لجنة الزراعة و الري

مستقبل العراق المائي في ظل تغيرات المناخ وسوء إدارة الموارد المائية

رمضـان حمـزة   (IWRM M.Sc)

كبير خبراء الإستراتيجيات والسياسات المائية

عضو هيئة التدريس ومدير مركز البحوث المؤسساتية  (IRC) في جامعة دهوك

مدير معهد إستراتيجيات المياه والطاقة (WESI)

عضو لجنة الزراعة والري ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

جمهورية العراق-إقليم كوردستان

009647504591810

      E-mail: [email protected]

يتوقع أن تشهد منطقة الشرق الأوسط ومنها العراق مشاكل غير مسبوقة مرتبطة بالمناخ مثل  قلة الوارد المائي بسبب تغيرات المناخ والسياسة  المائية التي ينتهجها دول الجوار الجغرافي للعراق  باحكام السيطرة على مجاري الانهار المشتركة التي تدخل الحدود العراقية فستجف مجاري الأنهار والبحيرات مما يقلل كمية ونوعية المواد الإنشائية من الطمى والرمال والحصى وإرباك التنوع الإحيائي والإيكولوجي  في المطقة وبالتالي وزيادة رقعة التصحر في العراق ، مما يؤدي الى زيادة في تكرارالعواصف الترابية والرملية وأرتفاع درجات الحرارة ومواسم من الجفاف والفيضانات في الفترة من ( 2015 إلى 2050 ) وهي الفترة التي يقول العلماء بان منطقة الشرق الاوسط ستشهد عصر جليدي مصغر، من المرجح أن يشهد العراق فترات أطول من درجات الحرارة القصوى، خاصة في الاجزاء الجنوبية من البلاد ، وفترات أطول من الجفاف لمدة  قد تصل (120) يومًا مثلاً، وكذلك زيادة في هطول الأمطار والثلوج في المناطق المرتفعة، وبالتالي تواتر أعلى للفيضانات. بشكل عام  إن مجموعة هذه المعطيات تشير إلى مناخ سماته فترات من الجفاف الطويلة الأمد التي تقطعها ((الأمطار الغزيرة المتقطعة)) ، وهي وصفة لزيادة فرص حدوث الفيضانات. لذا يتطلب إتخاذ تدابير تكيف مدروسة وأكثر مرونة ومتعددة الجوانب لحماية الإنسان والحيوان والنبات والمدن من هذه الكوارث. لان قد يواجه بعض أجزاء البلاد صعوبة للمعيشة وللسكن في المستقبل والبدء بالهجرة الواسعة من الأرياف الى مراكز المدن ، بشكل عام فان ظروف المناخ المستقبلي في العراق ترسم صورة ((قاتمة )) فيما يتعلق بالفترات الرطبة والجافة الشديدة المتكررة إذا لم يكون هناك أستراتيجية بعيدة المدى للبدء في حملات وعمل الأحزمة الخضراء بزراعة الملايين من الاشجارسنوياً وتقنين وترشيد أستهلاك المياه في قطاعي الري والزراعة واستخدام التقنيات الحديثة في هذين القطاعين الاكثر استهلاكاً للموارد المائية العذبة والعمل على تهذيب مجاري الأنهار وتأهيل البنى التحتية لمشاريع المياه للري والإسالة وزيادة الخزين الأستراتيجي للسدود والبحيرات والبدء الفوري باكمال السدود السابقة وانشاء سدود جديدة وفق استرتيجية مدروسة بحكمة وعقلانية.

كون  مناخ العراق يتصف بشكل عام بانه مناخ جاف الى شبه جاف، مما لوحظ شذوذات مناخية كبيرة. لذا واجه العراق العديد من الكوارث من قلة الوارد المائي وجفاف العيون والينابيع وتلوث كبير لمياه الأنهار وتقلص في حجم البحيرات وجفاف بعضها كالرزازة مثلاً ومجاري الأنهار، وزيادة مواسم الفيضانات والجفاف. وبسبب سوء الإدارة وتغير المناخ سيمرٌ العراق بظروف حرجة للغاية في  كمية ونوعية موارده من المياه السطحية والجوفية أيضاً خاصة إذا تم الاستغلال المفرط لهذه الموارد الجوفية وأستخدم كبديل عن المياه السطحية، وهذه الحالة المائية الحرجة ، سيؤدي الى تواتر مواسم الفيضانات والجفاف المتزايد مما سيلحق أضرار جسيمة لمستويات مختلفة من البنية التحتية للموارد المائية والتربة والزراعة ، والاقتصاد ، والمجتمع ككل.

كانت الفيضانات والجفاف تحدث في بعض الأوقات في الماضي ، لكن الأبحاث تظهر أن هذه الأحداث المستقبلية ستحدث بمعدلات متزايدة وأن التغييرات يمكن أن تكون في الغالب بسبب الأنشطة البشرية وزيادة غازات الدفيئة ، بما في ذلك زيادة في درجة حرارة الهواء وقدرته على الاحتفاظ بمزيد من الماء ، بسبب أنصهار الأنهار الجليدية والتراكمات الجليدية  في القطبين ، مما يضيف المزيد الماء في الغلاف الجوي ، كنتيجة لعمليات النتح والتبخر. والنتيجة هي تحويل المياه الى بخار بتحويل المزيد من المياه السطحية  كبخارإلى طبقات الجو العليا وبالتالي الاحتفاظ بالمزيد من بخارالمياه. وهذا التراكم الكبير لبخار الماء في مياه الغلاف الجوي ستسبب في حدوث تواترعالٍ للهطولات المطرية الشديدة والقصيرة المدة، مما يزيد بشكل كبير من فرص حدوث فيضانات في أنحاء مختلفة من العالم ومنها منطقة الشرق الأوسط والعراق . في العقود الأخيرة أظهرت بيانات المناخ المرصودة بوضوح اتجاه ارتفاع درجات الحرارة في العديد من أنحاء العالم، مما أدى إلى مجموعة واسعة من التأثيرات المناخية ومنها في العراق أيضاً ،  لذلك على الحكومة العراقية تخصيص ميزانية كبيرة وبحجم توقع الأزمات المائية  والغذائية المستقبلية المتوقعة والتي ستؤدي الى كوارث إنسانية لا تحمد عقباه إذا لم تعالج ضمن خطط واستراتيجيات محكمة وليكون جزء من برنامج التكييف مع تغييرات المناخ وبالتالي تقليل الهجرة من الريف الى المدن التي تعاني هي الاخر من مشاكل جمة من التلوث بكافة عناصره  ورادءة المواصلات وقلة  في الخدمات الاساسية مما سيربك  حالة الاستقرار السياسي  الهش في البلاد. ونقول آنذاك “ولات حين مندم”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى