العولمة ومتغيرات السياسة الدولية، بين مؤيد ومُعَارض

الدكتور عامر الدليمي
عضو اللجنة القانونية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
ظَهر مُصطَلح العولمة في السنوات العشرة الأخيرة من القرن العشرين ،بعد سقوط وتفكك الإتحاد السوفيتي وسقوط جدار برلين بين ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية ، وتناقل الحديث عنه تيارات سياسية وفكرية وأوساط ثقافية وإعلامية ، كنظام عالمي جديد أو متغيرات دولية جديدة ،،،، ووردت تعريفات عديدة عن العولمة بعضها يشترك في مواضيع كثيرة ،كربط المجتمعات ثقافياً وسياسياً وإقتصادياً وعسكرياً ، كما إن صياغة تعريف دقيق للعولمة مسألة شاقة إلا أنها تعمل لجعل كل شيئ عالمياً وتحت قيادة نظام عالمي جديد ، وهناك من يرى أنها ثورة علمية تكنولوجية وإجتماعية تغطي العالم بشبكة من المواصلات ومصالح تشمل حرية إنتقال السلع والخدمات والأفكار بين الناس دون وجود حواجز أو حدود جغرافية ، ولها مظاهر تدل عليها والقصد منها نشاط ملحوظ على المسرح الدولي وأهمية من الناحية الفعلية والتفاعل مع جميع الفعاليات الدولية لتوحيد المعايير الدولية ،،، والعولمة في المنظور السياسي أن الدولة النامية لا يكون لها فعل على المسرح السياسي العالمي وأن سيادتها لاتكون لها ألأهمية من الناحية الفعلية وإنما الهيمنة التي تفرضها دول العالم القوية عليها ، وأن العولمة هي ليست مجرد أدوات لإنتقال السلع والخدمات بل هي الموجه والمحرك للإقتصاد في العالم ،،وتستمد خصوصيتها من عدة تطورات فكرية وقيمية وسلوكية وإنفتاح ثقافي لخلق ثقافة عالمية واحدة لتوحيد العالم ثقافياً ،،، وهناك من يرى أن العولمة هي غزو فكري وثقافي وإغتصاب عدواني لسائر الثقافات وهيمنة الدول القوية على الدول الضعيفة ،وتراجع الحدود الثقافية والقومية وخصوصياتها وتآكل الدول الضعيفة ،، ولذلك كثيراً ما تعكس الإيديولوجية الأمريكية والغربية قيمها ومعتقداتها من خلال التكنولوجيا وصناعاتها في جوانب الحياة ، و من يرى أن العولمة عملية مستمرة تكتشف كل يوم عن وجه جديد من وجوهها المتقدمة لتحقيق تنمية،،،، وقد روج للعولمة دعاة من دول الغرب وفي المنطقة العربية، في مجموعة من المقالات لصالحها ،،، وهناك من وقف ضدها إذ وصفها بأنها إستعمار جديد للدول الضعيفة لإنهاء وجودها القومي وتقاليدها وعاداتها وثقافتها وحدودها الإقليمية ، ولذلك تكمن في العولمة مشكلة حقيقية من إنتشار مظاهرها المستوحات من الفكر والإديولوجية الامريكية التي تعني : هيمنة الولايات المتحدة الامريكية والإتحاد الاوربي على إقتصاديات الدول النامية والعالم من خلال الشركات الإحتكارية ورؤوس الاموال الكبيرة ، وفرض سياسة الدول الكبرى ( الامريكية) على القرار السياسي للدول الضعيفة والسيطرة العسكرية عليها وتعميم الثقافة الغربية والقضاء على هويتها والمشاعر الوطنية والقومية ، وربط الإنسان ودولته بالعولمة ،،،في حين يرى مروجي ومتبني العولمة أنها تعمل لتحرير الإنسان وتعزيز حقوقه أمام أنظمة لا تحقق العدالة الإجتماعية ،،كما انها تساهم في تحقيق السلام العالمي وتجنب الحروب ، وتقديم المساعدات المالية للدول المحتاجة ،وزيادة حجم التجارة وإنتعاش الإقتصاد العالمي ، وتفتح أفكار و ثقافة جديدة بين جميع المجتمعات ،وتسهل نقل المعلومات من خلال شبكات الإتصالات ،،، إلا أنه مازال الإختلاف في الرؤيا لفكرة العولمة ومدى جدية تأثيرها أو عدم قبولها لسرعة المتغيرات السياسيى والإقتصادية وتطور المصالح الدولية في جوٍ من السباق والتناقض السياسي الذي يؤثر على الساحة الدولية في عدة جوانب .



