اللجنة القانونية

حق الصحفي في الحصول على المعلومة في ظل الاتفاقيات الدولية والتشريع الوطني

بسم الله الرحمن الرحيم

حق الصحفي في الحصول على المعلومة في ظل الاتفاقيات الدولية والتشريع الوطني

الدكتور عمر علي موفق مولود

عضو اللجنة القانونية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

         أن حرية العمل الصحفي يستمد أساسه في نطاق القانون الدولي من خلال ميثاق الامم المتحدة لعام 1945 والذي يتضمن ديباجة تضمنت حق الانسان في الحياة والحرية في القول والعقيدة ,وكذلك المادة الثانية من الميثاق والتي أكدت بأن لكل أنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الاعلان دون تمييز,وكذلك مانص عليه  قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 59 لسنة 1946 ((أن حرية تداول المعلومات  من حقوق الانسان الاساسية )),وجاء الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 أيضا ليؤكد حرية الرأي والتعبير,والحق في الاعلام والصحافة,  أذ نصت المادة 19 منه  ((لكل شخص حق التمتع بحرية ألرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الاراء دون مضايقة ,وفي التماس الانباء والافكار وتلقيها ونقلها الى الاخرين ,بأي وسيلة ودونما أعتبار للحدود الجغرافية )).

وجاءت المادة (19)من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 لتؤكد على الحق في حرية التعبير في الفقرات (2,1)منه:1. لكل أنسان الحق في أعتناق أراء دون مضايقة.2 . لكل أنسان حق في التعبير.ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والافكار وتلقيها ونقلها الى اخرين دونما أعتبار للحدود ,سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأي وسيلة أخرى يختارها .أما القيد فقد ورد في الفقرة 3 من المادة نفسها, وهي ان تكون هذه الحرية مقيدة بنص قانون ومتعلقة بأحترام حقوق الاخرين أو سمعتهم ,ولحماية الامن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الاداب العامة .

كذلك صدر قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 48 /141 لعام 1993 ,والذي أنشئ وظيفة المفوض السامي لحقوق الانسان بهدف تعزيز حقوق الانسان ومتابعة تنفيذ المعايير الدولية على أرض الواقع ,وجاء ايضا الميثاق العربي لحقوق الانسان لعام 1997 في المادة 26 منه ليؤكد على حرية العقيدة والفكر والرأي وأنها مكفولة لكل فرد .

وفي مجال التشريع الوطني نجد ان الدستور العراقي لعام 2005 النافذ ينص في المادة (38)منه بأن تكفل الدولة وبما لايخل بالنظام العام والاداب العامة  ((1.حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل ,2.حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر)) .

يتبين من الدستور العراقي النافذ أنه جعل القيد في الحصول على  المعلومة هو عدم مخالفة النظام العام والاداب العامة ,وجاء حكم المحكمة الاتحادية (رقم 63/2012) ليفسر مفهوم النظام العام والاداب العامة بقولها ((أن مفهوم النظام العام ومفهوم الاداب العامة الوارد    ذكرهما في الدستور وفي القوانين فكرة عامة تحددها الكثير من المواضع النصوص القانونية …..واذا مااريد معرفة ما اذا كان التصرف مخالف للنظام العام او الاداب العامة فيلزم الرجوع الى التشريعات كافة لمعرفة ما اذا كان ذلك التصرف محضورا بنص من عدمه .فأذا لم يوجد نص فيقتضي الامر الرجوع الى القضاء فهو الذي يقرر مااذا كان التصرف مخالف للنظام العام او الاداب العامة ,وذلك في ضوء القواعد المجتمعية التي توافق عليها افراد المجتمع في زمان ومكان معينين ,لان مفاهيم النظام العام والاداب العامة تختلف زمانا ومكانا )).

وهذا الحكم يجعل مفهوم النظام العام و الاداب العامة واسع ,والقول الفصل في التفسير للمفهوم ان لم ينص في التشريع صراحة يكون لحكم المحكمة الاتحادية ,و يمكن ان يوجه النقد لحكم المحكمة بسبب عدم الوضوح في تحديد المفهوم  .

أما قانون حقوق الصحفيين رقم 21 لسنة 2011 النافذ  فأن (المادة 4 )/أولا: نصت على أن)) للصحفي حق الحصول على المعلومات والانباء والبيانات والاحصائيات غير المحظورة من مصادرها المختلفة وله الحق في نشرها بحدود القانون .ثانيا. للصحفي حق الاحتفاظ بسرية مصادر معلوماته )).

ويتبين من  المادة 4 من قانون حقوق الصحفيين رقم 21لسنة 2011 في الفقرة الاولى أنها أعطت الحق في الحصول على المعلومة والنشر بحدود القانون دون ذكر التفصيل اللازم لحدود الحصول على المعلومة  .

ويمكن ان يكون الحصول على المعلومة والنشر فيه مساس بالامن الوطني,وهنا يمكن ان يكون لجهاز المخابرات الوطني دور رقابي على عمل الصحفي و ذلك وفقا للدستور في المادة (9/أولا /د) التي حددت أختصاصاته ((يقوم جهاز المخابرات الوطني العراقي بجمع المعلومات و تقويم التهديدات الموجهة للأمن الوطني وتقديم المشورة للحكومة العراقية. ويكون تحت السيطرة المدنية ويخضع  لرقابةالسلطة التشريعية ويعمل وفقا للقانون وبموجب مبادئ حقوق الانسان المعترف بها )).

لذا لابد أن تكون التشريعات الوطنية أكثر وضوحا في رسم حدود عمل الصحفي وحصوله على المعلومة ليتسنى ممارسة عمله بشكل يحقق المصلحة العامة ,لان الصحافة هي جزء اساسي من الاعلام والذي يشكل السلطة الرابعة في المجتمع  والذي يؤثر في خلق الرأي العام وكذلك في تقويم اجراءات الحكومات بهدف تحقيق العدالة ومحاربة السلوك المنحرف والفساد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى