ما لا تعرفه عن كأس العالم بكرة القدم (الحلقة العاشرة)

أ.د. إسماعيل خليل إبراهيم

نائب رئيس لجنة الشباب والرياضة

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 

البطولة التاسعة – المكسيك / 1970

هي البطولة التاسعة في تاريخ كأس العالم لكرة القدم وقد استضافتها المكسيك في الفترة ما بين 31 مايو إلى 30 يونيو / 1970 ، و فازت المكسيك بشرف استضافة البطولة بعدما تغلبت على الأرجنتين في التصويت الذي أقيم في العاصمة اليابانية طوكيو لتصبح بذلك أول بطولة تقام خارج قارتي أوروبا و أمريكا الجنوبية و الأولى التي تقام في قارة أمريكا الشمالية .

تأهلت المكسيك كدولة مستضيفة و إنجلترا كبطل للنسخة السابقة ، بينما تنافست 75 دولة على 14 بطاقة تأهل . استجاب الاتحاد الدولي لكرة القدم لمطالب قارتي آسيا و أفريقيا بعدما انسحبوا من التصفيات في بطولة كأس العالم لكرة القدم 1966، وقام بمنح كل قارة بطاقة كاملة  بينما امتلكت أوروبا 8 بطاقات و أمريكا الجنوبية 3 بطاقات ، وبطاقة لقارة أمريكا الشمالية . شهدت البطولة مشاركة منتخب المغرب في النهائيات ليصبح ثاني المنتخبات العربية مشاركة بكأس العالم بعد منتخب مصر الذي شارك في كأس العالم لكرة القدم 1934. و شهدت البطولة فشل منتخبات الارجنتين و فرنسا و أسبانيا و البرتغال في التأهل للنهائيات .

تم تقسيم الفرق الستة عشر المُتأهله إلى أربع  مجموعات جغرافية أخذت  بعين الاعتبار الجوانب السياسية  بحيث لا يقع المغرب و الكيان الصهيوني مع بعضهما البعض في مجموعة واحدة بعد أن هدد المغرب في وقت سابق الانسحاب من البطولة إن حصل هذا الأمر  كما فعلوا في بطولة كرة القدم الأولمبية قبل عامين وعليه تم وضع المغرب في المجموعة الرابعة .

شهدت البطولة تغييرات في بطاقات التأهل نتجت عنها مشاركة 16 منتخباً من كل القارات ، وطال التغيير ليشمل بعض القواعد و القوانين حيث تم أيضاً السماح بإجراء تبديلين لكل منتخب للمرة الأولى في تاريخ البطولة ، و منح الحكام حق رفع البطاقتين الصفراء للإنذار والحمراء للطرد بعد أن كانت من قبل شفهيًا ، ولم يتم استخدام البطاقة الحمراء في أي من مباريات البطولة .

ترشحت إلى دور الثمانية منتخبات الاتحاد السوفيتي و المكسيك عن المجموعة الأولى و إيطاليا و الأرغواي عن المجموعة الثانية و البرازيل و انكلترا عن المجموعة الثالثة و ألمانيا الغربية و بيرو عن المجموعة الرابعة ، أما المغرب فجاءت أخيرة في مجموعتها الرابعة بنقطة واحدة حصلت عليها من تعادلها مع بلغاريا بهدف لكل منهما .

في دور الثمانية فازت الأرغواي على الاتحاد السوفيتي بهدف دون مقابل و إيطاليا على المكسيك بأربعة أهداف مقابل هدف واحد و البرازيل على بيرو بأربعة أهداف مقابل هدفين و ألمانيا الغربية على انكلترا بثلاثة أهداف مقابل هدفين . أما مباراتا الدور نصف النهائي فقد أسفرتا عن فوز البرازيل على الأرغواي بثلاثة أهداف مقابل هدف و إيطاليا على ألمانيا الغربية بأربعة أهداف مقابل ثلاثة .

من بين مباريات البطولة مباراتان تم تصنيفهما ضمن أفضل عشرة مباريات في تاريخ كأس العالم لكرة القدم أولهما نهائي كأس العالم لكرة القدم 1970و الثانية كانت في الدور قبل النهائي بين المنتخب الإيطالي ونظيره الألماني والتي عُرِفَت فيما بعد باسم مباراة القرن والتي صنفها الاتحاد الدولي لكرة القدم بأنها بأنها الأفضل تاريخياً بين المنتخب الإيطالي ونظيره الألماني . انتهى الوقت الأصلي بالتعادل 1-1 ، سجل لإيطاليا ( روبيرتو بونينسيغنا ) و تعادل لألمانيا في الدقيقة التسعين ( كارل هينز شنيلينجير )  ليلعب المنتخبان الوقت الإضافي الذي شهد تسجيل خمسة أهداف ابتدأها الألماني ( جيرد مولر ) ، لترد إيطاليا بهدفين من ( تارشيزيو بورغنيتش و لويجي ريفا ) . ثم يعود ( جيرد مولر ) ليسجل هدف التعادل وتصبح النتيجة 3-3 ، واختتم ( جاني ريفيرا ) أهداف المباراة بهدف قاتل ليصبح النصر حليف المنتخب الإيطالي بنتيجة أربعة أهداف لثلاثة .

أقيمت المباراة النهائية لكأس العالم لكرة القدم 1970 يوم الأحد 21 / حزيران على ملعب أزتيكا في العاصمة مكسيكو سيتي أمام أكثر من مئة وسبعة ألاف متفرج  و جمعت بين منتخبي البرازيل و إيطاليا وهي المرة الأولى التي يلتقي فيها بطلان سابقان لكأس العالم في المباراة النهائية  و كان كل من المنتخبين يطمح للفوز بكأس العالم للمرة الثالثة في تاريخه ليمتلك كأس جول ريميه للأبد . تقدمت البرازيل أولاً عن طريق ( بيليه ) ، ثم عادلت إيطاليا النتيجة بواسطة ( روبيرتو بونينسيغنا ) لينتهي الشوط الأول بالتعادل 1-1. في الشوط الثاني سجلت البرازيل ثلاثة أهداف متتالية عن طريق كل من ( جيرسون و جارزينيو و كارلوس ألبرتو توريس ) لينتهي اللقاء بفوز البرازيل بنتيجة أربعة أهداف لهدف واحد . بهذا الفوز أصبحت البرازيل أول بلد يفوز بالكأس لثلاث مرات ويمتلك كأس جول ريميه إلى الأبد بعدما حصلت على البطولة عامي 1958 و1962. دخلت البرازيل التاريخ بهذا الفوز، وأصبح ( ماريو زاغالو ) أول من يفوز بكأس العالم كلاعب (عامي 1958 و 1962) و كمدرب (عام 1970) ، و بعمر ثمانية وثلاثون عاماً بات ( زاغالو ) ثاني اصغر مدرب يفوز بكأس العالم بعد مدرب الأرغواي ( البرتو سوبيتشي ) عام 1930. و أصبحت البرازيل أول منتخب يحرز كأس العالم و يفوز بجميع اللقاءات التي لعبها ، و أصبح جارزينيو أول لاعب يسجل في كل مباريات البطولة التي لعبها . كذلك انهى ( بيليه ) مسيرته كأول لاعب يفوز بكأس العالم ثلاث مرات .

في مباراة تحديد المركزين الثالث و الرابع فازت ألمانيا الغربية على الأرغواي بهدف وحيد .

من المواقف الغريبة التي حدثت قبل بدء البطولة أن مدرب منتخب البرازيل حينها ( سالدانو ) لم يختر النجم ( بيليه ) ضمن الفريق الذي سيشارك في النهائيات في المكسيك فانقلبت عليه الصحافة البرازيلية وطالبت بإقالته وهو ما حدث تماماً حيث قرّر رئيس الاتحاد البرازيلي لكرة القدم ( جواو هافيلانج ) إقالته و تعيين ( زاجالو) خلفاً له فضم ( بيليه ) للمنتخب ليكون أحد أبرز المساهمين في فوزه بكأس العالم وليتم اختياره أفضل لاعب في البطولة . علماً أن ( زاجالو ) بعد أن اعتزل كرة القدم امتهن التدريب و قاد نادي ( بوتافوجو ) منذ عام 1966 وحتى عام 1970.

حصل على لقب هداف البطولة نجم المنتخب الألماني ( جيرد مولر ) برصيدعشرة أهداف ، فيما حصل على لقب أفضل لاعب ناشئ لاعب منتخب بيرو ( توفيلو كوبيلاس ) .

من المواقف الطريفة التي شهدتها المباراة النهائية قيام أحد المشجعين بالنزول إلى الملعب بعد النهائي وسرقة كأس العالم من اللاعبين البرازيليين أثناء خروجهم من الملعب وحاول الهرب إلا أنه تم القبض عليه .

مع التقدم في مجال الاتصالات الفضائية كانت كأس العالم 1970 البطولة الأولى التي يشاهد فيها الجمهور المباريات على الهواء مباشرةً و عبر الشاشات الملونة عن طريق البث التلفزيوني الملون .

من الأحداث المؤسفة التي سبقت البطولة أن مباراة منتخبي ( الهندوراس و السلفادور ) التي جرت ضمن تصفيات قارة أمريكا الجنوبية كانت سبباً في اندلاع الحرب بين البلدين ، وبدأت تفاصيل الحرب حينما حقّقت ( الهندوراس ) فوزاً صعباً على ( السلفادور ) بهدف دون مقابل قبل أن تخسر أمامها بثلاثية نظيفة ليُصدر رئيس الهندوراس قراراً بترحيل ثلاثمائة ألف مزارع سلفادوري كانوا يعملون في حقول هندوراس وهو ما أغضب حكومة بلادهم وقررت قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين .

ورغم تدهور العلاقات بين البلدين إلا أنّ الروح الرياضية العالية سادت بين لاعبي المنتخبين خلال المباراة الثالثة الفاصلة التي أقيمت بينهما في العاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي في 27 حزيران / يونيو إذ تصافح اللاعبون عقب نهاية اللقاء الذي انتهى بفوز منتخب السلفادور بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدفين .