لجنة الشباب و الرياضة

ما لا تعرفه عن كأس العالم بكرة القدم (الحلقة الثامنة)

أ.د. إسماعيل خليل إبراهيم

نائب رئيس لجنة الشباب والرياضة

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 

البطولة السابعة – تشيلي / 1962

في مؤتمر الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي عقد في لشبونة عام 1956 تم اختيار تشيلي لتنظيم بطولة عام 1962 بعد منافسة مع الأرجنتين وبعد أن وجد الاتحاد الدولي نفسه مضطراً لإقامتها في دولة لاتينية لاسيما وإن البطولتين السابقتين عامي 1954 و 1958 أقيمتا في أوربا وخشيته من مقاطعة منتخبات أمريكا الجنوبية للبطولة كما حصل في بطولة عام 1938 ، وكان للتعهدات التي قدمها رئيس الاتحاد التشيلي لكرة القدم ( كارلوس ديتبورن )  دور في منحها حق التنظيم .

أثار الزلزال الذي ضرب تشيلي عام 1960 والذي وصف بأنه أقوى زلزال سجل على الأرض أثار المخاوف من عدم تمكن تشيلي من تنظيم البطولة لكن الاتحاد الدولي وقف إلى جانبها أملاً في حصولها على المساعدات و المعونات الدولية فضلاً عن دعمه لها بالأموال لإعانتها على مواجهة كارثة الزلزال ولكي تتمكن من الإيفاء بالتزاماتها وتعهداتها بإقامة البطولة على أراضيها وهو ما تحقق فعلاً .

دفعت آثار الزلزال الصحف الإيطالية إلى مهاجمة تشيلي والتشكيك بقدرتها على تنظيم البطولة وتسببت تلك التعليقات في إثارة التوتر بين المنتخبين وأدت إلى نشوب حرب في المباراة التي جمعت المنتخبين وجرت على ملعب العاصمة ( سانتياغو ) يوم 2 / تموز / 1962 والتي تعتبر من أكثر المباريات عنفاً في تأريخ كأس العالم وشهدت طرد لاعبين إثنين من منتخب إيطاليا وحدوث فوضى عارمة بين اللاعبين وصلت إلى الشجار و البصق ودفعت الشرطة للتدخل لأكثر من مرة علماً أن المباراة انتهت بفوز تشيلي على إيطاليا بهدفين دون مقابل .

شاركت في تصفيات البطولة ( 57 ) دولة ترشحت ست عشرة منها للنهائيات فيما انسحبت منتخبات مصر و سوريا و السودان من التصفيات بينما كان المنتخب المغربي قريباً من التأهل لولا هزيمته من أسبانيا في المباراة الفاصلة بأربعة أهداف مقابل هدفين ، وضم منتخب أسبانيا حينها أسطورة المجر اللاعب ( بوشكاش ) و أسطورة الأرغواي اللاعب ( خوسيه سانتا ماريا ) بعد حصولهما على الجنسية الأسبانية .

ترشحت لنهائيات البطولة عن أوربا منتخبات سويسرا و بلغاريا و الاتحاد السوفيتي و يوغسلافيا و ألمانيا الغربية و أسبانيا و المجر و تشيكوسلوفاكيا و انكلترا و إيطاليا ، وعن الأمريكتين ترشحت المكسيك و الأرجنتين و الأرغواي و كولومبيا إلى جانب البرازيل حاملة اللقب و تشيلي المستضيفة . بلغاريا و كولومبيا تأهلتا لأول مرة للنهائيات بينما فشلت السويد و فرنسا في التأهل .

وزعت المنتخبات الستة عشر على أربع مجموعات وتقرر أنه في حال التعادل بالنقاط تتم العودة إلى فارق الأهداف لتحديد مركز كل منتخب في مجموعته دون اللجوء إلى خوض مباراة فاصلة كما حصل في البطولة السابقة .

على الرغم من إصابة ( بيليه ) في مباراة البرازيل و تشيكوسلوفاكيا في دور المجموعات إلا أن المنتخب البرازيلي تأهل للمباراة النهائية التي جرت على الملعب الوطني في العاصمة ( سانتياغو ) بحضور أكثر من ثمانية وستون ألف متفرج وجمعت بين البرازيل و تشيكوسلوفاكيا اللذان التقيا في دور المجموعات وانتهت مباراتهما حينها بالتعادل دون أهداف . في هذه المباراة تقدمت تشيكوسلوفاكيا بهدف لكن منتخب البرازيل سجل ثلاثة أهداف ليتوج بالكأس للمرة الثانية توالياً ويصبح المنتخب الثاني الذي يحقق هذا الإنجاز بعد المنتخب الإيطالي بينما كانت هذه هي المرة الثانية التي يصل فيها منتخب تشيكوسلوفاكيا إلى المباراة النهائية بعد بطولة عام 1934 ، علماً أنها وصلت نهائيات هذه البطولة بعد فوزها على اسكتلندا بأربعة أهداف مقابل هدفين في مباراة فاصلة جرت في بروكسل . وفي مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع فازت تشيلي على يوغسلافيا بهدف دون مقابل .

بعد إصابة ( بيليه ) كان لتألق ( غارنشيا و أماريلدو ) دور كبير في وصول البرازيل للمباراة النهائية ومن ثم الفوز بالكأس .

من الأحداث الغريبة و الطريفة في البطولة أن لاعب منتخب تشيلي ( إيلاديو روخاس ) بعد أن سجل هدفاً في مرمى حارس الاتحاد السوفيتي ( ليف ياشين ) قام باحتضانه وسط استغراب الجميع ويبدوا أنه لم يصدق أنه سجل هدفاً في مرمى أعظم حارس مرمى في العالم .

ومن الأحداث التي يصعب تماماً تكرارها في بطولات كأس العالم أن ستة لاعبين تقاسموا لقب هداف البطولة وسجل كل منهم أربعة أهداف وهم ( غارنشيا و فافا ) من البرازيل و ( فلوريان البرت ) من المجر و ( ليونيل سانشيز ) من تشيلي و ( درازان يوكوفيتش ) من يوغسلافيا و ( فالنتين إيفانوف ) من الاتحاد السوفيتي .

في هذه البطولة ضمت بعض المنتخبات لاعبين سبق لهم  تمثيل منتخب بلد أخر في بطولات كأس العالم السابقة فالأرغواياني ( خوسيه سانتا ماريا ) لعب لمنتخب الأرغواي في بطولة عام 1954 وبعد حصوله على الجنسية الأسبانية مَثَلَ منتخب أسبانيا في هذه البطولة ، وكذلك اللاعب المجري ( بوشكاش ) الذي مثل المجر في بطولة 1954 مَثَلَ أسبانيا في هذه البطولة بعد حصوله على جنسيتها ، و كذلك البرازيلي ( خوسيه التافيني ) الذي مَثَلَ منتخب البرازيل في بطولة 1958 وفاز معه بكأس العالم انتقل بعدها إلى إيطاليا ومثل العديد من أنديتها وبعد حصوله على جنستها مثل منتخب إيطاليا في هذه البطولة .

ليس أدل على ولع وشغف الشعب البرازيلي بكرة القدم وأهميتها لديه من العبارة التي قالها الرئيس البرازيلي ( جواو غولات ) بعد الفوز بالبطولة إذ قال ( ليس عندنا أرز ولا خبز ولكن يكفينا بيليه و غارنشيا و أماريلدو و كأس العالم ، وهذا هو المهم ) .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى