لجنة الشباب و الرياضة

أحداث من ذاكرة الرياضة العراقية (الحلقة الثانية والعشرون)

أحداث من ذاكرة الرياضة العراقية 

(الحلقة الثانية والعشرون)

أ . د إسماعيل خليل إبراهيم

عضو لجنة الرياضة والشباب

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 

    منتصف سبعينات القرن الماضي خطرت لي فكرة القيام بتوثيق الأحداث الرياضية العراقية التي لم تنل اهتمام الكثيرين ، وعلى الرغم من صدور أكثر من كتاب تناول تأريخ الرياضة العراقية في العصر الحديث من أندية ومهرجانات واتحادات ولجنة أولمبية ، ومشاركات منتخباتنا الوطنية في البطولات العربية والقارية والأولمبية ، لكن ما سواها من أحداث ظل حبيس أوراق الصحف التي نشرتها على الرغم من أن فيها الكثير من المتعة والإثارة والغرابة فضلاً عن معانيها ومدلولاتها التي تشيع في النفس البهجة والسرور ، وتسبب الألم عند مقارنتها بمثيلاتها في أيامنا هذه . 

   توكلت على الله وبدأت هذه المهمة الشاقة منذ اليوم الأول للعطلة الصيفية عام ( 1978 ) إذ توجهت إلى المكتبة الوطنية لأبحث في ثنايا الصحف التي تَحَول لون أوراقها إلى الأصفر وأقَلِبها بحذر خشية تمزقها إذ مضى عليها أكثر من ستين سنة حينها . 

   كان عليَ أن أبحث في جميع الصحف التي كانت تصدر في محافظات العراق ، وهنا لا بد لي من التوجه بالشكر والتقدير إلى الإخوة في المكتبة الوطنية الذين لولا تعاونهم لما تمكنا من إنجاز شيء ، لم تكن في صحف تلك الأيام صفحات خاصة بالأخبار الرياضية بل كانت تُنشر في أي من الصفحات وهو ما حتم عليَ البحث في جميع صفحات كل جريدة عسى أن أجد فيها خبراً . انتهت أيام العطلة بحصيلة رائعة غطت الأحداث الرياضية ما بين عامي 1900 و 1933 على أمل أن استكمل ما بدأته في العطلة الصيفية القادمة لكن وللأسف حالت مشاغل الحياة  دون ذلك . 

   هذه المقدمة هي البداية لتعريفكم بما سيقدم لاحقاً وسيكون لنا موعد كل يوم ثلاثاء إن شاء الله ونتوقع أن يكون ما ستطلعون عليه مفاجأة نترك لكم التعليق عليها . 

 

الحلقة الثانية والعشرون

  • جريدة الإستقلال ( 16 / 3 / 1931 ) : 

   جرت يوم أمس مباراة بين فرقتا المدرسة الحربية و دار المعلمين على كأس كاجوال وفازت الحربية . 

  • جريدة صدى العهد ( 17 / 3 / 1931 ) : 

   إلى لاعبي كرة القدم : لدينا كأس كبير أكبر من كأس كاجوال وقد دفعتنا رغبتنا الشديدة إلى تشجيع الرياضة البدنية بوضعنا هذا الكأس في المسابقة وقد قررنا أن يكون بين اللاعبين أربعة فقط من لاعبي كأس كاجوال ، فمن يود الإشتراك في المسابقة مراجعة يوسف أفندي داود الموظف في أمانة العاصمة وتقرر أن يكون رسم الدخول ( 5 ) ربيات ونصف والمسابقة ستجري نهاية الشهر الحالي . رئيس الفرقة السعدونية . 

   ( يبدو أن نجاح بطولة كأس كاجوال حفز جهات أخرى على المبادرة لتنظيم بطولة بكرة القدم ودعوة الفرق الراغبة للإشتراك فيها ، ولعل أطرف ما جاء في الإعلان الخاص عن البطولة التصريح بأن لدى الجهة المنظمة كأس كبير أكبر من كأس كاجوال وكأن حجم الكأس يمكن أن يكون له دور في جذب الفرق للإشتراك فيها علماً أن الجهة التي ستنظم البطولة وكما جاء في نهاية الإعلان هي الفرقة السعدونية التي كانت من بين أبرز فرق كرة القدم حينها ، ويبدو أن لديها من الإمكانات ما يؤهلها ليس لتنظيم مثل هذه البطولة فحسب بل والنجاح في تنظيمها لاسيما وإن بطولة كأس كاجوال سبقتها بعدة سنين مما أكسب منظميها خبرات ممتازة في هذا المجال ، وأن هذا القرار لابد وأن اتخذ بعد التشاور مع جهات أخرى يمكن أن تدعم البطولة بشكل أو بآخر . لكننا لا يمكننا التكهن بعلاقة الموظف في أمانة العاصمة بالموضوع ) .  

  • جريدة العالم العربي ( 24 / 3 / 1931 ) : 

   جرى عصر الأحد الماضي بأبهة عظيمة الإستعراض السنوي للكشافة العراقية تخللته ألعاب كثيرة وتمارين متنوعة . ( إن استمرار إقامة المهرجانات الكشفية سنوياً دليل على اهتمام وزارة المعارف و إدارة الكشافة بها ، وإقبال الطلاب على الإنخراط في فرقها التي كانت تُشَكَل في المدارس ومكانتها بين الناس ، وإن جودة أداء الطلاب لفعالياتها يعود للتدريب المستمر عليها بإشراف معلمي ومدرسي الكشافة ) .   

  • جريدة صدى العهد ( 30 / 3 / 1931 ) : 

   افتتح نادي الكشافة في العاصمة منذ يوم أمس ، وهو نادي فخم شيد على حساب الكشافة في ساحة البولو بالقرب من البلاط الملكي وكلف نحو 27 ألف ربية وفيه نحو عشر غرف فخمة ومقصورة ومصطبات كثيرة للمتفرجين ، وأماكن خاصة للسفراء وقناصل الدول . وبذل ملتزم تشييد النادي حضرة عباس حلمي أفندي جهده كي يجعله نادياً يدعو إلى الفخر والإعجاب .  

   ( يقدم لنا هذا الخبر معلومات غاية في الأهمية وقد لا يعلمها الكثيرون منا عن نادي الكشافة الذي عرف بين الناس فيما بعد بملعب الكشافة حتى بات مَعلَماً من معالم بغداد ، وهي :

   1- إن النادي شيد على ساحة كانت مخصصة للعبة البولو التي كانت معروفة في بغداد ولها فرقها وبطولاتها ولاسيما بين فرق الوحدات العسكرية وقد تطرقنا لبعض بطولاتها ونتائجها وأسماء اللاعبين في حلقات سابقة . وللأسف اختفت هذه اللعبة من خارطة الرياضة العراقية على الرغم من أنها من تراثنا واشتهرت كثيراً زمن الدولة العباسية وكانت تسمى ( الكرة والصولجان ) . 

   2- إن الجهة المسؤولة عن الكشافة في وزارة المعارف هي من تكفلت بإنشاء الملعب لذلك ارتبط اسمه بإسمها ( نادي الكشافة ) .    

   3 – إن كلفة بناء النادي بلغت نحو 27 ألف ربية . 

   4 – إن السيد عباس حلمي أفندي هو من عهد إليه أمر تشييد النادي . 

   وأضيف للخبر مشاهداتي الخاصة بالملعب : 

   1 – كانت المقصورة الرئيسة تتكون من قسمين أمامي وخلفي . 

   2 – في الجهة اليسرى من مكان جلوس المتفرجين كانت هناك مقصورة قيل إنها مخصصة للملكة ولنساء العائلة المالكة ، وهو دليل على حضورهن أحياناً للملعب . 

   3 – على أرضه أقيمت المباراة التأريخية بين منتخب العراق بكرة القدم ومنتخب جبهة التحرير الوطنية الجزائرية عام 1959 حيث كان العراق حينها داعماً ومسانداً لمنظمة التحرير الجزائرية في نضالها ضد الإستعمار الفرنسي ، ورغم صغر سني كنت من بين حضور تلك المباراة رفقة خالي رحمه الله ، و تم توزيع علم صغير للجبهة على الجالسين في المقصورة .

   4 – وعلى أرضه أقيمت مباريات بطولة كأس العرب في نيسان 1959 وفاز منتخبنا الوطني ببطولتها بعد فوزه في المباراة النهائية على المنتخب السوري 2 – 1 . 

   5 – ولأنه الملعب الوحيد المؤهل لإقامة المباريات وحضور الجمهور كانت تقام على أرضه جميع مباريات المنتخب الوطني و المنتخب العسكري و الفرق العراقية ضد المنتخبات وفرق الأندية الأوربية التي كانت تزور العراق باستمرار ، وجميع مباريات الدوري و مباريات فرق المدارس . 

   للأسف فإن الملعب يعاني ومنذ سنوات من الإهمال بدلاً من الإهتمام به وصيانته كونه يمثل شاهداً على حقبة من تأريخ الرياضة العراقية و مَعلَماً من معالمها أسوة بدول العالم التي تهتم بأبنيتها و منشآتها الرياضية القديمة ، ولا ندري لماذا لم تتدخل وزارتا التربية و الشباب والرياضة في هذا الأمر لغاية الأن ) .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى