حرب غزة بين المشاريع المتناقضة والواقع المفروض (رؤية سياسية)

بقلم أ.د هاني الحديثي
استاذ السياسة الخارجية والعلاقات الدولية والخبير في شؤون الباكستان واسيا
عضو المنتدى العراقي للنخب والكفاءات – لجنة العلم السياسية
حماس تعلن موافقتها على أحدث مقترح لوقف جزئي لإطلاق النار في غزة مدة 60 يوما على ان تبدأ مفاوضات وقف شامل للحرب على غزة منذ اليوم الاول لسريان وقف إطلاق النار
في حين يناقش قادة الكيان الاسرائيلي خطة عسكرية لإعادة احتلال غزة انطلاقا من اعتقاد الجناح المتطرف في الحكومة الاسرائيلية ان موافقة حماس على الهدنة والبدء بمفاوضات نحو سلام دائم نتج عن إدراكها ان العملية العسكرية الاسرائيلية المقبلة والتي يمكن ان تبدأ صباح السابع من اكتوبر (يوم انطلاق طوفان الأقصى) سيشهد نهاية مفجعة وبالقوة العسكرية لحركة حماس، والذي يشكل شرطا رئيسيا عندهم للقبول بما يأتي في اليوم الاول لفترة ما بعد الحرب.
مدينة غزة دمرت عن بكرة أبيها وربع مليون غزاوي بين شهيد ومعوق ومليوني فلسطيني صاروا في الخيام يقضي عليهم الخوف والجوع وانعدام جميع الخدمات وسط خذلان عربي لأسباب تتعلق بمسألتين رئيسيتين:.
اولا :استمرار حركة حماس ومن معها من فصائل على تجاوز دور منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة المعترف بها عربيا ودوليا على اعتماد أسلوب اتخاذ القرارات الحربية بمهاجمة الكيان الاسرائيلي بشكل دوري كل خمس سنوات تقريبا ادى في كل مرة إلى تدمير واسع للقطاع وتوغل جديد للكيان الاسرائيلي لتعود بلدان عربية محددة وخاصة الخليجية لإعادة بناء ما تم تدميره انتظارا لجولة مقبلة من صفحات الحرب ، وهو الأمر الذي أدى الى ما هو واقع اليوم من تغول اسرائيلي شامل ليس في غزة حسب انما في عموم الضفة الغربية ومحيط فلسطين الاقليمي عربيا و اسلاميا ادى إلى إضعاف الموقف العربي وانقسام كبير في وحدة الموقف الفلسطيني ،فضلا عن فتح الأبواب لتوظيف الوضع الفلسطيني لتدخلات اخرى من قبل قوى اقليمية مثل ايران ورقة تلعب بها لصالح توسيع نفوذها في عموم المشرق العربي تحت شعارات إسلامية الأمر الذي شكل تهديدات جدية للأمن القومي العربي .
ثانيا: التأثير سلبا للمتغيرات الدولية باتجاه هيمنة الولايات المتحدة على عموم العالم العربي ضمن استراتيجيتها لاستمرار الهيمنة على النظام الدولي وعبر ممارسة الضغوط على الأنظمة العربية لفتح أبواب التطبيع مع الكيان الاسرائيلي في مواجهة مخاطر النفوذ الإيراني.
ومشروع اسرائيلي ينطلق نحو ميادين أوسع يشمل الشرق الأوسط عبر نشر نتنياهو لخرائط تنبئ بمستقل الامتداد الإسرائيلي لعموم بلدان العرب الشرق اوسطية وفق نبوءات تلمودية.
وتجاهل عربي لخرائط نتنياهو الشرق اوسطية انطلاقا من أساسين:
الاول: استحالة او صعوبات تحقق هذا المشروع لاعتبارات ديمغرافية ودينية وقومية.
الثاني: طبيعة المتغيرات والتحالفات والصداقات الدولية التي تجعل من هذا المشروع الصهيوني بمثابة انطلاق لحرب عالمية تصطدم فيها المصالح الدولية.
والسؤال الحائر: هل حقق طوفان الأقصى مقاصده؟
ام انه أدى إلى طوفان اسرائيلي؟
ولمصلحة من؟
ومن هو المستفيد فعلا؟