لجنة الصناعة و الطاقة

الطاقة الشمسية في العراق

الدكتور بشار عبد الرحمن ، عضو لجنة الصناعة والطاقة
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
تعود بداية فكرة مشروع استخدام الطاقة الشمسية في العراق الى العام 1982 وكان في صورة مشروع خفض استهلاك الطاقة الوطنية باستخدام الطاقة الشمسية. كان الهدف من هذا المشروع إمكانية الاستفادة المجزية للطاقة الشمسية وجعلها في متناول الجميع على ان تكون أرخص من جميع أنواع الطاقة، والشرط الثاني أن تكون أصغر حجما.
وتم التنسيق مع مجلس البحث العلمي، حيث اقترح المجلس عام 1986 استخدام الفكرة في المراكز النائية والتي تعاني من مشاكل نقل الطاقة وتم الاستمرار بالدراسات حتى عرضت عام 1989 على الوكيل الأقدم للتصنيع العسكري بعد إدخال تعديلات عليها وأمر بدراسة المشروع.
في عام 1990 تم تصميم وحدة سكنية كاملة تعتمد الطاقة الشمسية وأعيد تصميم المنزل مرة أخرى للاستفادة من التكنولوجيا التي ظهرت حينها وفي عام 1996 تم إعادة تصميم المنزل ليتماشى مع التوجه الدولي بإنشاء منازل غير ملوثة بيئيا فتم تصميم أنظمة تقوم بمعالجة المياه في المنزل دون الحاجة إلى شبكة مجاري مع معالجات للنفايات
في عام 1998 تم إعادة تصميم المنزل بعد ظهور كومبيوترات البنتيوم , واعتمد المنزل على حواسيب تشابهية لا تستهلك طاقة عالية , وهكذا أصبح المنزل يعمل بالحواسيب الرقمية ومنظومات سيطرة متطورة.
مشروع دور وعمارات (شارع أبي نؤاس)
عرفت المجمعات التي كانت تقع على شاطئ نهر دجلة مقابل القصر الجمهوري بدور او عمارات الطاقة الشمسية وكانت تخضع اداريا لمركز بحوث الطاقة الشمسية في مجلس البحث العلمي حينها وكان مبدأ الاشتغال في هذه المنظومات يتألف من أربعة مكونات رئيسيه هي:
: Generator مولد
Condenser. مكثف
Evaporator مبخر.
Absorber ماص.
هذه الأجزاء الأربعة تضمن تبريد وتدفئة الماء الذي يندفع الى وحدات المراوح لتوليد التبريد والتكييف المطلوب. وكانت التدفئة المركزية تعمل بأسلوب تسخين الماء عبر مجمعات شمسيه Solar collector وليس خلايا شمسيه Solar cells في داخل الشقق بعد تجميع الماء القادم من المجمعات الشمسية الى خزان للماء الحار (معزول حراريا مع شبكة الأنابيب لغرض منع الانتقال الحراري من والى الشقق) واثناء الليل يتم الاستفادة من الماء الحار المخزون والمعزول حراريا، اما ساعات الذروة فكان هناك سخانات كهربائية مساعدة. أي أن التدفئة ليست معتمدة كليا على المجمعات الشمسية.
اما التبريد فانه يعمل من خلال Chillers لتبريد الماء حتى 7 – 10 درجه مئوية ويتم ذلك بطريقة منظومة التبريد الامتصاصية Absorption System وهذه الطريقة تحتاج لمحلول كلايكول يمتص الحرارة من الماء الراجع من الشقق ويصبح محلولا غنيا Rich fluid يتم تسخينه بالماء الحار القادم من المجمعات الشمسية لغرض تخفيف كثافته من طرد الماء الممتص من قبل الكلايكول.
ان عملية التبريد معقدة نسبيا حيث لا يستعمل فريون تبريد أو غيره من مواد التجميد refrigerants او غازات التبريد المنتشرة في الوقت الحاضر والتي طورت لتصبح صديقة للبيئة عندما تنتشر في الهواء أثناء التسربات كما حصل سابقا في تضرر طبقة الأوزون من جراء غازات التبريد R12 R 22 R503 وتغلف الخزانات والأنابيب بمادة سوداء فلينية لغرض العزل الحراري.
ان التكنولوجيا التي استخدمت في عمارات أبي نؤاس كانت الرائدة في هذا المجال آنذاك , لكن هذه التقنية تقدمت بسرعة منذ ذلك الحين , الا أنها جميعا تعتمد على نفس مبدأ الاشتغال.
باختصار شديد فان طريقة التدفئة سهلة للغاية، تعتمد استخلاص حرارة الشمس واكتسابها من قبل الماء الذي يدور في الانابيب ومن خلال مراوح في الشقة تقوم بدفع الحرارة باستمرار في نظام مغلقClosed Loop وبالتالي كانت بنايات أبي نؤاس صديقة للبيئة
يشار الى ان منظومة التبريد أو التكييف الهوائي تعمل بأسلوب Vapor Absorption Cooling System باستخدام محلول ليثيوم برومايد وهناك منظومات تستعمل الأمونيا كمحلول امتصاصي.
لقد نشر فصل من كتاب المهندس المعماري الرائد هشام المدفعي، عن مشروع تطوير شارع ابي نؤاس ما يلي:
تحدث الكثيرون عن مشروع تطوير شارع ابي نؤاس، ولا اريد ان اتحدث عن الافكار المعمارية وفنون العمارة التي يزخر بها الشارع، غير أنى اود ان ابين ان الاستشاري المصمم لهذا المشروع هو المعماري الدنماركي المشهور (Skaarup & Jespersen) بالاشتراك مع المعماريين العراقيين عباد الراضي ونزار عثمان ك(Planar) اما المقاول العالمي الذي نفذ المشروع فهو شركة (هايلت اند ورنر) الالمانية. وتولى استشاريون معينون من امانة العاصمة الاشراف على تنفيذ اعمال المشروع
 يتألف المشروع من 278 شقة سكنية من غرفتين وثلاث واربع غرف نوم مع مرافقها، بمستوىً عالٍ من جميع الجوانب. وقد نُفذت الاعمال المعمارية بموجب المخططات التصميمية، كما نفذت الاعمال الختامية باستعمال مواد عالية الجودة. اما شبكات الخدمات فقد كانت بمستوى لا يقل عن ذلك. وبسبب التقنيات المطبقة في المشروع فقد تم ترشيحه الى جائزة عالمية من قبل منظمة (Aga Khan)
من الجدير ذكره، وقد يكون لأول مرة في تاريخ العراق المعروف بصناعة الطابوق، ان حددت المواصفات باستعمال طابوق سمك (6 سم) عوضا عن الطابوق العراقي التقليدي الذي هو بسمك 7,5 سم، اما الابعاد الاخرى فلم تتغير. ولتحقيق ذلك ولمواكبة العمل، اتخذنا خطوتين مهمتين هما استيراد كميات من الطابوق من الدنمارك يكفي لبناء نصف الابنية، والثانية انشاء معمل طابوق سمك 6 سم لإنتاج 30 مليون طابوقة لإكمال النصف الباقي من عمارات المشروع، وقد أطلقنا عليه معمل ابي نواس.
بدأ العمل بإنتاج الطابوق المذكور وأكملنا به الاعمال. اما طريقة البناء بهذا الطابوق فقد كانت فريدة في نوعها ولم تتم تجربتها في العراق سابقاً، اذ استعمل العمال خيوط بناء الطابوق افقيا وعموديا في الوقت نفسه لكي تكون مفاصل الطابوق بمسافات دقيقة، بينما كان التقليد السائد عندنا وضع الخيط بشكل افقي فقط , جاءت النتائج متميزة جدا ، واعطتنا دروسا جديدة في طرق بناء الطابوق بما نسميه ( جف قيم ) .
نُصبت اجهزة التكييف لهذه الوحدات وفق نظام تجميع الطاقة الشمسية وتم وضع متطلبات التصميم من قبل المعماري الاستشاري، وقام المقاول بوضع التصاميم التفصيلية عن طريق شركة يابانية متخصصة.
تعمل المنظومة عن طريق وحدات تجميع collectors توفر (50 – 60 %) من الطاقة الشمسية واجهزة تحويل الطاقة الشمسية الى كهرباء مع اجهزة توفير طاقة مساعدة (energy back up equipment) عند الحاجة في حالة حدوث ظروف مناخية غير اعتيادية. وقد كلفت جميع اجهزة شبكات الطاقة لكل الشقق البالغ عددها 278 شقة مبلغا لا يتجاوز 600 ألف دينار من العقد في حينه.
طلبنا من المقاول ان نقوم بتجربة كاملة على عمل احد الاجهزة لعمارة كاملة، فتم وضع المجسات واجهزة قياس الحرارة والرطوبة وسرعة الهواء وما يتطلب من امور اخرى، وقمنا بتشغيل الاجهزة لمدة اسبوع، وكانت النتائج ناجحة ومطابقة للمتطلبات التصميمية الموضوعة لتلك الاجهزة.
لقد كان موضوع توزيع تلك الشقق والمؤهلين للسكن فيها حساسا لموقعها المتميز المطل على نهر دجلة قبالة منطقة القصر الجمهوري ووحدات امنية خاصة فتم التذاكر مع السيد سمير الشيخلي امين العاصمة حينها حول الموضوع، وأرسل الى رئاسة الجمهورية لاستحصال الموافقة. تلخص المقترح المقدم حينها بان تخصص تلك الشقق، وبحكم موقعها المتميز ونوعية البناء الجيد، على الشخصيات التي قدمت خدمة متميزة الى المجتمع او الدولة من سياسيين وشعراء كبار وادباء وعلماء او اطباء او مهندسين او ضباط كبار تكريما لهم ولجهودهم ما داموا هم على قيد الحياة وتخصص الى مثلهم بعدهم بعد تجديدها وهكذا. الا ان الشقق وزعت حينها على العاملين والموظفين في ديوان رئاسة الجمهورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى