقرحة المعدة والاثني عشر فقط عند التحقق من وجود اضطراب هضمي، ولكن في حالات أخرى قد تظهر بعض الأعراض والعلامات، وكما ذكرنا سابقاً فإنّ الشعور بألم المعدة وحرقة فيها أكثر أعراض قرحة المعدة والاثني عشر شيوعاً، وقد يشعر المريض في حال الإصابة بقرحة الاثني عشر بآلام البطن بعد ساعاتٍ قليلة من تناول الطعام، وعادة ما يتحسن هذا الألم عند تناول الأدوية أو الأطعمة التي تُقلل من حموضة المعدة، وعادةً ما يعود الشعور بالألم بانتهاء تأثير هذه الأدوية والأطعمة، وتجدر الإشارة إلى أنّ ألم البطن الناتج عن قرحة الاثني عشر قد يزداد سوءاً عندما تكون المعدة فارغة، خاصّة خلال الفترة ما بين الوجبات، أو أثناء الليل، أو في الصباح الباكر، وفيما يأتي بيان بعض الأعراض الأخرى التي قد تُصاحب هذا النّوع من القُرح

 

الأعراض الشائعة:

الحرقة أو عسر الهضم.

الشعور بالامتلاء، حتى خلال الأوقات التي تكون فيها المعدة فارغة.

الانتفاخ.

الغازات.

الغثيان.

عدم القدرة على تحمّل أنواع معينة من الأطعمة.

الأعراض الأقل شيوعاً:

الشعور بخفة الرأس أو مرحلة ما قبل الإغماء (Lightheadedness).

فقدان الوزن.

ظهور الدم في البراز.

التقيؤ.

ظهور الدم في القيء.

صعوبة التنفس.

 

أسباب قرحة المعدة والاثني عشر

تُعزى الإصابة بقرحة المعدة والاثني عشر إلى العديد من العوامل والأسباب، وفيما يلي بيان لأبرزها:

البكتيريا الملوية البوابية: ( Helicobacter pylori bacteria)، بحسب إحصائيّات الولايات المُتّحدة تتراوح نسبة الأشخاص المُصابين بهذه البكتيريا ما بين 30-40% من مجموع السكّان، وفي الحقيقة تُعتبر البكتيريا الملوية البوابية هي السبب الأكثر شيوعاً للإصابة بقرحة المعدة والاثني عشر، إذ تؤثر هذه البكتيريا في المُخاط الذي يتولّى مهمّة حماية المعدة والأمعاء الدقيقة، ممّا تسبّب بإضرار أحماض المعدة لبطانة المعدة وإتلافها، ويُعتقد بأنّ هذه البكتيريا تنتقل من شخص إلى آخر عن طريق الأطعمة، أو الماء، أو أواني الطعام الملوثة، أو من خلال التلامس المُباشر مع اللعاب، وممّا ينبغي التنبيه إليه أنّ العديد من الأشخاص يُصابون بهذه العدوى البكتيرية في مرحلة الطفولة، ولكن نادراً ما تتطور مُحدِثةً قرحةً هضمية في الوقت ذاته، وفي الواقع قد لا تظهر الأعراض لدى معظم الأشخاص إلى أن يكبروا في السنّ.

الأدوية:

يُعتبر تناول مضادات الالتهاب اللاستيرويدية ( Non-steroidal anti-inflammatory drugs) أو الاعتماد عليها بشكل مستمر أحد العوامل التي تزيد احتمالية الإصابة بالقرحة الهضمية، ومن أبرز الأمثلة على هذه الأدوية الأسبرين ( Aspirin)، والآيبوبروفين ( Ibuprofen)، والنابروكسين ( Naproxen)، ويُمكن تفسير ذلك بأنّ هذه الأدوية قد تُلحق الضرر ببطانة المعدة والأمعاء إضافة إلى تسبّبها بتهيّج كلّ منهما، وفي سياق هذا الحديث نُشير إلى إمكانية تناول دواء الباراسيتامول ( Paracetamol) كبديل لمضادات الالتهاب اللاستيرويدية في الحالات التي يكون فيها الشخص غير قادر على تناول هذه الأدوية نتيجة الإصابة بالقرحات أو غيرها من الاضطرابات الهضمية.

متلازمة زولينجر إليسون: ( Zollinger-Ellison syndrome)، قد تتسبّب هذه المتلازمة بتطوّر الأورام سواءً أكانت سرطانية أم غير سرطانية، وتتسبّب هذه الأورام بإطلاق الهرمونات التي ترفع مستويات أحماض المعدة بدرجةٍ كبيرة، وهذا بحدّ ذاته يتسبّب بالإصابة بقرحة المعدة والاثني عشر، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الأورام قد تتطور في أيّ مكان في الجسم، وأكثر ما تُلاحظ في البنكرياس والاثني عشر.

 

تشخيص الإصابة بقرحة المعدة والاثني عشر

يتطلب تشخيص الإصابة بقرحة المعدة والاثني عشر أخذ التاريخ الصحيّ للمصاب وإجراء الفحص الجسدي، ومن ثمّ إخضاع الشخص للعديد من الفحوصات التشخيصية الأخرى، نذكر منها ما يأتي:

الفحوصات المخبرية للبكتيريا الملوية البوابية: يتمّ إخضاع الشخص لمجموعة من الفحوصات بهدف الكشف عن وجود البكتيريا الملوية البوابية في الجسم، وتتضمن هذه الفحوصات اختبار الدم، أو البراز، أو التنفس، ويُعتبر اختبار التنفس أكثرها دقة، أمّا اختبارات الدم فهي غير دقيقة بشكلٍ عامّ، ولذلك يتوجّب عدم استخدامها بشكلٍ روتينيّ للكشف عن الإصابة بالقرحة الهضمية، وهنا نُشير إلى ضرورة إعلام الطبيب بطبيعة الأدوية المُضادة للحموضة التي يتناولها الشخص المعنيّ قبل إجراء الاختبارات الخاصة بهذه البكتيريا، إذ إنّها قد تؤدي إلى إظهار نتائج سلبية خاطئة.

 

التنظير: ( Endoscopy)، يُلجأ للتنظير في الحالات التي يكون فيها الشخص كبيراً في السنّ، أو في حال ظهور علامات تدلّ على وجود نزيف، أو عند فقدان الوزن مؤخراً، أو في الحالات التي يُواجه فيها الشخص صعوبة في الأكل والبلع، ويُجرى التنظير بهدف فحص الجهاز الهضمي العلوي، ويقوم مبدأ التنظير على تمرير الطبيب المختص أنبوباً مجوّفاً مزوّداً بعدسة من أسفل الحلق إلى المريء ومن ثمّ إلى المعدة والأمعاء الدقيقة وذلك للكشف عن وجود قرحة في الجهاز الهضمي، وفي الحالات التي يتمّ الكشف فيها عن وجود قرحة قد يقوم الطبيب بأخذ خزعة -والتي تُمثل عينة صغيرة من الأنسجة- بهدف فحصها في المختبر، ويجدر بيان أنّ الخزعة تُمكّن أيضاً من الكشف عن وجود البكتيريا الملوية في المعده..

 

علاج القرحة الهضمية

في سبيل علاج القرحة الهضمية، قد يضطر معظم الأشخاص إلى تناول الأدوية, وذلك بهدف التقليل من كمية عصارات الهضم. وفي حال الإصابة بتلوث ناجم عن جرثومة الملويّة البوابيّة, ينبغي البدء بمعالجة ترتكز على تناول مضادات حيوية (Antibiotics).

إذا قام الطبيب بوصف علاج مضاد حيوي لمعالجة التلوث, فعلى المريض تناول كمية الأقراص التي وصفها الطبيب كاملة، بالتمام. وفي مثل هذه الحالة، من المرجح معالجة التلوث والشفاء منه تماما.

وبإمكان المريض تسريع عملية شفائه من القرحة الهضمية ومنع تكرار حدوثها مرة أخرى, من خلال التوقف عن التدخين وتقليل كميات المشروبات الكحولية التي يتناولها. كما أن الاستعمال المتواصل لأدوية مثل أسبرين (Aspirin), إيبوبروفين (Ibuprofen) ونابروكسين  (Naproxen) قد يزيد من احتمال حدوث القرحة الهضمية مرة أخرى.

ليس من المحبذ تجاهل الأعراض التي تدل على وجود القرحة. فهي تشكل حالة طبية تتطلب المعالجة. وبالرغم من أن الأعراض قد تختفي لفترة معينة, إلا أن القرحة الهضمية سوف تبقى موجودة. بقاء القرحة في الجهاز الهضمي دون معالجة مناسبة قد يسبب مشاكل صحية تعرّض الحياة للخطر. وحتى مع وجود العلاج, قد تعاود أنواع معينة من القرحة الظهور في الجهاز الهضمي, مما يتطلب علاجا إضافيا وأكثر شمولية.

 

القرح التي لا تتعافى

القرح الهضمية التي لا تتعافى بالعلاج تُسمى القرح الارتجاعية. هناك أسباب كثيرة لعدم تعافي القرحة، بما في ذلك:

 

عدم تناوُل الأدوية وفق التوجيهات.

حقيقة أن بعض أنواع بكتيريا الشرائط البوابية تقاوم المضادات الحيوية.

الاستخدام المنتظم للتبغ.

الاستخدام المنتظم للمسكنات — بما في ذلك المسكنات اللاستيرويدية والأسبرين— التي ترفع من خطورة الإصابة بالقرح.

قد تحدث القرح الارتجاعية بشكل أقل نتيجة:

الزيادة الكبيرة في إنتاج حمض المعدة، كما يحدث في متلازمة زولينغر — إليسون.

عدوى بخلاف عدوى البكتيريا الشريطية البوابية.

سرطان المعدة

أمراض أخرى قد تسبب التهابات تشبه القرح في المعدة والأمعاء الدقيقة، مثل داء كرون

يتضمن علاج القرح الارتجاعية عمومًا القضاء على العوامل التي قد تتعارض مع التعافي إلى جانب استخدام مضادات حيوية مختلفة.

إذا تعرضت لمضاعفات خطيرة بسبب القرحة، مثل النزيف الحاد أو حدوث ثقب، فقد تحتاج إلى جراحة. لكن الاحتياج إلى الجراحة صار أقل بكثير عما كان في السابق؛ لأن الكثير من الأدوية الفعالة متاح الآن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى