لجنة الصناعة و الطاقة

مشكلة الكهرباء في العرق من الآخر

مشكلة الكهرباء في العرق من الآخر

المهندس الاستشاري/ احسان العبيدي

عضو لجنة الصناعة والطاقة

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

حقيقتان يجب معرفتها قبل الخوض بهذا الموضوع الشائك

  • الكهرباء منظومة لا تعمل الا بوجود نظام
  • لا توجد مشكلة للطاقة في العراق بل توجد مشكلة في أدارتها

من هاتين الحقيقتين علينا ايجاد الحلول لكون المشاكل أدارية وليست فنية .. علينا بالبداية معالجة النظام وأخطائه .. اغلب المتصدين لمشكلة الكهرباء في العراق مهما كانت سلامة وصدق نواياهم أول مايفكر به هو زيادة الانتاج لسد النقص الحاصل الان ومستقبلا وهذا حسابه بسيط جدا فلو نفرض ان الانتاج كان 5000 ميكا واط وهذا يكفي لتجهيز 12 ساعة يوميا فما علينا لا ان نضاعف الانتاج ونظيف له النمو والاندثار عندها نطلب اضافة بحدود 9000 ميكا واط عندها سنكتفي بل سيكون عندنا فائض سنصدره للخارج كما عمل الفليسوف حسين الشهرستاني الذي قال سنكتفي بالعام 2012 وسنصدر الفائض عام 2013 ! ولكننا لحد الان وحتى للمستقبل المنظور تعذر علينا  الوصول لمرحلة التصدير وحتى التبادل الكهربائي  مع دول الجوار بل ستظل المنظومة الكهربائية تشهد عجز بتلبية طلبات المستهلكين فيما لو بقى الوضع كما هو عليه والحلول نفس الحلول ..أذ من المستحيل الوصول الى الحل الصحيح بسلوك وتكرار نفس الخطوات التي تقود الى الفشل . ان التخبط والعشوائية بمحاولة معالجة الوضع الحالي للكهرباء بنفس الطرق واتباع سياسة اطفاء الحرائق سيزيد ويعقد المشكلة ويؤدي الى تراكم الاخطاء ويصبح استحالة حلها بالزمن المنظور ناهيك عن تبديد الاموال بدون اي اضافات منتجة للبد ان ما جرى بعد 2003 لقطاع الكهرباء في العراق لا يمكن  وصفه اصلاحا بل هو هدم مع وضع أسس غير صحيحة في  البناء عقدت اٌيجاد الحلول وخصوصا في مجال الهيكل التنظيمي  واستحداث تشكٌيلات غريبة ليس لتسهيل وانسيابة العمل الصحيح بل كان لغرض ايجاد و خلق مناصب لأعضاء الاحزاب  وتمويلها , فمن غير المعقول ان يقفز عدد الموظفين من 30 الى ما يقارب 160 الف موظف في نفس الوقت هناك سياسة التحول للقطاع الخاص .

و مما عقد حل مشكلة الكهرباء في العراق اننا خسرنا السيادة والتحكم بالنفط والغاز والكهرباء بسبب عقود جولات التراخيص الجائرة اذا سلمنا الانتاج للشركات الاحتكارية للتحكم بالكميات المنتجة وفرض كلف لا نستطيع الاعتراض عليها وكذلك لم نجبر الشركات على عدم حرق الغاز المصاحب . هذه الحالة من تسليم النفط ستستمر الى 25 سنة او اكثر  وكذلك فيما يخص عقود الاستثمار في محطات الكهرباء  وشروطها التي كلها لصالح الشركات وخصوصا الغرامات .

ومن ابرز المشاكل التي تواجه حل مشكلة الكهرباء بعد 2003 انتشار العشوائيات بل اصبحت كل مدن العراق مدن عشوائية وتزيد هذه العشوائيات  من صعوبة حل مشكلة الكهرباء وكذلك بقية الخدمات التي قد تقترب من المستحيل , لا توجد دولة بالعالم تسمح بنمو مثل هذه العشوائيات والسكوت عليها لسنيين تقترب من العشرين عام .. حتى الاحياء الراقية في مراكز المدن بل حتى  أحياء العاصمة بغداد تعرضت للتشوه وانشطار البيوتات بدون اي رادع بل وصلت مساحات بعض الدور الى 50 متر مربع وربما اقل من ذلك . و غالبا ما تكون هذه المجتمعات عبثية متمردة على النظام ويبرز ذلك في من خلال التجاوز على الشبكة الكهربائية وعدم تسديد فواتير الكهرباء والخدمات الاخرى .

أّذن الحل ليس بزيادة الانتاج بل بمعرفة لماذا لا تكفي الكهرباء !؟

هناك معدل لحصة الفرد الواحد من الكهرباء قد تختلف من بلد لأخر نتيجة للوضع الاقتصادي للبلد ومدى توفر مصادر الطاقة بأنواعها في البلد .. أذ يعتبر ارتفاع حصة الفرد من الكهرباء أحدى أهم مؤشرات الرفاه الذي يعيشه أبناء ذلك للبلد . المعدل العالمي هو بحدود 330 واط ساعة لكل مواطن والدول التي يكون المعدل فيها 500 واط للفرد تعتبر من الدول التي تكون فيها الكهرباء تسد كل احتياجات القطاعات المنزلية والصناعية والتجارية والزراعية وغيرها مثل  ( بريطانيا , ايطاليا , اسبانيا ) ولنفرض ان نفوس العراق هو 36 مليون عدا الاقليم فأن الاحتياج الكلي المطلوب سيكون بحدود 18000 ميكا واط . ساعة وهو مساوي تقريبا للدول كبريطانية وايطاليا . أما ما يصرح به السياسيون من وزراء وبرلمانيون فأنه هراء وبعيدا عن منطق تحليلي حقيقي . حتى ان الاحتياج الرشيد للطاقة الكهربائية هو اقل بكثير من هذا اذ بغياب الصناعة بالعراق فأن انتاج 12000 ميكاواط .ساعة هو كافي ومريح لو تم التخلص من الضياعات والسرقات والاسراف في

الاستهلاك والهدر بسبب عدم السيطرة على ايقاف التجاوزات والسرقات من الشبكة الكهربائية وكذلك التحقق من الجباية الكاملة وبتسعيرة عادلة تحقق الكلف على اقل تقدير كما تعمل كل دول العالم . و تشكل مجمل الضياعات والمفاقيد في شبكات الكهربائية اكثر من 50% من الانتاج وربما تزيد عن ذلك علما بأن الضياعات القياسية بجميع اشكالها يجب ان لا تزيد عن 15 % حسب المواصفات العالمية لشبكات الكهرباء . ان عدم ايجاد وسيلة لإيقاف الضياعات والذهاب فقط الى زيادة الانتاج هو كالذي يحاول ان ينقل الماء بغربال .

ومن جانب اخر لو دققنا اين تستهلك الطاقة الكهربائية لوجدنا ان الاستهلاك المنزلي في الدول غير الصناعية يشكل النسبة العظمى منه وذلك لعدم وجود المعامل والمصانع وحتى النشاطات التجارية الكبرى و وسائل النقل التي تعتمد على الكهرباء ويتراوح معدل الاستهلاك المنزلي في هذه الدول ( 60 الى 80% )  .. وفي نفس الوقت نرى ان اغلب هذا الاستهلاك يذهب للتدفئة والتبريد وتسخين الماء والطبخ تقدر نسبة ما يصرف من الطاقة الكهربائية لأغراض التدفئة والتبريد و تسخين المياه 70 الى 80 % .

وعليه لو استطعنا الاستغناء فقط عن التدفئة وتسخين المياه من الكهرباء والتحول على المصادر الاخرى للطاقة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والنفط  والغاز لوفرنا اكثر من نصف الطاقة الكهربائية المطلوبة ..حتى صيفا يمكن الاعتماد على الطاقة الشمسية و الوقود لأغراض التبريد .

الخلاصة .. يمكن حل مشكلة الكهرباء بدون التخبط وزيادة الانتاج واضافة وحدات جديدة .. بل نقلل الاعتماد على الكهرباء في التكيف وتسخين المياه والطبخ وغيرها  و ان نفرض تسعيرة عادلة تحقق تكاليف الكهرباء هو الحل الذي سيجبر المستهلكين بتغير نمط استهلاك الكهرباء .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى