الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الصياغة والتطبيق

المستشار سعيد النعمان
عضو اللجنة القانونية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
يلاحظ أن وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي أعلنت من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون أول من عام (1948) كأساس لضمان جميع حقوق العالم الأساسية التي يجب حمايتها والمناداة برعايتها والتي وردت فيه.
وترجم هذا الإعلان إلى معظم لغات العالم ولأكثر من (500) لغة ـ تضمنت ديباجة الإعلان أن جميع أعضاء الأسرة البشرية تعترف بالكرامة والحقوق المتساوية والمتأصقة على أساس الحرية والعدل والسلام في العالم.
في حين لم ترتق حقوق الإنسان وتطبيقها إلى مستوى الحد الأدنى لتطبيق هذه الحقوق الأمر الذي أدى إلى نشوب أعمال همجية أثارت غضب ضمير البشرية وغياب الأمن والأمان الذي يتمتع فيه البشر بحرية الكلام والمعتقد والتحرر من الخوف والعوز الذي طال عموم البشرية. ولما كان من الضروري أن يتولى القانون والنظام حماية حقوق الإنسان كي لا يضطر المرء إلى التمرد على الاستبداد والظلم ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أكدت في الميثاق أيمانها بحقوق الإنسان وبكرامة الفرد وقدره. وبما أن للرجال والنساء من حقوق متساوية فقد حزمت أمرها أن تدفع بالرقي الاجتماعي قدما وأن ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية أرحب وأفسح.
ولما كانت الدول الأعضاء قد تعهدت بالتعاون مع الأمم المتحدة على ضمان إطراء مراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها ولما كان للإدراك العام لهذه الحقوق والحريات الأهمية الكبرى للوفاء التام بهذا التعهد فقد نادت الجمعية العامة بهذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليصل إلى المستوى الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم حتى يسعى كل فرد وهيئة لنيل حقوقهم واضعين نصب أعينهم إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات بواسطة التعليم والتربية واتخاذ إجراءات نافذة دولية وعالمية لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فعالة بين الدول الأعضاء .
هذه هي خلاصة المقدمة والديباجة وما يتعلق بالجمعية العامة. وألان سنتعرف على المواد باختصار شديد التي تضمنها هذا الإعلان.
1ـ يولد جميع الناس أحرارا ومتساوون في الكرامة والحقوق وأن يتعاملوا بروح الإخاء.
2ـ لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان دونما تمييز بسبب العنصر، أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين.
3 ـ لكل فرد الحق في الحياة والحرية والأمان على شخصه.
4 ـ لا يجوز استرقاق أحد أوأستعباده ويحضر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما.
5 ـ لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية.
6 ـ لكل إنسان في كل مكان الحق بأن يعترف له بالشخصية القانونية.
7 ـ الناس جميعا سواء أمام القانون وهم يتساوون بحق التمتع بحماية القانون دونما تميز 8 ـ لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لأنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي حماها الدستور أو القانون.
9 ـ لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا.
10 ـ لكل إنسان على قدم المساواة التامة مع الآخرين الحق أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة.
11 ـ كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت أدانته ولا توقع عليه أية عقوبة أشد من تلك التي كانت سارية.
12 ـ لكل شخص حق في أن يحميه القانون من التدخلات في حياته الخاصة.
13ـ لكل فرد حق في حرية التنقل وفي اختيار محل أقامته داخل حدود الدولة ولكل فرد حق مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده والعودة إليه.
14ـ لكل فرد حق التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتع بها خلاصا من الاضطهاد ولا يمكن التذرع بهذا الحق أذا كانت هناك ملاحقة ناشئة بالفعل عن جريمة غير سياسية أوعن أعمال تناقض مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها.
15ـ لكل فرد حق التمتع بجنسية ما ولا يجوز تعسفا حرمان أي شخص من جنسيته ولا من حقه في تغيير جنسيته.
16ـ الرجل والمرأة متى أدركا سن البلوغ حق التزويج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب العرق والجنسية ولا يعقد الزواج إلا برضا الطرفين والأسرة هي الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.
17ـ لكل فرد حق التملك بمفرده أوبالاشتراك مع غيره ولا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا. 18ـ لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين وله الحق في تغيير دينه أو معتقده وحريته في أظهار دينه وإقامة الشعائر الدينية والممارسة والتعليم بمفرده أو مع جماعة وأمام الملأ أو على حدة.
19ـ لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة ودونما اعتبار للحدود.
20ـ لكل شخص حق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية ولا يجوز أرغام أحد على الانتماء إلى جمعية ما.
21ـ لكل شخص حق المشاركة في أدارة الشئون العامة لبلده أما مباشرة أو بواسطة ممثلين ولكل شخص بالتساوي مع الآخرين حق تقلد الوظائف العامة في بلده وإرادة الشعب هي مناط بسلطة الحكم وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري.
22ـ لكل شخص بوصفه عضوا في المجتمع حق في الضمان الاجتماعي ومن حقه أن توفر له الدولة من خلال المجهود القومي والتعاون الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
23 ـ لكل شخص حق العمل وفي حرية اختيار عمله وفي شروط عمل عادلة ومرضية وفي الحماية من البطالة والفقر. ولجميع الأفراد دون أي تمييز الحق في أجر على العمل المتساوي. لكل فرد يعمل له حق في مكافأة عادلة تكفل له ولأسرته عيشة لائقة بالكرامة البشرية. لكل شخص حق أنشاء النقابات مع أخريين والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه.
24 ـ لكل شخص حق في الراحة وأوقات الفراغ وتحديد معقول لساعات العمل وفي أجازات دورية مأجورة.
25ـ للشخص حق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته على صعيد المأكل والملبس وما يكفيه في حالات البطالة أو المرض وأية ظروف أخرى. للأمومة والطفولة حق في رعاية ومساعدة خاصتين لجميع الأطفال حق التمتع بذات الحماية الاجتماعية سواء ولدوا في أطار الزواج أو خارج هذا الإطار.
26 ـ كل شخص حق في التعليم المجاني على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية ويكون التعليم الابتدائي إلزاميا. ويكون التعليم الفني والمهني متاحا عموما والتعليم العالي للجميع تبعا لكفاءاتهم. وأن يستهدف التعليم التنمية الكاملة لشخصية الإنسان واحترام حقوقه والحقوق الأساسية ويعزز التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الأمم. وللآباء على سبيل الأولوية حق اختيار نوع التعليم الذي يعطى لأولادهم.
27ـ لكل شخص حق المشاركة الحرة في حياة المجتمع الثقافية وفي الاستمتاع بالفنون والإسهام في التقدم العلمي وفي الفوائد التي تنجم عنه. ولكل شخص حق في حماية المصالح المعنوية والمادية المترتبة على أي أنتاج علمي أو أدبي أو فني من صنعه.
28 ـ لكل فرد الحق في نظام اجتماعي ودولي يمكن أن تتحقق فيه الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان بالكامل.
29 ـ على كل فرد واجبات إزاء الجماعة التي فيها وحدها يمكن أن تنمو شخصيته النون الحر الكامل. لا يخضع أي فرد في ممارسة حرياته لا للقيود التي يقررها القانون مستهدفا منها حصرا ضمان الاعتراف الواجب بحقوق وحريات الآخرين واحترامها والوفاء العادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي. ولا يجوز في أي حال أن تمارس هذه الحقوق على نحو يناقض مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها.
30ـ ليس في هذا الإعلان أي نص يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على تخويل أي دولة أو جماعة أو أي فرد أي حق في القيام بأي نشاط أو بأي فعل يهدف إلى هدم أي من الحقوق والحريات المنصوص عليها فيه.
الملاحظات والرأي
ـ يعد هذا الإعلان بمثابة خارطة طريق ترسم الحدود الأساسية للحقوق والحريات التي أعتمدها القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان وآلية تطبيقها مع أنها غير ملزمة للدول والمنظمات والحكومات ومع ذلك تعتبر وثيقة الإعلان أمال وطموحات مشتركة لكافة شعوب العالم وتشمل كافة الحقوق والواجبات.
ـ صحيح أن الإعلان يقترب من صياغة القوانين إلا أنه غير ملزم وخالي من فرض العقوبات أيا كانت. لذلك يتعرض ويواجه مطبات وتعقيدات وتحديات في التطبيق لاختلاف النظم الحاكمة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وغيرها من التحديات الكبيرة.
ـ أن الإعلان ليس اتفاقية أو معاهدة دولية ملزمة قانونا بحد ذاتها. الأمر الذي يضعف من تطبيقاتها طواعية فهي مجرد توصيات واقتراحات للأنظمة وبمثابة دليل شامل لصيغ الحكم العادل والياته التي توظف في خدمة تحقيق الحكم الرشيد.
ـ يعتبر الإعلان قاعدة أساسية للقوانين والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية الملزمة على أن لا تتعارض مع ميثاق ومبادئ الأمم المتحدة، بل توظف في خدمتها وهي تشمل كذالك الحقوق الأساسية للإنسان وهي عامة وشاملة لعموم الشعوب في العالم.
ـ يمثل الإعلان القاعدة الأساسية والركيزة الصلبة للقانون الدولي الإنساني ولبقية القوانين ذات الصلة بحقوق الإنسان ومعيارا مشتركا لهذه الحقوق وتفاعلا مميزا على المستوى الوطني والإقليمي وصياغة قوانين وأنظمة ذات طبيعة عادلة ومنصفة.
ـ يساعد الإعلان في صياغة المعاهدات والقوانين الدولية والإقليمية والوطنية والتناغم والتقارب بينها وإيجاد معيارا مشتركا للدول في تحقيق أهدافها السامية.
ـ يوفر الإعلان الأرضية الخصبة لجميع مواثيق حقوق الإنسان الأساسية وعلى سبيل المثال كالحق في الحياة وحرية التعبير وبكل صوره والضمان الصحي والسكن والتعليم والمساواة وعدم التمييز كأساس لكل الحقوق بما يضمن تحقيق العدالة الإنسانية.
ـ يعتبر هذا الإعلان تفصيلا وافيا للحقوق الأساسية للبشرية جمعاء دونما تمييز والدعوة لصياغة القوانين والأنظمة تجسيدا لما ورد فيه إلا أنه غير ملزم لعدم وجود عقوبات جزائية أو مادية أو معنوية لمن يخالفه ويتمرد عليه.
ـ تضمن الإعلان عبارات مكررة ومعادة في معظم فقراته واختلاف آليات تطبيقه إلا أنه قد يساعد في حسن صياغة القوانين على وفق كل نظام باعتباره القاعدة التي تصاغ بموجبه القوانين والأنظمة لتحقيق أهدافها المرحلية والنهائية.
ـ من الممكن أن يكون هذا الإعلان بمثابة توصيات وسياقات للدول عند تشريعات قوانينها إلا أنها غير ملزمة وليس هناك عقوبات لمن ينتهك هذا الإعلان وبالتالي فأن تطبيقه يعتمد ويخضع لإرادة الدولة السياسية.
ـ على الرغم من عالمية هذا الإعلان الأ أنه يتعرض إلى تحديات كبيرة تختلف من نظام إلى أخر لاختلاف عادات وتقاليد كل نظام وشعب حتى داخل الدولة الواحدة مما يعقد عالمية الصياغة والتطبيق وتوحيد صياغة القوانين عالميا.
ـ ضرورة تكثيف وسائل الأعلام على مستوى الدولي والعالمي بشأن أحياء مبادئ وأهداف الإعلان العالمي كلما دعت الضرورة لذلك لأن الترويج لهذا الإعلان معدوم تماما دوليا ومنذ تاريخ ولادته حيث صدرت المئات من القرارات الدولية والإقليمية التي تتعارض مع هذا الإعلان لصالح الدول المعتدية والقوية والمتنفذة.
ـ أن هذا الإعلان ولد ميتا ساعة صدوره في عام 1948 فلا رأي ولا شجب ولا اعتراض على المواقف التي ترتكب ضد مضامين الإعلان إلا نادرا فالحروب والعدوان مستمر ويتصاعد. والمجازر التي ترتكب على غزة منذ سنوات في غياب العدالة الدولية وسيادة قانون الغاب الصهيوني الغاصب والمحتل وحاضنته الفيتو الأمريكي.
ـ من المهم جدا أجراء تعديلات موضوعية في تشكيلات المنظمات الدولية وفي المقدمة منها مجلس الأمن العتيد وإلغاء (حق الفيتو) وإعادة النظر في صلاحيات واختصاصات الأمم المتحدة كما ونوعا. ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
ـ ضرورة تعميم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومتابعة النسب المتحققة بين فترة وأخرى للوقوف على حصاده والتعرف على الدول التي تقيدت بما ورد فيه ولو بنسبة ضئيلة. وإلا سيبقى هذا الإعلان حبرا على ورق كما هو الآن. لقد أطلت وأكتفي بهذا القدر.