الذكاء الاصطناعي والتحقيق الابتدائي والقضائي

المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
يتفق العاملين والمتابعين في مجال علوم الحواسيب والتقنية الحديثة أن الذكاء الاصطناعي قادر على بناء أنظمة تحاكي الإمكانات والقدرات البشرية ووضع الحلول واتخاذ القرارات عن طريق تدريب نماذج حاسوبية ,على كميات هائلة من البيانات بغية اتخاذ توصيات والقيام بمهمات محددة منها التعرف على الأصوات والصور واللغات المختلفة.
وفي مجال التحقيق ألابتدائي والقضائي يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي دورا مهما في الكشف عن مرتكبي الجرائم سواء كانت جنحة أو جناية عن طريق تجميع عددا من الأدلة والقرائن ذات الصلة بالجريمة وتحليل ما لها علاقة بالجريمة وأسلوب ارتكابها والأدوات المستخدمة فيها وحتى أسلوب التحضير لها. وتسريع أجرأءات التحقيق وكشف الأدوات والأساليب التي استخدمت في تنفيذ الجريمة وتحديد وقت ارتكابها والتنبؤ قبل ارتكابها عن طريق التقنيات والتعلم الآلي لتحليل الجداول والبيانات وعوامل أخرى مساعدة.
والتحقيق الابتدائي والقضائي ورد في الباب الرابع تحت عنوان التحقيق الابتدائي الفصل الأول أحكام عامة بدأ من المادة (47 لغاية المادة 137) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23 لسنة 1971) وتعديلاته وتضمنت هذه المواد أجرأءات التحقيق تحت العناوين ـ الأخبار عن الجرائم ـ التحقيق التي تقوم به الشرطة ـ التحقيق الابتدائـي ـ سماع الشهود ـ ندب الخبراء ـ التفتيش ــ التكليف بالحضور ـ القبض ـ توقيف المتهم وأخلاء سبيله ـ حجز أموال المتهم الهارب ـ استجواب المتهم ـ قرارات الحاكم بعد انتهاء التحقيق ومن ثم قرار الإحالة على المحكمة المختصة .
أن التحقيق قد يستغرق وقتا طويلا لجمع الأدلة وفي بعض القضايا أسابيع وأشهر وسنوات بغية أحالة المتهم إلى المحاكمة أو الإفراج عنه لعدم كفاية الأدلة أو أحالته على المحكمة لأجراء محاكمته وقد يصدر قرار بالإفراج أو البراءة.
ولا أريد أن أطيل فأن آلية استخدام الذكاء الاصطناعي تشمل
1ـ تحليل الصور والفيديوهات والأصوات وبحيادية تامة.
2ـ ويجسد الشفافية ويتجنب التحيز لطرف ما.
3ـ يسهم في ترسيخ العدالة الجنائية بطرق عدة.
4 ـ يمتلك القدرة على مراجعة المعلومات في وقت قصير جدا مما يصعب على المحقق القيام بذلك.
وفي مجال إجراءات التحقيق وجمع الأدلة فأن هذا الذكاء ومن خلال تقنيات التعلم الآلي والشبكات الحسية والعصبية يتمكن الذكاء الاصطناعي استقراء وتحليل المعلومات من سجلات الجرائم السابقة وتوقع الأماكن والأوقات التي قد تحدث فيها الجرائم المماثلة وهذه التوقعات تعزز قدرات وكفاءات المحققين وتمنحهم اتخاذ القرارات التي تعتمد على أرضية خصبة ودلائل صائبة مما يؤدي إلى خفض معدلات الجرائم.
كما أن هذا الذكاء يعد أداة فاعلة في التحقيقات الجنائية عن طريق تحليل أنشطة وسائل التواصل الاجتماعي والتعرف على الأصوات والوجوه والأنماط والكشف عن مرتكبي الجريمة وأسلوب التحضير لها وتحديد طرق الوقاية منها.
وفي ختام دراستنا سأستعرض ما توصلنا إليه من توصيات قد تخدم الإجراءات المطلوبة لتطبيق استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي ومنها
1ـ الاعتراف بالشخصية القانونية والمعنوية بهذا الذكاء وضرورة تدخل المشرع لأجراء التعديلات الواجبة.
2 ـ الذكاء يمتلك ميزة في التحقيقات الجنائية عن طريق تحليل وسائل التواصل الاجتماعي والتعرف على مرتكبي الجريمة وسبل الوقاية منها.
3 ـ اكتشاف اتجاهات الجريمة من خلال المتابعة وتحديد الضحايا باستخدام التعلم الآلي.
4 ـ مراقبة المنصات الالكترونية بحثا عن الأنشطة الإجرامية وتأسيس قواعد تنبؤية للبحث عن الجريمة.
5ـ أنفاذ القانون من خلال الاستمرار في البحث والمراقبة والاعتماد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في الكشف وملاحقة المجرمين والقبض عليهم.
6 ـ صياغة تشريع خاص بالذكاء الاصطناعي يتضمن ضوابط استخدامه تلافيا للأخطاء والتجاوزات التي قد تحصل.
7 ـ التأكيد على ضمان حقوق الإنسان ومبادئ العدالة الجنائية عند استخدام الذكاء الاصطناعي.
7ـ يجب عدم الاعتماد كليا على هذا الذكاء في صناعة القرارات والأحكام النهائية، بل تبقى حصرا بيد القضاة
يؤدي الذكاء الاصطناعي دورا مميزا في توجيه مجريات التحقيق والمحاكمة ويوسع ويعمق الاجتهاد القضائي بما يضمن صحة الأحكام
أمكانية استخدام تقنيات الذكاء بقصد الاحتيال والتشهير والاحتيال والابتزاز وغيرها من الجرائم التي يعاقب عليها القانون
وأخيرا فأن الذكاء الاصطناعي قد يستخدم كأداة لتنفيذ الجرائم الرقمية والابتزاز الالكتروني عبر مواقع الكترونية وهمية لذلك فأن القضاء العراقي أيضا بأمس الحاجة إلى تشريعات حديثة تعالج معظم الجرائم التي ترتكب عبر الذكاء الاصطناعي



