لجنة الشباب و الرياضة

ما لا تعرفه عن كأس العالم بكرة القدم ( الحلقة التاسعة عشرة) البطولة الثامنة عشرة – ألمانيا / 2006

أ.د. إسماعيل خليل إبراهيم

نائب رئيس لجنة الشباب والرياضة

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات


استضافت
ألمانيا البطولة للمرة الثانية في تاريخها بعد استضافة ألمانيا الغربية لبطولة 1974، وأقيمت للمدة من 9 / حزيران لغاية 9 / تموز 2006 بمشاركة 32 منتخباً بينهم دولتان عربيتان هما تونس والسعودية ، و وصلت لأول مرة إلى النهائيات منتخبات أنغولا و ساحل العاج و غانا و توغو و ترينيداد وتوباغو و أوكرانيا و جمهورية التشيك وصربيا والجبل الأسود ، أقيمت المباريات على ملاعب 12 مدينة ألمانية .فازت ألمانيا بشرف تنظيم كاس العالم 2006 في تصويت أجري في تموز 2000 بزيورخ ، وبعد انسحاب البرازيل أصبحت المنافسة بين أربعة دول هي ألمانيا و جنوب أفريقيا و إنجلترا والمغرب . أقيمت ثلاث جولات وفي كل جولة يتم إقصاء البلد الذي حصل على أدنى نسبة من الترشيحات و أقيمت الجولة الثالثة والأخيرة في 7 / تموز وفازت ألمانيا بهذه الاستضافة بعد منافسة شديدة من جنوب أفريقيا لتعود البطولة مجدداً إلى القارة الأوروبية بعد أن أقيمت خارجها عام 2002.

كانت نتائج التصويت بفوز ألمانيا بالتنظيم محل نقد وتشكيك على نطاق واسع حيث نشرت بعض المصادر الصحفية أنه قبل ليلة من التصويت قامت مجلة ألمانية ساخرة بإرسال هدايا إلى ممثلين الفيفا ليقفوا بجانب ألمانيا في الترشيح ، ورغم إثارة هذا الموضوع في وسائل الإعلام إلا أن جنوب إفريقيا أعلنت رسمياً قبول النتيجة وقالت أنها لن تطلب فتح تحقيق في هذا الشأن .  ونتيجة لما أثير عن التصويت أُعلِنَ أن بطولة عام 2010 سوف تقام في قارة أفريقيا ، كما أعلنت الفيفا لاحقاً عن نظام تدوير البطولة عبر القارات بحيث يتم تنظيم كل بطولة قادمة في قارة مختلفة .  شارك مائة وثمانية وتسعون منتخباً في التصفيات لحجز واحد وثلاثون مقعداً موزعين على قارات العالم وكانت هذه هي البطولة الأولى التي لم يُمنح الفائز بالبطولة السابقة مقعداً في نهائياتها . ترشحت   أوكرانيا والتشيك لأول مرة كدولتين مستقلتين ، ولكن سبق لهما اللعب في كأس العالم حيث مثلت أوكرانيا مع الاتحاد السوفييتي ، والتشيك مع تشيكوسلوفاكيا ، بينما دخلت صربيا والجبل الأسود المنافسات من قبل تحت اسم يوغوسلافيا و كانت ضمن الفريق الأساسي لمنتخب يوغوسلافيا منذ عام 1930 وحتى 1990. وكانت هذه البطولة هي الأولى منذ بطولة 1982 التي تتمثل فيها القارات الست .

ترشحت لنهائيات البطولة منتخبات كرواتيا و جمهورية التشيك و انكلترا و فرنسا و ألمانيا و إيطاليا و هولندا و بولندا و البرتغال و صربيا والجبل الأسود و إسبانيا و السويد و سويسرا و أوكرانيا عن قارة أوربا ، و منتخبات الارجنتين و البرازيل و الأكوادور و البارغواي عن أمريكا الجنوبية ، و كوستاريكا و المكسيك و ترينيداد وتوباغو و أمريكا عن أمريكا الشمالية والوسطى ، و السعودية و كوريا الجنوبية و اليابان و إيران عن أسيا ، و أنغولا و ساحل العاج و غانا و توغو و تونس عن أفريقيا ، و استراليا عن الأوقيانوس . ترشحت لدور الستة عشر منتخبات ألمانيا و الأكوادور و انكلترا و السويد و الارجنتين و هولندا و البرتغال و المكسيك و إيطاليا و غانا و البرازيل و استراليا و سويسرا و فرنسا و إسبانيا و أوكرانيا . و وصلت لدور الثمانية منتخبات ألمانيا و الارجنتين و إيطاليا و أوكرانيا و انكلترا و البرتغال و البرازيل و فرنسا . في مباراتي الدور نصف النهائي فازت إيطاليا على ألمانيا بهدفين دون مقابل بعد وقت إضافي ، و فرنسا على البرتغال بهدف دون رد لتترشح إيطاليا و فرنسا للمباراة النهائية ، و ألمانيا و البرتغال لمباراة المركزين الثالث و الرابع ، وهي المرة الأولى التي تترشح فيها أربع منتخبات أوربية إلى الدور نصف النهائي منذ بطولة عام 1982 .

أجريت قرعة البطولة يوم 6 / كانون الأول عام 2005 في ألمانيا وتم اختيار المنتخبات التي ستكون على رأس كل مجموعة وفقاً لتصنيف الفيفا في شهر كانون الأول 2005 وتم وضعهم في وعاء A ، بينما وضع في الوعاء منتخبات قارات أفريقيا وأمريكا الجنوبية وأقويانوسيا ، وكان الوعاء C لمنتخبات أوروبا باستثناء صربيا والجبل الأسود ، والوعاءD  لمنتخبات آسيا وأمريكا الشمالية والوسطى وكان هناك وعاء خاص لمنتخب صربيا والجبل الأسود وذلك لضمان عدم وقوع ثلاث منتخبات من قارة واحدة في مجموعة واحدة . تم وضع البلد المضيف ألمانيا على رأس المجموعة A و وضع منتخب البرازيل حامل اللقب على رأس المجموعة F وذلك لضمان عدم تلاقي الفريقين معاً خلال دور الثمانية .  وقع منتخبا تونس و السعودية في مجموعة واحدة هي الثامنة .  حصلت تونس و السعودية على نقطة واحدة جاءت من تعادلهما بهدفين لكل منهما في المباراة التي جمعتهما معاً ، وسجل هدفا تونس ( زياد الجزيري و راضي الجعايدي ) وسجل هدفا السعودية ( ياسر القحطاني و سامي الجابر ) واحتلت تونس المركز الثالث في المجموعة بفارق الأهداف عن السعودية التي حلت في المركز الأخير . وفي الترتيب النهائي للبطولة الذي أعلنه الاتحاد الدولي جاءت تونس في المركز الرابع والعشرين والسعودية في المركز الثامن والعشرين .

في هذه البطولة تمت الاستعانة بواحد وعشرين حكماً دولياً من ست قارات يعاونهم إثنان وأربعون حكماً مساعداً من بينهم حكمان عربيا هما (عصام عبد الفتاح) من مصر حكم ساحة وقاد مباراة استراليا و اليابان ، و (عيسى غلام) من الامارات حكماً مساعداً ، وتقرر أن يكون طاقم تحكيم المباراة من دولة واحدة منعاً لمشاكل التواصل واللغة التي حدثت في البطولات السابقة  كما تم تعيين حكم خامس لأول مرة بحيث يكون احتياطي في حالة تعرض حكم المباراة لأي مشاكل أو إصابات ، كما قام الحكام بأرتداء أجهزة لاسلكية لأول مرة في تاريخ كأس العالم للتواصل بين الحكم و مساعديه .تعرض التحكيم لانتقادات واسعة لا سيما في المباراة العاصفة التي جمعت منتخبي البرتغال وهولندا في ملعب (فرانك ستاديون) في مدينة (نورمبيرغ) يوم 25 حزيران 2006، والتي أشهر فيها الحكم أربع بطاقات حمراء ووست عشرة بطاقة صفراء مسجلاً رقماً قياسياً في تاريخ كأس العالم ، وأطلق عليها  الإعلام (معركة نورمبيرغ) وتعرض حكم المباراة الروسي (فالنتين إيفانوف) لانتقادات لاذعة من رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (سيب بلاتر) بسبب ضعف أدائه خلال المباراة .

في 9 / تموز 2006 وبعد نهائي مثير في أحداثه ونتيجته توج منتخب إيطاليا بطلا للمرة الرابعة في تاريخه  بعد تغلبه على نظيره الفرنسي بركلات الترجيح (5–3) اثر انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل بهدف لكل منهما في المباراة التي جرت على الملعب الأولمبي في برلين وقادها الحكم الارجنتيني (هوراسيو اليزوندو) وحضرها تسعة وستون ألف متفرج. سجلت فرنسا أولاً عن طريق (زين الدين زيدان) من ركلة جزاء وتعادلت إيطاليا عن طريق (ماتيرازي) وسُجِلَ الهدفان في الشوط الأول من المباراة.   شهدت البطولة العديد من الأحداث المؤسفة والغريبة والطريفة: فقد شهدت نهاية مؤسفة للنجم (زين الدين زيدان) حيث دفع برأسه في صدر المدافع الإيطالي ماركو ماتيرازي قبل انتهاء الشوط الإضافي الثاني من المباراة النهائية ليُخرِج الحكم البطاقة الحمراء في وجه زيدان. كانت هذه البطاقة هي الرابعة عشرة في مسيرة زيدان الكروية و صار رابع لاعب يُطرد في نهائي كاس العالم وأول لاعب يطرد في الأشواط الإضافية ، وبعد هذه المباراة أعلن (زيدان) اعتزاله اللعب. فرض الاتحاد الدولي غرامة على (ماتيرازي) قدرها خمسة الاف فرنك سويسري وإيقاف لمباراتين ، وغرامة قدرها سبعة ألاف وخمسمائة فرنك سويسري على زيدان وإيقاف لثلاث مباريات لكنه كان قد اعتزل اللعب. اعتبرت كأس العالم 2006 واحدة من الأحداث الأكثر مشاهدة في تاريخ التلفزيون، واجتذبت المباراة النهائية نحو 715 مليون شخص حول العالم لتحتل بذلك المرتبة الرابعة في البطولات الأكثر مشاهدة بعد بطولات 1994 و 2002 و 1990.

اختير الأسد (جوليو) الذي يرتدي قميص ألمانيا بالرقم (06) (سنة البطولة) التميمة الرسمية  للبطولة، وتم الكشف عنها بوصفها تميمة كأس العالم يوم 13 تشرين الثاني عام 2004 خلال برنامج تلفزيوني ألماني كان يقدمه بيليه وفرانز بيكنباور. (العالم بين الأصدقاء) كان الشعار الرسمي للبطولة وقُدِمَ في 12 تشرين الثاني 2002. والهدف من الشعار كان لإيصال شعور بالدفء إلى بلدان العالم على النقيض من الصورة النمطية التقليدية للبرودة الألمانية . كانت الكرة (تيمغايست) هي الكرة الرسمية لنهائيات كأس العالم لكرة القدم 2006 وتعنى (روح الفريق) وتم إضافة علامة (+) إلى الاسم كي تصبح علامة مسجلة لأن المصطلح في حد ذاته كلمة ألمانية عادية ولا يمكن أن تكون علامة تجارية . وقد تم تصميم الكرة من قبل فريق الإبداع في شركة أديداس ومؤسسة ميلتون المحدودة ، وكان لكل مباراة كرات مخصصة لها مكتوب عليها اسم المباراة واسم الملعب والفرق وتاريخ المباراة ووقت انطلاق المباراة تحت طبقة واقية لكل كرة مستخدمة ، وتم لأول مرة إنشاء كرة قدم مخصصة للمباراة النهائية وأطلق عليها اسم (تيمغايست+ برلين) وهي بنفس تصميم الكرات ولكن أظيف لها لون ذهبي مع تفاصيل سوداء وبيضاء . لتمويل تكاليف البطولة سمح الاتحاد الدولي للعديد من الشركات  المشاركة في رعايتها والتي مكنته من جمع أكثر من 700 مليون يورو ، وكان بيع التذاكر أحد طرق تمويل الحدث وبلغ سعر أرخصها 35 يورو لمباريات المرحلة الأولى وارتفعت إلى 600 يورو للمباراة النهائية . وكان للتذاكر نظام تعريف معقد يمنع نقلها كطريقة لتجنب السوق السوداء وإعادة بيعها .

أقيم حفل الافتتاح قبل المباراة الافتتاحية في ميونيخ واستمر خمس عشرة دقيقة ، حيث تم تقديم العديد من الراقصين الذين يرتدون الأزياء البافارية النموذجية . حصل كل منتخب تأهل إلى البطولة على 2 مليون فرنك سويسري بخلاف الجوائز التالية :7 مليون ف.س – للمنتخبات التي خرجت من دور المجموعة ، و 8.5 مليون ف.س– للمنتخبات التي خرجت من دور الـ 16 ، و 11.5 مليون ف.س – للمنتخبات التي خرجت من الدور ربع النهائي ، و 21.5 مليون ف.س – لصاحبي المركزين الثالث والرابع ، و 22.5 مليون ف.س – للوصيف ، و 24.5 مليون ف.س – للفائز بالبطولة .  من الحوادث الغريبة ما حدث في تايلاند حيث فتح رجل يكره الكرة نار مسدسه في أحد المطاعم الشهيرة بالعاصمة بانكوك على مجموعة من المشجعين لانهم رفضوا التزام الهدوء خلال مباراة ايطاليا وغانا وظلوا يتفاعلون بصخب مع قوة أداء وفن ومهارات وسرعة لاعبي الفريقين .أما اغرب الضحايا فهو المشجع الاكوادوري الذي انتحر بسبب فوز بلاده في مباراة بكأس العالم بعدما خسر رهاناً بقيمة 500 دولار إذ توقع هزيمة منتخب بلاده أمام بولندا في مباراته الافتتاحية في البطولة ولكن الاكوادور حققت فوزا مفاجئا بهدفين نظيفين . وهذه النتيجة غير المتوقعة التي حققتها الاكوادور على بولندا في بداية البطولة لم يكن من ضحاياها فقط هذا المشجع وانما تسببت في المزيد من الخسائر اذ أسفرت عن وقوع أكثر من 100 حادث تصادم للسيارات في الاكوادور بسبب السرعة الشديدة للجماهير التي خرجت للشوارع للاحتفال بفوز منتخب بلادهم المفاجئ .

وكراهية كأس العالم موجودة لدى الكثير من النساء في معظم بلدان العالم وقد عبرت مجموعات نسائية في عدة بلدان وخصوصاً في أوروبا صراحة عن الملل الذي يعايشنه طوال البطولة لأنها سرقت منهن أزواجهن وأبناءهن وبرامجهن وقلبت حياتهن اليومية رأسا على عقب . وقد قامت النساء المتذمرات من بطولة كأس العالم بانشاء موقع لهن على شبكة الانترنت تحت اسم ( نادي أرامل كأس العالم ) وفي هذا الموقع عبرت النساء عن بغضهن وكراهيتهن ومعارضتهن لبطولة كأس العالم نتيجة الضجر الذي يلازمهن والشكوى من الازواج الذين يلازمون شاشات التلفاز خلال البطولة منتظرين من زوجاتهم فقط تقديم المشروبات والشطائر. حصل ميروسلاف كلوزه على جائزة هداف البطولة بعد إحرازه خمسة أهداف وكان هذا أقل رقم لهداف البطولة منذ عام 1962. وفاز بجائزة أفضل لاعب الفرنسي (زين الدين زيدان) ، و أفضل لاعب ناشئ الألماني (لوكاس بودولسكيو أفضل حارس مرمى الإيطالي (جان لويجي بوفون).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى