ما لا تعرفه عن كأس العالم بكرة القدم (الحلقة الرابعة)

 أ . د إسماعيل خليل إبراهيم

عضو لجنة الرياضة والشباب

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 

البطولة الثالثة – فرنسا / 1938

في اجتماع الاتحاد الدولي لكرة القدم في برلين عام 1936 تم منح فرنسا حق استضافة بطولة كأس العالم لعام 1938 بعد أن حصلت على أكثر من نصف عدد الأصوات في الجولة الأولى وهو القرار الذي سبب غضباً في أمريكا الجنوبية إذ كان الإعتقاد أن البطولة ستقام بالتناوب بين أمريكا الجنوبية و أوربا لذلك لم تشارك الأرغواي و الأرجنتين فيها احتجاجاً على ذلك القرار ، ولم تشارك أسبانيا بسبب الحرب الأهلية فيها .

أقيمت البطولة للمدة من 4 – 19 / حزيران / 1938 وكانت البطولة الأولى التي تتأهل فيها الدولة المستضيفة وهي فرنسا و الدولة حاملة اللقب وهي إيطاليا إلى النهائيات بشكل مباشر .

توزعت المقاعد الأربعة عشر المتبقية – يترشح إلى النهائيات ستة عشر فريقاً – بواقع أحد عشر مقعداً لأوربا – تصبح ثلاثة عشر مقعداً بإضافة فرنسا و إيطاليا – و مقعدان لأمريكا الجنوبية و مقعد واحد لأسيا . والدول التي ترشحت عن أوربا هي فرنسا و إيطاليا و بلجيكا و والنرويج و بولندا و تشيكوسلوفاكيا و هولندا و ألمانيا و سويسرا و المجر و السويد و النمسا و رومانيا ، وترشحت عن أمريكا الجنوبية البرازيل و كوبا ، وعن أسيا ترشحت جزر الهند الشرقية الهولندية .

انسحبت النمسا على الرغم من تأهلها بعد أن اتحد المنتخبان النمساوي و الألماني وانضمام عدد من لاعبي منتخب النمسا إلى المنتخب الألماني وبقي مقعد النمسا شاغراً بعد أن رفض الاتحاد الدولي ضم بديل عنها وبموجب هذا القرار تأهلت السويد إلى الدور الثاني من البطولة بسبب عدم إقامة مباراتها مع النمسا في الدور الأول .

شهدت البطولة مشاركة أربعة منتخبات للمرة الأولى هي منتخبات بولندا و النرويج من أوربا ، و كوبا عن أمريكا ، و جزر الهند الشرقية الهولندية عن أسيا والتي أطلق عليها فيما بعد أندونيسيا .

جرت مباريات الدور الأول بنظام خروج المغلوب كما حدث في البطولة السابقة وإذا ما انتهت مباراة بالتعادل في وقتها الأصلي فيصار إلى لعب وقت أضافي مدته ثلاثون دقيقة وفي حال استمرار التعادل يتم إعادة المباراة ، وكانت هذه أخر بطولة يطبق فيها نظام خروج المغلوب من الدور الأول .

قاد مباريات البطولة ثلاثة عشر حكماً جميعهم من أوربا بواقع ثلاثة من فرنسا و إثنان من بلجيكا و إثنان من إيطاليا و حكم واحد من كل من السويد و سويسرا و النمسا و تشيكوسلوفاكيا و ألمانيا و المجر و قاد المباراة النهائية الحكم الفرنسي ( جورج كابديفيل ) .

لُعِبَت أوقات إضافية في خمس من مباريات الدور الأول و أعيدت مباراتان بين سويسرا و ألمانيا وفازت سويسرا ، و بين كوبا و رومانيا وفازت كوبا التي يبدو غريباً ظهور اسمها في هذه البطولة فضلاً عن فوزها على رومانيا التي شاركت في البطولة السابقة .

من المواقف الغريبة في البطولة أن منتخب البرازيل في مباراته امام إيطاليا في الدور نصف النهائي لم يشرك أبرز لاعبيه ( ليونيداس ) الذي أحرز لقب هداف البطولة ، لم يشركه في تلك المباراة كي يضمن جاهزيته للمباراة النهائية وهو تصرف يوحي أن المنتخب البرازيلي كان واثقاً من فوزه على المنتخب الإيطالي الذي فاز في تلك المباراة 2 – 1 ومن ثم فازت بكأس البطولة بينما اكتفت البرازيل بالمركز الثالث بعد فوزها على السويد 4 – 2 ، وتصرف البرازيل درس في أهمية احترام المنافس وعدم الإستهانة به .

فرنسا مستضيفة البطولة خرجت من الدور ربع النهائي بعد خسارتها من إيطاليا 3 – 1 ، وشهدت البطولة تسجيل نتائج كبيرة في الدور الأول منها فوز البرازيل على بولندا 6 – 5 ، و المجر على جزر الهند الشرقية 6 – صفر ، كذلك شهد الدور ربع النهائي فوز السويد على كوبا 8 – صفر وفي تلك المباراة سجل لاعبان من المنتخب السويدي ثلاثة أهداف لكل منهما هما ( تور كيلر و بتر ستروم ) .

في المباراة النهائية فازت إيطاليا على المجر 4 – 2 لتصبح أول دولة يفوز منتخبها باللقب مرتان متتاليتان ، وباستثناء المراكز الأربعة الأولى تم احتساب ترتيب بقية المنتخبات على أساس عدد النقاط التي حصل عليها كل منتخب في المباريات التي خاضها بدءاً من الدور الأول لغاية الدور نصف النهائي وفي حال التعادل بالنقاط تمت العودة إلى فارق الأهداف ، وعلى هذا الأساس احتل منتخب تشيكوسلوفاكيا المركز الخامس فيما جاء منتخب جزر الهند الشرقية الهولندية في المركز الخامس عشر و الأخير . وأصبح مدرب منتخب إيطاليا ( بوتسو ) المدرب الوحيد في تأريخ البطولة الذي يفوز باللقب في بطولتين متتاليتين عامي 1934 و 1938 .

من المواقف الغريبة و الطريفة ما تناقله البعض من تصريحات لحارس مرمى منتخب المجر من أنه سمح لإيطاليا الفوز بالمباراة من أجل إنقاذ أرواح لاعبي منتخب إيطاليا بعد تلقيهم رسالة من موسوليني يقول فيها ( النصر أو الموت ) حيث قال ( ربما أَدخَلت أربعة أهداف في مرماي لكني على الأقل أنقذت أرواحهم ) ، ويقصد أنه أنقذ لاعبي إيطاليا من الموت .

ومن الطرائف أيضاً أن المهاجم الإيطالي ( مياتزا ) بينما كان يستعد لتنفيذ ركلة جزاء احتسبت لمنتخبه ضد البرازيل سقط سرواله مما أثار موجة ضحك في الملعب لاسيما من حارس مرمى منتخب البرازيل لكن اللاعب الإيطالي سجل هدفاً من ركلة الجزاء غير مكترث بضحكهم . وكان طبيب و لاعب منتخب جزر الهند الشرقية ( أشمد نادير ) يرتدي النظارة الطبية خلال مباريات البطولة .

مباراة البرازيل و تشيكوسلوفاكيا تحولت إلى معركة شوارع نتيجة لعب الفريقين بخشونة نجم عنها كسر يد حارس مرمى تشيكوسلوفاكيا ( بلانيكا ) ، وكسر قدم المهاجم ( نيجدلي ) فضلاً عن إصابة عدد أخر من لاعبي الفريقين إصابات مختلفة ، وتم طرد اللاعب البرازيلي ( زيزيه ) لخشونته المتعمده ، وعرفت تلك المباراة بمعركة ( بوردو ) .

بعد هذه البطولة قامت الحرب العالمية الثانية وتسببت بعدم إقامة البطولة لمدة 12 سنة حتى اقيمت في البرازيل عام 1950 ، وأدى هذا التوقف إلى أن تبقى الكأس بحوزة إيطاليا 16 سنة متتالية منذ عام 1934 لغاية عام 1950 وهي أطول فترة تبقى فيها الكأس بحوزة منتخب باستثناء احتفاظ منتخب البرازيل بالكأس إلى الأبد بعد فوزه بها ثلاث مرات .

ومن الذكريات الطريفة أنه وبسبب قيام الحرب العالمية الثانية قام نائب رئيس الاتحاد الدولي الإيطالي ( أوتورينو باراسي ) بإخفاء كأس العالم في علبة حذاء وضعها تحت سريره طيلة مدة الحرب وبذلك استطاع حمايتها من الوقوع بيد قوات الاحتلال .