لجنة الشباب و الرياضة

ما لا تعرفه عن كأس العالم بكرة القدم (الحلقة التاسعة)

أ.د. إسماعيل خليل إبراهيم

نائب رئيس لجنة الشباب والرياضة

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 

البطولة الثامنة – انكلترا / 1966

في 22 / آب / 1960 ومن العاصمة الإيطالية روما أعلن عن أن انكلترا هي التي ستستضيف كأس العالم عام 1966 والتي تقدمت كل من أسبانيا و ألمانيا الغربية إلى جانب انكلترا بطلبات لاستضافتها ، وأقيمت البطولة من 11 / حزيران لغاية 30 / تموز / 1966 وشاركت في تصفياتها سبعون دولة .

بسبب تخصيص الاتحاد الدولي لكرة القدم مقعداً واحدأ لقارتي أسيا و أفريقيا مجتمعتين فقد قاطعت جميع منتخبات القارتين التصفيات باستثناء كوريا الشمالية بينما منحت أوربا تسعة مقاعد و أمريكا الجنوبية أربعة مقاعد ، و وصلت إلى نهائيات البطولة منتخبات انكلترا بصفتها منظمة البطولة و ألمانيا الغربية و الاتحاد السوفيتي و البرتغال و المجر و إيطاليا و أسبانيا و بلغاريا و سويسرا عن أوربا ، و البرازيل بصفتها الفائزة بالبطولة السابقة و الارجنتين و الارغواي و المكسيك و تشيلي عن أمريكا الجنوبية إلى جانب كوريا الشمالية عن قارة أسيا ، وكانت هي المرة الأولى التي تصل فيها البرتغال و كوريا الشمالية إلى النهائيات وكانت كوريا الشمالية قد اقصت منتخب أستراليا من التصفيات لتصبح ثالث منتخب أسيوي يصل النهائيات بعد منتخبي جزر الهند الشرقية ( أندونيسيا ) و كوريا الجنوبية .

قبل افتتاح البطولة تم عرض كأس العالم في قاعة ( ويست منستر ) في لندن لاتاحة الفرصة للناس لمشاهدته و وضع تحت الحراسة لكن تمت سرقته وباتت انكلترا في حرج شديد وأعلنت حالة الإستنفار القصوى في صفوف الشرطة للبحث عن الكأس المسروقة التي تصدرت أخبار سرقتها عناوين الصحف لعدة أيام ، كما أعلنت الشرطة عن جائزة تقارب العشرة الاف جنيه استرليني – وهو مبلغ كبير حينها – لمن يدلي بمعلومات تقود إلى العثور على الكأس ، لكن الغريب أن ما فشلت فيه الشرطة نجح فيه كلب اسمه ( بيكلز ) إذ عَثَرَ على الكأس تحت سياج حديقة و وسط كمية من المهملات ملفوفاً بورق جريدة قديمة في إحدى ضواحي ( نوروود ) عندما كان يسير مع صاحبه ، ولغاية اليوم لم يعرف تحديداً من سرق الكأس و لماذا ؟

من الأحداث غير المتوقعة أن المباراة الإفتتاحية للبطولة بين انكلترا و الارغواي أُجِلَت لأكثر من نصف ساعة بسبب نسيان لاعبي منتخب انكلترا بطاقات تسجيلهم في المباراة داخل فندق إقامتهم . في هذه البطولة تم تطبيق النظام الذي طبق في البطولة السابقة في دوري المجموعات و الأدوار التالية .

في واحدة من أبرز مفاجئات البطولة على الإطلاق ترشحت كوريا الشمالية إلى دور الثمانية بعد أن جاءت ثانية في مجموعتها التي ضمت الاتحاد السوفيتي و إيطاليا و تشيلي ، فبعد أن خسرت مباراتها الأولى أمام الاتحاد السوفيتي بثلاثة أهداف دون مقابل تعادلت في مباراتها الثانية مع تشيلي بهدف لكل منهما سجله ( ياك سيونغ زين ) لتحصل على نقطة واحدة كانت الأولى التي يحصل عليها منتخب أسيوي في نهائيات كأس العالم . وفي مباراتها الفاصلة و التأريخية أمام إيطاليا التي كانت الترشيحات كلها تصب لصالحها فجرت كوريا الشمالية المفاجأة وفازت عليها بهدف دون رد سجله ( باك دو ايك ) لتترشح كوريا الشمالية إلى دور الثمانية كثاني المجموعة بعد الاتحاد السوفيتي ولتصبح الدولة الأسيوية الأولى التي تحقق هذا الإنجاز .

في دور الثمانية كادت كوريا الشمالية أن تحقق إنجازاً أكبر وكانت قريبة من التأهل إلى الدور نصف النهائي بعد أن تقدمت على البرتغال في أقل من نصف ساعة بثلاثة أهداف دون مقابل سجلها ( باك سيونغ زين و لي دونغ و يانغ سونغ ) لكن خبرة لاعبي البرتغال وعدم تحفظ الكوريين في الدفاع مكن البرتغال من تسجيل خمسة أهداف أربعة منها لـ ( أوزيبيو ) لتترشح البرتغال للدور نصف النهائي .

ترشحت إلى الدور نصف النهائي منتخبات انكلترا التي تصدرت المجموعة الأولى و ألمانيا الغربية متصدرة المجموعة الثانية و البرتغال متصدرة المجموعة الثالثة و الاتحاد السوفيتي متصدر المجموعة الرابعة والغريب أن هذا كان هو الترتيب النهائي لها في البطولة .

على ملعب ( ويمبلي ) في لندن جرت المباراة النهائية بين منتخبي انكلترا و ألمانيا الغربية يوم 30 / تموز بحضور أكثر من ثمانية وتسعين ألف متفرج تتقدمهم الملكة و قادها الحكم السويسري ( غوتفرايد دينست ) وساعده ( توفيق بهراموف ) من الاتحاد السوفيتي و ( كارول كالبا ) من جمهورية التشيك وانتهت بفوز انكلترا باربعة أهداف مقابل هدفين بعد وقت إضافي إثر تعادلهما بهدفين في الوقت الأصلي للمباراة .

في الدقيقة ( 101 ) سدد لاعب منتخب انكلترا ( جيف هيرست ) كرة اصطدمت بعارضة المرمى وسقطت إلى الأرض ليقوم الدفاع الألماني بتشتيتها فذهب حكم المباراة إلى مساعده للإستفسار إن كانت الكرة قد تجاوزت خط المرمى أم لا فأكد المساعد أن الكرة تجاوزت الخط فما كان من الحكم إلا احتساب الهدف الذي أثار لغطاً كبيراً خلال المباراة واستمر اللغط بعدها لسنوات لتثبت التقنيات الحديثة أن الكرة لم تتجاوز خط المرمى و بذلك يكون الهدف غير صحيح . وفي مباراة تحديد المركزين الثالث و الرابع فازت البرتغال على الاتحاد السوفيتي بهدفين مقابل هدف واحد .

في هذه البطولة وجهت للتحكيم اتهامات عديد منها أن قرارات الحكام كانت تصب في صالح منتخب انكلترا في جميع مبارياته ، كذلك تساهل الحكام مع العنف الذي مارسه لاعبو منتخبات أوربا ضد لاعبي منتخبات أمريكا الجنوبية ولاسيما الركل و الضرب المتعمد الذي تعرض له ( بيليه ) في المباراة الأولى أمام منتخب بلغاريا وحرمه من المشاركة في المباراة الثانية أمام المجر التي ألغى فيها الحكم الانكليزي هدفين للبرازيل ، و الإعتداءات المتكررة على ( بيليه ) ثانية من لاعبي البرتغال دون رد فعل من الحكم الانكليزي الذي قاد المباراة مما أضطر ( بيليه ) لإكمال المباراة وهو يعرج . ولاشك في أن تكليف حكمان انكليزيان قيادة مباراتين للبرازيل في مجموعتها أمر يثير الكثير من علامات الإستفهام .

ومن غرائب التحكيم أيضاً أن يتولى الحكام الانكليز و الألمان قيادة مباريات منتخبات أمريكا الجنوبية ضد منتخبي بلديهما ، فمباراة انكلترا و الارجنتين قادها حكم ألماني قام بطرد كابتن منتخب الارجنتين ( راتين ) ، وقاد مباراة ألمانيا الغربية و الارغواي حكم انكليزي طرد اثنين من لاعبي الارغواي وفي المباراتين فازت انكلترا و المانيا الغربية ووصلتا إلى الدور نصف النهائي الذي بلغته المنتخبات الأوربية فقط وهو ما لم يحدث منذ بطولة عام 1934 .

لغاية هذه البطولة لم تكن البطاقات الصفراء و الحمراء مستعملة لإنذار اللاعبين أو طردهم بل يتم عن طريق الكلام مع اللاعب ثم يسجل الحكم اسمه في دفتر صغير يحتفظ به وعند الطرد يقول له أنت مطرود  لكن الاحداث التي حصلت في مباراة منتخبي انكلترا و الارجنتين والجدل الذي دار بين الحكم و كابتن الارجنتين بسبب إنذاره ثم طرده وإنه لا يعرف الألمانية كما أن الحكم لا يعرف الأسبانية دفعت تلك الأحداث الحكم الانكليزي ( كين استون ) وكان حينها رئيس لجنة الحكام في الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى التفكير في إيجاد حل لهذه المشكلة ، وكما صرح هو فيما بعد أنه بينما كان يقود سيارته جلب انتباهه إشارة المرور الضوئية وهي تنتقل بين الأصفر و الأحمر حينها خطرت له فكرة البطاقات الصفراء و الحمراء وتم تطبيقها تجريبياً في دورة الألعاب الأولمبية في مكسيكو عام 1968 وفي شهر أيلول من عام 1969 حصلت موافقة الاتحاد الدولي على اعتمادها ليتم تطبيقها في كأس العالم في المكسيك عام 1970 .

شهدت البطولة ظهور نجمين أصبحا بعدها من أبرز نجوم كرة القدم في العالم الأول لاعب منتخب البرتغال الموزمبيقي الأصل ( أوزيبيو ) الذي صال و جال وسجل تسعة أهداف ليتوج بلقب هداف البطولة وللعلم فإن ( أوزيبيو ) زار العراق مع ناديه ( بنفيكا ) الذي خاض مباراة ضد منتخب العراق يوم 6 / تشرين الثاني / 1966 بمناسبة افتتاح ملعب الشعب الدولي وسجل ( أوزيبيو ) هدف الفوز الثاني لنادي بنفيكا . أما اللاعب الثاني فهو الشاب الألماني ( فرانز بكنباور ) الذي اختير أحسن لاعب ناشئ في البطولة و أصبح بعدها أحد أبرز نجوم كرة القدم في العالم .

المباراة الافتتاحية للبطولة جرت بين منتخبي انكلترا و الارغواي وانتهت بالتعادل دون أهداف لتصبح أول مباراة افتتاحية تنتهي بهذه النتيجة في تأريخ كأس العالم . ولغاية هذه البطولة لم يكن يسمح باستبدال اللاعبين لأي سبب لذلك استمر ( بيليه ) في الملعب على الرغم من إصابته في الركبة وهو أمر مجحف و لا يوفر العدالة وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص لاسيما إن كانت الإصابة بفعل متعمد من المنافس . وفي هذه البطولة لم يسمح بتجنيس اللاعبين ، كذلك تم اعتماد اختبارات فحص المنشطات للاعبين .

عرفت هذه البطولة ظهور أول تميمة في تأريخ كأس العالم أطلق عليها ( الأسد ويلي ) ، وكانت هي البطولة الخامسة على التوالي لحارس مرمى منتخب المكسيك ( أنطونيو كارباخال ) وهو رقم قياسي لم تتم معادلته إلا بعد إثنان وثلاثون عاماً . وبالمقابل أصبح حارس مرمى منتخب كوريا الشمالية ( لي تشان ) أصغر حارس مرمى في تأريخ البطولة بعمر تسعة عشر عاماً . وبات المهاجم الانكليزي ( جيف هيرست ) أول لاعب يسجل ثلاثة أهداف في المباراة النهائية لكأس العالم إثنان منها في الوقت الإضافي .

لعبت الصدفة دوراً في بروز ( جيف هيرست ) إذ أصيب مهاجم المنتخب الانكليزي ( جيمي غريفز ) في المباراة ضد فرنسا ولم يكمل البطولة فلعب ( هيرست ) محله في المباريات التالية وسجل هدف فوز انكلترا الوحيد على الارجنتين الذي اهلها للدور نصف النهائي ، وهكذا تلعب الأقدار دورها .

من المفارقات الغريبة و الطريفة أن مباراة فرنسا و الارغواي في دور المجموعات تم نقلها من ملعب ويمبلي إلى ملعب وايت ستي بسبب إجراء سباق ( للكلاب ) في الملعب ذلك اليوم .

علي قنديل هو أول حكم مصري و عربي يشارك في تحكيم مباريات كأس العالم حيث قاد مباراة تشيلي و كوريا الشمالية التي انتهت بالتعادل بهدف لكلا الفريقين .

الهدف الذي سجله ( بيليه ) في مرمى منتخب بلغاريا في أول مباراة لهما في المجموعة جعله أول لاعب يسجل أهدافاً في ثلاث بطولات متتالية لكأس العالم أعوام 1958 و 1962 و 1966 .

المباراة النهائية للبطولة حملت الرقم ( 200 ) في سجل مباريات كأس العالم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى