لجنة الزراعة و الري

الموارد المائية في العالم في ظل الإدارة المتكاملة

الموارد المائية في العالم في ظل الإدارة المتكاملة

الدكتور مناور عبد حمد المحمدي

عضو لجنة الزراعة والري

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 

تخضع الموارد المائية على صعيد العالم لاستنزاف جائر نتيجة المتطلبات المائية العالية للمشاريع التنموية والنمو الديمغرافي المطﱠﱠﱠرد مقابل انحسار المتساقطات المختلفة وتعاقب موجات الجفاف نتيجة التغيرات المناخية العالمية مما تطلب الامر الى اعادة النظر في الاستخدامات المائية عبر تحديث وتطوير الهياكل المؤسساتية لتستوعب متطلبات واهداف الادارة المتكاملة للموارد المائية واستخدام التقنيات الحديثة.

وقد برزت اليوم مؤشرات خطيرة تدل وبشكل واضح الى نقص المياه العذبة في العالم بسبب هذه التغيرات المذكورة والتلوث ما يوجب التصرف بعقلانية مع المياه المتاحة لتلبية الحاجات  فلم تعد الاساليب التقليدية في الادارة المائية على اعادة التوازن بين كفتي العرض والطلب على المياه نافعة, بالمقابل زادت الحاجة الى اقامة المشاريع المائية لاحكام السيطرة على توزيع المياه على القطاعات التنموية المختلفة والتي تتطلب موارد مالية ضخمة لإنجازها ليس بوسع الدولة توفيرها وكذلك فان مساهمة القطاع الخاص في الاستثمار في قطاع المياه غير ملموسة في الدول الفقيرة تحديدا لضعف الكوادر التخصصية وخبراتهم في المجال المائي وبالمقابل فان المساعدات والمنح الدولية لإقامة المشاريع المائية في الدول الفقيرة تعثرت نتيجة الازمة المالية العالمية.

ان التوجهات الدولية الراهنة على اعتماد ادارة رشيدة للموارد المائية تعتمد اساليب حديثة وفعالة في التحكم بالمياه الشحيحة وتوزيعها عقلانيا على كل القطاعات التنموية على نحو يحقق التوازن لكفتي العرض والطلب على المياه بالإضافة الى التركيز على ضرورة اشراك النوع الاجتماعي في الادارة المائية وعدم تهميش مستخدمي المياه في صناعة القرار المائي خاصة المرأة التي تتحكم بالاستخدامات المائية المنزلية على ان يترافق ذلك مع اعتماد وسائل الاتصال الحديثة للتواصل مع كل العاملين في المؤسسات المناطقية واشراكهم في صناعة القرار المائي الذي لم يعد يقتصر على الخبراء  في الدوائر صاحبة القرار وانما يجري الاستفادة من اراء كل الخبراء الفنيين على الصعيد الوطني وجرت الاستعانة بوسائل الاستشعار عن بعد في جمع البيانات والمعطيات الدقيقة عن الواقع وامكان تحديثها على نحو مستمر لوضعها تحت تصرف اصحاب القرار عند رسم السياسات المائية الاستراتيجية واعداد الخطط البعيدة المدى .

بما أنّ الموارد من المياه ليست على اتساع ، فإنّ الأمن الغذائي لا يتحقق إلا من خلال إدارة مستدامة لتلك الموارد. وتشكل الإدارة المتكاملة للموارد المائية خياراً استراتيجياً يوصى به لكافة أنشطة التنمية الاجتماعية والاقتصادية المتصلة بالمياه. وفي ظل المناخ الدولي الذي يتم فيه الاعتراف أكثر فأكثر بالقيمة الاقتصادية للمياه، فلا يمكن تحقيق المردودية الاقتصادية للاستثمارات الزراعية المرتبطة بالمياه إلا في حال زيادة إنتاجية هذا المورد. لكن من المعروف أنّ الري لا يزال، في عدد كبير من البلدان في العالم وفي العراق  بوجه خاص مثلا، عاملاً أساسياً في أي استراتيجية ترمي إلى زيادة الإنتاج الزراعي بشكل مستدام بما يلبي الاحتياجات الغذائية المتنامية. ولا بد لذلك من توفير الإمكانات والاستثمارات الكافية لزيادة كفاءتها وإنتاجية المياه. ويمكن بالتالي ليس تحسين الأمن الغذائي للشعوب فحسب، بل أيضاً توفير كميات كبيرة من المياه للاستخدامات الأخرى. ولعل الإطار الأفضل لإحداث هذه التحسينات هو الإدارة المتكاملة للموارد المائية والتي صممت لتكون نهجاً يجمع بين القطاعات المستخدِمة للمياه من جهة ومختلف أوجه الاستخدام في كل قطاع من جهة أخرى.  واخيراً فهناك ما يكفي من المياه للجميع , وعدم كفاية المياه في كثير من الأحيان هي بسبب سوء الإدارة والفساد، وعدم وجود المؤسسات المناسبة ، والجمود البيروقراطي ونقص الاستثمار في القدرات البشرية و البنية التحتية. ورغم أن الاستخدام الزراعي هو الأكبر حجماً والأقل كفاءة إلا أن تعامل هذا القطاع مع أهمية الترشيد أخذت شكلاً جاداً فقط في العقود الأخيرة وهذا ما سيكون التركيز عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى